واجه رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو استجوابًا في المحكمة، السبت، من قبل ممثلي الادعاء في اتهامات بـ"الفساد ومساعدة جماعة إرهابية، والاشتباه في قيادة منظمة إجرامية"، في وقت خرج عشرات الآلاف إلى شوارع أكثر من 12 مدينة في جميع أنحاء البلاد منذ يوم الخميس، بما في ذلك إسطنبول والعاصمة أنقرة، في مظاهرات ضد اعتقال إمام أوغلو.
وطلب الادعاء من المحكمة حبس إمام أوغلو، المنافس السياسي الرئيسي للرئيس رجب طيب إردوغان، و4 من مساعديه على ذمة المحاكمة، ومن المتوقع أن تصدر المحكمة حكمها بشأن احتجاز رئيس البلدية اليوم، حسب رويترز.
في المقابل، يتوجه أعضاء حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة في تركيا الذي ينتمي له إمام أوغلو، إلى مراكز اقتراع، اليوم، للمشاركة في تصويت تمهيدي للحزب لدعم ترشيح رئيس بلدية إسطنبول المحتجز في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
ودعا رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزيل إلى مشاركة غير الأعضاء في التصويت لتعزيز الموقف الشعبي في الاحتجاج، وقال على إكس "اليوم سنشهد عيد الديمقراطية (...) أدعو مواطنينا البالغ عددهم 86 مليونًا إلى دعم تركيا من خلال الذهاب إلى الصندوق".
واحتشد الآلاف، السبت، خارج مبنى بلدية إسطنبول في منطقة ساراتشاني، ولوحوا بالأعلام التركية ورددوا الشعارات، بينما تجمع حشد كبير من أنصار إمام أوغلو خارج محكمة تشاجلايان لدى وصوله لحضور جلسة الاستماع، حسب CNN.
وتحدى المتظاهرون حظرًا على التجمعات في شوارع المدينة مُدد حتى 26 مارس/آذار الجاري، وواجههم مئات من رجال الشرطة في كلا الموقعين، الذين استخدموا الغاز المسيل للدموع ورذاذ الفلفل لتفريق الحشود، وفقًا لرويترز. كما ألقى المتظاهرون مفرقعات نارية وأشياء أخرى.
وكانت السلطات أصدرت أمرًا بحظر التجمعات والتظاهرات في إسطنبول لمدة 4 أيام، عقب القبض على إمام أوغلو والاحتجاجات الشعبية.
وذكرت رويترز أن المتظاهرين اشتبكوا مع الشرطة في إقليم إزمير الساحلي الغربي وأنقرة لليلة الثالثة على التوالي، حيث أطلقت الشرطة مدافع المياه على الحشود. قال وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا في ساعة مبكرة من صباح الأحد إن السلطات اعتقلت 323 شخصًا خلال الاحتجاجات على التحقيق، وفق رويترز.
بوصف CNN، كان إمام أوغلو أحد أكثر الشخصيات السياسية شعبية في تركيا، التهديد الرئيسي لإردوغان الذي مدد حكمه لعقد ثالث بعد فوزه في انتخابات رئاسية حاسمة عام 2023، ليضمن بذلك ولاية ثانية إلا أن حزبه لم يتمكن من السيطرة على مدينة إسطنبول الرئيسية، التي كان رئيسًا لبلديتها قبل أن يصبح رئيسًا للجمهورية، والتي لا تزال في أيدي منافسه إمام أوغلو وحزب الشعب الجمهوري المعارض الرئيسي.
وبعد فوزه بولاية ثانية، كان إردوغان عازمًا على استعادة المدينة في الانتخابات البلدية في مارس/آذار 2024، والتي شهدت فوز إمام أوغلو مجددًا بنسبة 51.14% من الأصوات، متغلبًا على مرشح حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه إردوغان.
ومن المقرر إجراء الانتخابات الرئاسية عام 2028، ولا يمكن لإردوغان حاليًا الترشح للمنصب مرة أخرى، حيث إنه في ولايته الثانية وشغل منصب رئيس الوزراء قبل ذلك. والطريقة الوحيدة التي يمكن لإردوغان أن يخوض بها انتخابات أخرى، هي تغيير الدستور أو الدعوة إلى انتخابات مبكرة قبل انتهاء ولايته، حسب BBC.
وجاء الاعتقال بعد يوم واحد من إلغاء جامعة إسطنبول شهادة إمام أوغلو بسبب مخالفات مزعومة، وهو قرار من شأنه، حال تأييده، أن يمنعه من الترشح للانتخابات الرئاسية. فوفقًا للدستور التركي، يجب أن يكون الرؤساء أكملوا تعليمهم العالي لتولي المنصب، وفق BBC.
ووصَف إمام أوغلو، في بوست على فيسبوك، هذه الخطوة بأنها لا أساس لها من الصحة من الناحية القانونية، مضيفًا أن الجامعات يجب أن تظل مستقلة وبعيدة عن التدخلات السياسية ومكرسة للمعرفة.
وعلى إكس، خاطب رئيس حزب الشعب الجمهوري الرئيس التركي، قائلًا له "أنت تخاف من الميادين، وتخاف من الحشود، وتخاف من الشوارع. لكن إسطنبول لا تخاف منك!".
وفي بوستات أخرى اعتبر أوزيل أن "التدخلات الأخيرة ضد إمام أوغلو هي محاولة انقلابية، لمنع الشعب من تحديد الرئيس القادم"، وقال إن "اتخاذ القرارات نيابة عن الشعب واستبدال إرادته، أو استخدام القوة لمنعه، يرقى إلى مستوى الانقلاب".
ومثلت خسارة إسطنبول في مايو/أيار 2019، صدمة كبيرة لحزب العدالة والتنمية، الذي أدارها لمدة 25 عامًا، رغم أن إمام أوغلو واجه تحديات قوية للفوز، حيث ألغت السلطات الانتخابية التصويت، وأجبرت إمام أوغلو على الخروج من منصبه بعد أن زعم حزب العدالة والتنمية وجود مخالفات في عملية التصويت، وأمرت بإعادة الانتخابات.
وتتضح أهمية إسطنبول، حسب BBC، بالنظر إلى أنها تضم خُمس سكان تركيا البالغ عددهم حوالي 85 مليون نسمة، وهي مسؤولة عن جزء كبير من الاقتصاد التركي، بما في ذلك التجارة والسياحة والتمويل.