آية حجازي وسط أطفال المؤسسة، المصدر: صفحة الحرية لمؤسسة بلادي

آية حجازي.. شهادة براءة تأخرت 3 أعوام

منشور الاثنين 17 أكتوبر 2016

"لا تتركونا هنا في السجون وتنسونا، لا تدعونا نفقد الأمل في العدل والإنسانية"، نداء أطلقته آية حجازي، مديرة مؤسسة "بلادي.. جزيرة الإنسانية"، في ديسمبر/ كانون أول 2015،  بعد 540 يومًا لها داخل سجن طال أمد وجودها بين جدرانه دون صدور حكم قضائي.

في أول جلسة تلت عودة الرئيس عبد الفتاح السيسي من الولايات المتحدة الأمريكية، شهدت محكمة جنايات القاهرة المنعقدة في محكمة عابدين صباح اليوم ، الأحد، ببراءة آية حجازي والعاملين بمؤسسة بلادي من الاتهامات التي وجهت لهم بـ"استغلال أطفال الشوارع". 

يأتي الحكم بعدما أن أوشكت آية حجازي وزجها محمد حسانين و5 آخرين من العاملين في مؤسسة بلادي، على قضاء 3 سنوات تقريبًا في السجون قيد الحبس الاحتياطي، الذي بدأ منذ 1 مايو/ أيار 2014، بعد مداهمة قوات الأمن لمقر الجمعية المجاور لميدان التحرير بالعاصمة القاهرة، واستمر العاملون بالمؤسسة قيد الحبس دون محاكمة لأكثر من 10 أشهر، حتى انعقدت أولى الجلسات في منتصف مارس/ آذار 2015.

هجوم إعلامي ودفاع حقوقي

كانت بداية "بلادي" بعد ثورة 25 يناير، حين أنهت آية حجازي، دراستها في الولايات المتحدة الأمريكية، التي تحمل جنسيتها، وقررت التوجه للعمل التطوعي في مصر عبر مؤسسة أنشأتها بمساعدة زوجها، لينتهي الأمر إلى اتهامات وحملات إعلامية ضدها.

وأحيل العاملون بمؤسسة "بلادي"، بعد أيام من القبض عليهم، إلى التحقيق على ذمة القضية رقم 4252 لسنة 2014 جنايات عابدين، ليجدوا أنفسهم متهمين بـ"تأسيس وإدارة جماعة إجرامية بغرض الاتجار بالبشر، وهتك عرض أطفال، واستعمال القوة والعنف والتهديد والاختطاف والاحتيال والخداع ضدهم، والاستغلال الجنسي للأطفال في تصوير مواد إباحية، والمشاركة في التظاهرات وجمع التبرعات، واحتجاز الأطفال في مكان قصي عن الأعين وتعذيب بعضهم بدنيًا، والتعدي عليهم بالضرب لإجبارهم على ممارسة الفجور والجنس".

وفي أعقاب انتشار نبأ القضية وقبل انتهاء التحقيقات، سارعت عدة وسائل إعلامية إلى تبني الاتهامات، وإعداد تقارير تتحدث عن "إجبار الأطفال على الشذوذ"، و"شبكة تديرها أمريكية لاستغلال الأطفال"، و"وكر التعدي على الأطفال"، واتهم البعض آية أنها "تدربت في أمريكا بتمويل إخواني"، ليأتي تقرير الطب الشرعي في نهاية المطاف نافيًا لاتهامات "الاستغلال الجنسي".

وعلى الرغم من استمرار الحملات التي تهاجم آية وزملائها، حتى الآن، واتهام المدافعين عنها بالانتماء لـ"الإخوان"، واصل المؤمنون ببراءة آية، إطلاق نداءات الإفراج عنها، والتي كان منها إصدار 25 منظمة حقوقية بيانًا بالتزامن مع انعقاد رابع جلسات قضيتها في 13 فبراير/ شباط الماضي،  تجدد فيه طلبها بـ"إخلاء سبيل المتهمين في القضية، وإسقاط التهم الموجه لهم، وتمكينهم من متابعة هدفهم في القضاء على ظاهرة أطفال الشوارع"، كما نددت بـ"التنكيل" بالمتهمين عبر إطالة فترة حبسهم احتياطيًا.

