كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي أمام المنتدى العربي الاستخباري. الصورة: المتحدث باسم الرئاسة- فيسبوك

نص كلمة السيسي لرؤساء أجهزة المنتدى العربي الاستخباري 9/11/2021

منشور الأربعاء 10 نوفمبر 2021

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

أرحب بكم في بلدكم الثاني مصر، التي تحظى دائما بتواجدكم أخوة أعزاء على قلوبنا، ورفقاء درب في مسيرة بلادهم نحو الأمن والاستقرار. في خضم تقلبات وأحداث تموج بها منطقتنا العربية، منذ أكثر من عقد من الزمان.

كما أتوجه لكم جميعا بجزيل الشكر والتقدير على مجهوداتكم للدفع بآفاق التعاون بين الأجهزة الشقيقة، وإثراء أعمال المنتدى العربي الاستخباري منذ تدشينه، باعتباره محفلا فريدا من نوعه بمنطقتنا، يعزز من التعاون العربي المشترك في المجالات الأمنية والمعلوماتية، وهو ما تجسد من خلال المبادرات التي أطلقها أعضاء المنتدى خلال العام الجاري، للعمل الأمني المشترك وتبادل التقييمات، في إطار من الشفافية الكاملة حول مصادر التهديدات المحيطة بمنطقتنا.

ومن هذا المنطلق، اسمحوا لي أن أؤكد على الثقة المطلقة، والآمال الكبيرة التي تعقدها شعوبنا على قدرات وجهود أجهزتكم في حماية وصون سيادة واستقلال وكيان ووحدة أراضي ومقدرات وثروات وطننا العربي.

الحضور الكريم،

يأتي اجتماعكم الاستثنائي اليوم للتباحث حول التداعيات المحتملة للأزمة الأفغانية ترسيخا لمبدأ المسؤولية عن مواجهة التهديدات، في إطار العمل العربي المشترك، تحت مظلة المنتدى العربي الاستخباري، ويبعث برسالة للمجتمع الدولي، تؤكد على اتحاد أجهزتنا ومؤسساتنا لتنسيق الرؤى وتوحيد المفاهيم إزاء المخاطر المختلفة، خاصة في ظل ما عكسه الواقع وأثبته التاريخ بمنطقتنا من أنه لا سبيل أفضل من الاتحاد لمواجهة شاملة للتهديدات التي تعصف بمنطقتنا.

وفي هذا الإطار، أشير إلى أن مصر كانت في مقدمة دول العالم التي عانت من انتشار آفة الإرهاب الأسود، والذي كان أحد أهم مسبباته عدم انتهاج المجتمع الدولي لمقاربات شاملة خلال التعاطي مع الأزمات الإقليمية والدولية، سواء في فلسطين أو أفغانستان أو العراق. ومؤخرا الأحداث التي شهدها ولا يزال يعيشنا وطننا العربي في ليبيا، وسوريا، واليمن، وهي أزمات لا حل لها سوى بإنهاء التدخل الأجنبي في شؤون المنطقة العربية، واحترام قرار وإرادة الشعوب، وسيادة الدول الوطنية، ومؤسساتها، وبما من شأنه إنهاء استغلال التنظيمات الإرهابية والتكفيرية، لهذه الأزمات وتداعياها.

السادة رؤساء أجهزة المنتدى العربي الاستخباري،

إن ما شهدته الساحة الأفغانية مؤخرا، يجب أن يدق ناقوس الخطر، ويتعين التعامل معه بأقصى درجات الاهتمام والجدية، حتى لا نعود مجددا إلى الوراء، عندما تغافل الجميع عما حدث، عقب الانسحاب السوفيتي من أفغانستان، وتركوا واحة للإرهابيين كي يخططوا، ويتدربوا، وينشئوا دولة داخل الدولة، والتي ما لبثت أن وجهت نيران سمومها نحو أوطاننا والحضارة الغربية على حد سواء.

ولذا، فإنني أدعوكم جميعا لتوظيف قدرات أجهزتكم وتركيز جهودكم لمتابعة تطورات الأوضاع على الساحة الأفغانية عن كثب، وبكل دقة، وما تطرحه تداعياتها من مخاطر على أمننا العربي، للحيلولة دون السماح مجددا بعودة نشاط التنظيمات الإرهابية، وإيجاد ملاذ آمن لها لاستقطاب المزيد من العناصر وتدريبها، والتخطيط للعمليات الإرهابية بحرية، بجانب ضرورة الاهتمام بمعالجة ما يعانيه الشعب الأفغاني نتيجة الأوضاع المعيشية الحالية، وما يمكن أن ينتج عن ذلك من موجات جديدة للهجرة واللجوء، يصعب على المنطقة تحمل تداعياتها.

 وليس بعيدا عن أفغانستان، ولأنها جزء أصيل عزيز على قلوبنا جميعا، فإن مصر، لم ولن تألو أي جهد في مساعدة الأشقاء في ليبيا على الوصول ببلدهم إلى بر الأمان، من خلال السير على طريق الحل السياسي الشامل، الذي يتضمن خطوات وإجراءات متزامنة، تستند إلى توحيد المؤسسة العسكرية، وخروج القوات الأجنبية والمرتزقة، وإنهاء ظاهرة المليشيات المسلحة، وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية متزامنة في موعدها المحدد.

الحضور الكريم،

لا يمكن أن أختتم حديثي إليكم دون الإعراب كذلك عن أمنياتنا الصادقة ودعمنا الكامل للسودان الشقيق، في تخطي الصعوبات الراهنة التي تواجهه، وتحقيق الأمن والاستقرار والرفاهية لشعبه العظيم.

كما لا يفوتني التأكيد على مواصلة مصر لجهودها في دعم القضية الفلسطينية، ذات الأولوية، باعتبارها قضية العرب المركزية. وذلك بهدف تثبيت وقف إطلاق النار، وإطلاق جهود السلام مجددا وفقا لقرارات الشرعية الدولية. ومبادرة السلام العربية، وحل الدولتين، بهدف إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.

فضلا عن استمرار جهودنا في التقريب بين الأشقاء الفلسطينيين، لاتمام المصالحة فيما بينهم، صونا لقدرة الشعب الفلسطيني على استعادة حقوقه عبر وحداته وتضامنه.

السادة رؤساء أجهزة المنتدى العربي الاستخباري،

أنتم أمام يوم من العمل الشاق، الذي أرجو الله تعالى لكم فيه كل التوفيق والسداد. وليكون انطلاقة واستكمالا لتعاوننا المشترك، لما فيه صالح أمتنا العربية، وشعوبنا، راجيا منكم إبلاغ أشقائي أصحاب الجلالة والفخامة والسمو، قادة دولكم الشقيقة، أسمى آيات تحياتي وتقديري واحترامي لشخصهم الكريم.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


ألقيت الكلمة عبر الفيديو كونفرانس، بحضور رؤساء المنتدى العربي الاستخباري، وذلك في إطار أعمال الاجتماع الاستثنائي للمنتدى، والذي يعقد حاليا بالقاهرة.


خدمة الخطابات الكاملة للسيسي تجدونها في هذا الرابط