كنيسة المهد في بيت لحم. صورة مفتوحة المصدر من ويكيميديا

لأول مرة: سفر موظفين حكوميين تحت سن الـ 60 للحج في القدس

منشور السبت 27 أبريل 2019

نظمت وزارتان مصريتان بشكل علني للمرة الأولى، رحلات حج لموظفين مسيحيين تتضمن زيارة مدينة القدس المحتلة والأماكن المقدسة في بيت لحم، ومشاهدة النور المقدس اليوم السبت في كنيسة القيامة، في تغيّر لموقف الكنيسة المصرية التي ترفض، منذ توقيع اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، تسيير رحلات الحج للمصريين المسيحيين.

وعقب توليه منصبه؛ منح البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، بعض الاستثناءات لحالات خاصة.

في عام 1980، قرر المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، الهيئة الكنسيّة الأعلى، برئاسة البابا الراحل شنودة الثالث، منع  زيارة المسيحيين للقدس، ونص القرار على "عدم التصريح لرعايا الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بالسفر إلى القدس هذا العام في موسم الزيارة أثناء البصخة المقدسة وعيد القيامة، لحين استعادة الكنيسة رسميًا لدير السلطان بالقدس، ويسري القرار ويتجدد تلقائيًا طالما أن الدير لم تتم استعادته، أو لم يصدر قرار من المجمع بخلاف ذلك".

ومنذ ذلك الوقت لم يصدر أي قرار رسمي مخالف من المجمع المقدس.

استثناءات

القس بولس حليم، المتحدث باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، قال إن الحظر لا يزال ساريًا دون تغيير بحسب تأكيده، قائلًا "منع الزيارات للقدس من أجل مصلحة مصر والقضية الفلسطينية، ويعبّر عن جمهور الشارع المصرى".

المتحدث الرسمي للكنيسة، قال للمنصة إن هناك استثناءات قليلة سمح بها قداسة البابا تواضروس تتعلق بكبار السن "الاستثناءات تتعلق بالرعايا من أصحاب السن الكبير، وكذلك الأسر القبطية الموجودة في مصر بمرافقة أبنائها في المهجر لزيارة القدس"، كاشفًا أن هذا الاستثناء جاء بعد طلب الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن بأن يكون هناك زيارات للمصريين للقدس.

ورفض حليم التعليق على القرار الحكومي المصري. ولم تتمكن المنصة من التواصل مع الأنبا أنطونيوس مطران الكرسي الأورشليمي والشرق الأدنى، للحصول على تعليق منه بخصوص سفر الموظفين الحكوميين المصريين إلى القدس للحج.

رعاية حكومية لتنشيط السياحة

الرعاية الحكومية لحج المسيحيين إلى القدس وبيت لحم هذا العام، بدأت بزيارة أجراها الأنبا أنطونيوس مطران الكرسي الأورشليمي والشرق الأدنى إلى وزارة الطيران المدني في القاهرة يوم 9 أبريل/ نيسان الجاري.

انتهى اللقاء بإعلان وزير الطيران يونس المصري موافقة الوزارة على سفر 58 من العاملين بها للحج إلى القدس هذا العام، كخطوة أولى نحو تشجيع السياحة الدينية لبيت لحم وكنيسة القيامة وزيادة أعداد الحجاج المسيحيين خلال الفترة المقبلة.

بيان الإعلان الرسمي من وزارة الطيران لم يوضح سوى الموافقة على سفر 58 من موظفيها المسيحيين للحج. 

لأول مرة: إجازة حج

المنصّة تواصلت مع عماد أنطون، موظف بالشركة القابضة للمطارات التابعة لوزارة الطيران المدني، الذي تحدث وهو على بعد ساعات من تحليق طائرته إلى مطار بن جورديون، جنوبي تل أبيب، قائلًا "الوزارة للمرة الأولى طبقت نظام إجازات الحج للمسيحيين والتي كانت تطبق في السابق على الموظفين المسلمين فقط. لأول مرة يكتب في ورقة الإجازة إجازة حج".

يضيف أنطون "رحلة الحج بالكامل على نفقة الوزارة، التي قررت أن تمنح الفرصة لـ 58 شخصًا من بين موظفيها وموظفي شركاتها من المسيحيين حسب عد من المعايير تتصدرها المرحلة العمرية"، متابعًا "الأولوية كانت للموظف اللي قرب يوصل سن الستين ويطلع معاش، سواء راجل أو ست، لكن مع قرب انتهاء التقديم، بدأت الوزارة توافق على موظفين سنهم مش كبير، أنا مثلًا سني 45 سنة ومسافر عادي".

مصدر بالمكتب الإعلامي لشركة مصر للطيران قال لـ المنصة في إجابة مقتضبة عن الحد الأدنى للسن الذي سافر لرحلة الحج هذا العام قائلًا "فيه خمسة حُجاج من أصل الـ 58 عندهم 41 سنة، يعني مواليد عام 1978، ودا سن صغير جدا لو قارنته برحلات الحج الخارجية اللي بيسافر فيها ستات ورجال مسنين فوق سن الـ 60".

وهو ما يتناقض مع تصريحات المتحدث باسم الكنيسة التي أكد فيها أن السفر إلى القدس يقتصر فقط على أصحاب السن الكبيرة، وبعض الاستثناءات من المصريين الذين لهم أقارب في المهجر.

