ريجينا مصطفى

أول مرشحة مسلمة لمنصب عمدة في أمريكا: المجموعات العرقية المختلفة عانت لتندمج في المجتمع

منشور الخميس 28 يونيو 2018

 

"أن تكوني امرأة مسلمة في المجتمع الأمريكي فهو أمر صعب، وأن تكوني امرأة مسلمة ترتدي الحجاب وتخوض معركة سياسية فهو تحدٍّ كبير"، هكذا تقول ريجينا مصطفى أول سيدة مسلمة تترشح لمنصب عمدة مدينة روشستر بولاية مينيسوتا الأمريكية خلال الانتخابات التي ستجري مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل لـ المنصة.

لا تبالغ ريجينا عندما تتحدث عن المصاعب التي تواجه المرأة المسلمة التي تقتحم الحياة العامة في الولايات المتحدة، فبمجرد إعلانها ترشحها على منصب العمدة تلقت عدة رسائل تحمل تهديدات عنصرية بالقتل عبر وسائل التواصل الإجتماعي وحسابها على جوجل بلس، وتجرى الشرطة تحقيقاتها للكشف عن هوية مُرسلي التهديدات. 

ريجينا مصطفى امرأة ثلاثينية، تعمل منسقة مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (CAIR) بولاية مينيسوتا، كما أسست منظمة "الحوار المجتمعى للأديان حول الإسلام" (CIDI) وهي منظمة غير هادفة للربح، كما تعمل على رسالة الماجستير في الخدمات الانسانية بجامعة ولاية وينونا بروشستر .

ورغم أن المسلمين في روشستر يشكلون أقلية إذ يبلغ عددهم 12 ألفًا من إجمالي 140 ألف نسمة تعيش في المدينة، لا تعتبر ريجينا مصطفى ترشحها لمنصب عمدة المدينة مغامرة، بل تعتبرها "خطوة منطقية تمامًا بعد انخراطي في المجال العام منذ خمس سنوات، سواء على مستوى المشاركة السياسية حيث ترشحت قبل سنتين في انتخابات الكونجرس، بالإضافة إلى نشاطي في مجال تحسين العلاقات بين الأقلية المسلمة وجيرانهم من خلال منظمتي، CIDI".

وتتابع "حققت شعبية كبيرة خلال هذه الفترة الماضية وأصبحت معروفة بأنني من قادة الرأي العام بمدينة روشتستر ، وكان من الطبيعي الترشح على منصب العمدة، خاصة أن العمدة الحالي قضى 15 سنة في المنصب ولن يترشح ثانية".

ولا تعتمد ريجينا فقط على دعم الأقلية المسلمة في المدينة ولكنها تقول إنها تحظى "بدعم كبير من المجتمع المسيحي، حتى اليهود والهنود، فمعظم الأقليات تؤيدني خاصة أبناء أمريكا اللاتينية والمكسيك، وأغلبية الأقلية المسلمة في روشستر من أصل صومالي أفريقي. أنا متفائلة جدًا بتشجيعهم لحملتي الانتخابية، أستطيع القول إن لدي نطاق واسع من الداعمين لحملتي الانتخابية". 

ابحث عن الاقتصاد

يستند برنامج ريجينا على "تحسين الأجور لضمان أجور متكافئة، وتوسيع شبكة المواصلات العامة لاستيعاب أعداد الوافدين المتوقع زيادتها من كل الولايات الأمريكية للعلاج بمدينة روشستر التي توجد بها أكبر منظمة صحية، ولكن رغم توقعي برفض أصحاب التوجهات المحافظة لبرنامجي، الإ إننى أتوقع تفُهم أهل روشستر للقضايا التي يتبناها برنامجي من تحسين وتطوير". 

ولكن كون ريجينا مسلمة، فإن ترشحها يثير بعض المخاوف مثل "إصدار قانون لتطبيق الشريعة الإسلامية على السكان في روشستر"، ولكنها تضحك وهي تصف هذه المخاوف بأنها "تفكير طفولي وأحمق يعكس عدم معرفة أو تفاعل مع المسلمين، يروج له الإعلام المحافظ الذي يعارض الأقليات المسلمة. هذا خوف غير مبني على أي أساس". 

هذه المخاوف لم تقف عند حد الحملات الإعلامية والدعوة لعدم انتخابها، ولكنها تطورات إلى تهديدات بالقتل لم تتجاهلها ريجينا، بل وتوضح أن الأمر تكرر في الماضي "هذه ليست المرة الأولى التي أتلقى فيها تهديدًا بالقتل، بل حدث أثناء ترشحي لعضوية الكونجرس، وألقي القبض على صاحب التهديد". 

