ولي العهد السعودي اﻷمير محمد بن سلمان- المصدر: فورين بوليسي

"لهون وبس".. حُرية الإعلام في لبنان تقف عند "برجر بن سلمان"

منشور الخميس 1 فبراير 2018

"بدي إنصحه يوقف الاعتقالات السريعة، السياسات السريعة، الضربات العسكرية السريعة.. بيصير عنده كرش ولاّ ما بيصير عنده كرش أنا ما إلي علاقة.. أنا شو دخلني بكوليسترول ولي العهد؟". 

عبارات نطق بها في أقل من دقيقة الإعلامي اللبناني هشام حدّاد قاصدًا بها ولي العهد السعودي اﻷمير مُحمد بن سلمان؛ فقادته إلى ساحة القضاء مُتهمًا بإهانة الأمير، وذلك بغضِ للنظر عن حقيقة أن هذا الإعلامي يقدّم برنامجُا ساخرًا.

وبمجرد إعلان قرار إحالة حدّاد للتحقيق بسببب "برجر الأمير"، اندلعت معركة كلامية على فيسبوك وتويتر بين قدح ومدح للإعلامي اللبناني وبرنامجه الساخر "لهون وبس" الذي يُبث عبر فضائية LBC اللبنانية، بسبب 60 ثانية ورد فيها ذكر بن سلمان بما لم يره أنصاره خيرًا.

ولم يمرّ وقت طويل على توتر سابق في العلاقات السعودية- اللبنانية، الذي بدأ بإعلان رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري استقالته من منصبة، خلال زيارة أجراها للرياض أوائل نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وعلى إثرها صوب لبنان اتهاماته للسعودية بـ"اختطاف رئيس وزرائها" وإجباره على الاستقالة، لاسيما وأن اﻷمر أتى بالتزامن مع حملة الاعتقالات التي نفذتها السلطات السعودية بحق أمراء ومسؤولين، لينتهي اﻷمر بعودة الحريري إلى بيروت ومن ثم إلى منصبه بعد التراجع عن الاستقالة.

اقرأ أيضًا: دولة الرئيس.. عجّل الله فرجه

بداية الأزمة الحالية بين الإعلامي الساخر وأنصار اﻷمير كانت مع بداية العام الجاري، فكما جرت العادة بوسائل الإعلام- لاسيما الترفيهية منها- في استقبال العام الجديد، استضافت فضائية MTV اللبنانية خبير الفلك والأبراج اللبناني ميشال حايك احتفالاً بقدوم 2018، وكان أن خصّ الفلكي خلال تلك الحلقة الأمير السعودي بنصيحة طبية من أجل عام أفضل، مفادها أن يُخفّف بن سلمان من تناول الوجبات السريعة.

تلقّف تلك النصيحة الإعلامي اللبناني هشام حدّاد، وعلّق عليها في حلقة من برنامجه الساخر "لهون وبس"، أذيعت أوائل العام الجاري، وقال فيها إنه أمام ما تشهده المنطقة العربية من أحداث متلاحقة، لا تعنيه معدة الأمير أو كوليستروله، وإنه من الأحرى نصح بن سلمان بالتقليل ليس من الوجبات السريعة بل "الاعتقالات السريعة، السياسات السريعة، أو الضربات العسكرية السريعة".

يذكر أن مُحمد بن سلمان، الذي جرى تصعيده ليخلف الأمير مُحمد بن نايف في ولاية عهد السعودية بسرعة شديدة على مدار الشهور القليلة الماضية، هو مَن يقود حملة "عاصفة الحزم" العسكرية التي يُنفذها تحالف مُشكّل من عدة جيوش عربية تحارب الحوثيين، وتحت إشرافه نُفذت قبل حوالي شهرين حملة اعتقالات ضد أمراء من العائلة المالكة ومسؤولين سابقين وحاليين في الدولة تحت شعار "محاربة الفساد".

أما "لهون وبس"، فتصفه الموقع الرسمي لفضائية LBC التي يُبث من على شاشتها، بأنه برنامج انتقادي كوميدي تقوم فكرته على تناول القضايا السياسية والاجتماعية بشكل ساخر.

لم يمض على تلك الحلقة التي تحدث فيها هشام حداد عن "كوليسترول وبرجر بن سلمان" إلاّ عشرون يومًا فقط، حتى وجد نفسه مُحالاُ إلى التحقيق، إذ قررت النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون، إحالة دعوى تتهم حداد بالتعرض لولي العهد السعودي إلى محكمة المطبوعات، بناءً على طلب من النائب العام التمييزي، ومحاكمته بموجب المادة 23 من قانون المطبوعات اللبناني 104/77، المعنية بتجريم المساس بشخص الرؤساء.

واندلعت الحرب الكلامية بين أبناء البلدين لبنان والسعودية على تويتر وفيسبوك، في أعقاب الفيديو وقرار التحقيق، إذ أعلن مئات اللبنانيين تضامنهم مع حدّاد عبر هاشتاج خصصوه لهذا الأمر، لم تخلّ التدوينات التي تضمّنها من سخرية وقدح لولي العهد السعودي.

على الطرف الآخر من المواجهة وقف سعوديين غير مكتفين بإدانة واستنكار السخرية التي رأوها طالت ملكهم المنتظر، بل ذمّ بعضهم في حق لبنان والإعلامي، ومنهم من تحداه بأن يوجه سخريته لشخصيات لبنانية ذكروا منها اﻷمين العام لحزب الله اللبناني وصاحب النفوذ القوي داخل البلاد حسن نصر الله، والذي تبيّن بالفعل أن حداد سبق وأن انتقده، بل وسخر من تحفظ بعض أقرانه حيال انتقاد نصر الله.

وبصورة عامة، يُنظر للإعلام اللبناني من قبل دول جواره على أنه الأكثر ليبرالية وانفتاحًا، لدرجة تصل إلى انتقاد جهات سيادية في الدولة أو حتى شخص الرئيس نفسه عبر فضائيات لبنان، الأمر الذي كان دافعًا لاستنكار عدد من اللبنانيين لهذه الغضبة القانونية تجاه حدّاد، فقط ﻷنه تعرّض لـ"برجر بن سلمان".

https://www.youtube.com/embed/AIANTGQx5rI