في سباق البيت الأبيض: الجمهوريون ضد المسلمين.. والديمقراطيون ينتصرون للتعدد

منشور الأحد 27 مارس 2016

 

تأتي تصريحات الرئيس الأمريكي بعدما جدد الساعون للحصول على ترشح أكبر حزبين في الولايات المتحدة تصريحاتهم التي حمل بعضها عداءً واضحًا للمسلمين خاصة مرشحا الحزب الجمهوري دونالد ترامب وتيد كروز، على العكس من زميلهما الجمهوري أيضًا زميلهما جون كاسيتش. في المقابل، كان ممثلو الحزب الديمقراطي أكثر ودًا في موقفهم من المسلمين الأمريكيين، وانتقادًا لتصريحات ترامب المتكررة حيال المسلمين بصفة خاصة والأقليات بصفة عامة، وآخرها تشككه في نزاهة قاض ينظر قضية مرفوعة ضد جامعة يملكها ترامب بسبب أصوله المكسيكية.

دونالد ترامب

 

عندما يأتي الأمر عند تصريحات المرشحين عن المسلمين، يتصدر الملياردير الأمريكي دونالد ترامب، كافة المرشحين متفوقًا حتى على منافسيه الجمهوريين في عدد التصريحات العدائية وشدتها. وأحدثها اتهامه للمسلمين بعدم بذل جهد كاف للمساعدة في منع هجمات كتلك التي هزت بلجيكا، وذلك خلال مقابلة صحفية في محطة تلفزيونية بريطانية.

منذ  إطلاق حملته الانتخابية، تعددت تصريحات ترامب العدائية نحو المسلمين. فقال صاحب امبراطورية العقارات والإعلام الذي يسبق منافسيه الجمهوريين، إنه سيفكر بجدية في إغلاق عدد من المساجد ووضع عدد آخر تحت المراقبة. وعقب هجمات باريس في نوفمبر الماضي؛ تعهد ترامب بإصدار هويات شخصية خاصة بالمسلمين، وربما إنشاء قاعدة بيانات لتسجيل وتتبع جميع المسلمين المقيمين في أمريكا.

بلغت عدوانية ترامب ذروتها عندما دعا إلى منع المسلمين من دخول الولايات المتحدة في ديسمبر الماضي، عقب تنفيذ مسلمين لهجوم سان برناردينو بولاية كاليفورنيا الأمريكية، الذي أودى بحياة 14 شخصًا وأدى لجرح عشرات آخرين. وتوالت بعدها ردود فعل غاضبة على مستوى العالم، وكان المتحدث الرسمي باسم البيت الأبيض من بين منتقدي ترامب، حيث اعتبر جوش إرنست تصريحات ترامب "تعارض مع قيم الأميركيين وأمن أميركا". 

 

تيد كروز

 

 

عقب هجمات بروكسل، لم يعد ترامب وحيدًا في  الهجوم على المسلمين، حيث انتقل منافسه المرشح المحتمل عن الحزب الجمهوري أيضًا تيد كروز إلى منافسة ترامب في إطلاق التصريحات الرافضة لوجود المسلمين في الولايات المتحدة بشكل طبيعي كباقي المواطنين، فدعا سيناتور تكساس إلى تكثيف مراقبة الأحياء المسلمة في الولايات المتحدة "قبل أن تتحول إلى مناطق متطرفة". 

لكن هجمات بروكسل لم تكن هي الحدث الأول الذي يعلق عليه كروز بشكل يحمل العداء للأقلية المسلمة في الولايات المتحدة، ولمن يرغب في الهجرة إليها من المسلمين. كروز ينتمي إلي تيار اليمين المحافظ، وينافس ترامب على مغازلة أصوات ذلك التيار الذي يتميز بالعداء نحو الأجانب والملونين، وللتقرب من الناخبين المؤمنين بتلك الأفكار حذر كروز في مناسبات متعددة  خطر الهجرة غير الشرعية على المجتمع الأمريكي.

وفي مقابلة تلفزيونية مع محطة سي إن إن الأمريكية، اقترح كروز إجراء "اختبار عقيدة" لطالبي اللجوء السوريين المسيحين إلى الولايات المتحدة، للتأكد من أنهم ليسوا مسلمين متخفيين، قائلا "إنه يجب إعادة توطين المسلمين الفارين من الحرب السورية في دول إسلامية أخرى".

وبعد هجمات باريس، قال كروز "إن الإسلام  الأصولي المتطرف عدونا"، منتقدا سياسة أوباما في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية، قائلاً: "لا نستطيع هزيمة الإرهاب الإسلامي المتطرف، ورئيسنا يرفض أن يطلق عليه هذه التسمية".