وتضيف أن التهديدات هذه المرة تتبناها مجموعة اسمها "حركة ميليشيا المسيحية، أعتقد أنها تضم شبابًا صغار السن، يتبنون أفكارًا مثل أن المسلمين ليس لهم مكان في أمريكا ولا يجب أن يشاركوا في الحياة السياسية، ولكنني أبلغت السلطات لحمايتي، وأعتقد أن هذه التهديدات لن تتوقف حتى إجراء الانتخابات في نوفمبر". 

ومع تلقيها تهديدات بالقتل بسبب ديانتها تشعر أن ريجينا "بالشكر والعرفان للشرطة المحلية وأيضًا لمكتب التحقيقات الفيدرالي FBI"، رغم أنها تمنّت "لو كانوا تعاملوا مع الموقف بجدية أكبر مما حدث لتحديد هوية هؤلاء وأماكنهم والقبض عليهم". 

في مواجهة الرهاب من الإسلام

آثار التهديدات التي تتلقاها ريجينا مصطفى لا تتوقف عندها فقط، فهي ليست سياسية تشارك في الحياة العامة فقط، ولكنها أيضًا زوجة وأم لطفل في الثامنة وأخرى في الخامسة، وهذه التهديدات تنسحب على عائلتها كذلك.

وتشيد ريجينا بموقف زوجها "رغم قلقه على حياتي إلا أنه يدعمني بقوة، ويرى أن خطواتي صحيحة، وأنني لا يجب أن أدع هذه التهديدات تعرقلني عن استكمال الانتخابات، خاصة وأنها تأتي من أقلية لا تعبر عن سكان روشستر، كثير منهم يدعمون ترشحي". ​

لا تعتقد ريجينا أن تولي دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة سبب عداءً بين المسلمين وغير المسلمين في البلاد، فهي ترى أن هذا "العداء بدأ مع أحداث 11 سبتمبر، ترامب ليس له علاقة مباشرة بما يتعرض المسلمين حاليًا". 

غير أنها تستدرك أن "خطابه (ترامب) الذي يدعو للكراهية جرّأ مجموعات كبيرة من المعادين للمسلمين وشجعهم على ارتكاب أفعال عدوانية تصل مرحلة العنف والإرهاب ضد المسلمين". 

ورغم ما تعتبره ريجينا تصاعدًا لخطاب الكراهية ضد المسلمين ولكن ذلك لم يُفقدها إيمانها بأن الولايات المتحدة تحمل فرصًا جيدة للناس "رغم التحديات التي تواجهها من تصادم للآراء والمعتقدات". 

وترى أن الولايات المتحدة "ما زال بلدًا يحمل فرصًا جيدة للناس بأن يعيشوا ويمارسوا حرية المعتقد الديني والسياسي واحتواء كل التوجهات السياسية الخاصة بهم، ولكن التحديات التي يواجهها المسلمون الأمريكيون الآن لا تقارن بالتحديات التي واجهها الأمريكيون ذوي الأصور الأفريقية أو السكان الأصليين" للقارة الأمريكية.

وتضيف "أمريكا بلد لديه تاريخ يشكك في أي مجموعة مجهولة أو غير معروفة"، مستدلة على ذلك بما حدث للأوروبيين الشرقيين الذين توافدوا على القارة الأمريكية في القرن التاسع عشر وكيف أنهم "واجهوا معاناة بالمقارنة بالأوروبيين الغربيين الذين كانوا متواجدين في أمريكا لفترة أطول، وكذلك مع توافد الأمريكيين ذوي الأصول اليابانية خلال الحرب العالمية الثانية". 

وتابعت "والآن، أي القرن الحادي والعشرين، يشهد أعدادًا متزايدة من الوافدين المسلمين على أمريكا ولكنهم لا يواجهون نفس المعاناة التي تعرضت لها مجموعات كبيرة من الوافدين على مَر التاريخ الأمريكي". 

وتضيف بنبرة تحمل بعض التفاؤل "بنظرة أكثر شمولًا، ورغم كل التحديات التي يواجهها المسلمون في الولايات المتحدة، فإنهم متعايشون ويثبتون دائمًا أنهم مواطنون صالحون، وأنا أرى أن ما أحاول فعله هو أن يظهر المسلمون الأمريكيون قادرين على الدفاع عن حقوقهم، فخورين بأنفسهم، خاصة أنني أرى أن أغلب المواطنين الأمريكيين طيبين ويريدون كل الخير لكل جيرانهم أيًا كانت معتقداتهم الدينية أو السياسية".