يوميات صحفية برلمانية| عبد العال يتجاهل أقباط المنيا.. و"القيمة المضافة" تحصيل حاصل

منشور الثلاثاء 19 يوليو 2016

مر يوم أمس الأثنين تحت قبة البرلمان المصري دسمًا ومليئًا بمناقشات معروف نتيجتها مسبقًا. إلا أن أجندة البرلمان تزدحم هذه الأيام بقوانين عديدة، ومناقشات كاشفة، أفصحت عن ازدياد تدهور منظومة الصحة في مصر، وارتباك وخلافات بشأن قانون الخدمة المدنية الذي وافق عليه المجلس من حيث المبدأ بالفعل. تلك الخلافات التي سلطت الضوء على اتجاهات المجلس المناهضة للثورة بطبيعة تشكيله، حتى وإن أقسم نوابه على دستور يمجدها. 

عبد العال يتجاهل عنف المنيا

 

 تجاهل رئيس البرلمان البيانات العاجلة المقدمة من نواب أبرزهم نادية هنري، بشأن أحداث العنف ضد الأقباط في محافظة المنيا. وفور افتتاح الجلسة بادر عبدالعال مباشرة لفتح باب المناقشة في قانون الخدمة المدنية، مما دفع نادية هنري للصياح في القاعة، مطالبة بالبدء بالبيانات العاجلة كما جرت العادة البرلمانية. 

عبد العال كرر وعوده لهنري بأن تُطرح البيانات العاجلة في الجلسة المسائية، بينما أصرت هي على طرحها في الجلسة الصباحية. ولكن إلحاحها لم يأت بنتائج، ويبدو أنها كانت محقة في مخاوفها، فرئيس المجلس تجاهل البيانات العاجلة في الجسلة المسائية أيضًا، وعاد لاستكمال مناقشات قانون الخدمة المدنية دون التوقف عند ما يجري في محافظة المنيا.

الخدمة المدنية

 

أعطى مجلس النواب أولوية لاستكمال مناقشة بنود مشروع قانون الخدمة المدنية المعدل، ولكن جلسة الأثنين الصباحية شهدت مشادات وخلافات بسبب القانون بين الأعضاء.

الحقيقة أن خلافات صباح الأثنين بدأت في الجلسة المسائية ليوم الأحد، حين اقترحت النائبة مي محمود والنائب مصطفى الجندي أن ينص القانون على تعيين مصابي الثورة وأهالي الشهداء، وصفق لهما النواب. ولكن حين جاء وقت التصويت برفع الأيدي كانت النتيجة أقلية، وعندما لجأ عبد العال للتصويت الإلكتروني كان أقلية أيضا، فتأجل اعتماد التصويت لعدم اكتمال النصاب القانوني. وعندما عاود النواب مناقشة هذا الاقتراح، اشتعلت القاعة بالخلافات بعد حديث النائب أحمد طنطاوي المنتمي لتيار 25- 30، الذي تحدث عن ضرورة النظر للثورتين باعتبارهما لصيقتين. 

وهنا انتفض محمد أبو حامد، عضو ائتلاف دعم مصر، متحفزًا وقال لنواب المعارضة "ثورة 30 يونيو خلصت[نا] من الإرهاب"، وطلب من رئيس البرلمان تحويل نواب ائتلاف 25-30 للجنة القيم، واتهمهم بالإساءة. لكن عبد العال لم يستمع لدعوات أبي حامد وطالب باحترام جميع الآراء.

وقال عبد العال"هناك ارتباط بين الثورتين؛ ثورة 25 يناير خرجت من أجل التغيير، واختطفت الثورة من [قِبَل] جماعة ضللت الوطن والمواطنين، والشعب شكل يدا واحدة للتخلص من قوى الظلام ووضع دستور من أحدث الدساتير، وانتخب البرلمان فى انتخابات حرة ونزيهة شهد لها العالم فى الداخل والخارج". وانتهى الأمر برفض اقتراح مي محمود ومصطفى الجندي.

وشهدت الجلسة انتقال النائب مصطفى الجندي عضو ائتلاف دعم مصر من مقاعد الأغلبية على يمين المنصة إلى اليسار، بجوار نواب تيار 25-30. سبب انتقال الجندي قد يكون محاولة لترضية نواب التيار بعد الهجوم عليهم من أبو حامد، أو اعتراضًا من الجندي على أداء الائتلاف الذي ينتمي إلى صفوفه. الجندي وحده هو الذي يمكنه تفسير تحركه.

