الملا أختر منصور، زعيم حركة طالبان

أمريكا تنهي عامًا من زعامة أختر منصور لطالبان

منشور الاثنين 23 مايو 2016

تولى منصور منصب زعيم حركة طالبان في يوليو/تموز 2015، بعد عامين من ترجيح مصادر أمريكية وأفغانية مقتل زعيمها الملا محمد عمر.

 

أنهت غارة أمريكية لطائرة بدون طيار يوم السبت حياة أختر منصور، الذي ظل زعيمًا لمدة عام لحركة طالبان في أفغانستان، وذلك خلفًا للملّا محمد عمر. وكانت الأنباء متضاربة عن مقتله في اليومين السابقين، ففي حين أكدت الخبر مصادر أفغانية وأمريكية للصحف العالمية، اختلفت تصريحات مسؤولو طالبان عن مقتله من عدمه. ولكن في صباح اليوم، أكد الرئيس الأمريكي باراك أوباما مقتل منصور، وذلك من فيتنام التي يزورها حاليًا، وألقى أوباما أيضًا الضوء على محادثات السلام المتعثرة مع الحركة منذ تولي منصور، معربًا عن أمله في تغيير موقفها بعد مقتله. 

منصور.. عام على قيادة طالبان

من وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) بدأ تداول خبر استهداف زعيم طالبان. صرّحت الوزارة، السبت، أن قواتها نفذت غارة جوية استهدفت سيارة استقلها منصور في منطقة نائية جنوب غرب باكستان بالقرب من الحدود الأفغانية. فيما قالت الوزارة الأمريكية: "ما زلنا نقيم نتائج الضربة وسنعرض المزيد من المعلومات حينما تكون متاحة"، ورجحت عدة وسائل إعلامية عالمية مقتل منصور نقلًا عن مصادر أمريكية. بمجئ يوم الأحد، أعلن أعلى مسؤول أفغاني، وهو الرئيس التنفيذي للبلاد عبد الله عبد الله، مقتل زعيم حركة طالبان، بالتزامن مع تأكيد المخابرات الأفغانية نفس الخبر.

بدورها، تضاربت تصريحات حركة طالبان حول أنباء مقتل زعيمها. نقلت وكالة أسوشيتد برس عن القيادي البارز في طالبان الملا عبد الرؤوف أن منصور قُتل لكن في وقت متأخر من يوم الجمعة. على الجانب الآخر، نفى قائد في طالبان لم يكشف عن هويته لرويترز مقتل منصور، قائلًا: "لقد سمعنا عن هذه التقارير العارية من الصحة، لكن هذه ليست المرة الأولى".

وبالفعل هذه ليست المرة الأولى التى يعلن مقتل منصور، وإن كانت الأخيرة بعد تأكيد أوباما مقتل منصور في غارة جوية وافق عليها مسبقًا. في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، نفى منصور في رسالة صوتية خبر مصرعه في تبادل لإطلاق النار في كوتشلاك في باكستان.

تولى منصور منصب زعيم حركة طالبان في يوليو/تموز 2015. وجاء منصور إلى بعد عامين من ترجيح مصادر أمريكية وأفغانية مقتل زعيمها الملا محمد عمر، ونفي من جانب الحركة التى بررت في أغسطس/آب الماضي إخفاء حقيقة وفاة زعيمها السابق، في 23 أبريل/ نيسان 2013، بالحفاظ على معنويات المقاتلين في الوقت الذي كانت تنسحب فيه القوات الأجنبية من البلاد.

في ذلك البيان، تطرقت طالبان إلي الخلاف الداخلى الذى صاحب تسمية منصور زعيمًا للحركة، قائلة: "إن الملا عمر قبل وفاته مرر عصا قيادة التنظيم إلى الملا منصور". كان  فصيل "مجلس إمارة أفغانستان الإسلامية" رفض تسمية منصور زعيمًا للحركة، بموجب ما وصفه بـ"قرار فردي"، وأكد أنه "لن يتم تسمية خليفة للملا عمر حتى الانتهاء من فترة الحداد، واجتماع كل المجموعات".

أعقب ذلك، تداول رسالة صوتية منسوبة لزعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، معلنًا فيها ولاء التنظيم لزعيم حركة "طالبان" الجديد، وهو ما وفر له دعمًا كبيرًا أمام خصومه الذي يزعمون تورطه في مقتل الملا عمر. ورد منصور على التقارير المتداولة عن الشائعات في أول رسالة مسجلة بعد اختياره قائلًا: "إن العالم يحاول خلق انقسامات في صفوف طالبان لإضعافها، وإنه يجب على الجميع العمل من أجل الحفاظ على وحدة الحركة التي لا تمكن هزيمتها إذا أظهرت وحدته".

