بإذن خاص لـ المنصة
جانب من أعمال الحفر بشاطئ محمية وادي الجمال، 11 مارس 2025

التذكرة بـ5 دولارات.. تحرك برلماني ومطالبات بيئية لوقف تعديات استثمارية على محمية وادي الجمال

محمد نابليون
منشور الثلاثاء 11 مارس 2025

تقدمت عضوة مجلس النواب عن الحزب المصري الديمقراطي الدكتورة مها عبد الناصر، اليوم، بطلب إحاطة موجه إلى رئيس مجلس الوزراء ووزير السياحة والآثار ووزيرة البيئة بشأن التعديات القائمة على محمية وادي الجمال بمنطقة رأس حنكوراب بمرسى علم، في وقت أكدت فيه وزارة البيئة أن أراضي المحميات الطبيعية تعد من أملاك الدولة العامة التي يتم التعامل عليها وفق الضوابط والإجراءات المنصوص عليها بالقوانين المنظمة.

وكانت تقارير صحفية، من بينها مقال على موقع الشروق لمدير الحملات العالمية في شبكة العمل المناخي الدولية/CAN أحمد الدروبي، كشفت عن "تعديات غير قانونية وأعمال حفر لبناء فندق في محمية وادي الجمال وبالتحديد منطقة رأس حنكوراب"، حسب المقال.

وفي السياق، قال ناشط بيئي لـ المنصة، طلب عدم نشر اسمه، إن الأعمال القائمة في المحمية الآن شملت إعادة تأهيل الشاطئ وتجديد معالمه ومقوماته من شمسيات ومقاعد إلى جانب إنشاء كافتيريا ومطعم ومركز غطس ودورات مياه، إلى جانب أعمال حفر أقدمت عليها الشركة بهدف بناء سور "وهو ما يخالف الإجراءات واللوائح المنظمة للتعامل مع المحميات الطبيعية على مستوى العالم، مينفعش تبني سور داخل محمية لضمان أحد المقومات الأساسية للمحمية وهو كونها طبيعية ومساحات حرة لتحرك الحيوانات وغيرها، يعني حتى لو هتنفذ مشروع ما فمستحيل يكون سور".

ومن جانبها، قالت النائبة مها عبد الناصر، في طلبها، إن تلك التعديات لا تشكل فقط خطرًا بيئيًا جسيمًا، بل تثير أيضًا العديد من التساؤلات حول مدى الالتزام بتطبيق القوانين المنظمة للمحميات الطبيعية، ومدى قدرة الجهات المعنية على فرض سيادة القانون ومنع أي مخالفات تمس الثروات القومية للبلاد ومدى أفضلية الفكر الاستثماري في مواجهة مقدرات الدولة وثرواتها الطبيعية.

وتساءلت "هل هناك دراسات أثر بيئي تم إجراؤها قبل الشروع في تنفيذ هذه الأعمال، وفقًا للقانون رقم 102 لسنة 1983 بشأن المحميات الطبيعية؟ وما هي خطة الدولة لحماية هذه المحمية من المزيد من التعديات وضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات مستقبلًا؟".

وطالبت النائبة مها عبد الناصر الحكومة بإيقاف تلك الأعمال فورًا مع تقديم توضيح شامل حول ما يحدث في محمية وادي الجمال، والإجراءات التي تم اتخاذها حتى الآن، والخطوات القادمة لضمان عدم تكرار هذه التعديات.

في المقابل، أكدت وزارة البيئة، في بيان اليوم، أن جميع الأنشطة التي تشهدها المحمية تأتي "ضمن الأنشطة المسموح بممارستها وتتم وفق تلك الضوابط وبما يتفق مع الأغراض التي أعلنت من شأنها المحمية وبما لا يخل بالاستخدامات الطبيعية أو يحد منها أو الإضرار بالموارد والموائل الطبيعية بها".

وإزاء ذلك، أبدى الناشط البيئي لـ المنصة تعجبه مما تضمنه بيان وزارة البيئة من تأكيدات على قانونية تلك الأعمال، مؤكدًا أن الوزارة نفسها سبق لها اتخاذ إجراءات قانونية في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، لطرد الشركة من على الأرض، بتحرير محضر ضدها واستخراج قرار من نيابة القصير بشأنها، على حد قوله.

