من هم الجهاديون الجدد؟

منشور الثلاثاء 25 أبريل 2017

السير الذاتية للإرهابيين الذين نشأوا في أوروبا تُظهر أنهم عدميون يتسمون بالعنف قرروا تبني الإسلام، وليسوا مسلمين متشددين تحولوا إلى تبني مناهج العنف.

أوليفر روي- صحيفة"جارديان" البريطانية

 

هناك شيء جديد يتعلق بالإرهابيين الجهاديين الذين ظهروا في العقدين الأخيرين. الإرهاب والجهاد كانا موجودين لسنوات طويلة. أشكال الإرهاب الدولي العديدة التي استُهدِفَت خلالها أماكن ذات قيمة رمزية مهمة أو مدنيون أبرياء، دون اعتبار للحدود القومية، يعود تاريخها إلى بداية الحركة الأناركية (الفوضوية) في بداية القرن التاسع عشر. ما هو غير مسبوق فعلا؛ هو الطريقة التي يتعمد بها "الإرهابيون" الآن إنهاء حيواتهم.

خلال العشرين عامًا الأخيرة، منذ وضع خالد كِلكال خطة تفجير مترو باريس في 1995، وحتى اعتداءات مسرح باتاكلان في 2015، تقريبًا قامت جميع العمليات الإرهابية في فرنسا على تفجير الإرهابيين لأنفسهم، أو تعريض أنفسهم للموت على يد الشرطة.

محمد مراح الذي قتل حاخام يهودي وثلاثة أطفال في مدرسة بتولوز في 2012، ردد تنويعًا على عبارة شهيرة منسوبة لأسامة بن لادن، ويستخدمها الجهاديون بشكل روتيني: "نحن نحب الموت كما تحبون الحياة". الآن لم يعد موت الإرهابي مجرد احتمال، أو عاقبة مؤسفة لتصرفه؛ بل هو جزء محوري من خطته. هذا الانبهار بالموت يوجد أيضًا في ذهن الجهاديين الذين ينضمون لتنظيم الدولة الإسلامية. الهجمات الانتحارية تُرى باعتبارها الهدف الأسمى لانضمامهم للتنظيم.

                                      

محمد مراح منفذ اعتداءات تولوز

هذا الخيار المتكرر يُعَد تطورًا حديثًا. منظمي الهجمات الإرهابية التي شهدتها فرنسا خلال عقدي السبعينات وثمانينات القرن الماضي، سواء كانوا ذوي صلة بالشرق الأوسط أم لا، كانوا يخططون لهروبهم بعد تنفيذ العملية بعناية شديدة. التقليد الإسلامي، رغم اعترافه بالمكانة السامية للشهيد الذي يموت خلال القتال، لا يُعلي من شأن هؤلاء الذين يسعون بإصرار نحو الموت، لأن هذا يعد تدخلاً في إرادة الله.

إذن، لم دأب الإرهابيون خلال الأعوام العشرين الأخيرة على اختيار الموت؟ ما الذي يقوله هذا عن التشدد الإسلامي المعاصر؟ وما الذي يقوله عن مجتمعاتنا اليوم؟

السؤال الأخير هو الأكثر أهمية، فهذا التوجه نحو الموت يتصل بقوة بكون الحركة الجهادية المعاصرة في الغرب والمغرب وتركيا، هي حركة شابة، لم تؤسس فقط على الدين والثقافة الموروثين من الآباء، لكنها متجذرة كذلك في المجال الأوسع للثقافة الشابة. هذا المفهوم للجهادية المعاصرة، هو مفهوم جذري ومُؤسِّس.  

حيثما تتواجد تلك "الكراهية الجيلية"، تتخذ كذلك شكل هدم الأيقونات الثقافية. ليس البشر وحدهم الذين يتعرضون للتدمير، بل التماثيل والكتب والأماكن ذات الرمزية وأماكن العبادة كذلك. يتم محو الذاكرة. "تصفير الوضع" (جعله صفريًا) كان هدف الجيش الأحمر التابع لماو- زي دونج، والخمير الحمر ومقاتلوا "داعش". أو كما كتب أحد الجهاديين البريطانيين في دليل التجنيد الخاص بالتنظيم: "عندما نخرج لشوارع لندن، باريس وواشنطن.. لن نهدر دماءكم فقط؛ سندمر تماثيلكم ونمحو تاريخكم والأكثر إيلامًا: سنستقطب ابناءكم ونجعلهم يمجدون اسماءنا ويلعنون آباءهم".   

بينما تجتذب الثورات طاقة ورفض الشباب، يرفض معظمهم في خضم الثورة أن يدمر ما أنتجه الماضي. الثورة البلشفية قررت أن تضع التاريخ في المتاحف، عوضًا عن تدميره، والثورة الإيرانية الإسلامية، لم تفكر أبدًا في تدمير برسوبوليس.

