كولاج: المنصة.

حصاد 2017 | هذا ما رواه الناس

منشور الأحد 31 ديسمبر 2017

قارئ الإنترنت أثبت أنه ليس كسولًا، وأن الحجب لا يمنع تدفّق المعلومات ولا تنوعها، وأن محاولات إغلاق المجال العام تبقى مجرد محاولات، قد تنجح أحيانًا ولكن أحدًا لا يمكنه أن يمنع بيديه وقف تدفّق الماء إلى الأبد. 

في أول عام 2015 بدا التحدي صعبًا، وسط مئات من المواقع الصحفية والإخبارية التي تتنافس على جذب جمهور إما اعتاد على تصفّح مواقع بعينها واثقًا فيما تبثّه، أو تشبّع  أصلًا من الأنباء ومن السياسة بعد أربع سنين من ثورة شعبية حاشدة ارتدت عليه. فإذا كان جذب القارئ أمرًا صعبًا، فماذا عن جذب هذا القارئ ودفعه إلى الكتابة، ثم العمل معه على ضبط هذه الكتابة وإخضاعها لمعايير مهنة الصحافة، وهي أصلًا معايير شاقة صعبة؟

وزاد من صعوبة التحدي أن إطلاق "المنصة" تزامن أيضًا مع بدء محاولات إغلاق المجال العام بعد انفتاحه خلال سنوات الثورة الثلاث الأولى، وكلما حققت هذه المحاولات نجاحًا كلما ازدادت صعوبة ممارسة الصحافة، فإغلاق المجال العام يعني بالضرورة الحد من تداول المعلومات والتضييق على حرية التعبير، وما الصحافة سوى مزيج بين هذا وذلك؟ 

وفي 2017 الذي من الممكن أن نضع له عنوانًا عريضًا وهو "عام الحجب"، بدت الصحافة المهنية التي تتيح لجمهورها المعرفة أمرًا بالغ الصعوبة والتعقيد، فلا المعلومات متاحة ولا تحليلها وإبداء الرأي فيها آمن، حتى أن عدد مواقع الإنترنت التي حُجبت في مصر بقرارات إدارية مجهولة المصدر يُصدرها من يُصدرها متخفيًا في الظلام، وصل إلى 465 موقعًا حسب تقرير أصدرته مؤسسة حرية الفكر والتعبير هذا الشهر. 

كان العام في أولّه تحديًا صعبًا وممتعًا في آن، الأمر لا يتعلق فقط بأن تجذب قارئ الإنترنت "الكسول" الذي يُوصى أن نقدّم له مواضيع صحفية قصيرة لأنه لا يقرأ أكثر من أربعة أسطر، لا فقط ليقرأ، بل ليقدم منتجًا، يجمع المعلومات ويتواصل بالمصادر ويضبط الصياغات ويسجل حسابًا على موقعٍ ويضع قصةً ويختار صورها وينسق روابطها ويتواصل مع محرر طلباته لا تنتهي. 

ولكن في نهاية هذا العام، فإن قارئ الإنترنت أثبت أنه ليس كسولًا، وأن الحجب لا يمنع تدفّق المعلومات ولا تنوعها، وأن محاولات إغلاق المجال العام تبقى مجرد محاولات، قد تنجح أحيانًا ولكن أحدًا لا يمكنه أن يمنع بيديه وقف تدفّق الماء إلى الأبد. 

قارئ الإنترنت أثبت أن الفضاء أكبر من احتوائه. 

طوال عامٍ كامل تلقيّنا مئات القصص المتنوعة عن كل شيء؛ في الرياضة والاقتصاد، عروض أفلام وكتب، حكي ذاتي، مشاركات إبداعية، تحليل سياسي، مقالات رأي، وغير ذلك، رفضنا منها آسفين القليل الذي لا يتوافق مع قيمنا وقواعدنا التحريرية، وفي البقية حاولنا مساعدة صنّاع هذه القصص قدر ما استطعنا على وضع أفكارهم في قالب صحفي، ليكون ما في "المنصة"، هو بحق "ما رواه الناس". 

نحن نفخر بكل القصص التي نشرت لدينا، ونفخر بكل من أسهم معنا وأثرت مشاركاته هذا المكان، ولكننا بشكل خاص نوّد أن نتذكّر ونعيد قراءة هذه القصص العشر، وقد كان اختيارها صعبًا من عشرات القصص المميزة، لتكون أفضل إسهامات صحفيينا المٌساهمين لهذا العام، نوردها هنا مرتّبة حسب تاريخ نشرها من الأقدم.


الثورة في عمر الثالثة عشر

 

جوهرة مدكور

مؤخرًا كنت أفكر كثيرًا في كيفية تشكيل الثورة لي. إلى أي مدى أثرت ثورة يناير في تكوين شخصيتي ووعيي بنفسي وبالتغيرات الإجتماعية والسياسية في مصر.

