مُتَرجَم | كيف تؤثر الطائفية الإسلامية على السياسة؟

منشور الاثنين 12 سبتمبر 2016

ترجمة عن الإيكونوميست


 

صرّح أكبر رجل دين في السعودية بشكل واضح بأن الشيعة الإيرانيين ليسوا مسلمين على الإطلاق. كان المفتي العام للمملكة، عبد العزيز الشيخ، يرد على الهجوم اللاذع الذي شنه القائد الأعلي لإيران آية الله علي خامنئي على السلطات السعودية بسبب طريقة التعامل مع الحجيج في مكة. وبسبب تدهور العلاقات السعودية الإيرانية، الذي يعود جزئيًا إلى التدافع المميت في مكة في العام الماضي، سيكون هذا هو أول عام، منذ ثلاثة عقود، لا يشارك فيه الإيرانيون في الحج السنوي إلى المنطقة التي شهدت مهد الإسلام. قال آية الله خامنئي في أعقاب تدافع عام 2015 أن عدم الكفاءة السعودية، والتي كان من ضمنها "احتجاز المصابين مع الموتى" أدت إلى وفيات غير ضرورية. وعلى الأقل هناك 464 إيرانيًا يُعتقد أنهم توفوا. وانهارت المفاوضات التي دارت عن ترتيبات الحج هذا العام، وقالت إيران إنه من غير الآمن لمواطنيها أن يتوجهوا إلى هناك.

فالي نصر، عميد مدرسة الدراسات الدولية في جامعة جون هوبكنز في أمريكا، قال إن هذه هي أسوأ أزمة  تمر بها العلاقات السنية الشيعية والسعودية الإيرانية "منذ العديد من السنوات". وأضاف أن الأزمة تذكرنا بأنه بخلاف الصراعات الاستراتيجية بين المملكة السنية والجمهورية الشيعية، فالاختلافات الدينية لها زخمها الخاص بها. على سبيل المثال، إذا شعر الإيرانيون المتعصبون أن السعوديين أجلوا دفنن الجثامين بعد التدافع بدون سبب، منتهكين بذلك الأمر الإسلامي الذي يوجب الدفن السريع، سيؤدي ذلك إلى غضب كبير. وفي الوقت الحالي، فاتهام الشيخ السعودي للإيرانيين بأنهم غير مسلمين يمكن أن يثير توترات سنية شيعية في كل مكان من غرب أفريقيا وحتى ماليزيا.

يمكن للاهوت أن يؤثر على الجغرافيا السياسية والعكس. وكما يشير السيد نصر، فالعديد من العوامل الدولية تُبقي درجة الحرارة اللاهوتية عالية. يتضمن هذا الحروب الأهلية في سوريا واليمن، حيث يدعم السعوديون والإيرانيون جوانب مختلفة؛ ثم القلق السعودي العميق مع الاتفاق النووي بين أمريكا وإيران، وتوقُع أن تلقى إيران احترامًا دوليًا، بالإضافة إلى فزع الإيرانيين من صعود الدولة الإسلامية التي يرونها واحدة من القوى السنية التي تتحرك ضدهم.

في الماضي، كان السعوديون يتصرفون بلا مبالاة تجاه الانتقادات الإيرانية المتعلقة بشؤون الحجيج وإشراف المملكة على الأماكن المقدسة. الآن تهاجم المملكة إيران المزعجة.

لنفكر في حدث إسلامي متعدد الأطراف لم يجتذب الانتباه مثل الخلاف السعودي الإيراني الأخير، ولكنه يظل هامًا. في الشهر الماضي، أقيم مؤتمر لعلماء المسلمين بغرض رأب الصدع بين المدارس الإسلامية المختلفة والاصطفاف ضد الإرهاب. المفاجيء بما يكفي هو أن المستضيف كان روسيا، أو بالأحرى الشيشان، وهي جزء من روسيا الاتحادية التي ينتشر فيها الإسلام. من النظرة الأولى، يتضح أن هذه مبادرة تستحق الاهتمام.

ولكن بالنظر عن قرب. نجد أن المؤتمر اتخذ موضعه في المنافسة السياسية القائمة. كانت مهمة المؤتمر هي الوصول لتعريف واسع لما يعنيه أن تكون "سنيًا"، وأن تستنكر أفعال المسلمين غير المتسامحين مع الآراء الأخرى. الشيخ الذي يرأس جامعة الأزهر في مصر (وهو منصب يتمتع بمكانة كبيرة في العالم السني) كان حاضرًا، ولكن كان من الملحوظ أن الشيوخ السعوديين غائبين. هذا أتاح للشيخ المصري الفرصة لاستنكار الشكل شديد المحافظة من الإسلام والذي يُمارَس في السعودية، باعتباره ليس سنيًا أصيلًا. بمعنى آخر، أتاح المؤتمر دفعة محدودة لموقع مصر في العالم السني، وذلك على حساب السعودية. وعن طريق استضافة هذا المؤتمر، قدم الروس خدمة لشركائهم الاستراتيجيين في إيران، الذي يعتبر أي تقليل من قدر السعودية بالنسبة لهم أمر طيب.

في اللحظة التي ستتراجع فيها أمريكا عن انغماسها في الشرق الأوسط الأكبر، ستستعد روسيا في تقديم نفسها، ليس فقط كمراقب مؤثر، ولكن كمشارك نشط في شؤون الإسلام، وذلك بفضل المنطقة المسلمة الموجودة في روسيا.