هذا البعد من التدمير الذاتي ليس له علاقة بالوضع السياسي في الشرق الأوسط. هو كذلك استراتيجية غير منتجة. فرغم أن "داعش" تدعي أن مهمتها هي إعادة الخلافة؛ فإن عدميتها تجعل هذا الهدف مستحيل التحقق، فهو يجعل من عملية الوصول إلى حل سياسي أو التفاوض أو حتى تحقيق أي شكل من أشكال المجتمعات المستقرة ذات الحدود المعترف بها، أمرًا غير وارد التحقق.

الخلافة مجرد فانتازيا، إنها أسطورة ذات وجود أيدولوجي، تتسع حدودها باستمرار. استحالتها الاستراتيجية تشرح لِم يُقدِم من يعرِّفون أنفسهم بالانتساب إليها على الموت، عوضًا عن خدمة المسلمين في محيطهم. لا يوجد منظور سياسي أو مستقبل مشرق، ولا حتى مكان ليؤدوا فيه صلواتهم بأمان. ولكن بينما السعي للخلافة هو فعلا من صميم المخيلة الدينية الإسلامية، لا يمكننا قول الشيء ذاته عن السعي للموت.

بالإضافة لذلك؛ فإن "الإرهاب" الانتحاري غير مؤثر حتى من وجهة النظر العسكرية. فبينما يمكن إيجاد بعض العقلانية في "الإرهاب البسيط"، حيث يقوم بضعة أفراد يتمتعون بالإصرار الكافي بالتسبب في ضرر بالغ  لعدو أكثر قوة منهم بكثير؛ فإن هذه القدرة الواسعة على الإضرار وتحقيق الهدف السياسي من خلال إيقاع الأذى،  تغيب تمامًا في فعل الانتحار. حقيقة أن مئات المسلحين يتم استخدامهم مرة واحدة فقط، هي غير عقلانية، الهجمات الإرهابية لا تُخضع الغرب، بل على العكس؛ إنها تثير ردة فعل قوية. هذا الإرهاب الحادث اليوم يقضي على حيوات عدد من المسلمين أكبر من أعداد الضحايا الغربيين.

الارتباط المنظم بالموت هو أحد المفاتيح التي يمكن من خلالها فهم الراديكالية المعاصرة: البعد العدمي يشكل محورًا مركزيًا. ما يثير هنا ويلفت الانتباه، هو فكرة "الثورة المجردة". العنف ليس سبيلاً لتحقيق الهدف، بل هو هدف في ذاته.

 

                                       

تنظيم الدولة الإسلامية

هذه ليست القصة الكاملة: من المفهوم أن صيغًا أخرى "أكثر عقلانية" من الإرهاب قد تظهر قريبًا على الساحة. ومن المحتمل ايضًا أن هذه الصيغة من الإرهاب مؤقتة.

السبب في صعود تنظيم الدولة الإسلامية يتصل بالتأكيد بالحالة السياسية في الشرق الأوسط، واختفائها لن يغير العناصر الرئيسة للموقف. "داعش" لم تخترع الإرهاب: هي تأخذ من مَعِين موجود فعلا. عبقرية تنظيم الدولة الإسلامية في الكيفية التي تقدم بها لملتحقيها الشباب الإطار المُرْضِي لتحقيق أهدافهم. لذا فمن الجيد بالنسبة للتنظيم أن هؤلاء الذين يتطوعون للموت هم المضطربون المصابون بالهشاشة، الثوار بلا قضية. هم ليست لهم علاقة حقيقية بالحركة، لكنهم مستعدون لإعلان ولائهم لها حتى يصبح انتحارهم جزءًا من مشهد عالمي.      

ولهذا نحتاج إلى مقاربة جديدة للتعامل مع مشكلة تنظيم الدولة الإسلامية، مقاربة تسعى لفهم العنف الإسلامي المعاصر وموقعه بجوار أشكال العنف والتشدد الأخرى الشبيهة به. أشكال العنف والتشدد التي تنطوي على "ثورة جيلية" وتدمير للذات وانقطاع جذري عن المجتمع وتبنِّي لـ"جماليات العنف"، نحتاج لدراسة الجماعات التي تأخذ على عاتقها تحقيق يوم الدينونة.  

تشدد الإسلام أم أسلمة التشدد؟

 

                                               

فرنسيون يضعون الزهور أمام مسرح باتاكلان 

غالبًا ما ننسى أن الإرهاب الانتحاري مثل الذي يمارسه تنظيما القاعدة والدولة الإسلامية، هو مفهوم حديث على تاريخ العالم الإسلامي، ولا يمكن تفسيره ببساطة بصعود الفكر الأصولي. علينا أن نفهم أن هذا النوع من الإرهاب غير نابع عن التشدد الإسلامي، بل عن أسلمة التشدد.

