آندي برانر وساشا توبريش بعد وجبة فطير في محافظة المنوفية

عازف بيانو وسمسار: كيف باع وفد "كونجرس المنوفية" الوهم للصحافة المصرية

منشور الخميس 29 مارس 2018

احتفت الصحف والمواقع الإخبارية المصرية بـ "اثنين من الأجانب" حضرا لمتابعة سير العملية الانتخابية في لجان تابعة لمحافظة المنوفية. تنوع الوصف مرة باعتبارهما "موفدين من الكونجرس الأمريكي" حسبما ورد في المصري اليوم وبوابة أخبار اليوم. ومرة ثانية باعتبارهما "وفد المراقبة الأمريكي" حسب موقع اليوم السابع.

تحققت المنصة من شخصية المراقبَين المزعومَين وكشفت أن أحدهما كان عازف بيانو محترف قبل الدخول إلى عالم السياسة من باب معهد الدراسات الدولية بجامعة جون هوبكنز الأمريكية، بينما يعمل الثاني "متحدثًا بأجر" ومؤلف كتب تنمية بشرية كما أنه يعمل سمسارًا للعقارات قبل أن ينضم مؤخرًا ليصبح "زميلًا مؤقتا" في مكتب أحد أعضاء الكونجرس الأمريكي. كما كشف البحث أن الكونجرس الأمريكي لم يُوفد "بعثات رسمية لمراقبة الانتخابات" إلا في الفلبين عام 1985، وذلك بحسب موقعه الرسمي.

تقرير الصفحة الأخيرة من

ساشا توبريش: دكتور في البيانو ويُحب "السيسي" أيضًا  

وُلد ساشا في مدينة سراييفو عام 1972، قبل أن ينتقل إلى القدس في بداية التسعينيات مع اندلاع حرب البوسنة. ليكمل تعليمه في الموسيقى ويحصل على درجة الماجستير في عزف البيانو من أكاديمية روبين للموسيقى والرقص في القدس المحتلة، ثم الحصول على درجة الدكتوراة في الموسيقى من كرواتيا في بداية الألفية الثانية.

الوصف الوظيفي لـ توبريش يختلف عن تعريفه الحقيقي لنفسه. فبينما تقول صحيفتي الأخبار واليوم السابع أن الوفد الأمريكي لمراقبة الانتخابات"يتكون من الدكتور ساشا توبريش المدير التنفيذي لمركز "SAIS" التابع لجامعة جون هوبكنز الأمريكية"؛ يقول الرجل في موقعه الشخصي أنه المدير التنفيذي لما يُعرف بـ "مبادرة حوض البحر المتوسط ​​والشرق الأوسط والخليج". الموقع الإلكتروني لهذه المبادرة هو عبارة عن  نطاق فرعي لموقع رئيسي يحمل اسم "المؤسسة البوسنية -الأمريكية". كافة النطاقات الفرعية تحيلنا إلى صفحات ومؤسسات ومنظمات تحتفي بجولات توبريش حول العالم.

 

 

 

مصر تتحرك للأمام بحسب الدكتور توبريش الذي سينتخب السيسي لو كان مصريًا حسب اليوم السابع- أكتوبر 2017

 

توبريش زار القاهرة مرات عديدة خلال الأربعة سنوات الماضية، وفي إحدى هذه الزيارات أجرى حوارًا مع صحيفة اليوم السابع في أكتوبر 2017، قال فيه أن "مصر تتحرك إلى الأمام.. ولو كنت مصريًا لانتخبت السيسي مرة ثانية".  مرورًا باستشهاد الإعلامييَن عمرو أديب وأسامة كمال بمقالاته التي ينشرها في موقع هافنجتون بوست الأمريكي، بخلاف استضافته مع "كمال" في برنامج "مساء DMC" للتعليق على كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي في الدورة الـ 72 للأمم المتحدة. باعتباره "محللًا سياسيًا أمريكيًا".

 

وبمناسبة نفس الكلمة التي ألقاها السيسي؛ كتب توبريش مقالًا لصحيفة "The Hill" قال فيه "من وجهة نظري، فإن الخطاب يعيد التأكيد على قيادة السيسي على الساحة العالمية، وكان مؤشراً على عودة مصر إلى الدور الإقليمي والدولي بعد فترة من الغضب وعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي".

مع "السيسي" و"تميم" في نفس الوقت

يعتبر توبريش ضيفًا مفضلًا في المؤتمرات التابعة لحكومات الشرق الأوسط، فهو متحدث جيد في الاقتصاد الجزائري، ومحلل عسكري تستضيفه الفصائل الكردية للتعليق على إعلان إقليم كردستان- العراق الإنفصال عن الحكومة المركزية في بغداد، وداعم لحكومة رئيس الوزراء الحبيب الصيد في تونس عام 2015 التي قال عنها إنها "تناضل بهدف رفع معدلات النمو والإنتاجية في ضوء التهديدات الأمنية والتوترات الاجتماعية".