جون كاسيتش

                          

 

أما آخر المتنافسين في معسكر الجمهورين، جون كاسيتش، حاكم ولاية أوهايو، وأقل الجمهوريين حظًا في تخطّي الجولة التمهيدية؛ فإنه يخالف ترامب وكروز في موقفهما العدائي من المسلمين. في مناظرة بين الجمهوريين في مطلع شهر مارس، شدد كاسيتش علي حاجة الولايات المتحدة إلى المحافظة على علاقتها الجيدة بالدول الإسلامية في الشرق الأوسط، للمساهمة في محاربة متشددي الدولة الإسلامية.

وفي تعقيبه على هجمات بروكسل، تجنب كاسيتش الإشارة نهائيا إلي الإسلام أو المسلمين، داعيًا إلى مضاعفة الجهود مع حلفاء أمريكا لتحديد واجتثاث وتدمير مرتكبي هذه الأعمال الإجرامية، على حد وصفه.

هيلاري كلينتون

                               

 

من معسكر الديمقراطين الذي تتقدمه وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون ويليها سيناتور ولاية فيرمونت بيرني ساندرز، فقد تجنبت كلينتون التعليق على الهجمات التي نفذها تنظيم الدولة الإسلامية وموقفها الشخصي والسياسي من المسلمين في الولايات المتحدة وخارجها، وركزت على التعليق على تصريحات ترامب وكروز، متخذة من تلك التصريحات ركيزة للهجوم عليهما خلال لقاء جماهيري جمعها بداعميها في ولاية واشنطن. وانتقدت كلينتون ما وصفته بـ"سياساتهما الخارجية المتهورة". واكتفت في تعليقها على هجمات بروكسل، بالدعوة إلى اصطفاف الحلفاء معًا لدحر الإرهاب، والتيار الجهادي المتطرف.

موقف هيلاري ليس جديدًا، ففي أحد لقاءاتها في سبتمبر الماضي قالت كلينتون: إن المسلمين لديهم الحق في الترشح والفوز بالرئاسة، لتوافُق ذلك مع الدستور الأمريكي الذي لا يقصر الحق في الترشح للرئاسة الأمريكية على أصحاب ديانة بعينها. جاء ذلك ردًا على تصريح المرشح الجمهوري بن كارسون، الذي قال: "يجب ألا ينتخب الشعب الأمريكي رئيسا مسلما".

ومع اقتراب كبرى الأحزاب السياسية الأمريكية من حسم اختيار مرشحيها في السباق الرئاسي، تصاعدت الحرب الكلامية بين كلينتون وترامب، فيما يتعلق بالأقليات والمسلمين. فانتقدت كلينتون، أمس السبت، في عدة تغريدات على حسابها على تويتر، هجوم ترامب على قاضٍ يبت في قضية تخص جامعة يمتلكها، قائلًا: "إنه منحاز لأنه من أصل مكسيكي". فقالت كلينتون: "عندما يهين ترامب المسلمين أو المهاجرين، عليه أن يتذكر أنهم خدموا في الجيش الأمريكي"، داعية ترامب أن يتعلم منهم كيف يكون أمريكيًا.

وتابعت قائلة: "أمريكا تقوم كبلد على المعتقدات والموروثات المتنوعة، مما يجعلها دولة قوية، بغض النظر عن ما يعتقده دونالد".

 

بيرني ساندرز

                        

 

أما منافسها بيرني ساندرز الذي حصد لتوه غالبية الأصوات في ثلاث ولايات في الانتخابات التمهيدية: واشنطن وألاسكا وهاواي، بينما ما تزال كلينتون تتقدم عليه بـأصوات 1692 مندوبا مقابل 958 في المجمعات الانتخابية؛ فهو مرشح ذو أصول يهودية، يحظى بسمعة طيبة داخل أوساط المسلمين الأمريكين، حتى أن بعضهم أطلق صفحة على فيسبوك بعنوان "مسلمون يدعمون بيرني ساندرز".

يتفق ساندرز، المرشح الأكبر سنًا البالغ من العمر 74 عامًا، مع كلينتون في انتقادها لدعوة ترامب بمنع دخول المسلمين الولايات المتحدة. وقال علي حسابه بتويتر: "الولايات المتحدة أمة قوية بسبب تكاتف الجميع، لكننا سنضعف وننهار إذا سمحنا للتمييز العنصري والرهاب من الأجانب بتقسيم المجتمع الأمريكي".

وخلال حضوره مائدة مستديرة في أول مسجد بالعاصمة الأمريكية واشنطن، دعا ساندرز إلى إدانة الخطاب المعادي  للإسلام.