انتقدت ناشطتان نسويتان ونائبة برلمانية عدم وجود مشروع قانون موحد لمناهضة العنف ضد المرأة حتى الآن، مطالبين بإصداره في ظل ارتفاع وتيرة العنف ضد المرأة، التي بلغت وفقًا لإحصائيات لجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء لعام 2023، ما يقرب من 8 ملايين امرأة وفتاة يتعرضن له سنويًا في مصر. واعتبرت المصادر الثلاثة أنه لا يمكن مرور اليوم الدولي لمناهضة العنف ضد المرأة ولا حملة الـ16 يومًا لمواجهة العنف دون المطالبة بهذا القانون.
وسبق وتشكلت قوة عمل من 6 منظمات نسوية عام 2017 لإعداد مقترح قانون موحد لمناهضة العنف ضد المرأة، من منظمات قضايا المرأة المصرية وتدوين لدراسات النوع الاجتماعي والمرأة الجديدة، بالإضافة إلى مبادرة المحاميات المصريات والقاهرة للتنمية والقانون ومركز النديم، ونجحت في توصيل المقترح للبرلمان عبر النائبة نادية هنري عام 2018، ثم النائبة نشوى الديب عام 2022.
تقول النائبة البرلمانية نشوى الديب لـ المنصة إنها تقدمت بمشروع القانون في مارس/آذار 2022 وحصلت على 60 توقيعًا من نواب البرلمان، "القانون في مكتب رئيس المجلس هو المنوط بإحالته للمناقشة في لجنة مشتركة بين التضامن والتشريعية، ولا أعلم لماذا لما يطرح للنقاش حتى اليوم".
تضيف الديب "كل ما أسأل لا تصلني سوى الكلمات العامة، إن شاء الله وربنا يسهل، بدون فعل".
توضح البرلمانية أسباب تبنيها لمشروع القانون من المنظمات النسوية بأنه "قانون مهم وخطير وكل بيت في مصر يحتاجه، فهو لا يقتصر على تجريم كافة صور العنف ضد المرأة سواء الجنسي أو النفسي أو الجسدي، ولكنه يجرم العنف ضد الطفل والرجل والإنسان عمومًا، قانون شامل موحد لكل المواد المبعثرة على 16 قانونًا آخر، بمواد جديدة لقضايا مستحدثة لا تغطيها القوانين السابقة".
وشددت على أن "العنف ضد المرأة ليس قضية نخبوية، كنت أتمنى أن البرلمان يناقشه بالتزامن مع احتفالية الـ16 يومًا هذا العام".
صدام مع الثقافة المجتمعية
من جانبها، ترى مديرة برنامج مناهضة العنف ضد المرأة بمؤسسة قضايا المرأة المصرية نورا محمد، أن القانون ليس على أولوية الأجندة السياسية ليخرج للنور "إتقال لنا من برلمانيين أن القانون يحتاج لوقت وجهد كبير لتشريعه، لتداخله مع عدة قوانين أخرى كالعقوبات، العمل، الاتجار بالبشر".
وأضافت "الأزمة مش تشريع بس، ولكن القانون يواجه تحديات الصدام مع الثقافة المجتمعية، تلك الثقافة المغلوطة التمييزية التي تعتقد أن الست ملك لأي رجل في العائلة يعمل فيها ما يريد، وهذا يتعارض مع القانون الموحد الذي يجرم جميع أشكال العنف الأسري بنصوص واضحة".
وتتفق معها رئيسة مجلس أمناء مؤسسة مبادرة المحاميات المصريات لحقوق المرأة هبة عادل، قائلة لـ المنصة إن جرائم العنف التي تزايدت أرقامها في السنوات الأخيرة لن تتوقف دون قانون جديد بآليات وتدابير خاصة وعقوبات ووسائل مستحدثة.
وأشارت إلى أنه عندما شرعت مجموعة العمل النسوية لإعداد مقترح القانون منذ سبع سنوات كان لسد هذا الفراغ القانوني نظرًا لاحتواء قانون كالعقوبات على مواد تمييزية ضد النساء في جريمة الزنا مثلًا واستخدام القاضي المادة 17 للرأفة في جرائم الشرف.
وتلفت مديرة برنامج مناهضة العنف ضد المرأة نورا محمد إلى الرفض المجتمعي كعقبة في وجه القانون "مواد زي تجريم الاغتصاب الزوجي في مشروع القانون الموحد لمناهضة العنف ضد المرأة، وغيرها من رفض جرائم تحت دعوى الشرف، وإلغاء المادة 60 من قانون العقوبات التي تبيح حق التأديب للرجل، عندما طرحناها للحوار المجتمعي واجهنا رفض وهجوم بشأنها".
وتابعت هبة عادل "نحن الآن بصدد مرحلة جديدة لقوة عمل المكونة من 6 منظمات نسوية، لتطوير مقترح القانون الذي تقدمنا بمسودة له خلال السنوات الماضية، نظرًا للمستجدات الجديدة على مستوى الآليات والقوانين والجرائم، يعني المسودة القديمة أشرنا فقط لجريمة أو اثنين للعنف الإلكتروني، بينما نعمل الآن لإضافة باب كامل عن جرائم العنف الرقمي وتضمين تعريف واضح لها".
وأكدت رئيسة مجلس أمناء مؤسسة مبادرة المحاميات المصريات لحقوق المرأة على ضرورة معالجة المقترح الجديد لقانون العنف الموحد لكل الإشكاليات التي واجهته وحالت دون خروجه للنور حتى الآن "اكتشفنا أن المشكلة الأساسية خلال السنوات الماضية تكمن في أن القانون معندوش شعبية في البرلمان من خلال نائبات تبنوه وطرحوه على مدار السنين".
وتابعت "هنستفيد من هذه الأخطاء، وبعد الانتهاء من إعداد المقترح الجديد، هننزل به كقوة عمل نسوية لفئات مختلفة، وكل الأطراف المعنية في حملات مجتمعية موسعة، وبحث سبل المناصرة والدعم، ليحظى بضغط شعبي وليتحول لمطلب عام يجبر الكتل البرلمانية على تبني القانون ومناقشته".