القيمة المضافة

عقدت لجنة الخطة والموازنة أمس اجتماعها الثاني لمناقشة مشروع قانون ضريبة القيمة المضافة، بحضور وزير المالية عمرو الجارحي.

مبدئيًا وببساطة، ضريبة القيمة المضافة ستؤدي لزيادة كبيرة في أسعار جميع السلع والخدمات، حتى وإن نفت الحكومة تلك الحقائق. والبرلمان سيوافق على مشروع القانون أيًا كان الثمن، فالبرلمان نفسه مرر الموازنة بأغلبية كاسحة، وهي الموازنة التي تتضمن ضريبة القيمة المضافة كمورد من موارد الخزانة العامة للدولة في موازنتها للعام الجديد. حاول عمرو الجارحي ونائبه طمأنة النواب بأن القانون لن يمس محدودي الدخل لأنه لن يطبق على السلع الغذائية. عمرو المنير، نائب وزير المالية، قال في اجتماع اللجنة إن قانون الضريبة على القيمة المضافة هو خليط بين قانون الضريبة على المبيعات والضريبة المضافة، وأن الضريبة على الفارق بين الشراء والبيع. وأن الهدف من القانون هو علاج تشوهات قانون الضريبة على المبيعات، وإخضاع جميع السلع والخدمات لتحقيق العدالة الضريبية وتوسيع المجتمع الضريبي، فيما عدا ما يتم استثناءه في نصوص القانون. وأضاف عمرو الجارحي، وزير المالية، إن قانون القيمة المضافة هو تعديل لقانون الضريبة على المبيعات وشبهه بـ"ضريبة الاستهلاك"، فكلما زادت نسبة الشراء لدى المواطن تحمّل هذه الضريبة.

بينما قال أشرف العربي، عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، إن قانون الضريبة على القيمة المضافة، داخل مواده ضريبة أخرى على الاستهلاك، وضريبة جدول. واعتبر أن القانون يفرض ضريبة على بعض السلع "غير المستفزة مثل البطاطس". وقال إن بعض السلع تخضع لضريبتين: "ضريبة مقطوعة – ضريبة القيمة المضافة"، مثل الاتصالات التي تصل قيمة الضريبة عليها إلى 25%. مشيرا إلى وجود العديد من المواد في مشروع القانون بحاجة لإعادة النظر.

أما النائب مصطفي سالم، وكيل لجنة الخطة والموازنة، فتسائل عن الجدوى الاجتماعية من إقرار قانون الضريبة على القيمة المضافة. وأكّد أن المواطنين "يعانون أشد المعاناة من ارتفاع الأسعار، فليس من المعقول أن يكون هناك ضرائب جديدة، لذا لابد من مراعاة العدالة الاجتماعية في تطبيق القانون".

الطريف أن النائب هشام عبد الواحد، عضو مجلس النواب، استنكر وجود "البطاطس" ضمن السلع المقرر إخضاعها للضريبة، ليرد وزير المالية "دي البطاطس المقرمشة".


محاولات انقاذ القصر الفرنساوي

 

حضور اجتماعات لجنة الصحة يكشف لك أن انهيار منظومة الصحة والمؤسسات الصحية لا تقف عند طوابير الفقراء ومحدودي الدخل الممتدة أمام معهد الأورام ومستشفى أبو الريش؛ لكن الانهيار وصل إلى مستشفيات أخرى كانت ولا تزال قِبلَة لأبناء الطبقة الوسطى.

اللجنة ناقشت اليوم الأزمات المالية التي تواجه مستشفيات قصر العيني الفرنساوي وعين شمس التخصصي. لكن نظرًا لحضور مدير القصر الفرنساوي نبيل عبد المقصود، كان التركيز كله عليه، خاصة مع اعتراف رئيس لجنة الصحة بانهيار كامل في عين شمس التخصصي.

مجدي مرشد، رئيس اللجنة، قال في بداية الاجتماع إن مستشفييّ قصر العيني الفرنساوي وعين شمس التخصصي "بيموتوا بسبب الأزمات المادية وهذه خسارة كبيرة".

دكتور نبيل عبد المقصود، مدير قصر العيني، قال إن المستشفى تعاني أزمة مالية طاحنة، والأطباء الذين تعتمد عليهم المستشفى من أساتذة الجامعة لا يقبضون مستحقاتهم منذ سبعة أشهر.