على طاولة "السيسي- كلينتون"

خلال آخر زيارة له للولايات المتحدة الامريكية، سبتمبر/ أيلول الماضي، لحضور فعاليات الجمعية العامة للأمم المتحدة، التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي، الوزيرة هيلاري كلينتون، مرشحة الحزب الديمقراطي في انتخابات الرئاسة الأمريكية، ليجد قضية "بلادي" حاضرة على طاولة حديثهم.

وطالبت "كلينتون" الرئيس المصري بإطلاق سراح آية حجازي، وهو الطلب الذي سبقها في تبنيه البيت الأبيض الأمريكي، الذي أصدر قبل أيام ثلاثة فقط من لقائها والسيسي، بيانًا يطالب بإسقاط جميع التهم الموجهة إليها وإطلاق سراحها.

وقابل النظام المصري طلب الرئاسة الأمريكية بالرفض، وسارعت وزارة الخارجية إلى إصدار بيان رسمي تؤكد فيه أن آية محبوسة "على خلفية انتهاكات للقانون المصري، واستغلال أطفال الشوارع"، واستنكرت "الاستهانة بمبدأ سيادة القانون".

واستخدمت وزارة الخارجية ورقة السجناء المصريين في الولايات المتحدة، إذ اختتم المتحدث الرسمي باسم الوزارة، بيانها  بمطالبة واشنطن بـ"الإفراج عن المتهمين المصريين بالسجون الامريكية وإسقاط الاتهامات الموجهة إليهم".

وامتد دعم آية، من المستوى السياسي الأمريكي إلى نظيره الشعبي، إذ أُطلقت دعوة أمريكية لتوقيع عريضة تطالب السلطات المصرية بالإفراج عن آية، لاقت تجاوبًا إلى هذه اللحظة من 28 ألف و798 شخصًا.

ترامب وحجازي

بمجرد الإعلان عن اعتزام البيت الأبيض استقباله أخيرا، بدأت وسائل الإعلام الأمريكية تنشر مطالبات الدوائر الناشطة والأكاديمية في الولايات المتحدة بإطلاق سراح آية حجازي وزملائها العاملين في مؤسسة بلادي، وإنهاء حبسهم بسبب "اتهامات ملفقة". 

وبدأت دوائر سياسية أمريكية في مطالبة الرئيس دونالد ترامب بالتدخل لدى نظيره المصري للمطالبة بإنهاء حبس آية باعتبارها مواطنة تحمل الجنسية الامريكية. 

انتهى لقاء ترامب والسيسي دون إعلان رسمي عن حدوث أي نقاشات بين الرئيسين عن حالة آية والعاملين بمؤسسة بلادي، وغن كان مصدر بالبيت الابيض قد نوه قبل زيارة السيسي إلى ان الحديث عن حقوق الإنسان وارتفاع معدلات سجن ومطاردة النشطاء والمعارضين في مصر بشكل غير مسبوق، سيدور الحديث عنه "في الغرف المغلقة نظرًا لحساسية الموضوع". 

وفي أول جلسة منعقدة للنطق بالحكم عقب عودة الرئيس المصري من لقاء نظيره الأمريكي. انتهت قضية آية حجازي وزملائها بالمؤسسة، وإن لم يتضح إن كان هنك حديثًا دار عنها بين الرئيسين.  

حكايات آية

في السجن وكلما مر يوم جديد، تحاول آية التعايش والبقاء على قيد الأمل، بمساعدة المحيطين، ومنهم الأسرة التي قررت في 23 مارس/ آذار الماضي، مفاجئتهافي الزيارة بـ"تورتة" مطبوع عليها صورتها وزوجها محمد، احتفالاً بالعيد الثالث لزواجهما.

وكان من بين مظاهر محاولات التعايش وربما المقاومة، استدعاء آية لتفاصيل عن أولئك الأطفال وما قصّوه عن أنفسهم، لتنشر صفحة "الحرية لمؤسسة بلادي" أكثر من حكاية تحمل سمات كل واحد منهم، بعد أن كتبتها آية من داخل السجن نفسه الذي طالبت أصدقائها والمؤمنين بقضيتها بعدم نسيانها فيه.

 

حكايات آية حجاز من السجن، المصدر: صفحة "الحرية لمؤسسة بلادي"