وبعيدًا عن تبرئة الإسلام، فإن "أسلمة التشدد" تجبرنا أن نتساءل: لماذا وكيف صار الصغار ذوي الروح الثورية يرون في الإسلام  منظومة تعبر عن تلك الروح. هذا لا ينفي حقيقة أن الإسلام المتشدد يتطور منذ أكثر من 40 عامًا.

هناك انتقادات قوية لهذا الطرح. يدعي أحد الباحثين أنني تجاهلت الأسباب السياسية لتلك الثورة، وانني أسقطت عن عمد التاريخ الكولونيالي والتدخلات العسكرية الغربية ضد شعوب الشرق الأوسط، والاستبعاد المتعمَّد للمهاجرين منه وأبنائهم. وعلى الجانب الأخر، اتهمت بأنني اتجاهل الصلة بين عنف الإرهاب والأًصولية الدينية في الإسلام التي تتبدى عبر السلفية، وهي اتجاه شديد المحافظة في فهم الدين.

أنا أعي تمامًا كل هذه الابعاد؛ لكني ببساطة أقول: إنها عناصر غير كافية لفهم الظاهرة التي نتدارسها، فليس هناك رابط بينها وبين الأدلة الإمبريقية "التطبيقية" التي بين أيدينا.

ما أطرحه هو أن التشدد العنيف ليس نتيجة للتشدد الديني، حتى لو كان ينتهج نفس المسالك ويستعير من ذات المنظومة. الأصولية الدينية موجودة بالطبع، وهي تحوي في قلبها أسباب العديد من المشاكل الاجتماعية في المجتمعات المسلمة لكونها ترفض القيم المؤسَّسة على الخيار الشخصي والحرية والفردية. لكنها لا تقود بالضرورة للعنف السياسي.

الاحتجاج بأن الأصوليين تحركهم المعاناة التي عاناها المسلمون الذين تم احتلالهم في الماضي، أو لأنهم ضحايا عنصرية أو أشكال أخرى من التمييز والقصف الأمريكي باستخدام طائرات بلا طيار والاستشراق وغيرها؛ كل هذا يُلمح لأن حالة الغضب والثورة يقودها ضحايا. لكن العلاقة بين الأصوليين والضحايا مُتَخَيَّلة أكثر منها حقيقية.

هؤلاء الذين ينفذون الهجمات في أوروبا ليسوا مقيمين في قطاع غزة، ليبيا أو أفغانستان. هم ليسوا بالضرورة الأفقر أو الأكثر تعرضًا للانتهاك والإهانة والأقل اندماجًا في مجتمعاتهم. حقيقة أن 25% من الجهاديين هم من المتحولين إلى الإسلام، تشهد بأن الربط بين المتطرفين و"قومهم" هو مجرد رابط متخيل إلى حد بعيد جدًا.

الثوريون غالبًا لا يأتون من طبقات تطحنها المعاناة. وبتعريفهم باعتبارهم ينتمون للبروليتاريا والحشود والمتعرضين للاحتلال، فإننا نتخذ خيارًا مبنيًا على شيء آخر غير موقفهم الواقعي. قليل جدًا من من الإرهابيين أو الجهاديين يهتمون بإذاعة تفاصيل حياتهم. هم غالبًا يتحدثون عن حكايات آخرين يعانون، لم يروهم رؤي الاعين. لم يكن الفلسطينيين هم من أطلقوا النار في مسرح باتاكلان.

حتى منتصف التسعينات، أغلب الجهاديين جاءوا من الشرق الأوسط، وحاربوا في أفغانستان قبل سقوط النظام الشيوعي هناك في 1992. بعد ذلك، عادوا إلى بلدانهم وشاركوا في الجهاد، أو حاربوا من أجل تلك القضية في الخارج. هؤلاء هم من ركبوا موجة الهجمات الدولية (كالهجوم الأول على مركز التجارة العالمي بنيويورك في 1993، والهجمات على السفارات الأمريكية في شرق أفريقيا في 1998 والمدمرة البحرية الأمريكية كول عام 2000).

الجيل الأول من الجهاديين تعلم على يد أمثال بن لادن ورمزي يوسف وخالد شيخ محمد. ولكن سلالة جديدة بدأت في النمو والتشكُّل منذ 1995، تعرف هذه السلالة في الغرب باسم "إرهابيو الصوبة".

من هم هؤلاء المتشددون؟ نحن نعرف أسماء العديدين منهم بفضل الشرطة التي تتبعت الهجمات التي وقعت في أوروبا والولايات المتحدة. ولا يزال العديدون منهم يُلقى القبض عليهم بينما يخططون لهجمات جديدة. لسنا بحاجة للبدء في دراسات ميدانية طويلة ومرهقة كي نعرف مسار الإرهابيين. كل البيانات والملفات الشخصية متاحة بالفعل.