وأكد أن قوة من الشرطة حضرت بالفعل إلى موقع الأعمال وقتها وأزالوا خيمة كانت الشركة نصبتها بالموقع "لكن بعدها بأسبوعين حضر عمال من الشركة مجددًا لموقع عملهم داخل المحمية وعند حضور الشرطة مجددًا لطردهم سلموا إليهم نص قرار حكومي بتخصيص الأرض للشركة".

وأوضح المصدر أنه "منذ تلك الواقعة باتت الشركة تفرض تذكرة بقيمة 5 دولارات على أي شخص راغب في الدخول إلى حرم الشاطئ، رغم أنه ملكية عامة"، وهو ما عده الناشط البيئي تعديًا على الملكية العامة المقررة بموجب الدستور "حتى لو الشركة حصلت على جميع الموافقات، يظل حرم الشاطئ بعمق 200 متر ملكية عامة لا يجوز التعدي عليها".

صورة من التذكرة المقررة على دخول المحمية، 11 مارس 2025

وقال الناشط البيئي إن الشركة القائمة على تحويل أراضي المحمية إلى مشروع سياحي بالمخالفة للقانون تسمى شركة "إمباكت للاستثمار السياحي"، موضحًا أنها أنشأت قبل عام واحد فقط برأس مال 20 مليار جنيه، ويمتلكها رجلا أعمال هما جورج زكي حنا وهو من المستثمرين في قطاع البترول، وحسن وهدان شقيق عضو مجلس النواب وأمين الشؤون البرلمانية بحزب الجبهة الوطنية سليمان وهدان.

وتبريرًا للمشروع أوردت الوزارة في بيانها أنه "وفى ضوء طبيعة الاستخدامات بمنطقة خليج حنكوراب والتي تعد أحد أهم المقاصد السياحية ذات الطابع البيئي، وهو ما يتطلب القيام بشكل دورى بتطوير البنية التحتية التي يحتاج إليها الزوار مثل المظلات والمماشي البحرية وأماكن إعداد الطعام والعلامات الإرشادية ودورات المياه، وبالشكل الذى يضمن تحقيق أقصى معدلات السلامة للزوار والحفاظ على الموارد الطبيعية".

وأوضحت الوزارة أن ذلك المشروع "يأتي في إطار خطة إدارة المحمية المعتمدة من مجلس إدارة جهاز شؤون البيئة والتي تهدف إلى تحقيق التوازن بين متطلبات حماية البيئة وتعظيم الاستفادة البيئية والاقتصادية والاجتماعية من المحميات الطبيعية"، مؤكدة أنه "لن يتم السماح بأي أعمال أو إقامة منشآت تترتب عليها الإضرار بالمحمية وأن تتم وفق اشتراطات بيئية تضمن ذلك".

وفي السياق ذاته، أطلقت الجمعية المصرية لحماية الطبيعة، وهي منظمة معنية بالحفاظ على البيئة، حملة مناصرة لحماية شاطئ حنكوراب، بعنوان "كنز مصر البيئي في خطر"، توجهت خلالها بنداء إلى كل محبي الطبيعة، والإعلاميين، ومنظمات المجتمع المدني، والقطاع الخاص، وجميع المهتمين بالحفاظ على بيئة مصر الفريدة.

وأكدت الجمعية أن "شاطئ حنكوراب، أحد أجمل وأهم المواقع الطبيعية في مصر والعالم، يتعرض اليوم لخطر جسيم يهدد مستقبله واستدامته بسبب تعديات غير قانونية تهدد النظام البيئي الفريد للمنطقة"، مؤكدة أن "الشاطئ المصنف عالميًا كوجهة رئيسية للسياحة البيئية والغوص، والذي يحتضن أنظمة بيئية نادرة من الشعاب المرجانية، وأماكن تعشيش السلاحف المهددة بالانقراض، أصبح اليوم مهددًا بسبب مشروع تجاري يجري تخصيصه لحساب منشآت خاصه على حساب البيئة وحق الناس في الوصول إليها".