أرجأ مجلس النواب خلال جلسته العامة اليوم مناقشة تعديلات قانون الإيجار القديم رغم الموافقة عليه من حيث المبدأ، وذلك بسبب غياب الأرقام الدقيقة حول أعداد المستأجرين الأصليين والجيل الأول، إلى جانب عدم وضوح خطة الحكومة بشأن توفير بدائل للمضارين من التعديلات المحتملة.
وأعلن المستشار الدكتور حنفي جبالي رئيس المجلس عقد جلسة جديدة غدًا الأربعاء، رغم أنها لم تكن مدرجة على جدول هذا الأسبوع، داعيًا النواب والإعلام لحضورها، مختتمًا كلمته بتحذير مبطن للحكومة، قال فيه "أرجو أن تكون الرسالة قد وصلت".
جاء قرار إرجاء المناقشة بعد نحو 5 ساعات فقط من المداولات التي اتسمت بالتوتر، عقب عرض اللواء خيرت بركات، رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بيانات وصفها بـ"التقديرية"، استنادًا إلى تعداد 2017، معتبرًا أن "كل من تجاوز 60 عامًا في ذلك التعداد يعد مستأجرًا أصليًا"، موضحًا أن عدد المستأجرين الأصليين يُقدّر بـ409 آلاف و276 من أصل نحو 1.6 مليون مستأجر على مستوى الجمهورية. وأضاف أن هذا الأسلوب الإحصائي متبع دوليًا.
إلا أن هذه الأرقام أثارت اعتراض عدد كبير من النواب من مختلف التيارات السياسية. ورفض النائب ضياء الدين داود المضي في مناقشة المشروع دون توافر بيانات دقيقة، وسانده في ذلك نواب من أحزاب حماة الوطن، والتجمع، والمصري الديمقراطي الاجتماعي، والإصلاح والتنمية، والوفد، والمؤتمر، والعدل، إضافة إلى أعضاء من تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين ومستقلين بينهم النائب أحمد الشرقاوي.
وأكد النواب أن المشروع يمس فئات واسعة من المواطنين، ويحتاج إلى إعداد دقيق وتوفير بدائل واضحة قبل أي تحرك تشريعي، داعين الحكومة لتحمل مسؤولياتها بإجراء حوار مجتمعي حقيقي وتقديم بيانات موثوقة.
وفي ختام الجلسة، تحدث رئيس الهيئة البرلمانية لحزب مستقبل وطن عبد الهادي القصبي، مؤكدًا أن الحزب لا يستهدف إلا مصلحة المواطن، وقال "بعد الاستماع إلى كل الأحزاب، نطلب تأجيل مناقشة مشروع القانون حتى تقدم الحكومة بيانات واضحة وموثوقة يمكن البناء عليها". وتبع حديثه تصفيق واسع من النواب وهتافات "تحيا مصر".
من جانبه، علق جبالي الجلسة قائلًا "من الواضح أن الحكومة حضرت إلى البرلمان وهي غير مستعدة"، مضيفًا "هذه ليست المرة الأولى، وقد أحالت الحكومة مشاريع قوانين من قبل دون أن تُجري بشأنها الحوارات المجتمعية أو الدراسات الكافية".
كان رئيس مجلس النواب دعا الحكومة خلال جلسة أمس لتقديم عدد من البيانات الخاصة بالإيجار القديم وخطط البدائل التي تتعهد بها الحكومة للمستأجرين المضارين من تحرير العلاقة الإيجارية، لكن ذلك لم يحدث.
وفي 17 يونيو/حزيران الجاري قدمت الحكومة تعديلًا على مشروع قانون الإيجار القديم، يتضمن مد الفترة الانتقالية لتحرير العلاقة الإيجارية في الأماكن المؤجرة لغرض السكن إلى 7 سنوات بدلًا من 5.
وسبق وحذر نقيبا المهندسين والأطباء من التداعيات الاجتماعية لتعديلات قانون الإيجار القديم المقترحة من الحكومة في وقت سابق، التي تتضمن إنهاء العلاقة الإيجارية بعد مرور 5 سنوات من تاريخ تطبيق القانون، معتبرين أن هذه الخطوة تؤدي إلى "تفجير اجتماعي" يهدد استقرار ملايين المواطنين.
ومطلع مايو/أيار الماضي، حذَّرت المحامية بالنقض ورئيسة مجلس أمناء مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون انتصار السعيد من خطورة تداعيات مشروع قانون الإيجار القديم خصوصًا على النساء، مؤكدة لـ المنصة أنه "سيضع الساكن والمستأجر في مواجهة ويهدد السلم المجتمعي".
وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكمًا بعدم دستورية ثبات أجرة الأماكن المؤجرة لأغراض السكن الخاضعة للقانون رقم 136 سنة 1981، المعروف بقانون الإيجار القديم، وألزمت مجلس النواب بالتدخل "لإحداث التوازن في العلاقة الإيجارية".
وسبق ودعا الرئيس عبد الفتاح السيسي في أكتوبر/تشرين الأول من العام 2023 إلى ضرورة تحديث قانون الإيجارات القديمة، مشيرًا إلى أن مليوني وحدة "أصحابها ماتوا" فارغة وغير مستغلة بسبب هذا القانون.