                              

الأمن الأسباني يلقي القبض على شاب من أصل مغربي كان يخطط لاعتداء مسلح

وعندما يتعلق الأمر بفهم دوافعهم، لدينا أثار خطابتهم: تغريدات وملفات محادثات جوجل وسكايب ورسائل تبادلوها عبر فيسبوك وواتس-آب. إنهم يتصلون بأصدقائهم وأسرهم. ويصدرون بيانات قبل موتهم، ويتركون شهاداتهم مسجلة في مقاطع فيديو. باختصار، حتى لو لم نكن واثقين اننا نفهمها بشكل دقيق، فنحن على علم بها ونألفها.

بالتإكيد لدينا معلومات عن حيوات الإرهابيين الذين يعملون في أوروبا، أكثر من الجهاديين يتوجهون للعيش في دول أخرى ولا يعودون أبدًا. ولكن، كما وجد بحث أجرته كلية الدراسات السياسية في باريس عن الجهاديين الفرنسيين الذين ماتوا في سوريا، فهناك العديد من الخصائص المشتركة بين هاتين المجموعتين. هنا سأركز على فئة البلجيكيين- الفرنسيين، الذين يحتلون المراتب الأعلى وسط الجهاديين الغربيين. ولكن ألمانيا والمملكة المتحدة والدنمارك وهولندا أيضًا، لديهم تمثيل غير قليل على خطوط القتال الأمامية.

باستخدام هذه المعلومات، صارت لدى قاعدة بيانات لحوالي 100 شخص تورطوا في مشهد الإرهاب في فرنسا، أو تركوا فرنسا وبلجيكا للمشاركة في الجهاد العالمي خلال الأعوام العشرين الأخيرة. وهم يضمون منفذي جميع العمليات الكبرى التي استهدفت فرنسا وبلجيكا داخل أراضي الدولتين.

لا يوجد بروفايل معين للإرهابي، ولكن هناك خًائص تتكرر. الاستنتاج الأول الذي يمكن ان نتوصل إليه من الملفات هو أن سمات الجهاهديين نادرًا ما تغيرت خلال العشرين عامًا الأخيرة. خالد كلكال أول إرهابي صوبة في فرنسا، والأخوين قواشي ( هجوم تشارلي إبدو، باريس، 2015) كلهم يتشاركون في عدد من الصفات المشتركة: هم من الجيل الثاني من المهاجرين؛ يبدون وكأنهم مندمجين في مجتمعاتهم بشكل جيد في البداية، يتورطون في جرائم صغيرة، يتبنون الأفكار المتشددة في السجن، يقومون بتنفيذ هجوم يقود إلى حتفهم، أو يموتون خلال اشتباك مسلح مع الشرطة.  

سمة أخرى تتشارك فيها كل الدول الغربية، منفذو الهجمات هم "مسلمون ولدوا من جديد"، بعد أن عاشواحياة مفرطة في علمانيتها فجأة يجددون إيمانهم سواء بشكل شخصي أو ضمن مجموعة صغيرة. الأخوين عبد السلام اللذين أدارا بارًا في بروكسل، ودأبوا على السهر في الملاهي الليلة طوال الشهور التي سبقت قيامهم بإطلاق النار في مسرح باتاكلان، مثالاً. معظمهم يتحركون لتنفيذ عملياتهم بعد أشهر قليلة من عودتهم أو تحولهم للإسلام. لكنهم دومًا كانت ليهم علامات تطرف، ليس بالضرورة دينيًا.

تقريبًا في كل الحالات، العملية التي تتشكل بها المجموعة المتشددة تكاد تكون متطابقة. أعضاء المجموعة غالبًا إما أشقاء أو أصدقاء طفولة، أو تزاملوا في السجن، وأحيانًا؛ تعرفوا على بعضهم في معسكر تدريبي. المرات التي تشارك فيها شقيقان في تنفيذ عمليات إرهابية، عددها مذهل فعلاً.

 

الأخوين قواشي، منفذا الهجوم على صحيفة تشارلي إبدو

هذا التمثيل الكبير للإخوة لا يحدث في أي شكل آخر من أشكال التشدد، سواء في الجماعات الإسلامية أو لدى المتطرفين اليساريين. ما يسلط الضوء على البعد الجيلي البارز للتشدد.

الجهادي السابق ديفيد فالات كتب أن خطاب أئمة التشدد يمكن تلخيصها في: "إن إسلام آبائكم هو ما تركه المستعمرون وراءهم، إسلام هؤلاء الذين ينحنون ويطيعون. إسلامنا هو إسلام المقاتلين، والدم والمقاومة".  

الخيط الجامع

المتشددون غالبًا أيتام كالأخوين قواشي، أو يأتون من أسرة مفككة. هم لا يثورون ضد أبائهم بالضرورة، بل ضد ما يمثله هؤلاء الآباء: الإهانة، والأحكام المسبقة التي وضعها المجتمع، وما يراه هؤلاء المتشددون جهلا دينيًا لدى الآباء.

