من مظاهرة مؤيدة للمنظمة

ما نعرفه عن "هيومان رايتس ووتش": فازت بـ"نوبل" وانتقدت الإخوان المسلمين

منشور الثلاثاء 12 سبتمبر 2017

طالبت "هيومان رايتس ووتش" بالتحقيق في انتهاكات الإخوان المسلمين ضد المتظاهرين خلال "أحداث الاتحادية"، كما انتقدت أوضاع العمالة الوافدة إلى قطر.

"تعتمد على تقارير منظمة تابعة للإخوان"، "منظمة سياسية وليست حقوقية"، "تتلقى تمويلاً سنويًا من الإخوان المسلمين".. عبارات وردت على لسان عدد من الشخصيات السياسية والعامة، ونشرتها اليوم الثلاثاء الصفحة الرسمية لوزارة الخارجية المصرية، تحت مُسمى "مُحصلة ردود الأفعال الوطنية على تقرير هيومان رايتس ووتش".

استهدفت تلك العبارات التي تحمل اتهاما بـ"تبني أجندة ضد مصر" منظمة هيومان رايتس ووتش الحقوقية الدولية، بعد تقرير أصدرته في 6 سبتمبر/ أيلول الجاري عن "التعذيب في السجون المصرية".

اقرأ أيضًا: "الاغتصاب السياسي".. مانفيستو قهر الشعوب

 

ومنذ ذلك اليوم لم يتوقف الهجوم المصري على "هيومن رايتس ووتش" من جهات وأشخاص، منهم الرسمي مثل وزارة الخارجية والهيئة العامة للاستعلامات التي عقدت مؤتمرًا صحفيًا خصيصًا للرد على المنظمة، ومنها التشريعي مثل مجلس النواب عبر لجنة حقوق الإنسان التابعة له، أو حقوقية شبه رسمية مثل المجلس القومي لحقوق الإنسان، باﻹضافة لإعلاميين وشخصيات عامة مقرّبين من النظام.

صورة لرد نواب على تقرير هيومان رايتس ووتش- المصدر: صفحة وزارة الخارجية على فيسبوك

 

جميع هؤلاء اتهموا المنظمة ليس فقط بـ"الانحياز، أو الدعوة لفرض عقوبات على مصر"، بل بأنها تفعل ذلك ﻷنها "ممولة" من جهات لم يتفق المهاجمون حولها، إذ قال بعضهم أنها "يهودية أمريكية" (في إشارة لصلات المنظمة بالولايات المتحدة الأمريكية وربما كيانات صهيونية أو إسرائيلية)، والبعض الآخر قال إنها "قطرية".

تمويل مُعلن

وفقًا لما تذكره البيانات الرسمية لـ"هيومان رايتس ووتش"، فإنها منظمة دولية حقوقية غير حكومية وغير هادفة للربح، تعتمد في شؤونها المادية على دعم الجمهور- أفراد ومؤسسات- ولا تقبل دعم مؤسسات حكومية أو ممولة منها.

بجانب السياسية المالية المعلنة لـ"هيومان رايتس ووتش" فإنها تُعلن في قسم من موقعها عن "شركائها"، والذين كانوا جميعهم منظمات غير حكومية، كما تصدر المنظمة تقرير إفصاح مالي سنوي مُفصّلاً لأنشطتها.

وتتمتع "هيومان رايتس ووتش"بمصداقية لدى مؤسسات لا تتوقف فقط عند هيئة الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان التابع لها الذي يهتم بتقارير المنظمة ويناقشها، بل ولدى جهات معنية بالتمويل مثل charity navigator، المختصة بتقديم الاستشارة لمواطني الولايات المتحدة الأمريكية حول الجهات الجديرة بتبرعاتهم، إذ منحت "هيومان رايتس ووتش" تصنيفًا مرتفعًا (4 نجوم من 4) فيما يتعلق بسياستها المالية والتعامل بشفافية حيالها.

انتقادات للإخوان

في معرض الردود الرسمية وغير الرسمية المصرية المهاجمة لـ"هيومان رايتس ووتش"، ورد ذكر أربع جهات صراحة أو بصورة غير مباشرة، باعتبارهم مصادر تمول أو تحرّض المنظمة ضد مصر، وباعتبار المنظمة تغض الطرف عنهم.

