يوميات صحفية برلمانية| كيف مرَّر النواب التعديل الوزاري في 20 دقيقة؟

منشور الأربعاء 15 فبراير 2017

20 دقيقة فقط تحت القبة أنهت ملف التعديل الوزاري الذي بدأت الصحف في الحديث عنه منذ نحو شهر ، وَقَف النواب موافقين على أسماء الوزراء جميعًا، وسط حضور مكثف ملحوظ للنواب للدرجة التي دعت رئيس المجلس ليقول "لم أر هذا الحضور منذ 10 يناير"، مشيرًا إلى يوم افتتاح المجلس في يناير 2016. 

الجلسة بدأت في الرابعة وعشر دقائق بعد اجتماع مغلق عقده ائتلاف دعم مصر في البرلمان، أعقبه اجتماع آخر مطول جمع علي عبد العال رئيس المجلس برؤساء اللجان النوعية والهيئات البرلمانية، وحضر الجلسة العامة رئيس مجلس الوزراء شريف إسماعيل.

وافق النواب على الأسماء الواردة في التعديل عبر التصويت بالموافقة على القائمة كلها وليس كل وزير على حدة.

اعترض عدد قليل من النواب على القائمة، ومعظمهم من تكتل 25-30 ومنهم نادية هنري وخالد عبد العزيز شعبان وضياء الدين داوود.

(١)

كواليس الجلسة العامة تضمنت عددًا من التفاصيل جاء من ضمنها رسالة توحي بترتيبات مقبلة، إذ عَقْب الموافقة على التعديل وبعد إلقاء عدد من النواب كلمات خلال الجلسة، طلب شريف إسماعيل الكلمة وسَمَح له عبد العال بالحديث.

وَجَّه إسماعيل في كلمته الشكر لمجلس النواب، وقال إن الهدف من التعديل الوزاري ضخ دماء وأفكار جديدة ومعالجة قصور الأداء، وأشار إلى وجود تحديات كبيرة امام الحكومة والمجلس.

وأضاف  أن هناك العديد من المشاكل المتراكمة لسنوات كثيرة وتسعى الحكومة للانتهاء من المشروعات المتأخرة والإصلاح الاقتصادي وإيجاد حلول.

وقال: "إن التحديات كبيرة والقرارات صعبة ولكن معنا مجلس النواب في ظهرنا"، وأضاف:  "أسعى وأتمنى أن يستمر الدعم الذي رأيته اليوم".

وبعد انتهاء إسماعيل من كلمته سأله عبد العال عن سبب اعتذار البعض والعزوف عن قبول المنصب.

رد إسماعيل قائلًا: "التقيت ما يزيد عن خمسين مرشحًا واعتذر نحو 15 أو 16، تباينت الأسباب نظرًا لحجم الجهد والمسؤولية الملقاة على منصب الوزير؛ السبب الآخر أن تكون له تجربة سابقة في العمل العام لم تكن ناجحة، وتعرض فيها لانتقادات لاذعة. أما العذر الثالث فهو بعض الالتزامات العائلية الخاصة وصعوبة توفير المرشح لالتزامات أسرته في ظل هذا المنصب".

وتابع: "البعض اعتذر لأنه رأي مستقبل افضل في موقعه، ولا أريد أن أقول الدخل".

وعَقّب عبد العال قائًلا إن الأسباب كثيرة ومتعددة، ونشرت عنها وسائل الاعلام ونرغب في وضع الحقائق أمام الرأي العام. وتابع: "هناك نقد لاذع وكثيرًا ما يتعرض له الوزراء بسبب ضعف الإمكانيات"، في الوقت نفسه أشار عبد العال إلى ضعف معاشات الوزراء، ملوِّحًا بانها احد أسباب الاعتذار.

وأعطى  عبد العال الكلمة لعلاء عابد رئيس الكتلة البرلمانية لحزب المصريين الأحرار، الذي تحدث عن ضَعْف رواتب الوزراء التي لا تتجاوز ألفين جنيه ويُضاف إليها مكافآت.   

كلمات إسماعيل وعبد العال وعابد توحي بنوايا ورسائل موجهة للنواب  لإجراء تعديلات متعلقة برواتب الوزراء ومعاشاتهم.

في القانون الحالي لا يتجاوز معاش الوزير  3000 جنيه، ومن شهر تقدمت الحكومة بمشروع قانون لزيادة الرواتب والمعاشات،  وينص المقترح على أن يحصل الوزير على معاش بنسبة 80%‏ من الراتب.

(2)

الأربع وعشرين ساعة التي سبقت الإعلان الرسمي للتعديل الوزاري شهدت ارتباكًا شديدًا ما بين الابقاء على وزراء ثم تغييرهم مثلما حدث مع الهلالي الشربيني وزير التعليم الذي غيروه في الساعات الاخيرة.

أما ما حدث مع علي المصيلحي بإخباره أنه وزير استثمار أمس الأول ثم تغيير المنصب لوزير التموين صباح أمس، ثم دمج وزارتي الاستثمار والتعاون الدولي، والابقاء على سحر نصر في منصبها، ما هو الا مؤشر على ارتباك شديد وعدم وضوح رؤية وهدف التعديلات، وأن الأمر وصل لمرحلة أن تستطلع الجهات المسئولة موافقة شخص على الانضمام للحكومة ثم تقرر فيما بعد المنصب الوزاري الذي يتولاهء.  

(3) علي المصيلحي وزيرًا للتموين. يعود المصيلحي مرة أخرى لكرسي الوزارة التي تركها مع ثورة يناير في 2011 ولكنه اليوم يستمد قوة ودعم من مجلس النواب بكافة اتجاهاته.

المصيلحي الذي قاد على مدار أشهر "اللجنة الاقتصادية" التي تُعَد من أهم اللجان في المجلس يحظى باحترام وتقدير جميع النواب، الذين لم ينسوا يومًا أنه "معالي الوزير"، هكدا ينادونه، وهكذا دعموا عودته لوزارة التموين، وبمجرد تلاوة اسمه في الجلسة العامة ضمن قائمة الوزراء صَفَّق له النواب من جميع التيارات تصفيقًا حادا ووقفوا لتحيته وبادلهم المصيلحي التحية.    الملفت أن آخر اجتماع للمصيلحي قبل تنحيه عن رئاسة اللجنة الاقتصادية كان يجلس على يمينه وزير التموين السابق محمد علي الشيخ الذي جاء بناء على استدعاء من المجلس للرد على قرارات ارتفاع أسعار الأرز والسكر والزيت، وكان الشيخ في موقف لا يُحسًد عليه أمام كلمات النواب الغاضبة من ارتفاع الأسعار ونقص السلع الأساسية، وسط قلة حيلة من الوزير الذي يشكو من أباطرة في السوق يعرفهم بالاسم يخزنون الأرز ويشترونه من المزارعين ولا يملك محاسبتهم.   وجود المصيلحي في وزارة التموين يلقى دعمًا من النواب المؤيدين لتنقية البطاقات التموينية والتحول للدعم النقدي بدلًا من العيني وهي المنظومة التي سيكون المصيلحي قادرًا على إدارتها وتحقيقها.

السؤال الآن كيف سيواجه النواب  المصيلحي ويتعاملون معه في موقعه الجديد، هم الذين كانوا يهابونه في موقعه القديم كنائب زميل لهم وكرئيس للجنة الاقتصادية؟