كثير من المتشددين الجُدد منغمسون في ثقافة الشباب: يذهبون إلى الملاهي الليلية ويصادقون الفتيات، يدخنون ويشربون الكحول. حوالي 50% من الجهاديين في فرنسا – وفقًا لقاعدة البيانات المتوفرة لدي- لهم تاريخ من التورط في الجرائم الصغيرة، غالبًا تجارة المخدرات، لكنهم تورطوا كذلك في أعمال العنف وبوتيرة أقل؛ السرقة المسلحة. هناك رقم آخر لافت بالنسبة لجهاديي ألمانيا والولايات المتحدة، من المفاجئ أن ترى كم حوادث القيادة تحت تأثير الخمر التي اعتقل خلالها هؤلاء الشباب. ملابسهم أيضًا تتسق مع السائد بين شباب هذه الأيام: ماركات شهيرة، قبعات بيسبول، قمصان ذات طواقي تخفي الرأس والوجه، أو اختصارًا: "ثياب الشارع"، ولا يوجد حتى في ثيابهم ما يتصل بمجتمعاتهم وخلفياتهم الإسلامية.  

أذواقهم الموسيقية أيضًا تتفق مع عصرهم: يحبون موسيقى الراب ويخرجون للملاهي الليلية. واحد من أشهر النماذج المتحولة للتطرف، مغني الراب الالماني دينيس كوسبرت، الذي كان اسمه الفني ديسو دوج ثم ًار يعرف باسم "أبو طلحة الألماني" عندما ذهب للقتال في سوريا. وبشكل طبيعي هم أيضًا متعلقين بألعاب الكمبيوتر ومحبين لأفلام العنف الأمريكية.  

                                      

أبو طلحة الألماني

 

ميولهم العدوانية يمكنها أن تظهر عبر نوافذ أخرى غير الجهاد أو الإرهاب- كما نرى في حروب عصابات مارسيليا. يمكن لهذه الميول أن تجد لها منفذا من خلال مؤسسات تمنحهم فرصة ممارسة هذا العنف، محمد مراح (منفذ اعتداء تولوز) أراد الالتحاق بالجيش- ولعب الرياضة. ومجموعة من البرتغاليين المتحولين حديثًا للإسلام والذين تعود أصول معظمهم إلى أنجولا، تركوا لندن وتوجهوا للالتحاق بتنظيم الدولة الإسلامية، بعد أن تشكلت صداقتهم في نادي ملاكمة تايلاندية أسسته منظمة بريطانية غير حكومية. الرياضات القتالية أهم من المساجد في الحياة الاجتماعية للجهاديين.

فترة السجن تنشئ صلة بينهم وبين زملائهم المتشددين، هناك بعيدًا عن أي صيغة "مؤسسية" للدين، يقوم السجن بتضخيم العوامل التي تغذي التشدد المعاصر: البعد الجيلي، الثورة ضد النظام، وتشعُّب السلفية البسيطة، وتشكُّل مجموعة صغيرة متلاصقة، والبحث عن الكرامة المتصلة باحترام نمط حياة معين، وفهم الجريمة باعتبارها رفضًا سياسيًا مشروعًا.

عنصر آخر مشترك هو ابتعاد هؤلاء المتشددين عن دائرتهم القريبة السابقة. هم لم ينشأوا في بيئة متدينة بشكل لافت. علاقتهم بالمسجد المحلي كانت شبه منقطعة: إما أنهم يحضرون الصلوات في المناسبات الدينية الكبرى، أو تم طردهم لأنهم أظهروا عدم الاحترام للإمام المحلي.

لم ينتم أيهم إلى الإخوان المسلمين، ولم يعمل أي منهم مع المنظمات الخيرية الإسلامية. كما لم يشارك أي واحد منهم في الأنشطة الدعوية ولم ينتموا لحركة التضامن مع فلسطين. وأخيرًا؛ لم "يتأسلموا" على يد واحدة من الحركات الدينية قبل أن يتوجهوا للإرهاب.

لو كان هناك تشدد ديني بالفعل، فهو لم يحدث في إطار المساجد السلفية، بل إما بشكل فردي أو ضمن مجموعة. الاستثناء الوحيد هو بريطانيا، التي تضم شبكة من المساجد الاصولية، يؤمها أفراد من حركة "المهاجرون"، التي أنتجت حركة أكثر تشددًا وهي "شريعة من أجل المملكة المتحدة"- Sharia4UK، التي يقودها أنجم شودري.

 

مظاهرة لمجموعة

     السؤال هنا: متى يتبنى الجهاديين الدين؟ الميل نحو الدين ينمو خارج البنية المجتمعية لهؤلاء الشباب، في وقت متأخر، وليس قبل اتجاههم للإرهاب وتنفيذهم لعملياتهم بوقت طويل.