عبد المقصود الذي تسلم إدارة المستشفى في 2014، قال إنه تسلمها بمديونية بلغت 230 مليون جنيه، سدد معظمها ويتبقى على المستشفى 90 مليون جنيه. وأنه عمل خلال هذه الفترة على تطوير تجهيزات المستشفى بوحدات رنين ومناظير وقسطرة حديثة، وتجهيز قطاع خدمة فندقية. ولكن تبقى المستشفى أمام أزمة مالية تهدد استمرارها.

وأوضح مدير المستشفى أن قصر العيني الفرنساوي به 5000 موظف معين بالدولة، والمستشفى تتحمل مرتباتهم التي تبلغ 17 مليون جنيه بالكامل منذ 2011 وحتى الآن، رغم أن مرتباتهم كانت تتحملها وزارة المالية قبل هذا التاريخ.

موارد المستشفى -بحسب مديرها- تغطي بالكاد رواتب الموظفين، ولا تكفي لسداد مستحقات الأطباء والأدوية والمستلزمات. وزاد من تفاقم الأزمة أن وزارة المالية تحصل على رسوم 15٪ من قيمة المبلغ الذي تودعه المستشفى في البنك.

وبالنسبة للتطوير، أكد أن معظمه يجري اعتمادًا على تبرعات من أصدقاء شخصيين له، وأن المستشفى لا تملك موارد مالية لشراء مستلزمات تشغيل الأجهزة الحديثة. وقال "معظم ما عملته بتبرعات من أصدقاء. أنا تركت عيادتي ومتفرغ للقصر الفرنساوي، وأشعر أني أتذلل. أنا في وضع سيء، أحارب وتعبت وبدأت أخسر الأساتذة. والأدوية والمستلزمات أوردها بعلاقات شخصية".  وأضاف "فيه زملاء لا يريدون لنا أن نقف على رجلنا لأننا نهدد المستشفيات الاستثمارية".

مجدي مرشد رئيس اللجنة علق على حديث مدير القصر الفرنساوي بالمثل الشعبي "مِن شاف بلاوي الناس هانت عليه بلوته"، موضحًا أن الوضع في عين شمس التخصصي أسوأ. خاصة أن المستشفى اقترضت 50 مليون جنيه لكنها انهارت فعلا.

وجاء رد ممثل وزارة المالية بأن الوزارة وفقا للموازنة الجديدة لن تحصل على نسبة ال 15% التي كانت تحصل عليها سابقا، وهو ما اعتبره عبد المقصود، مدير القصر الفرنساوي، غير كافيا ويوفر في الشهر فقط 2 مليون جنيه على الأكثر.

النواب طالبوا وزارة المالية بدفع أجور الموظفين بالكامل، ليرد النائب هيثم الحريري -الذي كان يعارض الموازنة العامة التي أقرها البرلمان لإجحافها للنص الدستوري الخاص بموازنتي الصحة والتعليم- قائلاً "المالية تجيب منين مش دي الموازنة اللي انتوا وافقتوا عليها؟".


تداعيات مقتل ريجيني

أما اليوم الثلاثاء فاجتمعت اللجنة المشتركة من هيئات مكاتب لجان الخارجية والأمن القومي وحقوق الإنسان، مع ممثلي وزارات الداخلية والخارجية والعدل، لمناقشة نتائج التحقيقات في جريمة مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني، والتداعيات التي أدت لتأزيم العلاقات المصرية الإيطالية.

كمال عامر، رئيس لجنة الأمن القومي، قال في تصريحات للصحفيين عقب الاجتماع المغلق إن البرلمان سيتحرك في إطار الجهود الدبلوماسية الهادئة.

وانتهت اللجنة إلى وضع خطة لتبادل الزيارات والوفود بين البرلمان المصري وجميع البرلمانات الأوروبية، خاصة البرلمان الفرنسي والبريطاني واليوناني والإيطالي، وذلك تفعيلاً لدور الدبلوماسية البرلمانية. مع الاستفادة بجميع نتائج زيارات الوفود المصرية التي توجهت سابقاً إلى إيطاليا.

كما تقرر تشكيل مجموعة إدارة أزمة بين جميع الوزارات المعنية بمتابعة قضية مقتل الشاب الإيطالي جوليو ريجيني، وما صاحبها من تطورات.