قررت السلطات اللبنانية ترحيل الشاعر عبد الرحمن يوسف القرضاوي إلى الإمارات، عصر اليوم الأربعاء، حسب مدير مركز سيدار للدراسات القانونية محمد صبلوح، المحامي اللبناني المكلفُ الدفاع عنه، لافتًا إلى أن موكله قرر الإضراب عن الطعام "لحين رفع الظلم عنه".
واحتجزت السلطات اللبنانية، يوسف، يوم 28 ديسمبر/كانون الأول الماضي، أثناء عودته من سوريا إلى تركيا عبر لبنان، بناءً على مذكرة تعاون أمني مع السلطات المصرية.
وقال صبلوح في بوست على فيسبوك إن يوسف قرر الإضراب عن الطعام منذ الساعة السادسة مساء أمس عقب الإعلان عن قرار مجلس الوزراء اللبناني بترحيله إلى الإمارات.
ومساء أمس قال وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، زياد المكاري، إن مجلس الوزراء قرر ترحيل يوسف إلى الإمارات.
وأكد صبلوح أن مديرية الأمن الداخلي رفضت تنفيذ إذن الزيارة الذي حصل عليه من أعلى مرجع قضائي.
وأوضح أنه بعد الانتظار أكثر من ساعة في مديرية قوى الأمن الداخلي لزيارة نجل القرضاوي، امتنعت المديرية عن تنفيذ إذن الزيارة، وأرسلوا يوسف بموكب يضم سبع سيارات أمنية إلى الأمن العام تمهيدًا لترحيله الساعة الرابعة والنصف إلى الإمارات.
ووصف صلبوح في تصريحات لـ المنصة أمس قرار مجلس الورزاء بـ"الجريمة الإنسانية"، إذ لا يجوز في أي اتفاقية تسليم شخص إلى دولة قد يتعرض فيها للتنكيل والتعذيب والسجن دون جريمة ارتكبها، على حد وصفه.
وتابع "القرار أثبت أن لبنان يوقع على اتفاقيات دولية لكنه لا ينفذها ولا يحترمها".
وأشار إلى أن الإمارات لا يحق لها استلام يوسف وطلبها استرداه غير قانوني "لأنه لا يستند على حكم قضائي أو مذكرة توقيف، وإنما على بلاغ نيابة عامة"، مضيفًا أن يوسف لا يحمل الجنسية الإماراتية.
وخاطبت 17 منظمة حقوقية لبنانية ومصرية مجلس الوزراء اللبناني لوقف تنفيذ قرار يوسف حتى يتسنّى له مراجعة القضاء للطعن بقرار تسليمه. واعتبروا أن قرار التسليم له "طابع سياسي ولخطر تعرّض القرضاوي للتعذيب".
وسبق وقدم صبلوح طلبًا لمدعي عام التمييز لرفض ترحيل يوسف، مؤكدًا عدم ارتكابه أي جرم يُعاقب عليه في لبنان "فحرية الإبداع والتعبير مكفولة دستوريًا، وترحيله ينافي اتفاقية مناهضة التعذيب".
ونشر يوسف فيديو عبر إكس من المسجد الأموي أثناء زيارته لدمشق قبل توقيفه في لبنان، قال فيه "ندعو الله أن يوفِّق الشعب السوري وقيادته الجديدة لمواجهة كل هذه التحديات الشريرة التي يخطط لها العالم أجمع، وعلى رأس المخططين والمتآمرين أنظمة الخزي العربي وصهاينة العرب في الإمارات والسعودية ومصر وغيرها، ونقول لهم لن تستطيعوا أن تفعلوا شيئًا أمام طوفان التغيير".
وخاطبت أسرة عبد الرحمن يوسف، الاثنين الماضي، رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، مطالبةً إياه بإخلاء سبيله فورًا، وقالت إنه تعرض للاحتجاز "بناء على اتهامات كيدية وحكم قضائي ظالم".
وحمَّلت الأسرة، في بيان حصلت المنصة على نسخة منه، ميقاتي، المسؤولية الأخلاقية والقانونية على سلامة يوسف وضمان وصوله سالمًا إلى أسرته في تركيا.
وتنص المادة الثالثة من معاهدة مناهضة التعذيب على أنه "لا يجوز لأي دولة طرف أن تطرد أي شخص أو تعيده أو أن تسلمه إلى دولة أخرى، إذا توافرت لديها أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيكون في خطر التعرض للتعذيب".
وفي 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2016، قضت الدائرة 21 إرهاب والمنعقدة بمحكمة شمال الجيزة، بحبس يوسف غيابيًا 3 سنوات بتهمة نشر أخبار كاذبة، وفي 15 أكتوبر/تشرين الأول 2018 أيدت محكمة النقض حكمًا بالسجن المشدد 3 سنوات والغرامة بحق 18 متهمًا بينهم يوسف في القضية المعروفة باسم "إهانة القضاء".
وتضمنت الاتهامات في القضية "الإهانة والسب بطريق النشر، والإدلاء بتصريحات في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي تضمنت إساءة وكراهية وازدراء تجاه المحاكم والسلطة القضائية، مما أخل بهيبة القضاء".
وسبق وأدانت 24 منظمة حقوقية وأحزاب و109 أشخاص احتجاز السلطات اللبنانية لعبد الرحمن يوسف، مطالبين بالإفراج الفوري عنه.
واعتبروا، في عريضة نشرتها المفوضية المصرية للحقوق والحريات، هذا الإجراء "مثالًا صارخًا على ممارسات القمع العابرة للحدود، التي تُستخدم بشكل منهجي لإسكات الأصوات المعارضة والمدافعين عن حقوق الإنسان خارج حدود بلدانهم".
وذكرت العريضة أن احتجاز يوسف "يمثل استغلالًا غير مشروع للاتفاقيات الأمنية الدولية لتصفية الحسابات السياسية مع المعارضين، ويُظهر توجهًا خطيرًا نحو توظيف التعاون الأمني الدولي كأداة لقمع الحريات الأساسية وتقييد حق الأفراد في التعبير عن آرائهم".
وطالب الموقعون بالإفراج الفوري وغير المشروط عن يوسف من قبل السلطات اللبنانية، واحترام السلطات اللبنانية لالتزاماتها الدولية بحماية حقوق الإنسان، ووقف أي إجراءات تؤدي إلى تسليمه إلى السلطات المصرية "حيث يواجه خطر الاضطهاد السياسي وافتقار أي ضمانات محاكمة عادلة".
كما وجهوا الدعوة إلى المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية للتحرك العاجل للتصدي لممارسات القمع العابرة للحدود "بما في ذلك الضغط على الدول التي تستغل الاتفاقيات الأمنية الدولية لقمع الأصوات المعارضة.