رصدت منظمة العمل الدولية مخالفات تخص الحريات النقابية في مصر، مشيرة في تقريرها السنوي، الذي نشرته قبل يومين دار الخدمات النقابية والعمالية، إلى العديد من التحديات المتعلقة بتسجيل النقابات العمالية، من بينها تسجيل النقابات المستقلة.
وسجل التقرير أن بعض المديريات تعرقل عمدًا أنشطة بعض النقابات العمالية المستقلة، لإجبارها على الانضمام إلى الاتحاد العام لنقابات مصر، في حين ترفض وزارة القوى العاملة تحمل أي مسؤولية.
وحثت المنظمة، الحكومة المصرية، على تسريع جهودها لتسجيل هذه النقابات دون تأخير إضافي، وحتى يمكنها ممارسة أنشطتها بالكامل، مشيرة إلى ما أسمته "الاحتكار النقابي بمرسوم".
وضربت المنظمة مثالًا باللجنة النقابية للعاملين في مكتبة الإسكندرية، التي تقرر تسجيلها في سبتمبر/أيلول 2022، مشيرًا إلى أنها وجدت تحديًا لوضعها القانوني من خلال فتوى من مجلس الدولة بعدم شرعية المنظمة النقابية، بسبب وجود منظمة نقابية أخرى موازية لها تابعة لاتحاد عمال مصر.
ولفتت إلى أن مكتبة الإسكندرية الآن، بوصفها صاحب العمل، ترفض الاعتراف بالنقابة العمالية المستقلة أو التعامل معها.
وفي السياق ذاته، قال رئيس النقابة المستقلة بمكتبة الإسكندرية، شريف المصري، لـ المنصة "نخوض معركة كبيرة منذ 2018، إذ رفضت مكتبة الإسكندرية ختم أوراق النقابة المستقلة، في المقابل ختمت أوراق النقابة التابعة للاتحاد العام، ورفضت مديرية القوى العاملة في تعنت واضح استلام أوراقنا".
وأضاف "رفعنا دعوى قضائية ضد وزارة القوى العاملة ومكتبة الإسكندرية، إلى أن تشكلت اللجنة الوزارية للنظر في قضايا النقابات المعلقة، وكنا إحدى هذه النقابات، التي سهلت حصولنا على الأوراق الرسمية لتأسيس النقابة في سبتمبر/أيلول 2022، لكن إدارة مكتبة الإسكندرية رفضت الاعتراف بنا".
ولفت إلى أن المستشار القانوني للمكتبة كتب مذكرة إلى إدارة الفتوى بمجلس الدولة بالإسكندرية "التي أيدت عدم شرعية نقابتنا".
وأضاف المصري "قدمنا شكوى لوزارة القوى العاملة، فأبلغتنا أنها تواصلت مع الجمعية العمومية للجنة الفتوى والتشريع بمجلس الدولة لاستصدار فتوى ترد على قرار إدارة الفتوى بالإسكندرية، وأكدت الوزارة في رسالتها أنها تعترف بنا بشكل رسمي، وترفض موقف إدارة مكتبة الإسكندرية، وسوف تتخذ الإجراءات اللازمة، لكن حتى الآن لم تتخذ أي إجراء سوى الوعود".
ونقل التقرير رد وزارة القوى العاملة على هذه الاتهامات، التي قالت إنها تتابع جميع المديريات التابعة لها، للتأكد من تنفيذ أحكام القانون بطريقة سليمة.
وأشارت الوزارة إلى أنها أنشأت اللجنة الدائمة لفحص الشكاوى المقدمة من النقابات العمالية، وأن اللجنة الدائمة لتعزيز علاقات العمل ومؤسساتها في مصر فحصت 60 حالة، مما أدى إلى إنشاء 30 لجنة نقابية في الوقت الحاضر، ولا يزال العمل جاريًا لحل مشاكل اللجان الأخرى، وهو الرقم الذي يشكك فيه المنسق العام لدار الخدمات النقابية والعمالية كمال عباس، موضحًا لـ المنصة أن "أرقام الوزارة غير دقيقة".
واعتمد تقرير منظمة العمل الدولية على تقرير موازٍ أرسلته دار الخدمات النقابية، نيابة عن عدد من النقابات العمالية المصرية في 31 أغسطس/آب 2023، وقال كمال "إحنا كنا مقدمين في تقريرنا ملف بمشاكل لدى 30 لجنة نقابية مستقلة، تم حل مشاكل 5 لجان فقط".
ويرى كمال أن أزمة تأسيس اللجان النقابية المستقلة ليست في القانون الحالي الذي يتيح تأسيس النقابات بمجرد تقديم أوراقها إلى مديرية القوى العاملة لكن في تطبيقه.
وأوضح أن أي منشأة يوجد بها 50 عاملًا فأكثر ويرغبون في تأسيس لجنة نقابية يمكنهم فعل ذلك، وفق القانون، بمجرد عقد جمعية عمومية وتشكيل مجلس تنفيذي وممثل قانوني، لكن عباس يؤكد أنه "على أرض الواقع هذا لا يحدث، الموظف يستلم الورق ويسأل أنتوا عايزين تعملوا نقابة تبع الاتحاد ولا بره، نقوله بره، يقول طيب سيبوا الورق نفحصه وابقى تابعنا بالتليفون، ويرفض حتى إعطاءنا ما يثبت إنه استلم الأوراق".
وتنص المادة الرابعة من الباب الأول من قانون المنظمات النقابية العمالية وحماية حق التنظيم النقابي رقم 213 لسنة 2017، على أن للعمال دون تمييز الحق في تكوين المنظمات النقابية.
وكفل القانون تأسيس النقابات المستقلة ومنحها الشخصية الاعتبارية، ونصت المادة 64 على أنه "للمنظمات النقابية الحق في وضع أنظمتها الأساسية، ولوائحها الإدارية والمالية، وفي انتخاب ممثليها بحرية كاملة بما يتفق مع أحكام هذا القانون ولها الحق في تنظيم شؤونها وإدارة أنشطتها وإعداد برامج عملها، وتمتنع السلطات العامة عن أي تدخل من شأنه أن يقيد هذا الحق أو أن يعوق ممارسته المشروعة".
ونشأت النقابات العمالية المستقلة لكسر احتكار نقابات الاتحاد الحكومي للتمثيل النقابي، وفي 2009، بدأ تأسيس أول نقابة مستقلة للعاملين في مصلحة الضرائب العقارية من قبل العاملين في الدولة في هذا القطاع، مستندين إلى معاهدة منظمة العمل الدولية، والتي تكفل للعمال الحرية النقابية والحق في التنظيم. بعد ذلك، تأسست ثلاث نقابات أخرى قبل ثورة يناير 2011.