الرئيس السيسي في مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة. الصورة: المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي- فيسبوك 

نص كلمة السيسي في مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة 28/8/2021

منشور السبت 28 أغسطس 2021

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم،

دولة رئيس الوزراء، السيد مصطفى الكاظمي، رئيس وزراء جمهورية العراق الشقيق،

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو،

ملوك ورؤساء وأمراء الدول الشقيقة والصديقة،

يشرفني أن أعرب عن خالص الشكر والتقدير لدولة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي لمبادرته بالدعوة لعقد هذا المؤتمر المهم. وإنه لمن دواعي سروري أن أتواجد اليوم مجددًا في العراق، بلاد الرافدين، إحدى قلاع العروبة، ومراكز الحضارة في العالمين العربي والإسلامي. الأمر الذي يجسِّد المستوى غير المسبوق لعلاقات الشراكة مع أشقائنا العراقيين، والرغبة الصادقة في تدشين مرحلة جديدة من التعاون البناء عبر آليات فعالة ومتعددة، سواء على الصعيد الثنائي أو الثلاثي المصري العراقي الأردني. أو في الإطار الإقليمي الأوسع، وبما يمكننا معا من أن ننطلق نحو آفاق أرحب من الشراكة والتعاون على نحو يلبي تطلعات ومصالح شعوبنا، استنادًا إلى علاقات وروابط قوية وممتدة، وقائمة على (صوت غير واضح) تحقيق المصالح المتبادلة، وصون أمن واستقرار المنطقة بأكملها.

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو والمعالي،

لقد واجه العراق إلى جانب دول وشعوب عربية أخرى، على مدى السنوات الماضية، التأثيرات بالغة السلبية لإرهاب وحروب، (صوت غير واضح)على شعوب الجوار، في سياق شهد، شهد تدخلات خارجية متنوعة، وذلك في وقت يواجه عالمنا تحديات ذات طابع عالمي تعني بها شعوب البشرية، وتتضاءل أمام خطورتها الصراعات الدولية، أو العرقية أو المذهبية، التي تعرفها منطقتنا العربية.

فحين نرى ما يلحقه فيروس كورونا أو تغير المناخ بالعالم من أهوال، وما يمكن أن يمثله من تهديد للأجيال القادمة، فإن علينا أن نتوحد في مواجهة ما يهدد مستقبل الشباب من شعوبنا، باعتماد سياسات تنموية حقيقية، تحفظ لنا كوكبنا وبيئتنا.

ولقد باتت شعوب العالم من حولنا تدرس عن قرب تلك التحديات العالمية، وتسعى جاهدة لإيجاد الحلول لها على أسس علمية، ويصح في هذا السياق أن يكون لنا إسهامنا الواضح في تقدم البشرية نحو تعزيز قدراتها على مجابهة الواقع، وهو ما نؤمن في مصر أنه لا خلاص لنا من دونه، وإنني أرى لدى الأشقاء في العراق ذات العزيمة التي تشجعنا على التكاتف معهم، تحقيقًا للأهداف السامية وتطلعات الإنسانية الجامعة.

السادة الحضور،

تنظر مصر بتقدير بالغ للإنجازات المهمة التي تحققت في العراق خلال الفترة الماضية، تحت قيادة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، والتي سمحت بنجاح مؤسسات الدولة في التعامل الأمثل مع التحديات الكبرى التي واجهت الشعب العراقي، حيث تمكن الجيش والأجهزة الأمنية من دحر الإرهاب، والقضاء على مشروع داعش الظلامي في المنطقة، والحفاظ على وحدة العراق وأمنه ونسيجه الوطني.

وإن تناول ما تحقق من إنجازات لا يكتمل دون التطرق إلى جهود تحقيق الإصلاح الاقتصادي على كافة المستويات، وبمختلف القطاعات، الأمر الذي يعكس إصرار الحكومة العراقية على تمهيد الطريق لنقلة نوعية نستشعر قرب انطلاقها من خلال متابعتنا للجهود الدؤوبة في الإعداد المتأني والدقيق لها.

كما نتمنى أيضًا للدولة العراقية، بل ونثق في نجاحها الكامل في الوفاء بالاستحقاق الانتخابي القادم، بما يلبي تطلعات الشعب العراقي في التقدم بخطى ثابتة نحو المستقبل الذي يستحقه.

من هذا المنطلق، تستمر مصر في مساندة ودعم الحكومة العراقية في جميع جهودها الرامية لتحقيق استقرار العراق، واستعادة مكانته التاريخية، ودوره العربي والإقليمي الفاعل، وترسيخ موقعه في العالم العربي.

