خسائر متتالية في قيادات الجماعات المسلحة بسوريا والعراق

منشور الثلاثاء 5 أبريل 2016

في أقل من 24 ساعة بلغت حصيلة استهداف التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية، والقوات الحكومية في العراق وسوريا، لقادة وشخصيات مطلوبة من التنظيمات المسلحة المتشددة في سوريا والعراق، قياديين اثنين، وعشرات من عناصر التنظيم، بالتزامن مع تقدم جديد أحرزته القوات السورية الحكومية في استرداد أراضي كانت واقعة تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية في الشام والعراق.

أحدث استهداف جرى، أمس الإثنين، بمقتل أبو فراس السوري المتحدث باسم جماعة "جبهة النصرة"، المتصلة بتنظيم القاعدة في سوريا، وهي من الجماعات التي لا تشملها هدنة وقف العمليات القتالية برعاية الولايات المتحدة وروسيا، وذلك في غارة لم يُعلن عن منفذها بعد. 

ومن جهة تنظيم الدولة الإسلامية، فرغم إعلانه عن مسؤوليته عن تفجيرات بروكسل التي خلّفت عشرات القتلي، ومئات المصابيين، إلا أن الشهور الأولى من العام الجديد شهدت مقتل عدد من قيادات التنظيم، بالإضافة إلى تقهقره عن أراضي وضع يده عليها خلال العامين الماضيين. اليوم، أعلنت وسائل الإعلام السورية عن استرداد القوات الحكومية ومقاتلين متحالفين معها قريتين بجوار مدينة تدمر التاريخية. وهي المدينة التى استعادها نظام بشار الأسد قبل أيام. وفي العراق، تخوض قوات الجيش العراقي المدعومة بقوات التحالف الدولي، معارك لاستعادة الموصل، أكبر مدينة في شمال العراق والتي استولى التنظيم عليها عليها قبل نحو عامين. وقبل نهاية العام الماضي، في ديسمبر/ كانون الأول، كان التنظيم خسر مدينة الرمادي عاصمة محافظة الأنبار.

وفي الوقت الذي يعول فيه مسؤولون أمريكيون على أثر استهداف القيادات في إضعاف تنظيم الدولة الإسلامية، مثل وزير الدفاع الأمريكي آشتون كارتر، الذي قال: "في الأسابيع الأخيرة، ضربت قوات التحالف الشرايين الرئيسية بين معاقل داعش في الرقة بسوريا وشمال العراق، وبدأت المراحل الأولية لعملية إنهاء سيطرة داعش على الموصل"، فإن هناك آراء تقلل  من تأثير وقع سقوط القيادات على هيكل التنظيم.

ووفقا لتقرير منشور على موقع Vox قإن الجماعات المسلحة البيروقراطية كـ "الدولة الإسلامية"، و"القاعدة"، عادة ما تقوم بتعيين قادة جدد على الفور، ليحلوا محل الذين يتم استهدافهم، حيث تعتمد على تقسيم واضح للعمل، وتحديد للمسؤوليات. واعتمد هذا الرأي على نظرية وضعتها الباحثة الأمريكية جينا جوردن في عام 2014، التي وجدت أن مقتل قيادي بازر في جماعة إرهابية لا يخفض بشكل كبير من عملياتها العنيفة. وهو ما قد ينطبق أيضا على تنظيم الدولة الإسلامية.

نرصد هنا أبرز قادة التنظيمات الجهادية الذين أُعلن عن استهدافهم مؤخرًا:

خبير الصواريخ في "الدولة الإسلامية"

 

رغم أن جاسم خديجة، الضابط العراقي السابق، لم يُصنف كـ"عنصر شديد الأهمية" على قائمة المطلوبين من قادة تنظيم الدولة الإسلامية إلا أن مسؤوليته عن قتل ثاني جندي أمريكي في العمليات العسكرية التي بدأتها الولايات المتحدة عام 2014، جعلته مُستهدفًا، وجعلت المتحدث باسم التحالف الدولي لمحاربة التنظيم، العقيد ستيف وارن، يعلن مقتله بنفسه أمس، وذلك في غارة جوية لطائرة بدون طيار، وقُتل في الغارة خمسة آخرين من أعضاء التنظيم. 

حَمّل التحالف الدولي خديجة مسؤولية الهجوم الذي شنه التنظيم في 19 مارس/ آذار على القوات الأمريكية في شمال العراق وأودى بحياة فرد من مشاة البحرية الأمريكية وأصاب ثمانية آخرين. ومع هذا فإن عند مقارنة خديجة بآخرين ترصد الولايات المتحدة ملايين الدولارت لمن يدلى بمعلومات تساهم في القبض عليهم، فإنه ليس في الصفوف الأولى من قيادات التنظيم المسلح، فحسب تصريح مسؤول أمريكي لـ سي إن إن: " خديجة لم يكن يعتبر هدفًا ذا قيمة عالية بل قيادة محلية في التنظيم"، وأضاف أن "الولايات المتحدة حصلت على معلومات استخباراتية عن أن خديجة وجّه العناصر التي شنت الهجوم الصاروخي ضد المارينز".