أعتقد أن البداية كانت في يونيو 2010، حين قام قريب لي بمشاركة صفحة "كلنا خالد سعيد" عبر فيسبوك. كنت وقتها في الثالثة عشر من عمري، ودفعني الفضول الشديد إلى الدخول للصفحة لأعرف من هو خالد سعيد هذا الذي أصبح الجميع يرون فيه أنفسهم. المزيد..


توابع "رحلة الدير".. جثامين ضحايا وأمن غائب وغضب باق 

 

عادل المصري

في عصور الاضطهاد الأولي للكنيسة القبطية، خلال الاحتلال الروماني لمصر، كان الأنبا صموئيل المعترف، على موعد مع محنة التعذيب، لتمسكه بإيمانه الأرثوذكسي، ففقد إحدى عينيه، وتعرض للكثير من الاختبارات الإلهية التي صمد فيها جميعها على إيمانه، رغم تعرضه المتكرر للتعذيب، والتهديد بالقتل والموت كي يترك إيمانه. وبعد أكثر من 1600 عام من محنته؛ وقف دير القديس القبطي شاهدًا على محنة اعتراف أخرى، حين قتل منتمون لتنظيم الدولة الإسلامية 28 مواطنًا يدينون بالمسيحية معظمهم من الأطفال والنساء، كانوا في طريقهم لدير الأنبا صموئيل المعترف بمركز لعدوة بالمنيا، لرفضهم التحول عن إيمانهم. المزيد..


تحيا مصر .. في "كراتين" التصحر الغذائي 

 

صقر النور

أثناء مروري في سوق بمدينة قنا، سمعت سيدة أربعينية تسأل بائع خضروات دون أن تتوقف "في لمون (ليمون) بجنيه؟"، رد الرجل "لا"، وواصلت السيدة سيرها بحثًا عن توليفة لوجبة تناسب ما تحمله من نقود. واصلت سيري بالسوق فإذ بسيدة تقول لأخرى لاعنة زوجها "الفقري محرَّم علينا طبيخ الطماطم، كل يوم ملوخية ورُز (أرز)".

في القاهرة، وأمام عربة فول، طلب رجل أربعيني من بائع الفول "بـ 2 جنيه فول وبنص (بنصف) جنيه سلطة"، رد البائع "مفيش سلطة بنُص جنيه"، ليستسلم الرجل: "طيب خليهم بـ 2.5 فول". غالبا سيكتفي الرجل وأسرته بالخبز الذي بيده والفول الذي يشتريه، وسيستغني عن السلاطة لحين إشعار آخر. المزيد.. 


أسماء شوارع بورسعيد.. صراع السلطة على التاريخ 

 

أحمد الجيزي

يقولون: لكي تكون " ابن بلد بحق"، فعليك أن تكون حافظًا لأسماء الشوارع الصغيرة قبل الكبيرة بمنطقتك وشوارع وسط المدينة. فلا يصح أن يسألك غريب عن الشارع الفلاني ولا تعرفه. أما إذا سألتك عن موضع مكان ما فمن المناسب أن ترد فورًا بأنه يقع في تقاطع شارع كذا مع شارع كذا وعلى مسافة كذا من هنا. هكذا تكون حقًا ابن بلد. 

كابن لبورسعيد، كان عليّ منذ الصغر أن أضيف يوميًا اسم شارع جديد لخريطة المدينة التي تتشكل في ذاكرتي. كان التحدي الأكبر هو المنطقة التجارية بحي العرب، حيث الشوارع طويلة متوازية، تقطعها عشرات الشوارع الصغيرة في حي مكدس بالمنازل والبضائع. حفظت أسماء كالتجاري والحميدي والثلاثيني، وبضعة شوارع أخرى تتقاطع معهم. ولم ألتفت لأسباب تسميتهم. هكذا فعلت أيضا مع بقية أحياء المدينة. المزيد..


في شمال سيناء.. يأتيك الموت من حيث لا تدري 

 

مراد حجازي

بعد انقضاء إجازة نصف العام الدراسي الماضي في منتصف شهر فبراير/شباط، وصلت معلمة اللغة العربية إلى مدرستها "السكة الحديد بنات" في مدينة الشيخ زويد، دخلت فصلها بالصف السادس الابتدائي، لم تجد إحدى تلميذاتها جالسة في مقعدها كالمعتاد، فسألت زميلاتها في الفصل "فين أمل يا بنات"، فأجابت الطالبات بلهجة سيناوية:"إطَخِّت وماتت يا أبلة".

فى شمال سيناء عليك أن تتحسس روحك كل لحظة فربما تصيبك رصاصة طائشة أو تسقط على رأسك قذيفة مجهولة فتنتهي حياتك في أبشع صورة؛ كجثة هامدة او أشلاء ممزقة. المزيد.. 


"ممنوع الدخول".. الكذب وسيلة حاملات الإيدز الوحيدة نحو ولادة آمنة 

 

إيمان محمد وصفاء سرور

في مساء العاشر من فبراير/شباط 2011 كانت نور في طريقها إلى المستشفى لتضع مولودها المهدد بانتقال فيروس نقص المناعة المكتسبة (الإيدز) من والدته التي تمنّي نفسها بأن تكون ليلتها هذه هي الأخيرة في رحلة امتدت تسعة أشهر من الرفض والوصم ونصائح الأصدقاء بأن تلجأ إلى الكذب وتخفي حقيقة مرضها، وذلك من أجل أن تمنح طفلها حياة صحية، ليس أكثر. 