الخلاصة: الأصولي شاب، متحول حديثًا للإسلام أو من الجيل الثاني للمهاجرين، مارس جرائم صغيرة، لم يتلق تعليمًا دينيًا، لكن مر بعملية سريعة من العودة للدين أو التحول إليه من خلال مجموعة من الأصدقاء أو من خلال الإنترنت وليس من خلال مسجد. غالبًا لا يُبقى تدينه الجديد سرًا، لكنه يحرص على إعلانه والتعبير عنه. ولا ينغمس بالضرورة في ممارسة الشعائر الدينية. الإطار الذي يمارس فيه تدينه هو العنف، وعدوه "كافر" لا يمكن مساومته أو التفاوض معه- لكن هؤلاء الكفار أيضًا ضمن أفراد عائلته الذين يتهمهم بممارسة إسلام غير صحيح أو الذين يرفضون التحول عن دينهم إلى الإسلام.

في الوقت نفسه، من الواضح أن قرار الأصوليين بتبني الجهاد وإعلان الولاء لجناح متطرف هو مجرد انتهازية: فالإشارة للإسلام هو ما يصنع الفرق بين الجهاد وأشكال العنف الأخرى التي ينخرط فيها شباب آخرون. تمييز هذه الثثقافة لا ينطوي على تبرئة للإسلام. حقيقة أن هؤلاء الشباب يختارون الإسلام كإطار للتفكير والممارسة هي حقيقة مؤسِّسة، وتحديدًا هذا هو ما يجب أن نفهمه: أسلمة العنف، لا عنف الإسلام.

وبعيدًا عن السمات المشتركة التي ذكرناها، لا يوجد خصائص اقتصادية أو اجتماعية أخرى تُميِّز المتطرفين الجدد. هناك تفسير شائع ومبسط جدًا، يرى أن التشدد نابع عن فشل عملية الإدماج في المجتمعات الغربية، ما يعني أن الراديكالية هي نذير بالحرب الأهلية القادمة. لا يأخذ أحد من وقته دقيقة ليفكر في حشود المهاجرين المسلمين الذين نجحوا في الاندماج في مجتمعاتهم الجديدة. فمثلا في فرنسا هناك حقيقة لا مجال للشك فيها تقل إن عدد المسلمين الملتحقين بالجيش والشرطة فيها أكبر بكثير جدًا من عدد المسلمين المنخرطين في الجهاد.

                                         

شرطيان فرنسيان يشاركان في تأمين محطة مترو باريسية بعد اعتداءات بروكسل

الأكثر من هذا؛ المتشددون لا يأتون من مجتمعات متشددة. الأخوان عبد السلام كان لديهما بار في منطقة توصف بأنها سلفية، ما يعني أنهما تخطيا حدودهما بافتتاح بار تؤمه نساء غير محجبات وبنات ورجال يحتسون الخمور. هذا المثال يظهر أن هذه الأحياء التي نراها متشددة، هي في الحقيقة أعقد بكثير من تصوراتنا عنها.

من الشائع رؤية الجهاد باعتباره امتداد للسلفية. ليس كل السلفيين مجاهدين، لكن كل الجهادين هم سلفيون افتراضًا، إذن فالسلفية  بوابة من بوابات عدة للتطرف. أي أن الأصولية الدينية خطوة أولى في طريق الأصولية السياسية. لكن الأمور أكثر تعقيدًا من هذا كما رأينا.

من الواضح كذلك أن هؤلا ءالشباب مؤمنون مخلصون: هم يؤمنون فعلاً أنهم سيذهبون للجنة، ومرجعيتهم في ذلك إسلامية عميقة. ينضمون لمنظمات تريد أن تُرسي نظامًا إسلاميًا، أو حتى كما في حالة تنظيم الدولة تريد استعادة الخلافة. ولكن أي صيغة من الإسلام نتكلم عنها هنا؟

كما رأينا، فالجهاديون لم يتجهوا للعنف بعد قراءة النصوص المقدسة، ليست لديهم الثقافة الدينية اللازمة لفعل ذلك- هم أصلا لا يهتمون حتى بامتلاك تلك الثقافة. هم لا يتحولون للأصولية لأنهم أساءوا قراءة النصوص أو لأنه تم التلاعب بهم. وأيًا كانت قاعدة البيانات التي تعتمد عليها، ستجد أن الجهل بالدين لدي الجهاديين مروِّع. ووفقًا لوثائق مسربة عن تنظيم الدولة الإسلامية تحوي بيانات أكثر من 4000 أجنبي منضم؛ فرغم أن معظمهم من ذوي التعليم الجيد؛ إلا أن 70% منهم أقروا بأن معرفتهم بالإسلام سطحية.  

