تنفيذ الاتفاق النووي يعزز الموقف الإيراني ويثير قلق جيرانها في الخليج

منشور الأحد 17 يناير 2016

تزامن بدء تنفيذ الاتفاق النووي بين إيران والقوى العظمى الست أمس السبت، الذي تلا تأكيد الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران أوفت بالتزاماتها الواردة في الاتفاق، مع مؤشرات تقارب حذر بين الولايات المتحدة وإيران، ومؤشرات أخرى لقلقٍ بادٍ لدى إسرائيل والسعودية، ما قد يغير على مدىً زمني قد يطول، التوازنات الدولية والإقليمية في الشرق الأوسط.

فخلال الأسابيع التي تلت توقيع الاتفاق في يوليو/تموز الماضي، بدأت أوروبا تنتهج خطابًا مختلفًا إزاء إيران، وتبادل مسؤولون إيرانيون وأوروبيون الزيارات، وتصاعدت التحركات الدبلوماسية حتى أن فرنسا وبريطانيا أعادتا فتح سفاراتيهما المغلقتين في إيران، وتنوع الحديث عن تفاهمات دبلوماسية، واتفاقيات تبادل تجاري، ما سيعزز عودة إيران إلى المجتمع الدولي سياسيًا، واقتصاديًا. 

هذه التحركات، بالإضافة لأسباب أخرى، حدت بالسعودية ودول خليجية أخرى، تبدي مخاوف من النفوذ الإقليمي وتتخذ إزاءها مواقف صارمة، إلى تصعيد التنافس الإقليمي إلى مرحلة القطيعة. 

ومع التقارب الإيراني مع أوروبا والتصعيد مع دول الخليج، فإن العلاقات مع الولايات المتحدة تبدو متجهةً نحو انفراجة،  وذلك على الرغم من إعلان مسؤولين إيرانيين وأمريكيين، على حد سواء، ومنذ توقيع الاتفاق في يوليو/تموز الماضي، أن التوقيع لا يعني تقاربًا مع إيران في الملفات الأخرى، إلا أن عين المراقب يمكنها أن ترصد تغيرًا ما في تعاطي الولايات المتحدة مع إيران مؤخرًا. 

ومنذ تصاعد التوترات بين السعودية وإيران بسبب اختلاف رؤى البلدين في أزمات الشرق الأوسط خاصة في سوريا ولبنان والعراق واليمن، كانت الولايات المتحدة تتخذ دائمًا موقفًا واضحًا مؤيدًا للسعودية، حليفها الاستراتيجي في الشرق الأوسط، حتى اللحظة التي تحولت فيها الأزمة إلى عداءٍ صريح، التزمت الولايات المتحدة الصمت باستثناء الحض على التهدئة.

وأعلنت السعودية قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران هذا الشهر بعد أن اقتحم آلاف المحتجين الغاضبين سفارتها في طهران وقنصليتها في مشهد، في اليوم التالي لإعلان الرياض إعدام الشيخ الشيعي المعارض نمر باقر النمر، الذي أدانت إيران إعدامه وحذرت من عواقب.


انتعاش اقتصادي ومتاعب للجيران

رفع العقوبات عن إيران يعني أنها ستحصل على 50 مليار دولار أمريكي كانت محتجزة لدى بنوك أمريكية وأوروبية بموجب العقوبات، كنا سيسمح لها جزئيًا بالانخراط التجاري مع العالم وتصدير العديد من المنتجات. في المقابل، سجلت البورصات في الخليج انخفاضًا.

تراجع البورصات الخليجية غداة إعلان التوقيع لا يعود فقط لأسباب سياسية، ولكنه يعبر كذلك عن بوادر الأزمة الاقتصادية التي تهدد على مدىً بعيد، دول الخليج النفطية. 

فبعد أن تدخل إيران سوق النفط العالمي، بعد إعلان استعدادها تصدير 500 ألف برميل نفط يوميًا، متوقع أن تواصل أسعار النفط العالمية انخفاضها.

ومن المنتظر أيضًا أن تكون إيران مقصدًا للشركات متعددة الجنسيات، بعد رفع العقوبات، حيث سيشهد اقتصادها انتعاشًا واضحًا في الوقت الذي تعاني فيه دول الخليج من عجز ملحوظ بسبب انخفاض أسعار النفط العالمية. 


اتفاق طويل الأمد

ولكن مع ذلك فإن العقوبات لم تُرفع كاملة بعد عن إيران، التي ستعود رسميًا وبشكل كامل إلى المجتمع الدولي عام 2025.

ما أعلن أول أمس بشأن إيران، هو المرحلة الأولى للاتفاق، وسوف تستمر هذه المرحلة حتى عام 2023، فإذا أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية استمرار الطابع السلمي للمفاعلات النووية الإيرانية، سترفع عقوبات أمريكية وأوروبية أخرى وبينها السلع ذات الاستخدام المزدوج والبرمجيات ونقل السلع والتكنولوجيات المشمولة باللائحة العسكرية الأوروبية والأسلحة.

وفي عام 2025، وإذا ما استمر إقرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية باستمرارية الطابع السلمي للبرنامج النووي الإيراني، يتم رفع باقي العقوبات.