يداهم الخوف نور منذ أن علمت بأمر حملها، فإمكانية انتقال الفيروس إلى الطفل عند الولادة ليست قليلة "كانت مشكلة.. طيب هولد إزاي؟"، ورغم هذا استشبرت السيدة خيرًا حين وعدتها طبيبة تعلم أنها متعايشة مع الإيدز بأن تجري لها عملية ولادة قيصرية في حال وفّر لها مستشفى حميات العباسية المستلزمات اللازمة وغرفة جراحة، لكن عاد الخوف من جديد عنوانًا للمشهد قبل الأخير لحملها. المزيد.. 


نصف في المائة.. نصيب النساء في منصة القضاء 

 

خلود السيد جمعة

"سأظل أكرر العدالة البطيئة أسوأ انواع الظلم" هكذا رددت أمنية جاد الله في 20 أغسطس/ آب 2017 عند سؤالها عمّا وصلت إليه الدعوى التي تقدمت بها أمام المحكمة الإدارية العليا في 30 مارس/آذار 2014، للطعن علي قرار مجلس الدولة بالامتناع عن تسليم الخريجات ملف شغل وظيفة مندوب مساعد بالمجلس.

مشوار الحرمان من العمل بالقضاء لم يقف عند تعليق دعواها لسنوات دون أن تقترب حتى من الفصل، وإنما امتد -كما اشارت في 14 يوليو/تموز 2017- إلى حرمانها من حق التقاضي على درجتين وقصر دعواها على التقاضي لدرجة واحدة فقط، بعد تحويل دعواها إلى الإدارية العليا مباشرة دون المرور بالدرجة الأدنى، وعدم وجود جهة أعلي يمكن الطعن أمامها إذا انتهى الحكم لغير صالحها. وبالتالي لم يعد من حقها إثارة الموضوع والمطالبة بحقها الدستوري مرة أخرى، في إخلال بحقها في التقاضي والدفاع. المزيد.. 


اتفاق المدن الأربع.. سوريون يرحلون من موت إلى موت 

 

هاجر هشام

- القاهرة

في ليل الثالث عشر من أبريل/ نيسان الماضي، قضى حسان راضي (اسم مستعار) ليلته مؤرقًا في مضايا ينتظر طرقًا على باب البيت بيد أحد مقاتلي جبهة "أحرار الشام"، يعلنه بموعد الرحيل النهائي عن البيت في رحلة بلا عودة ستخوضها العائلة بعد ساعتين اثنتين للانتقال إلى "إدلب" الواقعة على بعد 360 كيلو مترًا من القرية التي عاش فيها حسان عمره. المزيد..


الثمانينيات التي غيرت كل شيء.. أو كيف صارت الأغاني ممكنة! 

 

هشام غانم

عندما ركبنا في السيارة، زملائي الأربعة الذين ولدوا في أواخر السبعينيات وأنا، أدرتُ المسجّل فإذا بصوت أحمد منيب يقطع ثرثراتنا ليعمَّ صمتٌ في السيارة ووجومٌ على الوجوه.

ورغم أن الصوت المهموم بدا قادمًا من زمن سحيق البعد، إلا أنه كان مفعمًا بأملٍ حارّ شديد الراهنيّة، أملٍ لم يؤثّر فيه قيد شعرة كونُ الشوارع التي مررنا بها قاحلة، أرصفتها عارية وواجهات محالها ضريرة. لا بل إننا كدنا، فيما منيب يغني "شد القلوع يا مراكبي"، نسمع عبر الألحان الرشيقة صوتَ الريح وصياح البحّارة وماء البحر يغسل أرواحنا اليابسة. المزيد.. 


صراع أبناء النيل لإطعام أبقار الخليج 

 

صقر النور

استعادت أزمة المياه زخمها السياسي والشعبي، بعد إعلان القاهرة رسميًا تعثر المفاوضات حول سد الألفية الإثيوبي، وبينما استخدمت الدول الثلاث، مصر والسودان وإثيوبيا، خطابًا شعبويًا يزيد الاحتقان بين شعوب البلدان الثلاثة، ما زالت أبقار الخليج تتناول العلف، الذي زرع في دول حوض النيل، لصالح شركات ألبان خليجية كبرى.

يرفع الجانب المصري، في وجه إثيوبيا، خطاب الحقوق التاريخية، والتهديد بالقوة. ويرفع كل من الجانب الإثيوبي والسوداني الوثيقة، التي وقعها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بمحض إرادته، ودون ضغط من أحد، أو خضوع لمستعمر، منكرين الوثائق التاريخية، التي عادة ما تستشهد بها مصر، والتي جرى توقيع معظمها في العهد الاستعماري. المزيد..