أحد العمال، بإذن للمنصة
تجمع عمال غزل المحلة بساحة الشركة، 24 فبراير 2024

بأقل من الحد الأدنى.. "الحريات النقابية" تدين توظيف غزل المحلة لعمال "من الباطن"

أحمد خليفة
منشور الخميس 3 يوليو 2025

أدانت لجنة الحريات النقابية إقبال شركة مصر للغزل والنسيج (غزل المحلة) على تعيين عدد من العمال عبر إحدى شركات إلحاق العمالة "من الباطن" براتب أقل من الحد الأدنى للأجور الذي يبلغ 7 آلاف جنيه، واصفة الخطوة بأنها "تجاوز فج" واعتداء واضح على حقوق العمال "تمثل خصخصة مقنّعة للوظائف العامة، وتفتح الباب واسعًا أمام التلاعب بمصائر آلاف العمال".

ووفق بيان على صفحة دار الخدمات النقابية والعمالية، إحدى الكيانات المكونة لـ"لجنة الحريات النقابية"، على فيسبوك، توجه عدد من الشباب للعمل بشركة غزل المحلة عن طريق إعلان وظائف، باعتبارها جهة عمل "رسمية مستقرة"، لكنهم فوجئوا بعقد عمل مؤقت، طرفه الأول شركة توظيف يقع مقرها بحي المعادي، وليست شركة غزل المحلة، دون أي وضوح في طبيعة العلاقة بين الجهتين، كما لم يستلم العمال النسخ الخاصة بهم من العقد، ما اعتبرته لجنة الحريات النقابية "خرقًا صريحًا للمادة 32 من قانون العمل".

وقال لـ المنصة مصدر عمالي داخل غزل المحلة، وهو نقابي سابق بالشركة، إن هناك نية واضحة من إدارة غزل المحلة والشركة القابضة للغزل والنسيج، بتغيير التركيبة العمالية داخل غزل المحلة، لخلق أجيال من العمال المؤقتين أو العاملين من الباطن عبر شركات إلحاق العمالة، فاقدين لأي حقوق أو مكتسبات حقيقية "وإن كان هذا يتم بأعداد قليلة حاليًا"، فإنه يتوقع أن يكون بالآلاف في المستقبل.

وأكد المصدر الذي طلب عدم نشر اسمه أن الهدف من ذلك القضاء تدريجيًا على العمال ذوي الخبرات النقابية، وإحلال عمال منفصلين عن الشركة وتاريخها النقابي والوطني بوصفها إحدى أهم قلاع الغزل والنسيج في مصر، لتسهيل تمرير أي خطط للخصخصة أو شراكة القطاع الخاص.

وأضاف النقابي السابق أن هذا الاتجاه يتنافى مع تصريحات الحكومة بتطوير شركة غزل المحلة، وإنشاء أكبر مصنع للغزل والنسيج في الشرق الأوسط، متسائلًا "كيف تريدون تطوير الشركة وإنشاء مصانع ضخمة وإنتاج كبير بعمال دون حقوق، منفصلين عن الشركة وبلا أي انتماء لهذا الكيان الضخم الذي تدعون تدشينه".

وتتحدث الحكومة منذ أعوام عن تدشين عدة مصانع جديدة داخل غزل المحلة تشمل الغزل والنسيج والتحضيرات والصباغة، بما يزيد من الطاقة الإنتاجية للشركة، وغزو الأسواق العالمية.

وفي ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي 2024 افتتح رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي مصنع "غزل 1" الجديد، داخل شركة غزل المحلة، وأشاد بالمصنع ووصفه بأنه أكبر مصنع للغزل في العالم من حيث عدد المرادن تحت سقف واحد، بواقع 182784 مردنًا، وبمساحة 62 ألف متر بطاقة 15 طنًا يوميًا من الخيوط الرفيعة من الأقطان المصرية فائقة الطول، وأن جميع إنتاج المصنع مخصص للتصدير.

وجاء في بيان لجنة الحريات النقابية، أن الأجور المدونة بالعقد المشار إليه أقل بكثير من الحد الأدنى القانوني للأجور، وهو عقد مؤقت مدته سنة واحدة، لا يتضمن أي ضمانات للتثبيت أو التأمين الصحي والاجتماعي الحقيقي.

واعتبرت لجنة الحريات النقابية أن ما حدث يمثل تطبيقًا مبكرًا وخطيرًا لمواد قانون العمل الجديد المتعلقة بشركات إلحاق العمالة، ويمهد لتحويل العمال في مصر إلى مجرد سلع مؤقتة بلا ضمانات ولا حقوق ولا استقرار وظيفي.

وأعطت المادة 40 من قانون العمل الجديد لوكالات التشغيل الخاصة التي تتخذ شكل الشركة المساهمة، أو التوصية بالأسهم، أو ذات المسؤولية المحدودة أو الشخص الواحد، الحق في مزاولة عمليات إلحاق المصريين للعمل بالداخل أو الخارج.

كما أتاحت المادة 43 لتلك الشركات تحصيل رسوم قدرها 1% تخصم من أجور، العمال عن السنة الأولى، ما اعتبره نقابيون، تحدثوا لـ المنصة في وقت سابق، يخالف الاتفاقية الدولية رقم 181، الموقعة عليها مصر.

ودعت لجنة الحريات النقابية، التي تضم دار الخدمات النقابية واتحاد تضامن النقابات العمالية وعددًا من مكاتب العمال في الأحزاب، إلى الوقف الفوري للتعاقد مع شركات إلحاق العمالة، وإلغاء العقود الموقعة مع شركة العمالة وإبرام عقود مباشرة مع شركة مصر للغزل والنسيج.

كما طالبت بفتح تحقيق عاجل حول الجهات التي سمحت بتطبيق هذا النموذج داخل أحد أهم المصانع الحكومية في مصر، والالتزام بالحد الأدنى للأجور وتسليم نسخ العقود للعمال كما يقر القانون.

وحذرت من "خطورة هذا النهج الذي ينقل الدولة من دورها كضامن لحقوق العمل إلى مجرد وسيط لعلاقات هشة ومؤقتة".