وزارة السياحة: الحج لكبار السن 

الوضع في وزارة السياحة يختلف نسبيًا عن نظيره في وزارة الطيران المدني، فالوزارة قررت السماح لعشرة من العاملين المسيحيين بالوزارة الذين اقتربوا من سن المعاش بالسفر إلى الحج في القدس.

مصدر في المكتب الفني للوزارة، طلب الاحتفاظ باسمه مُجهلًا، قال إن "الموظفين العشرة جرى اختيارهم مباشرة، حيث يتبقى لغالبيتهم ثلاثة أشهر على الإحالة للمعاش، وعليه فالرحلة التي تتحمل الوزارة كلفتها كاملة تأتي تكريما لهم على رحلة العمل الطويلة".

ما بعد شنودة: أفواج "تأخذ البركة"

في السنوات التي تلت وفاة البابا شنودة في مارس/ آذار 2012، والتي تولى خلالها الأنبا باخوميوس رئاسة الكنيسة لفترة مؤقتة انتهت في نوفمبر/ تشرين الثاني 2012 باختيار البابا تواضروس خلفًا للبابا شنودة، كانت وفود الأقباط تذهب سرًا للحج في رحلات غالبيتها من كبار السن، وبعد الانتهاء من الرحلة يعودون لكنائسهم مهددين بعقاب كنسي قد يصل إلى حد الحرمان من التناول، وهو أحد أسرار الكنيسة الأرثوذكسية السبعة الذين يكتمل بهم إيمان كل تابع للكنيسة.

إلا أن مصدرًا كنسيًا قال إنه لا يتذكر أي عقوبة واجهها أي حاج من كبار السن عقب عودتهم.

لكن بدءًا من عيد القيامة في عام 2017؛ بدأت الكنيسة في تنظيم زيارات للرهبان والراهبات لزيارة القدس لدعم مطرانية الأقباط الأرثوذكس هناك، وعليه توقف بشكل شبه كامل التلويح بعقوبات قد تطال الحجاج بعد العودة، خاصة أن البابا تواضروس نفسه قال في حوار متفلز مع شاشة دي إم سي الفضائية في ديسمبر الماضي، إن من يزور القدس يهدف لأخذ البركة من الأماكن المقدسة وليس لأى غرض آخر، لأن منع المواطنين حاليا من زيارة القدس ليس له معنى كبير.

لا إعلان رسمي

القمص عبدالمسيح بسيط ، أستاذ علم اللاهوت بالكليات الإكليريكية والمعاهد اللاهوتية، راعى كنيسة السيدة العذراء الأثرية للأقباط الأرثوذكس في مسطرد قال لـ المنصة إن الكنيسة رسميًا وعلنيًا حتى الآن لم تعلن لرعاياها بشكل صريح أنها سمحت لهم بالسفر رسميا للقدس من أجل الحج، "لكن هناك استثناءات" بحسب تعبيره.

الاستثناءات قال عنها بسيط "في كثير من الأحيان تسمح الكنيسة لكبار السن وأصحاب الأمراض العضال بالسفر. البعض بييجي يقولنا أنا رجل كبير في السن وتعبان ونفسي أشوف النور المقدس المنبثق من قبر السيد المسيح عشان البركة تحل عليا وأخف"، مضيفًا عبر الهاتف "هنا الوضع مختلف لأن الشخص كبير في السن ويمكن أيامه معدودة في الدنيا فبنوافق".

شروط الحج المسيحي

ولكن ومع الاستثناءات التي تمنحها الكنيسة؛ إلا أن الدولة وضعت شروطًا لاختيار من يذهب من المسيحيين المصريين إلى الحج. 

"شروط السفر للقدس بالنسبة للحجاج، وضعتها أجهزة سيادية وأمنية" بحسب وجيه رزق الله صاحب إحدى شركات السياحة المختصة بتسفير المسيحيين للحج في القدس المحتلة.

رزق الله الذي يعمل في هذا النوع من الرحلات منذ 2011 يوضح لـ المنصة هذه الشروط قائلًا "لا يستطيع أي شخص الذهاب للقدس، بل هناك شروط وضعتها الدولة، بحيث يجب أن يتخطى سن الأربعين مبدئيًا، وهناك تصاريح أمنية لا بد من استخراجها قبل السفر".

ويضيف رزق الله "المسافر يحصل على تأشيرة دخول إسرائيلية على وثيقة سفر، السلطات الإسرائيلية في شروطها للموافقة على الحج وضعت شرطًا بألّا يقل سن المسافر عن 40 سنة".

5300 حاج في 2019

يوضح صاحب شركة سياحة الحج إلى القدس إن "العام الحالي هو الأكبر من حيث إقبال الأقباط على السفر، إذ وصلت أعداد المسافرين إلى 5300، بينما كانت تقل أعدادهم العام الماضي عن أربعة آلاف حاج". وتتراوح تكلفة الرحلة، بحسب رزق الله، بين 25 إلى 30 ألف جنيه مصري وتستمر تسعة أيام. 

وبدأت هذا العام قناة CTV، وهي القناة الرسمية للكنيسة الأرثوذكسية، في نقل فعاليات أسبوع الآلام من كنيسة القيامة بالقدس بكاميراتها الخاصة، مقارنة بالأعوام الماضية حيث كانت القناة تبث الفعاليات ذاتها ولكن نقلًا عن قناة نور سات.