تلك الجهات هي الولايات المتحدة- بلد المكتب الرئيسي للمنظمة- وإسرائيل وقطر والإخوان المسلمين، وجميعها جهات كان لها من انتقادات "هيومان رايتس ووتش" نصيب، كما تبيّن التقارير الرسمية الصادرة عن المنظمة.

 

وصدر عن المنظمة عشرات التقارير التي تنتقد الولايات المتحدة الأمريكية، كان آخرها ما يتعلق بسياسات الرئيس دونالد ترامب تجاه اللاجئين وتجاه الحرب في اليمن واستخدام أسلحة مُحرّمة دوليا. وأما إسرائيل فسبق وأن أصدرت المنظمة الدولية تقارير تنتقد إجراءاتها الاستيطانية كما كان على سبيل المثال في تقرير بعنوان "تجارة الاحتلال" وآخر حول "إساءة معاملة أطفال فلسطين".

وكان للمنظمة أكثر من تقرير لانتقاد الأوضاع الحقوقية المتردية في قطر، موجهة أصابع الاتهام للنظام القطري الذي تبدي له السلطات المصرية عداءً معلنًا، ومن بينها تقرير حول سوء أوضاع العمالة المهاجرة إلى البلد الخليجي الصغير الغني نفطيًا، وتحدثت في هذا الإطار عن أحوال العُمال في بناء استادات كأس العالم 2020 لكرة القدم الذي ستستضيفه الدوحة، وكذلك تناولت بالنقد أوضاعًا تمييزية ضد النساء.

أما الإخوان المسلمين، فكان لمنظمة "هيومان رايتس ووتش" جولات في انتقاداتهم أثناء حكمهم لمصر في الفترة بين 30 يونيو 2012 حتى 30 يونيو 2013، إذ نشرت في ديسمبر/ كانون الأول 2013 تقريرًا يطالب بضرورة "التحقيق في انتهاكات الإخوان المسلمين بحق المتظاهرين" إبّان أحداث الاتحادية، بل وطالت الانتقادات رأس النظام في ذلك الوقت مُحمد مرسي.

30 عامًا وجائزة

تعني "هيومان رايتس ووتش" بتعزيز أوضاع حقوق الإنسان ووقف انتهاكها، عبر مراقبين وخبراء لا يقتصر عملهم على مصر فقط، بل يمتد لأكثر من 90 دولة حول العالم، مستندة في ذلك على تاريخ طويل يُقدر بثلاث عقود بدأت عام 1987 عبر تأسيس منظمة "هلسينكي ووتش" التي ساهمت في تسليط الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان في الاتحاد السوفيتي وأوروبا الشرقية.

 

اقرأ أيضًا: روشتة النواب للرد على هيومان رايتس ووتش 

 

ومن الكتلة الشرقية اتسع النشاط إلى الغرب عام 1981، بتأسيس منظمة "أمريكان ووتش" إبّان اندلاع الحروب الأهلية الدامية في أمريكا الوسطى، وحينها لم تكتف المنظمة برصد انتهاكات القوات النظامية بل وجماعات المتمردين أيضًا. وحينها انتقدت المنظمة الولايات المتحدة اﻷمريكية، حين أشارت إلى دورها ودول أخرى في ترسيخ أقدام الأنظمة الديكتاتورية في تلك الدول، بدعمها سياسيًا وعسكريًا.

ومن نواة شقيها منظمتي الشرق الأوروبي والوسط الأمريكي، تشكلت عدة منظمات أخرى خلال عقد الثمانينات، كان منها المعني بمراقبة أوضاع حوق الإنسان في قارتي آسيا وأفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط، هي على الترتيب "آسيا ووتش" 1985 و"أفريكا ووتش" 1988- العام الذي شهد انضواء جميع تلك المنظمات تحت لواء واحد باسم The Watch Committees-ثم أضيفت إليهم أخيرًا "ميدل إيست ووتش" 1989.

وبمرور الوقت، توسّعت مجالات عمل المنظمات التي صارت "هيومان رايتس ووتش"، لتشمل حقوق المرأة والطفل واللاجئين والعمالة المهاجرة، كما سلطت الضوء على قضايا لم تكن مطروقة مثل حقوق المثليين.

وفي عام 1997 فازت "هيومان رايتس ووتش" وعشرات المنظمات الحقوقية والأهلية، بجائزة نوبل للسلام تقديرًا لمجهوادتهم في تأسيس وإطلاق "الحملة الدولية لحظر الألغام الأرضية".