يوميات صحفية برلمانية| نواب: خناقة المجلس والحكومة.. "تنفيس غضب"

منشور الثلاثاء 1 نوفمبر 2016

بداية اعتذر عن عدم كتابة يوميات الأمس التي ترصد كواليس ما جرى في الجلسة العامة، وانتفاضة النواب ضد الحكومة، ودعوات الكثيريين منهم لسحب الثقة من حومة شريف اسماعيل، قبل أن يعودوا "على وضعهم"، وكأن شيئا لم يكن بعد كلمة رئيس الحكومة. أقدم لكم اليوم محاولة لفهم لماذا انتفض النواب بهذا الشكل، وما سر تحركهم في هذا التوقيت، وما السبب الذي جعلهم يعودون إلى هدوئهم ووداعتهم مع الحكومة مرة أخرى.

ماذا حدث؟

 

أمس؛ تقدم النواب بعدد من البيانات العاجلة المرتبطة بارتفاع الأسعار، ولم يحضر وزير التموين أو أي من الوزراء المسؤولين عن هذا الملف، فانفعل عدد كبير من النواب مطالبين بحضور رئيس الوزراء والحكومة كاملة. وكان رئيس المجلس علي عبد العال في صف النواب منتقدا الحكومة ورئيس الوزراء الذي لم يحضر، وطالب وزير الدولة للشئون القانونية باستدعائه. 

واستكمالا للأداء المختلف تماما عن طبيعة رئيس المجلس خلال الأشهر الماضية، قال عبد العال "إن المجلس يمتلك سلطة التشريع، وإذا رفع الجلسة ستكون الحكومة قد انتصرت، ولن تنتصر الحكومة على المجلس أبدا".

وتحدث عدد من النواب مطالبين بسحب الثقة من الحكومة. وبعد حضور شريف اسماعيل للمجلس، والذي كان مقررا في جدول الأعمال للحديث عن طلب تجديد الطوارئ في شمال سيناء؛ ألقى رئيس مجلس الوزراء كلمة قال فيها: "كلنا قريبون من المواطن، ونعرف معاناتهم، ولكن أنظروا للدول من حولكم، سوريا والعراق واليمن وليبيا".

وبشأن السيول برر إسماعيل الكارثة بتغير المناخ. وأثار حديث إسماعيل غضب النواب وحاولوا مقاطعته عدة مرات، ولكن عبد العال طلب منهم عدم المقاطعة، وهددهم بتطبيق اللائحة عليهم، وبعد ذلك هدأت ثورة النواب.

لماذا لم تطرح الثقة في الحكومة؟

ما شهدته الجلسة لم يكن استجوابًا. وحضور رئيس الوزراء كان موجودًا في الجدول منذ البداية، ليطرح أسباب الحكومة في طلب تمديد الطوارئ في سيناء، وهو الموضوع الذي تأجل بعد الجلسة العاصفة أمس. ثورة النواب كان سببها غياب الوزراء المعنيين بارتفاع الأسعار، وبناء عليه صعدوا وطالبوا حضور رئيس الوزراء، للرد على البيانات العاجلة المقدمة بشان السيول وارتفاع الأسعار. الاستجواب هو الآلية البرلمانية التي تُمكِّن النواب من سحب الثقة عن الحكومة أو وزير. والاستجواب له عدة شروط منها أن يكون مكتوب، ويرفق به مذكرات، ويطالب الحكومة بتقديم مستندات وأوراق تخص موضوع الاستجواب. وبعد مناقشته تطرح الثقة في الحكومة، وتنتهي بسحبها أو بتجديد الثقة، وبالطبع هذا لم يتوفر بالأمس.

لماذا الثورة على الحكومة الآن ؟ بالحديث لعدد من المصادر التي طلبت عدم نشر اسمها، تجد نفسك أمام مأزق مضحك جدا، فرغم أن السؤال مشروع والإجابة قد تكون عادية لا تنطوي على أي شئ يضر المصدر، إلا أن الوضوع الحالي جعل هناك حالة عامة بين المصادر التي تطالب بعدم ذكر اسمها، وهذه سمة زائدة في الأعضاء والمصادر المؤيدة للسلطة الحالية.

ولكن؛ تتلخص الإجابات التي حصلنا عيلها في التالي:   1- قيادي في ائتلاف دعم مصر، تحدث ضاحكا "شفتي البرلمان وهو خِطر". وقال إن ما حدث كان ضروري لتهدئة النواب الذين ينزلون إلى دوائرهم، ويعيشون مشاكل الناس ولا يكفون عن تلقي شكاوي من ارتفاع الأسعار  والأزمة المالية، التي باتت تهدد القطاع الأعرض من المصريين. وفقا للمصدر نفسه فالحديث عن تغيير الحكومة في الوقت الحالي غير مطروح. قال: "سحب ثقة إيه بس إحنا مازلنا لدينا مفاوضات مع صندوق النقد الدولي، ولا يمكن نتكلم عن تغيير الحكومة قبل 11/11". ويرجِّح المصدر الاكتفاء بتعديل وزاري محدود في الوزارات الخدمية التي تمس المواطنين.

2- عضو في ائتلاف دعم مصر قال: إن النواب ثاروا "بعاطفة منهم". ويرجح النائب أن نواب المقاعد الفردية مُحمَّلِين طول الوقت بضغوط من دوائرهم. وأنهم تحدثوا عن مشاكل دوائرهم والناس الذين يمثلونهم، وهدوئهم منطقي بعد انتفاضتهم ضد الحكومة. واعتبر المصدر أن علي عبد العال أدار الجلسة العاصفة بشكل "معقول" اذ لم يصطدم بالنواب الثائرين.

3- نائب مستقل فسر ما جرى بأنه إنذار للحكومة، وفي الوقت نفسه استبعد وجود أي دفع من الأجهزة الأمنية لنواب المجلس لإظهار أنيابهم للحكومة. وقال إن ماحدث طبيعي بسبب ضغط الشارع على النواب، وفي الوقت نفسه قال: "حتى لو غيرنا الحكومة لن يحدث شيء".