الرئيس السيسي ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون- الصورة: الصفحة الرسمية للمتحدث باسم رئاسة الجمهورية

نص كلمة السيسي خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع الرئيس الفرنسي 7/12/2020

منشور الاثنين 7 ديسمبر 2020

 

شكرا فخامة الرئيس، واسمح لي في البداية إن أنا أتوجه لك، وأتوجه للشعب الفرنسي بالتحية، والتقدير، والاحترام، والتهنئة بأعياد الميلاد، وإن شاء الله تبقى سنة، علينا كلنا، سنة سعيدة وطيبة.

بسم الله الرحمن الرحيم،

فخامة الرئيس والصديق العزيز إيمانويل ماكرون،

أتوجه إليكم بخالص الشكر على دعوتكم الكريمة لإتمام زيارة الدولة إلى بلدكم الصديق، كما أعرب عن تقديري لكرم الضيافة، والحفاوة التي لاقيناها منذ وصولنا إلى باريس، وهو ما يؤكد على ما يجمع بين بلدينا من علاقات ذات طبيعة استراتيجية، وصداقة ممتدة على الأصعدة كافة، وتوافر إرادة سياسية قوية للارتقاء بها إلى آفاق أرحب، حيث شهدت أوجه التعاون الثنائي خلال السنوات الماضية خطوات نوعية في جميع المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية، كما يجري التشاور والتنسيق بيننا بصورة منتظمة ودورية إزاء مختلف القضايا محل الاهتمام المتبادل إقليميا ودوليا.

ولقد اتسمت محادثات اليوم مع صديقي الرئيس ماكرون بالصراحة والشفافية، وعكست مدى تقارب وجهات النظر بيننا حول الكثير من الملفات، من الملفات والقضايا الثنائية والإقليمية، حيث استعرضنا بصورة تفصيلية كافة أواصر التعاون، خاصة الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، وكيفية تطويرها لترتقي إلى مستوى العلاقات السياسية المتميزة بين بلدينا، التي شهدت كذلك قوة دفع واضحة في السنوات الأخيرة.

وفي هذا الإطار، اتفقنا على أهمية العمل المشترك نحو زيادة قيمة الاستثمارات الفرنسية في مصر، والاستفادة من الفرص الكبيرة التي توفرها المشروعات القومية العملاقة في مصر حاليا، وأكدنا على ضرورة الدفع قدما لزيادة التبادل التجاري بين بلدينا، وتحقيق التوازن به عبر إتاحة الفرصة لمزيد من نفاذ الصادرات المصرية إلى السوق الفرنسي.

 بالإضافة إلى تعزيز التعاون في القطاعات الاقتصادية ذات الأولوية، خاصة في مجال التعليم ما قبل الجامعي، والتعليم العالي، والاتصالات، وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، والأمن السيبراني، والتحول الرقمي والنقل والصحة والبنية الأساسية.

 كما استعرضنا أوجه التعاون العسكري، وسبل تعزيز العلاقات الثقافية والعلمية، بما يعكس، يعكس الميراث الثقافي والحضاري الكبير لبلدينا.

ولقد ناقشنا أيضا، فخامة الرئيس، أهمية زيادة تدفقات السياحة الفرنسية إلى المقاصد السياحية في الغردقة وشرم الشيخ والأقصر وأسوان، وذلك في ضوء التدابير الاحترازية المشددة، التي تطبقها مصر في تلك المقاصد، والتي جعلت معدلات الإصابة بفيروس كورونا بها تكاد تكون منعدمة.

واسمح لي فخامة الرئيس أخرج عن السياق وأقول، في مصر، نحن نتعامل مع هذا الموضوع، والمعدلات سواء كانت في الموجة الأولى أو في الموجة التانية، هي معدلات معقولة جدًا قياسا بالحالة اللي موجودة في العالم كله، وفي المقاصد السياحية أنا بطمن كل أصدقائنا الفرنسيين، وكل اللي بيسمعونا، إن حتى في المقادص (المقاصد) السياحية زي شرم الشيخ والغردقة، بتعتبر منعدمة، مافيش، ماعندناش مشكلة في كورونا سيادة الرئيس.

تكاد تكون منعدمة، كما أعربت لفخامة الرئيس عن الإشادة بقرار استئناف الرحلات السياحية بين البلدين اعتبارا من 4 أكتوبر الماضي. وفي هذا السياق، تبادلنا الرؤى حول التداعيات الصحية والاجتماعية والاقتصادية لانتشار فيروس كورونا المستجد، واستعرضت من جانبي الجهود الدؤوبة للتعامل مع هذه، هذه الأزمة، والتي نجحت مصر باقتدار في تحقيق التوازن الدقيق بين تطبيق الإجراءات الاحترازية لاحتواء انتشار الفيروس من جانب، واستمرار النشاط الاقتصادي وتفعيل نظام الحماية الاجتماعية لمعالجة الآثار السلبية لهذه الجائحة من جانب آخر، مما جعل مصر واحدة من الدول المعدودة التي استطاعت تحقيق معدلات نمو اقتصادي إيجابية في العالم.

على جانب آخر، فلقد كانت المحادثات فرصة مهمة لتأكيد ضرورة العمل المشترك لتشجيع قيم التسامح والاعتدال والتعايش المشترك بين الأديان والحضارات والشعوب، ومحاربة ظواهر التطرف والإرهاب، وكراهية الآخر والعنصرية، بما يساهم في تعزيز الحوار بين أصحاب الأديان والثقافات المختلفة.