بجانب ذلك؛ جمع توبريش بين النقيضين. ففي الوقت الذي حل فيه ضيفًا على صحيفة مصرية مؤيدًا للرئيس عبد الفتاح السيسي؛ ظهر أيضًا كداعم قوي لنظام الحكم في قطر إبان الأزمة الخليجية. وعقب زيارة إلتقى فيها كبار المسؤولين القطريين في الدوحة؛ وصفها في أحد مقالاته بأنها "تلعب دورًا مهمًا في إحلال السلام"، وأنه "قد ينظر البعض إلى القوة المالية والسياسية لقطر كتهديد للمنطقة، لكن التأثير الذي تمارسه على جماعة الإخوان المسلمين بالإضافة إلى السلطة السياسية التي طورتها من خلال دبلوماسيتها النشطة؛ تعطيان الدوحة وضعاً فريداً يُمّكنّها من لعب دور مهم في إحلال السلام والاستقرار بالمنطقة".  

 

آندرو (آندي) برانر: سمسار ومؤلف تنمية بشرية وزميل مؤقت في مكتب عضو بالكونجرس 

 

صفحة آندرو (آندي) برانر على موقع

"ويضم الوفد أيضًا، أندي برانر مراقب من الكونجرس الأمريكي للانتخابات الرئاسية" هكذا عرفت كافة الصحف المصرية آندي باعتباره مراقبًا من الكونجرس الأمريكي. ونشرت له صورة يرتدي فيها بطاقة تعريف صادرة عن الهيئة العليا للانتخابات تحمل شعار "VIP" باعتباره متابعًا لسير العملية الانتخابية، ولكن البحث في المصادر المفتوحة يقودنا إلى نتيجة مغايرة تمامًا. إذ يظهر آندرو (آندي) برانر على موقع "أوت ريتش" لاستقدام أشخاص للحديث في المؤتمرات بمقابل مادي محدد باعتباره مؤسسًا لمنظمة تدعى "Kivu" تهتم بالشباب حول العالم، إلى جانب مساعدته الأباء في تعلم كيفية التواصل مع أبنائهم في فترة المراهقة. يُصنف الموقع برانر في مجموعة من الموضوعات يجيد الحديث فيها مثل مؤتمرات الشباب، والحديث عن المراهقين، مرورًا بالحب والمواعيد العاطفية. بالإضافة إلى تقديمه كمؤلف لكتاب بعنوان "لا خوف من الحب". 

الصفحة الشخصية لأندي برانر على موقع
موقع آخر يقدم خدمة أرشيفية للبحث عن الأسماء والوظائف وأرقام الهواتف يُظهر أن اسمه الثلاثي "Andrew Russell Braner" ويعمل سمسارًا للعقارات في شركة أمريكية للعقارات تدعى "كيلر ويليامز".  ولكن في نوفمبر من العام الماضي أضاف برانر إلى صفحته على موقع "لينكد إن" للتوظيف إنه زميل في الكونجرس الأمريكي، وزميل في مركز العلاقات عبر المحيط الأطلنطي.

 

نتيجة البحث عن آندرو (آندي) في موقع pipl وهو من أكبر محركات البحث عن الأشخاص وأرقام الهواتف

مراقبة انتخابية أم تسويق؟

قبل موعد الانتخابات الرئاسية ظهر آندي برانر في مؤتمر عقدته الغرفة التجارية الأمريكية في 13 مارس الجاري في واشنطن بعنوان "القطاع الخاص المصري في بيئة إقليمية مليئة بالتحدي"  باعتباره مديرًا للجلسة.  الوفد الذي ضم 40 من ممثلي القطاع الخاص ووسائل الإعلام  المصرية ضمن وفد طرق اﻷبواب الأمريكية.

 

 

الدفاع عن صورة مصر في الغرب دفع الثنائي برانر وتوبريش لكتابة مقال في فبراير الماضي بعنوان "الانتخابات المصرية 2018" في موقع "US Military" انتقدا فيه الصحفيين الأجانب الذين ينشرون قصصًا عن الأوضاع في مصر دون أدلة واضحة. ويختم برانر وصديقه  مقالهما بمناشدة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إضافة هذا المقال ضمن قائمة "الأخبار الحقيقية".

https://twitter.com/braner/status/966339891058503680?ref_src=twsrc%5Etfw

جولة سريعة على حسابات التواصل الاجتماعي فيسبوك وتويتر، توضح أن توبريش وبرانر يقومان بدعاية قوية للنظام المصري في الوقت الذي قال فيه آندي برانر في تدوينة قصيرة أنه "مراقب مستقل علي الانتخابات المصرية". مدونات السلوك التي تتبعها عدد من المؤسسات الدولية المعنية بمتابعة ومراقبة العمليات الانتخابية، تحظر على المراقبين الانحياز لأحد أطراف العملية الانتخابية، وهي القواعد الغائبة عن أداء وفد "الكونجرس المزيف" في مصر.