الانتخابات في إحدى اللجان الانتخابية في الهرم. تصوير: حازم عبدالحميد

سياسة العصا والجزرة.. الحبر الفسفوري مقابل الصرف الصحي

منشور الاثنين 26 مارس 2018

*تم تحديث هذه القصّة بتاريخ 28 مارس 2018، الساعة 2 مساءً.

عشيّة انطلاق الانتخابات الرئاسية، طلبت نادية عبده محافظ البحيرة من رؤساء المراكز والنوّاب وقيادات المحافظة نشر معلومات بين مواطني محافظتها أن القرى التي ستحقق نسب مشاركة عالية في الانتخابات ستقوم المحافظة بإنشاء مشاريع للصرف الصحي والمياه بها، في إطار سعيها لأن تكون محافظتها هي المحافظة الأعلى في نسب المشاركة في الانتخابات الرئاسية التي تجري اليوم الاثنين.

القصة جاءت على لسان عبده خلال مداخلة هاتفية لبرنامج 90 دقيقة مساء أمس الأحد، شرحت خلالها أن المشاريع التي تعد بها سيتم تنفيذها من صناديق خاصة وأرباح مشاريع المحافظة "هنكافئ الناس ديه اللي طلعت بكثرة وبكثافة، هنكافئهم بإن أي حاجة خدمية عايزنها هنعملهالهم".

 

تستغل عبده احتياج 68.06% من الأسر القاطنة في محافظتها لمشروعات الصرف الصحي للتأثير على قراراتهم بالنزول للمشاركة في الانتخابات من عدمه، في الوقت الذي تقر المادة 177 من الدستور المصري واجب الدولة نحو التوزيع العادل للمرافق، والخدمات، الموارد، وتقريب مستويات التنمية، دون تحديد لشروط، سوى التنظيم القانوني لهذا التوزيع.

تهتم الدولة المصرية بنسب مشاركة مواطنيها في الاستحقاقات الانتخابية، والتي لم تتعدّ يومًا 50% في أي من الاستحقاقات الانتخابية التي جرت بعد ثورة 25 يناير، يصف المستشار محمود الشريف نائب رئيس الهيئة العليا للانتخابات مشاركة المواطنين بأنها "روح العملية الانتخابية".

تأتي هذه التصريحات في ظل عملية اقتراع شبه محسومة لصالح الرئيس المصري الحالي عبد الفتّاح السيسي في عملية شهدت انتقادات واسعة إثر التضييق على عدد من الأسماء التي أعلنت عزمها الترشّح ضده، مثل الفريق أحمد شفيق، والفريق سامي عنان.

استغلال ما يعتبر حقًا للمواطن للضغط عليه من قبل مسؤولين في الدولة المصرية من أجل المشاركة في الانتخابات، كان أيضًا واضحًا في تصريح عادل عبدالمنعم وكيل وزارة التعليم بالفيوم، والذي قال منذ ثلاثة أيام إنه قرر منح الطلبة الذين يحملون بطاقة رقم قومي وشاركوا في الانتخابات شهادة "الإيجابية" لتقديمها ضمن مستندات التقديم للكليات العسكرية، إضافة إلى اقتراح تقدّم به إلى محافظ الفيوم بمنح عشر درجات في المواد العلمية للطلبة المشاركين في الانتخابات.

استخدام الدرجات للتأثير على من لهم حق الانتخاب من طلاب الثانوية العامة ليست فكرة أصيلة لعبد المنعم، فقد سبقته إليها النائبة البرلمانية دينا عبد العزيز، والتي تقدّمت بمشروع قانون لتحفيز الطلاب على التصويت في الانتخابات مقابل درجتين فبراير الماضي. القانون أثار جدلاً في البرلمان حول عدم دستوريته.

محافظ مرسى مطروح اختار طريقًا مختلفاً بإعلانه عن 500 رحلة عمرة للمشاركين في انتخابات الرئاسة، يتم اختيار الفائزين بها من خلال قرعة علنية، وهي جائزة مقدّمة من مجموعة رجال أعمال وصفهم "بالوطنيين" من أجل حث المواطنين على النزول للمشاركة في الانتخابات.

إضافة إلى مفاوضة المواطنين على حقوق لهم لادخل للعملية الانتخابية بها، لم تخلُ دعوات النزول للمشاركة في الانتخابات الرئاسية الحالية من تصريحات متكررة مع كل استحقاق انتخابي، كتلويح اللجنة العليا للانتخابات بتوقيع غرامة على الممتنعين عن المشاركة قدرها 500 جنيه استنادًا للقانون، وهي الغرامة التي لم يحدث أن طبقّت رغم الإعلان عنها بالتزامن مع كل استحقاق انتخابي.

التهديد بالغرامة لم يأتِ وحده، فقد أدى رجال الدين دورهم استخدام سلطتهم الروحية لحشد المواطنين على المشاركة، كتصريح البابا تواضروس من أمام لجنته الانتخابية بأن التأخير عن دعم الوطن في هذه المرحلة الحسّاسة "خطيئة"، يتوافق مضمون هذا التصريح مع ما قاله خالد عمران، أمين لجنة الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن عدم المشاركة يعتبر بمثابة خيانة للأمانة.

تكررت أيضًا التصريحات التي تربط  بين الانتماء للوطن والنزول للانتخابات، كاعتبار المتحدّث باسم البرلمان، صلاح حسب الله أن النزول أقل درجة من درجات الجهاد الوطني، وتصريحات محافظ الغربية مطلع هذا الشهر، أن المشاركة في الانتخابات "واجب وطني من أجل استكمال مسيرة التنمية".

*تحديث

محافظ القليوبية سار على نهج محافِظة البحيرة، لكن بطريقته الخاصة، بإعلانه عن جائزة، رحلتي عمرة لكل حي ومدينة تتجاوز نسبة مشاركتهم 40% من أحياء ومدن المحافظة، كما أعلن عن 100 ألف جنيه لكل إيبارشية تتجاوز نسبة المشاركة فيها 40% من الإيبرشيات الثلاث بالمحافظة، أما محافظة الوادي الجديد، فنظّمت إحدى الجمعيات الخيرية داخل إحدى اللجان بالمحافظة قرعة علنية بحضور اللواء محمد الزملوط، المحافظ، لاختيار 25 فائزًا برحلاة عمرة من الناخبين.