 كما أكدت على ضرورة عدم ربط الإرهاب بأي دين، وعدم الإساءة للرموز والمعتقدات المقدسة، وأهمية التمييز الكامل بين الإسلام كديانة سماوية عظيمة، وبين ممارسات بعض العناصر المتطرفة... وأنا يا فخامة الرئيس كنت سبق وقلت قبل كده، في حديث، قلت إن عدد المسلمين يتجاوز المليار في العالم، لو واحد في المية منهم فقط، واحد في الألف حتى، هو المتطرف، فإحنا هانواجه عشرات الألوف أو مئات الألوف من المتطرفين، وده مش موجود. فمهم قوي إن إحنا نبقى، يعني، نتعامل بهدوء، وبتوازن، مع مشكلة زي مشكلة الإرهاب ديت، رغم إن إحنا أكتر من تأثر بها.

مصر دفعت ثمنا باهظا لممارسات الإرهاب والتطرف، واستشهد من المصريين، مش بس من القوات الأمنية، لا، من كل طوائف الشعب، من كل حتى أشقائنا المسيحيين دفعوا تمن في مواجهة هذا التطرف اللي بنعاني منه، واللي بقول إن مصر عانت منه أكتر من أي دولة في المنطقة على الأقل.

وبين ممارسات بعض العناصر المتطرفة التي تنتسب اسما للإسلام، وتسعى لاستغلاله لتبرير جرائمها الإرهابية. وفي هذا السياق، تناولنا أيضا جهودنا الجارية لصياغة آلية جماعية دولية للتصدي لخطاب الكراهية والتطرف، بمشاركة المؤسسات الدينية من جميع الأطراف، بهدف نشر قيم السلام الإنساني، وترسيخ أسس التسامح، وفكر التعايش السلمي بين الشعوب جميعا.

لقد شملت محادثاتنا حوارًا معمقا حول موضوعات حقوق الإنسان والعنصرية والإسلاموفوبيا، وذلك في ضوء ما تشهده القارة الأوروبية، ومنطقة الشرق الأوسط من تحديات متصاعدة، واضطرابات ونزاعات مسلحة، بما يضع على عاتقنا مسؤولية كبيرة للموازنة بين حفظ الأمن والسلام، والاستقرار الداخلي من جهة، وبين الحفاظ على قيم حقوق الإنسان بمفهومها الشامل من جهة ثانية.

 واستعرضت في هذا الصدد الجهود المصرية الرامية لمزيد من تعزيز حقوق الإنسان لكافة المواطنين، دون تمييز عبر ترسيخ مفهوم المواطنة، وتجديد الخطاب الديني، وتطبيق حكم القانون على الجميع دون استثناء، بالإضافة إلى تحديث البنية التشريعية، خاصة إقرار اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم ممارسة العمل الأهلي لتسهيل عمل منظمات المجتمع المدني، وتعزيز قدراتها التنظيمية والمالية، فضلا عن إطلاق أول استراتيجية وطنية شاملة لحقوق الإنسان، التي يجري إعدادها بمشاركة أطياف المجتمع المدني.

من ناحية أخرى، حظيت الأوضاع الإقليمية في شرق المتوسط والشرق الأوسط، ومنطقة الساحل الإفريقي، بأولوية كبيرة خلال مناقشاتنا المطولة، في ضوء ما تمثله من تحديات جمة، ومخاطر متصاعدة على الأمن القومي لبلدينا، ومصالحنا المتبادلة، واتفقنا على أهمية تصدي المجتمع الدولي للسياسات العدوانية والاستفزازية التي تنتجج.. تنتهيجيا (تنتهجها) قوى إقليمية لا تحترم مبادئ القانون الدولي وحسن الجوار، وتُدّعم المنظمات الإرهابية، وتعمل على تأجيج الصراعات في المنطقة.

وفي سياق متصل، أكدنا ضرورة استمرار المساعي النشطة لتسوية النزاعات الإقليمية بصورة سلمية، استنادا، استنادا إلى قرارات الشرعية الدولية، وتوافقنا على أهمية تهيئ المناخ الملائم لاستئناف عملية السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، بما يتفق مع المرجعيات المتفق عليها ومبدأ حل الدولتين، ويؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية على حدود  أينو (يونيو) 67 وعاصمتها القدس.

وشددنا على أن الحل السياسي الشامل في ليبيا، الذي يعالج كافة جوانب الأزمة، هو السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار لهذا البلد الشقيق والحفاظ على وحدته الإقليمية، وأكدنا على ضرورة تفكيك الميليشيات المسلحة وخروج كافة القوى الأجنبية من ليبيا، تنفيذا لما تم الاتفاق عليه خلال اجتماعات اللجنة العسكرية 5+5.

 كما تم تناول آخر تطورات مفاوضات سد النهضة، والمساعي المصرية للتوصل إلى اتفاق قانوني ملزم ومتوازن، للملء والتشغيل، يراعي مصالح مصر والسودان وإثيوبيا.

فخامة الرئيس إيمانويل ماكرون، 

ختاما، فإنني أعرب مجددا عن امتناني لدعوتكم الكريمة، وتقديري لمناقشاتنا البناءة، التي أكدت حرصنا المتبادل على مزيد من تطوير التعاون المثمر بين بلدينا، تحقيقا لمصالحنا المتبادلة، وأتطلع فخامة الرئيس إلى استقبالكم في مصر، في القاهرة، خلال العام القادم، كضيف كريم على مصر، عشان، يعني، نحاول نرد شكل قيَّم من الكرم وحسن الاستقبال الذي حظينا به في ضيافتكم فخامة الرئيس... شكرا فخامة الرئيس، شكرا جزيلا.


ألقيت الكلمة في قصر الإليزيه، بباريس، بحضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.


خدمة الخطابات الكاملة للسيسي تجدونها في هذا الرابط