رغم قصر مدة تولى منصور زعامة طالبان، إلا إنه حسب تحليل لبي بي سي، فإن طالبان شنت هجمات واسعة النطاق على قوات الأمن الأفغانية، في ظل قيادته، حتى تمكنت من السيطرة على مدينة أفغانية مهمة العام الماضي للمرة الأولى منذ 15 عامًا.

ما قبل زعامة طالبان

 

كأغلب قيادات التنظيمات المسلحة لا تتوافر معلومات مؤكدة عن قياديها، يُعتقد أن منصور وُلد في وقت ما بين عامي 1963 و1965 في قرية تقع في منطقة مايواند بولاية قندهار الجنوبية لأفغانستان، وبدأ خبرته القتالية مع الغزو السوفيتي لبلاده في الثمانينيات، حيث حمل السلاح مع بعض أفراد عائلته، ووقف بجانب مقاتلي المقاومة الإسلامية من المجاهدين. وبعدها انضم إلى جماعة محلية في باكستان، ثم في عام 1987، يُعتقد بأن منصور انتقل إلى مدينة كويتا، عاصمة إقليم بلوشستان الباكستاني، ثم إلى بيشاور في الشمال الغربي، فيما يعرف الآن بإقليم خيبر باختونخو، حيث استأنف تعليمه الديني الذي قطعه بسبب الحرب في أفغانستان.

ومع استيلاء حركة طالبان على مدينة قندهار الأفعانية، التى كان منصور من ضمن مجموعتها المتكونة في باكستان، تولى منصور مسؤولية أمن مطار المدينة الشمالية. ومع استيلاء طالبان على العاصمة الأفغانية كابل، عام 1996، عُين منصور في البداية مديرًا لخطوط أفغانستان الجوية (أريانا) وعُيّن في وقت لاحق وزيرًا للطيران المدني إلى جانب مسؤولية إضافية في مجال النقل وسلاح الجو. 

تصعيد منصور إلى منصب نائب رئيس الحركة، جاء في السنوات التى أعقبت الغزو الأمريكي لأفغانستان، الذي أطاح بسيطرة حركة طالبان عام 2001 في أعقاب تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر. أختير منصور حاكمًا لولاية قندهار في حكومة الظل لطالبان، بالتزامن مع اشتداد قتال الحركة ضد القوات الأمريكية. وفي عام 2007، عُين نائبًا لوزير الدفاع الجديد داخل الحركة، بعد اعتقال قوات الأمن الباكستانية الوزير السابق. وبعد أن واجه الوزير الجديد مصير السابق، إذ أُلقي القبض عليه في عملية مشتركة للاستخبارات الباكستانية والأمريكية في عام 2010، تولى منصور نائب رئيس الحركة.

مستقبل محادثات السلام بعد منصور

 

فور توليه منصب الجديد، أبدى منصور موقفًا معاديًا من محادثات السلام مع الحكومة الأفغانية التى كانت بدأت قبل شهر من تسميته زعيمًا لحركة طالبان برعاية باكستان. فاعتبرها منصور في رسالة صوتية: "دعاية من العدو"، قائلًا: "هدفنا وشعارنا هو تطبيق الشريعة وإقامة نظام إسلامي، وسنواصل جهادنا حتى تحقيق ذلك".

وبناء عليه رأى عدد من المسؤولين الأمريكين والأفغان مقتل منصور خطوة مهمة لدفع عملية السلام. تطرق بيان أوباما، اليوم، إلى محادثات السلام المعطلة بين طالبان والحكومة الأفغانية، معربًا عن أمله في عودتها بعد إزاحة منصور، ومشددًا على دعم أمريكا لها. وقال وزير الخارجية الأمريكي: "إن السلام هو ما نريده، ومنصور كان تهديدًا لهذا الجهد". وهو ما شدد عليه المتحدث  باسم الرئيس الأفغاني أشرف غني قائلًا: "ما نأمله في أعقاب هذه الغارة هو أن تحقق عملية السلام التي يقودها الأفغان سلامًا دائمًا واستقرارًا". بدوره وصف الرئيس الأفغاني التنفيذي عبد الله عبد الله الملا منصور بأنه "الشخصية الرئيسية التي تعيق انضمام طالبان لعملية السلام".

وكانت أولى محادثات مباشرة جرت بين الحكومة الأفغانية وطالبان الصيف الماضي، ثم تعثرت مع إعلان وفاة الملا عمر، وتفجر الخلافات بين فصائل الحركة. أعقبها إجراء حركة طالبان أفغانستان تغييرات على تشكيلات مكاتبها ومسؤولياتها وقامت بتفويض مسؤولية جميع الأمور السياسية الخارجية والداخلية إلى المكتب السياسي وحده، بغرض منع عقد اجتماعات متفرقة بين أشخاص وجهات غير معنية مثل ما حدث في إسلام آباد، في إشارة إلى أول اجتماع بين الحركة وحكومة كابل.