وإيمانًا من جانبنا بحتمية التعاون والتكاتف بين الأشقاء، ومنافعه المتعددة، فقد جاءت آلية التعاون الثلاثي بين مصر والعراق والأردن لتترجم الإرادة السياسية للدول الثلاث إلى واقع ملموس، من حيث تعزيز مفهوم العمل العربي المشترك، وتعظيم التشابك بين مصالح شعوبنا، من خلال مسارات عملية ومدروسة للتعاون، يشعر بها المواطن العراقي، وأشقاؤه الأردنيون والمصريون، ونأمل أن يتسع ذلك حين تتوفر الظروف الملائمة إلى سائر الشعوب العربية وشعوب المنطقة كافة.

وأجدد التأكيد في هذه المناسبة على اعتزامنا المضي قدما بكل دأب نحو تنفيذ المشروعات المشتركة التي تتم دراستها في إطار الآلية، بما يحقق التنمية المأمولة لدولنا.

أصحاب الجلال والفخامة والسمة والمعالي،

إن مصر تقف سندًا ودعمًا لجهود الحكومة العراقية نحو تقوية الدولة الوطنية، ومؤسساتها، بما يمكنها من الاضطلاع بمهامها في صون أمن واستقرار العراق، وحماية مقدرات شعبه، ووحدة أراضيه، كما ترفض مصر كافة التدخلات الخارجية في شؤون العراق، والاعتداءات غير الشرعية على أراضيه، وتدعو مختلف القوى لاحترام سيادة هذا البلد العريق، وخيارة شعبه.. وخيارات شعبه، فللجميع مصلحة في أن يقوم العراق بالدور المنوط به عربيًا وإقليميًا.

من هنا، يأتي اجتماعنا اليوم لتجديد الدعم، والالتزام بالمبادئ الثابتة في العلاقات الدولية، والتي لا خلاف عليها، وهي حسن الجوار، وعدم الاعتداء، والاحترام المتبادل لسيادة الدول، والامتناع غير المشروط عن التدخل في شؤونها الداخلية، والتوقف عن سياسة فرض الأمر الواقع باستخدام القوة العسكرية أو المادية، فضلا عن عدم توفير ملاذات آمنة، أو أي شكل من أشكال الدعم للجماعات الإرهابية والمتطرفة، أو نقل عناصرها من دول إلى أخرى.

ويمثل هذا اللقاء فرصة ينبغي البناء عليها لتبادل وجهات النظر والتشاور واستكشاف آفاق التنسيق بيننا، في ظل التطورات الدولية والإقليمية المتلاحقة، والتي تستلزم التعاون بشكل بناء لمواجهة أزمات اليوم من منظور الواقع الذي نعيشه، وليست تباعا لتطلعات غير مشروعة، تصطدم بقواعد القانون الدولي، ولا تحترم إرادة الشعوب وخياراتها السياسية وحقها في تقرير مصيرها.

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو والمعالي،

لا يسعني في ختام كلمتي إلا أن أجدد الشكر لدولة رئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي، على عقد هذا المؤتمر. كما أود أن أوجه رسالة للشعب العراقي الشقيق، فأقول: إن الشعب الذي يملك هذه الحضارة العريقة، وهذا التاريخ المشرف، يملك بلا شك مستقبلا واعدا بفضل أبنائه وسواعدهم، وما يحدوهم من أمل وحافز نحو تحقيق غد أفضل. وأؤكد لكم، أن في مصر إخوة، إخوة حريصين على نهضتكم، مرحبين بنقل تجربتهم في مجالات مختلفة إيمانا بوحدة المصير والهدف، لنسير معا على طريق المستقبل الذي تضيئه إرادتنا، وثقتنا في قدراتنا الصلبة على اجتياز الصعاب أيًا كانت.

دولة رئيس الوزراء، اسمحوا لي أن أوجه حديثي إلى الشعب العراقي العظيم، أيها الشعب العظيم، أنتم أمة عريقة ذات مكانة وحضارة وتاريخ، ولديكم تنوع وتعداد وتعدد أعتبره ثراءً كبيرًا. حديثي إليكم اليوم، بل ندائي إليكم: حافظوا على بلادكم، ابنوا وعمروا وتعاونوا وشاركوا، ابنوا مستقبلكم ومستقبل أبنائكم، عمروا مدنكم ومزارعكم ومصانعكم، تعاونوا فيما بينكم من أجل المستقبل، شاركوا في اختيار من يقودكم إلى الأمام، الانتخابات مسؤولية شعبية عظيمة في بناء مستقبل الدول.

 أيها الشعب العظيم، يستحق العراق بكم المكانة الرفيعة، يستحق العراق بكم الرقي والتطور والاستقرار والأمان والسلام. أدعو الله لنا ولكم بالتوفيق والسداد.

 شكرا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

...

ألقيت الكلمة في بغداد، بحضور إيمانويل ماكرون رئيس الجمهورية الفرنسية، ومصطفى الكاظمي رئيس وزراء جمهورية العراق، وعدد من رؤساء وملوك الدول العربية.

...

خدمة الخطابات الكاملة للسيسي تجدونها في هذا الرابط