متظاهرون يعتلون سيارات الأمن المركزي منتصف يوم 28 يناير 2011

إضراب الكرامة الفلسطيني.. النجاح مسألة وقت

منشور الاثنين 8 مايو 2017

منذ 22 يومًا، أعلن أكثر من1600 أسير فلسطيني في سجون الاحتلال إضرابًا كاملاً عن الطعام، بدأوه صباح 17 أبريل/ نيسان الماضي تحت شعار "مَيّ وملح"، موكلين قيادة هذا الإضراب للسياسي الفلسطيني الأسير مروان البرغوثي، مقسمين على إما الكرامة أو الشهادة.

خلال هذا الإضراب المفتوح، يكتفي الأسرى بتناول الماء والملح، مصممين على تحقيق أهداف إضرابهم والتي تتمثل في السماح لهم باستقبال زيارات أفراد العائلة من الدرجة الثانية، و تمديد وقت لقاء الأهل، والسماح للأسرى بتلقي العلاج.

أسر الأسرى لم تصمت أمام جوع أبنائها للكرامة، وفي صباح السابع عشر من أبريل/نيسان 2017 واصل عدد من أهالي الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال اعتصامهم أمام منزل القائد العام لكتائب القسّام الحاج مُحمد الضيف، بقطاع غزة، كأحد أشكال الدعم و المساندة لأبنائهم الذين بدأوا إضرابهم - يومها- داخل السجون.

وطالب ذوي الأسرى بالإصرار على قيام المقاومة بإجراء صفقة تبادل "مشرفة" مع الاحتلال، مقابل الأسرى الأربعة من الجنود الإسرائيليين في قطاع غزة، وأن تُكلل هذه الصفقة بتبييض (إخلاء) السجون من 7000 أسير، بعضهم قضى أكثر من ربع قرن بين جدران السجن.

في هذا المكان اجتمعت أسر 330 أسير فلسطيني من سكان القطاع، بينهم كانت أم تسعينية تتحرك ببطء، وقد ارتسمت على وجهها علامات الكبر والزمن، تحتضن بين ذراعيها صورةً لشابٍ عشريني مكتوبٌ عليها: الأسير بهاء الدين القصاص، سألناها عن الصورة التي تحملها فعرفت نفسها قائلة: "أنا أم الأسير بهاء الدين القصاص المحكوم بالسجن مدة ربع قرن قضى منها 15 عامًا".

الأسير بهاء الدين القصاص المولود في خان- يونس عام 1980، اعتقل بتاريخ 22 يونيو/ حزيران 2002، خلال كمين أعدته قوات الاحتلال له وهو في طريقه إلى "قلقيلية" في الضفة المحتلة، وأُلقي القبض عليه بتهمة مقاومة السلطات (سلطات الاحتلال)، وأصدرت محكمة إسرائيلية بحقه حكمًا بالسجن مدة 25 عامًا. ومنذ ذلك الوقت تواظب أمه على الاعتصام أسبوعيًا أمام مكاتب الصليب الأحمر الدولي، كغيرها من عشرات الفلسطينيات اللائي يقبع أبنائهن في سجون الاحتلال.

بكت والدة الأسير وهي تتكلم عنه، كفكفت دمعها من خلف نظارتها الكبيرة وهي تقول: "عندي أمل اليوم أكثر مما سبق. اليوم لدى المقاومة مفتاح زنزانة ابني، أتأمل من قائد المقاومة أبو خالد الضيف أن يصمم على إجراء صفقة تبادل أسرى مشرفة يخرج فيها ابني وجميع أبناء هؤلاء الأمهات".

                                   

أمهات الأسرى يحملن صور أبنائهن 

أن تكوني أمًا لأسيرٍ فلسطيني، يعني أن يحترق القلب شوقًا في انتظار برنامج إذاعي يبث كل أسبوع مساءً، لإرسال رسالة شفهية لحبيب خلف القضبان. أن تكوني أمًا لأسير يعني أن تنسي كل طعم للفرح أن يشغل رأسك عند النوم إن كان ابنك ينام جيدًا، وفي كل لقمة تتسائلين هل تناول العشاء؟ هل هو بخير؟

ككل الأمهات لا تريد والدة القصاص من اعتصاماتها المتكررة سوى أن ترى وجه ابنها قبل أن توافيها المَنِيَّة، تريد رؤية ابتسامته وأن يعود إليها كي تزوّجه وترى الفرح في عينيه، هذا الحلم البسيط علقته هذه الأم في السماء آملة من المقاومة إعادة نجلها في أقرب وقت ممكن.

بعد أيام من الاعتصام، جاء الرد على رسالة أهالي الأسرى من قيادة القسام، وأعلن المتحدث باسم الجناح العسكري لحركة حماس في بيان تلفزيوني في اليوم الخامس عشر لإضراب الأسرى، إمهال قوات الاحتلال 24 ساعة لتلبية مطالب المُضربين، وإلا أضافت كتائب القسام 30 اسمًا جديدًا لقوائم الأسرى المطلوب الإفراج عنهم مقابل الجنود الإسرائيليين الأسرى في قطاع غزة.

لم تستجب قوات الاحتلال الإسرائيلية بعد لمطالب الأسرى ولا تهديدات القسام، ومضت قيادة الكتائب في إضافة ثلاثين اسمًا جديدًا في كل يوم يمر على إضراب الأسرى دون تحقيق مطالبهم.

تستعيد كتائب القسام في تحركها قصة نجاح مبادلة الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط الذي أسرته كتائب القسام خلال عملية الوهم المُبدّد في أكتوبر/ تشرين أول 2006، وأطلق سراحه في أكتوبر 2011 مقابل الإفراج عن  1027 أسيرًا فلسطينيًا.