حسام بهجت.. الباحث عن الحقوق والمتاعب (بروفايل)

منشور الثلاثاء 19 أبريل 2016

قبل شهرين تقريبًا من انتخاب الرئيس عبدالفتاح السيسي ليحتل رسميًا منصب رئيس الجمهورية، وبينما كان عدد غير قليل ممن شاركوا في ثورة الخامس والعشرين من يناير يبحثون عن فرص للسفر، بعد يقين كثير منهم بفشل الثورة وضياع فرصة تحقق مطالبها؛ كان حسام بهجت قد حزم أمره وحقائبه، متخليًا عن منحة للدراسة في كلية كولومبيا للصحافة، وهي واحدة من أرفع المدارس الأكاديمية الصحفية في الولايات المتحدة، بعد قضائه بضعة أشهر من الدراسة بالفعل. وعاد إلى مصر، رغم ما يتردد عن نية حكومة الرئيس الجديد محاكمة المسؤولين عن منظمات المجتمع المدني وعلى رأسهم بهجت نفسه، مؤسس المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، باتهامات تصل عقوبتها إلى السجن 25 عامًا.

غدًا يمثُل حسام بهجت، والمحامي جمال عيد مؤسس الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان أمام محكمة جنايات القاهرة، لسماع الحكم في الطلب المقدم من قاضي التحقيقات في القضية رقم  173 لسنة 2011، المعروفة إعلاميًا بقضية التمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني، بالتحفظ على أموال حسام، والمحامي جمال عيد، وزوجة الأخير وابنته.

قبل تأسيسه للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، عمل حسام بهجت مبكرًا في المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، أولى المنظمات الحقوقية المصرية. وترك العمل بها بعد قضية "كوين بوت" عام 2001، التي احتجز خلالها 51 شخصًا وقدموا للمحاكمة بتهمة "ممارسة الفجور". انتقد بهجت وقتها تجاهُل المنظمات الحقوقية المصرية للقضية، رغم أنها تتصل بالحقوق الشخصية المنصوص عليها في العهد الدولي لحقوق الإنسان. وكانت هذه القضية دافعًا له لتأسيس منظمة مختلفة، تهتم بأبعاد حقوقية لا تلتفت لها المنظات الحقوقية الأخرى كحرية المعتقد، وهو ما كان مدخلاً لمهاجمته، ومهاجمة المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، بدعوى كونهما يدعوان لمخالفة القيم المصرية والشرائع الدينية، وارتفعت وتيرة الهجوم بعد تصدي المبادرة للدفاع عن حقوق البهائيين المصريين.

خلال سنوات عملها الأربعة عشر، مثلت المؤسسة الحقوقية التي أسسها حسام بهجت مركزًا هامًا لرصد الانتهاكات والتجاوزات التي تطال المواطنين على يد أجهزة الدولة. وتميزت عن سواها من المنظمات الحقوقية العاملة وقت نشأتها، بكونها تبنت المفهوم الشامل لحقوق الإنسان كما نص عليه العهد الدولي الذي وقعته مصر، وتكشف تقارير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية وسواها من المنظمات الحقوقية المحلية والدولية عن انتهاكه، فيما يتعلق بالحق في المعتقد والحق في الخصوصية، والحق في التنقل والسفر، والحق في الصحة والتعليم والسكن وحرية الجسد وغيرها من الحقوق التي تعهدت مصر دوليًا بالالتزام بها، دون أن تكفلها قانونًا كالحق في الاعتقاد المقصور على أصحاب الديانات السماوية دون غيرها، بموجب الدستور الأخير.

 وبعد ابتعاده عن إدارة المبادرة عام 2013، واكتفائه بمنصب استشاري كعضو في مجلس أمنائها تفرغ حسام بهجت للعمل الصحفي في الزميلة مدى مصر، لينتج سلسلة من التحقيقات الصحفية المهمة، التي تناولت قضايا تتعلق بنهب المال العام على يد الرئيس الأسبق حسني مبارك وأبنائه ودائرته القريبة، ومسؤولية المجلس العسكري الذي حكم البلاد عقب ثورة يناير عن عودة المتشددين إلى مصر، وخلفيات المتهمين الذين جرى إعدامهم في القضية المعروفة إعلاميًا بخلية عرب شركس. والكشف عن حقيقة الضباط الذين جرت محاكمتهم بتهمة محاولة الإنقلاب العسكري ضد الرئيس عبد الفتاح السيسي، وهي القضية التي تسببت في استدعائه واحتجازه في مقر المخابرات العسكرية عدة أيام، قبل أن يدفع الضغط الدولي السلطات للإفراج عنه.  

في فبراير الماضي وقبل نشر تحقيقه الأحدث بعنوان "هكذا انتخب السيسي برلمانه"، والذي كشف فيه عن الدور الذي لعبته الأجهزة الأمنية المختلفة في تشكيل البرلمان الحالي، منعته السلطات الأمنية في مطار القاهرة من المغادرة، لحضور مؤتمر تعقده الأمم المتحدة حول العدالة في الشرق الأوسط. وأبلغته بوجود قرار قضائي بمنعه من السفر، دون معلومات إضافية حول الأسباب أو القضايا الجاري منعه من السفر على خلفيتها.

حسام بهجت عضو بعدد من المؤسسات الحقوقية المحلية والدولية، ويحتل بها مناصب استشارية باعتباره من أبرز المدافعين عن حقوق الإنسان في الشرق الأوسط، ومنها عضوية مجلس أمناء الشبكة الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وعضو مجلس مديري الصندوق حقوق الإنسانية العالمية، وعضو مجلس المستشارين للمكتب العربي لمؤسسة المجتمع المفتوح. وحاز بهجت عام 2010 على جائزة أليسون جي فورجيه للمدافعين البارزين عن حقوق الإنسان.

إقرأ أيضًا: محامي "حسام بهجت": موكلي حر في التصرف في ممتلكاته