من المهم إذن أن نميز بين نسخة الإسلام التي تفرضها "داعش" والتي تجد جذورها في التعليمات المنقولة عن النبي محمد وفي التفسيرات والرؤى التي وضعها باحثو "فقهاء" الإسلام، وبين نسخة الإسلام التي يتبناها من يعلنون ولاءهم للتنظيم، والتي تتمحور في مجملها حول البطولة والعنف بصيغه المعاصرة.

التفاسير التي تملأ مجلتي دابق ودار الإسلام اللتان تصدرهما داعش بالفرنسية والإنجليزية ليست هي سبب التشدد. ربما تساعد على تقديم تبرير ثيولوجي "ديني" للعنف الذي يتبناه الأصوليون. هو تبرير ثيولوجي غير مؤسس على معرفة حقيقية بل على الانبهار بالسلطة والقوة.

عندما يتحدث الجهاديون الصغار عن "الحقيقة"، فهذه ليست إشارة أبدًا إلى المعارف المُشوَّشَة التي حصلوا عليها، بل يعنون رؤيتهم هم لما يؤمنون به، والتي يدعمونها بأقوال متواترة عن الشيوخ الذين لم يقرأوا لهم أبدًا. مثلا: سيدريك، شاب فرنسي تحول للإسلام، زعم خلال محاكمته أنه "ليس جهادي كيبورد" قال: " لم أتحول للإسلام على يوتيوب، أقرأ للفقهاء، الفقهاء الحقيقيين" قال سيدريك هذا رغم أنه أصلا لا يقرأ العربية، ورغم أنه قابل مجموعته الجهادية بالفعل عبر الإنترنت.

من المنطقي إذان أن نستمع لما يقوله الإرهابيون. هذه التيمة تتكرر معهم كلهم، ويمكن إجمالها في تعليق قاله محمد صديق خان زعيم المجموعة التي قادت هجوم لندن في 7 يوليو/ حزيران 2005: دافعه الأول للإقدام على ما فعل هو "الجرائم البشعة التي ارتكبها الغرب في حق المسلمين". وفي تفريغ لشهادته في المحكمة يقول: "قومي في كل أنحاء العالم"، والدافع الثاني هو لعب دور البطل المنتقم: "أنا مسؤول بشكل مباشر عن حماية إخوتي وأخواتي في الإسلام والانتقام لهم". أما السبب الثالث فهو الموت: "نحن نحب الموت مثلما تحبون أنتم الحياة". واستقباله في السماء: "أدعو الله أن ينزلني منزلة الشهداء وأن أكون مع الأنبياء والرسل والصِدِّيقين".

المجتمع الإسلامي الذي يتوق هؤلاء الإرهابيون للانتقام له لم يكن أبدًا محددًا. هو ليس حقيقة تاريخية ولا نسبية. عندما يهاجمون السياسات الغربية في الشرق الأوسط، يسمون الغربيين بالصليبيين.

هم لا يشيرون بشكل واضح للحقبة الاستعمارية. يرفضون أو لا يحترمون جميع الحركات الدينية السابقة عليهم، تقريبًا لا يعود أي منهم إلى البلد التي أتى منها أبويه كي يشن فيها جهاده. ومن الجدير بالملاحظة أن أي من هؤلاء الجهاديين سواء ولد مسلمًا أو تحول للإسلام، لم يشارك أو يدعو للتضامن مع الفلسطينيين أو ينضم لأي مؤسسة مهتمة بمحاربة الإسلاموفوبيا. هم يقرأون الكتابات الدينية التي تظهر على الإنترنت بالإنجليزية أو الفرنسية، لكنهم لا يقرأون أبدًا النصوص العربية.  

ومن الغريب أن هؤلاءالمدافعين عن "الدولة الإسلامية"، لايتكلمون أبدًا عن الشريعة ولا يخطر لهم النقاش حول "المجتمع الإسلامي" الذي سيُبنى تحت مظلة تنظيم الدولة الإسلامية.

هؤلاء الذين يقولون أنهم ذهبوا لسوريا كي يعيشوا في " مجتمع إسلامي حقيقي" هم من العائدين الذين يدَّعون أنهم رفضوا الانخراط في العنف أثناء إقامتهم هناك، وكأن رغبتهم في شن الجهاد وفي الحياة في مجتمع إسلامي أمران لا يستقيمان معا. وهما كذلك بالفعل لأن الحياة في مجتمع إسلامي ليس أمرًا جذابًا بالنسبة للجهاديين: هم لا يذهبون للشرق الأوسط كي يحيوا هناك، بل لكي يموتوا، هذه هي المعضلة: هؤلاء الأصوليون الصغار ليسوا يوتوبيين (طامحين إلى العيش في مجتمع مثالي) بل عدميين.

