هيكل ونجيب والإخوان في 3 مشاهد صحافية على هامش "حركة يوليو"

منشور الاثنين 3 أغسطس 2015

 

 

على هامش مشهد دبابات الجيش التي اعتلاها ووجّهها الضباط الأحرار، في ليلة 22 يوليو/تموز 1952 نحو قصر عابدين، لتجبر الملك فارق على الاستقالة وتسليم عرش البلاد إلى نجله أحمد فؤاد الثاني، كانت تدور سجالات على صفحات الصحف المصرية. 

في نهاية الأمر تكللت هذه "الحركة" بالنجاح، فقد تشكّل مجلس وصاية على العرش حتى يبلغ الملك الطفل الذي لم يكن عمره تجاوز بضعه أشهر، سن الرشد، قبل أن تعزله وتعلن قيام النظام الجمهوري وتنهي حكم الأسرة العلوية الذي بدأ مع محمد علي عام 1805.

هذه "الحركة" التي احتدم الجدل لاحقًا حول تسميتها بـ"الثورة" أم "الانقلاب"، نجحت كذلك في إنهاء الاحتلال الإنجليزي لمصر، وإلى جانب ذلك كله، وضعت حدًا لدور الأحزاب والجماعات، في الحياة السياسية والمجتمعية.

وإذا كان سقوط الملكية وإنهاء الاحتلال وحل الأحزاب السياسية هم العناوين الرئيسية للصحف آنذاك، فإن ثلاث لقطات ظلت في خلفية المشهد حينها وتوارت إلى النسيان بعد ذلك، كانت لها دلالاتها، وهنا نعيد استعراضها من جديد.

المشهد الأول: سجال بين دسوقي أباظة وهيكل

 

 

ابراهيم الدسوقي أباظة، وزير الخارجية السابق إبان وزارة ابراهيم عبد الهادي باشا، وأحد القيادات الحزبية في ذلك الوقت، ينشر مقالاً تحت عنوان "اللهم لا شماتة.. ولكن!" بمجلة "أخر ساعة"، تعقيبًا على مقال لرئيس تحرير المجلة محمد حسنين هيكل بالعدد السابق للمجلة.

في مقاله، شن هيكل هجومًا على رؤساء الأحزاب المصرية آنذاك؛ في مقال عنوانه "اسكتوا ودعوا غيركم يتكلم"، في إشارة إلى "ضرورة صمت رؤساء الأحزاب" المصرية، والذي أثار غضب أباظة؛ الذي كتب قائلاً: " أصبح من أيسر الأمور وأهونها وأسهلها الآن، أن يلقي أي إنسان على الملك السابق حجراً، حيث لا خطر أو شبه خطر من إلقاء هذا الحجر".

واستطرد اباظة في مقاله بـ"تذكير" هيكل بمذكرة أرسلها "ستة عشر منهم بعض رؤساء الأحزاب وعدد من المستقلين" تم إرسالها للمك السابق عام 1950، والذي جاء فيها "يا صاحب الجلالة: إن احتمال الشعب مهما طال فهو لابد منه إلى حد، وإنا لنخشى أن تقوم في البلاد فتنة، لا تصيبين الذين ظلموا وحدهم، بل تُعرض بها البلاد إلى إفلاس سياسي ومالي وخلقي..." ويختتم أباظة مقاله بإعادة "تذكير" هيكل، قائلاً: "أما بعد.. وقد ذكّرت الاستاذ هيكل ببعض ما يعرف، وذكرت له ببعض ما لا يعرف فهل يصر على أن يطالب في عنف رجال الأحزاب جميعا بالسكوت والتزام الصمت ويعيرهم بأنهم كانوا يرتعدون خانعين، وينحنون صاغرين؟ أم تراه يسمح لنا الآن. بعد هذا البيان؛ أن نتكلم ولو في بعض الأحيان، عندما يجب الكلام..".

تعقيب هيكل جاء بنفس الصفحة التي حملت مقال أباظة، قائلاً والمقال لهيكل: "من سوء حظي أني ما زلت عند رأيي.. إن هذه المذكرة دون جهد ايجابي بعدها، أشبه ما تكون بمن يلقي حجرًا على وحش ثم يجري بسرعة".

المشهد الثاني: "قرية القائد العام تزغرد"

 

 

مع بزوغ اسم اللواء محمد نجيب القائد العام، آنذاك. ركزت الصحافة في ذلك الوقت على نشأته وترعرعه وتربيته؛ حيث نشرت مجلة "آخر ساعة" تقريراً مصوراً عن قرية "النحارية" بمحافظة الغربية، تظهر منزل العائلة وغرفة نوم نجيب وأقارب القائد العام واحتفالات أهالي القرية باطلاق "الزغاريد" فرحاً بابنهم "القائد العام" للقوات المسلحة اللواء محمد نجيب، مع صورة لبنات شقيقة القائد العام وهم ينظرون إلى صورة "البطل" كما جاء في وصف الصورة.

المشهد الثالث: "أيها الإخوان.. هذا يوم بزوغ دعوتكم"

 

 

نشرت مجلة "آخر ساعة" الصادرة عقب 4 أيام من "23 يوليو" تقريراً مصوراً يُظهر موقف جماعة "الإخوان المسلمون"، حيث نشرت المجلة صورًا إبان اجتماع "الجمعية العمومية" لإصدار "البيان الخطير" على حد وصف المجلة، وهو بيان تأييد الجماعة لـ "الحركة المباركة" والذي صدر في ساعة متأخرة من مساء يوم الأربعاء الموافق 27 يوليو 1952، بعد رحيل الملك فاروق على متن يخت المحروسة متوجها إلى منفاه في إيطاليا.

وذكرت المجلة إلى جانب التقرير المصور: "لم ينتظر الرجل العجوز عبد الرحمن البنا والد مؤسس جماعة الإخوان المسلمين حسن البنا؛ حيث توجه إلى المقر العام، الذي لم يدخله منذ مقتل مؤسس الدعوة ويوجه خطبة بداخل المصلى قائلاً : "أيها الإخوان..هذا يوم بزوغ دعوتكم.. أيها الإخوان هذا يوم الفجر الجديد لكم.. الفجر الجديد لهذه الأمة"، ومن ثمَّ قاد الحضور بدعاء "اللهم زلزل عرشه".