 

القائد العسكري العام لـ"جبهة النصرة"

 

 

في سوريا، حيث يُستثنى من الهدنة الهشة لوقف العمليات القتالية برعاية موسكو وواشطن، تنظيم الدولة وجبهة النصرة، فقد الأخير قائده العسكري العام في الجنوب السوري، طارق عبد العزيز المسالمة، المعروف بأبو صلاح مسالمة، في 21 مارس/ آذار الماضي. ليس بيد قوات التحالف الدولي أو قوات الجيش السوري، ولكن بيد لواء شهداء اليرموك، المتهم بمبايعة تنظيم الدولة الإسلامية. قتل أبو مسالمة خلال اشتباكات مع تنظيم الدولة الإسلامية في تل جموع، المجاور لبلدة تسيل بريف درعا الغربي.

جاء مقتل القيادي العسكري في المنطقة الجنوبية في جبهة النصرة، في إطار معارك مندلعة ومستمرة لمحاولات فرض السيطرة بين الفصيلين المسلحين لبسط نفوذهما في جنوب سوريا، منذ ذاعت أنباء حول مبايعة "شهداء اليرموك" لتنظيم الدولة الإسلامية في أواخر عام 2014.

وحسب المعلومات المتوافرة في المواقع السورية المحسوبة على المعارضة، فإن المسالمة، سوري الأصل، من مواليد درعا. وقَبْل وصوله إلى موقعه في جبهة النصرة، كان انضم إلى لواء التوحيد، المنبثق من الجيش السوري الحر، وشغل منصب قائده العسكري الميداني، وشارك في معظم معارك درعا. وقبل نحو عامين، انشق المسالمة عن لواء التوحيد وهو ما جاء بمكاسب للنصرة، حيث انضم "عدد كبير من المقاتلين والقياديين الذي لحقوا به لثقتهم بحسن اختياره".

 

الرجل الثاني في "الدولة الإسلامية"

 

 

أكدت الولايات المتحدة والعراق، للمرة الثالثة، مقتل عبد الرحمن مصطفى القادولي، الرجل الثاني في تنظيم الدولة الإسلامية بحسب تعبيرهما، وذلك في 25 مارس/آذار، فقد خسر التنظيم مسؤولين قياديين اثنين في شهر واحد. تبرز مكانة العراقي الجنسية، تركماني العرق، بقيمة المكافأة التي رصدتها الولايات المتحدة، وهي سبعة ملايين دولار، لمن يدلي بمعلومات تقود للقبض عليه. وهو ثاني أعلى مبلغ يرصد لضبط قياديين بالتنظيم بعد رصد عشرة ملايين دولار للوصول إلى زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي.

وعن دوره داخل التنظيم، قال هشام الهاشمي، المحلل الذي يقدم المشورة للحكومة العراقية لرويترز، إن القادولي كان يرأس مجلس شورى التنظيم إضافة إلى كونه المسؤول المالي والمسؤول عن المحافظات السورية. وبالتالي رأى أن مقتل "محور الهيكل التنظيمي" يمثل ضربة موجعة للتنظيم، قائلًا: "البغدادي لن يستطيع استبدال حجي إيمان بشخص في نفس كفاءته وأنه سيضطر لتعيين ثلاثة أشخاص لملء الفراغ الذي تركه مما سيقلل من قدرات زعيم التنظيم ويجعله أكثر عرضة للخطر عن ذي قبل".

حمل القادولي أسماء حركية عديدة، منها "حجى بكر"، وانخرط المسؤول الميداني في تنظيم الدولة، بعد أن التحق في صفوف مقاتلى تنظيم القاعدة في عام 1988، وذلك بعد لقائه بأسامة بن لادن في أفغانستان، وذلك بخلاف معظم قادة التنظيم الذين كانت بدايتهم من حزب البعث العراقي المنحل الذي كان يتزعمه صدام حسين حتى الحرب الأمريكية في العراق عام 2003.

وتعتقد الولايات المتحدة أن القادولى، الذي قُتل عندما كان يستقل سيارة مع قيادي آخر في التنظيم، كان أحد المنسقين الرئيسيين لعمليات نقل الأسلحة والمتفجرات والآليات والأفراد بين العراق وسوريا.

يُذكر أن الولايات المتحدة تطارد شبح القادولي منذ أغسطس/آب 2015، ولهذا اُستقبل خبر مقتله للمرة الثالثة بالتشكيك. من جانبه قال وزير الدفاع الأمريكي أنه يرجح مقتل القادولي ضمن قادة آخرين في التنظيم، في هجوم استهدف العمليات المالية للتنظيم. ورغم تأكيد دور القادولي في تجنيد مقاتلين أجانب، إلا أنه لم يؤكد وجود صلة له بتفجيرات بروكسل، التي وقعت قبل مقتله بأيام.  

وزير حرب "الدولة الإسلامية"

 

 

 

في مطلع شهر مارس/آذار، خسر التنظيم ما تسميه الولايات المتحدة "وزير حرب" الدولة الإسلامية، أبو عمر الشيشاني، الجورجي الأصل. وهو صاحب دور بارز بداخل تنظيم الدولة الإسلامية، من جهة تنفيذ وتخطيط عمليات عسكرية أحرزت له أراض واسعة. و هو أحد قيادات التنظيم الذين رصدت لهم الولايات المتحدة ملايين الدولارت لتسهيل القبض عليهم، حيث عُرف بدوره في تجنيد مقاتلين أجانب في صفوف التنظيم.

أبو عمر الشيشاني.. وزير الحرب الذي لا يموت