                                   

منتمون لتنظيم الدولة في الجزائر يودعون زميل لهم قبل تنفيذ عملية انتحارية

هؤلاء الراديكاليون الجدد أكثر تشددًا من سابقيهم من الثوريين والسلفيين والإسلاميين في كراهيتهم لمجتمعاتهم التي يعيشون فيها، سواء كانت مجتمعات غربية أو مجتمعات مسلمة. هذه الكراهية تعبر عن نفسها في سعيهم لموتهم بينما يمارسون القتل الجماعي. هم يقتلون أنفسهم مع العالم الذي يرفضونه. منذ 11 سبتمبر 2011، فضّل هؤلاء الأصوليون هذه الطريقة في العمل.

القاتل الجماعي الانتحاري هو للأسف نموذج معاصر شائع. النموذج الممثل هو الشخص الذي يطلق النيران على مدرسة أمريكية، الذي يذهب لمدرسته معتمرًا أسلحته الثقيلة ويقتل أكبر عدد ممكن من الناس بلا تمييز، ثم يقتل نفسه أو يضع نفسه أمام نيران الشرطة كي تقتله. هذا الشخص قد رفع صورًا وفيديوهات وبيانات على الإنترنت بالفعل. في هذه البيانات يفترض في نفسه البطولة وسعيد بحقيقة أن الجميع الآن سيعرف من هو. في الولايات المتحدة وقعت 50 محاولة لاعتداء شبيه بالذي نصفه هنا في الفترة بين 2009 وحتى 2016.

الحدود بين القاتل الجماعي الانتحاري من هذا النوع والمقاتل في سبيل الخلافة غائمة بشكل صرنا نفهمه. القاتل اللطيف، على سبيل المثال، وُصف بأنه مريض عقليًا ثم كمقاتل في "داعش"، جرائمه كلها مُخطط لها مسبقًا، ويمضي إليها مع سبق الإصرار. لكن هذه الأفكار في الحقيقة ليست قاصرة على هذا النوع من القتلة.  

النقطة هنا؛ هي أن علينا ألا نخلط هذه العوامل. كل منها له محدداته، ولكن هناك خيط يجمعها، وهو أن مرتكبيها عدميون شباب ذوي ميول انتحارية. ما تقدمه منظمات مثل القاعدة وداعش هو مجرد السيناريو.  

قوة داعش تكمن في كونها تلعب على مخاوفنا. وعنصر الخوف هنا هو الخوف من الإسلام. التاثير الاستراتيجي لتلك الهجمات هو أثرها السيكولوجي (النفسي). هذه الهجمات لا تؤثر على القدرات العسكرية الغربية، إنها حتى تقويها، حيث إنها تدفع باتجاه معاكس لما كان الغرب قد دأب عليه من تقليص الإنفاق العسكري. تاثيرها الاقتصادي هامشي للغاية، هي فقط تهدد مؤسساتنا الديمقراطية إلى درجة أننا صرنا نستند إليها في تساؤلنا الأبدي عن الصراع بين الأمن ودور القانون. الخوف من أن مجتمعاتنا نفسها ستتحلل وستصير هناك حرب أهلية بين المسلمين منا وغير المسلمين.

نحن نسأل أنفسنا ما الذي يريده الإسلام، ما هو الإسلام، دون أن ندرك للحظة أن "العالم المسلم" ليس له وجود؛ وان "الأمة" هي في أحسن أحوالها أُمنية بعيدة المنال، وفي أسوأها وهم. وأن الصراعات في مبتدأها ومنتهاها، هي صراعات بين المسلمين وبعضهم البعض. وأن المفتاح لهذه الصراعات جميعها هو السياسة. وأن القضايا القومية في الشرق الأوسط هي الأساس. وأن الاقتصاد هو مفتاح قضايا الاندماج في الغرب.

بالتأكيد تنظيما القاعدة و"داعش" قاما ببناء نظام مُتَخيَّل عملاق، يتصوران فيه أنفسهما يقتحمان الغرب ويسيطران عليه. هذه فانتازيا ضخمة، مثل كل الأيدولوجيات الكبرى.

 ولكن على عكس الأيدولوجيات العلمانية الكبرى التي صعدت في القرن العشرين، فإن الجهاد ذا قاعدة سياسية واجتماعية ضيقة للغاية. وكما رأينا، هو فكر غير قادر على حشد الملايين، ويجتذب المنبوذين فحسب.

هناك غواية في رؤية الإسلام كأيدولوجية راديكالية قادرة على حشد قطاعات واسعة من الناس في العالم الإسلامي، كما استطاعت النازية حشد قطاع واسع من الألمان. لكن الحقيقة هي أن ادعاء "داعش" بتأسيس خلافة عالمية هو مجرد وهم، ولهذا هي لم تجذب سوى الشباب المتمتعين بالعنف من المصابين بوهم العظمة.


هذه نسخة منقحة مأخوذة عن دراسة "الجهاد والموت: الجاذبية العالمية للدولة الإسلامية" للباحث أوليفر روي