رصدت منظمة هيومن رايتس واتش تعرض 40 شخصًا من أفراد مجتمع الميم لانتهاكات في السجون وأقسام الشرطة داخل خمسة بلدان وهي مصر والأردن وتونس ولبنان والعراق، بعضهم قبض عليهم إثر ترصدهم إلكترونيًا من قبل قوات الأمن.
جاء ذلك خلال تقرير مفصل نشرته المؤسسة أمس، بعنوان "كل هذا الرعب بسبب صورة: الاستهداف الرقمي وعواقبه في الحياة الفعلية على مجتمع الميم في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا"، والذي سرد خلال 153 صفحة العديد من الوقائع التي تعرض لها أفراد في مجتمع الميم سواء داخل السجون ومراكز الاحتجاز، أو تهديدهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
قالت المؤسسة في تقريرها المختصر، والمترجم إلى العربية، إنهم وثقوا 45 حالة اعتقال تعسفي شملت 40 شخصًا (...) وفي كل حالة فتشت قوات الأمن ھواتف الأفراد، غالبًا بالقوة أو تحت التهديد بالعنف، لجمع، أو حتى فبركة، معلومات رقمية شخصية لتمكين مقاضاتهم.
وأشار تقرير "هيومن رايتس" إلى أن تقريره "لا يحقق في استخدام الحكومات المحتمل لأنظمة التجسس والمراقبة المتطورة، ولكن في كيفية مراقبة السلطات في الدول الخمس لمواقع التواصل الاجتماعي یدویًا، وإنشاء حسابات وھمیة لانتحال شخصيات من مجتمع الميم، وتصيدهم على تطبيقات المواعدة أو فيسبوك، والتفتيش غير القانوني لأجهزة أفراد مجتمع الميم الشخصية لجمع معلومات تمكّن من مقاضاتهم.
وأشارت المنظمة إلى أنهم راجعوا الملفات القضائية لـ 23 فردًا من مجتمع الميم حوكموا بناء على أدلة جرم السلوك الجنسي المثلي، في الدول الخمسة، بقوانين "التحريض على الفجور"، و"الفسق" و"الدعارة"، والجرائم الإلكترونية. ولفت التقرير إلى أن الـ 23 بُرئوا عند الاستئناف، ما عدا خمس حالات، أدین الأفراد بعقوبات تراوحت بين السجن من سنة إلى ثلاث سنوات.
وقالت الباحثة الأولى في حقوق مجتمع الميم في هيومن رايتس ووتش رشا يونس، "دمجت السلطات في مصر، والعراق، والأردن، ولبنان، وتونس التكنولوجيا في الرقابة على سلوك مجتمع الميم. في حين مكّنت المنصات الرقمية أفراد مجتمع الميم من التعبير عن أنفسهم ورفع أصواتهم، إلا أنها أصبحت أيضًا أدوات قمع ترعاه الدولة"، بحسب بيان للمنظمة.
وقابلت المنظمة 90 شخصًا من مجتمع الميم تأثروا بالاستهداف الرقمي، و30 خبيرًا، منهم محامون ومتخصصون في الحقوق الرقمية.
كما راجعت أدلة على الإنترنت على استهداف أفراد مجتمع الميم، منها مقاطع فيديو، وصور، وتهديدات رقمية.
وحصل البحث على دعم من أعضاء "التحالف من أجل الحقوق الرقمية وحقوق مجتمع الميم" في مصر، "مسار" ومنظمة لحقوق مجتمع الميم في القاهرة حُجب اسمها لأسباب أمنية؛ في العراق، منظمة "عراق كوير" و"الشبكة العراقية للإعلام المجتمعي" (انسم)؛ في الأردن، منظمة "رينبو ستريت" و"الجمعية الأردنية للمصدر المفتوح" (جوسا)؛ في لبنان، جمعية "حلم" و"منظمة تبادل الإعلام الاجتماعي" (سمكس)؛ وفي تونس "جمعية دمج".
ولا يجرّم الدستور ولا القوانين المصرية المثلية الجنسية وإن كانت السلطات المصرية تلاحق المثليين استنادًا إلى قانون مكافحة الدعارة الذي يجرّم "الفجور" في مادته التاسعة.
واستقر قضاء محكمة النقض على اعتبار أن المقصود بالفجور في هذا القانون العلاقات المثلية بين الرجال، غير أن قانونيين أشاروا إلى شبهة عدم دستورية هذه المادة على اعتبار أن "كلمة الفجور غامضة ومتميعة ومنبهمة، والتعريفات اللغوية والاصطلاحية لا تعبر عن فعل المثلية الجنسية بين الرجال بعضهم البعض".
ويواجه المثليون في مصر، فضلًا عن احتمالات السجن استنادًا إلى مواد قانونية تتضمن عبارات فضفاضة، وصمًا اجتماعيًا وتمييزًا وانتهاكات وملاحقات تصل في أحيانٍ كثيرة إلى الاعتداءات البدنية.