الصفحة الرسمية لوزير التعليم السابق طارق شوقي- فيسبوك
طلاب بالابتدائي

سوء التغذية يهدد أطفال مصر

التضخم يهدد صحة مليوني تلميذ في المدارس الابتدائية

منشور الأربعاء 29 نوفمبر 2023 - آخر تحديث الأربعاء 29 نوفمبر 2023

قبل عامين، حاول محمد سيد، الموظف بإحدى الهيئات الحكومية بمحافظة الإسكندرية، علاج طفله أحمد الذي يبلغ من العمر ثلاث سنوات، من مرض التقزم؛ المرض نفسه الذي لم يفلح في علاج نفسه منه قبل سنوات طويلة، لكن محاولات محمد باءت بالفشل هذه المرة أيضًا، بسبب عدم قدرته على تحمل تكلفة العلاج الباهظة.

"العلاج مكلف ومعندناش قدرة على تحمل تكاليفه، وللأسف وضع أحمد مش هيتحسن إلا بحقن خاصة بالنمو أسعارها غالية جدًا"، هكذا يصف محمد سيد حالة نجله، مشيرًا إلى أن سوء تغذية الأم خلال فترة الحمل كان أحد الأسباب التي أدت لإصابة أحمد بالمرض.

هذا التحقيق يحاول كشف مدى تأثير سوء التغذية على الأطفال المصريين ما دون سن الخامسة، ومدى انتشار سوء التغذية، وعدد المصابين، وخريطة الانتشار في محافظات الجمهورية، وكيف أثر التضخم في النمط الغذائي للمصريين، ومدى تأثيره في الأطفال والمواليد، وهل ساهمت المبادرات الصحية الحكومية في خفض نسب إصابة الأطفال بأمراض سوء التغذية؟

7.8 مليون مصري يعانون من نقص التغذية

كشفت بيانات منظمة الأغذية والزراعة الحالة التغذوية في مصر، حيث ارتفع معدل انتشار نقص التغذية إلى 7.2% عام 2020/2022 من إجمالي السكان، بعدما كانت 5.3% عام 2012/2014 بزيادة قدرها 1.9%.

رئيسة اللجنة الوطنية لعلوم التغذية بأكاديمية البحث العلمي، الدكتورة حبيبة واصف، قالت لـ المنصة إن نقص التغذية انتشر في العالم كله، وليس مصر وحدها، موضحةً أن ذلك نتيجة تتابع عدة أزمات عالمية، بالإضافة إلى انتشار الوجبات السريعة والمصنّعات، التي تحتوي كميات كبيرة من الملح والسكر والدهون، تُعتبر ثلاثة سموم تهدد المصريين.

ورصدت أحدث إحصائيات صادرة من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في التقرير الإحصائي الوطني لمتابعة أهداف التنمية المستدامة 2030 في مصر 2023، معدل انتشار نقص التغذية في المحافظات.

التقرير رصد خريطة انتشار نقص التغذية في المحافظات لعام 2017/2018، حيث تصدرت أسيوط المحافظات بنسبة 30.8% تلتها أسوان بنسبة 28.8% ثم الإسماعيلية بنسبة 26.8%، وجاءت محافظات الشرقية والقليوبية وكفر الشيخ أقل المحافظات بنسب 3.4% - 6.5% - 6.6% على التوالي.

تباينت الاختلافات في معدل الزيادة والنقصان بين المحافظات بين أعوام 2015 - 2017/2018، وذلك بسبب برامج الحماية الاجتماعية التي نفذتها الدولة على مدار السنوات التالية لعام 2015، ورغم الانخفاض الكبير في نسب معدل انتشار نقص التغذية في بعض المحافظات في تلك الفترة، فذلك واجهه ارتفاع كبير في المحافظات التي سجلت معدلات منخفضة في الفترة نفسها.

فيما كشفت بيانات معدلات انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد (المتوسط) بين السكان، تزايد نسبة السكان الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي في 2020/2022 لتصل إلى 28.5% بعد تناقص على مدار السنتين الماضيتين، كما ارتفعت نسبة من يعانون انعدام الأمن الغذائي الشديد لتصل أعلى نسبة لها منذ عام 2014 وبلغت 8.8%.

تكشف البيانات أن معدل انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد وصل أعلى مستوى له في مصر عام 2017، وذلك بعد تعويم الجنيه المصري في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، وهو ما يوضح مدى تأثير انخفاض قيمة الجنيه على الشريحة الأكبر من المواطنين.

كما أوضحت البيانات ارتفاع عدد من يعانون انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد من جملة السكان إلى 31.1 مليون شخص في 2020/2022، بينما ارتفع عدد من يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد إلى 9.7 مليون شخص بعدما كان 7.6 مليون في 2019/2021.

الدكتورة حبيبة توضح أن هناك زيادة عالمية في عدد من لا يحصلون على غذاء كافٍ ويواجهون انعدام الأمن الغذائي، وذلك بسبب وباء كورونا ثم الأزمات الاقتصادية، وبعدها الحرب الروسية الأوكرانية وتوقف سلاسل الإمداد والغذاء، ما أدى إلى ارتفاع أسعار الغذاء، مبينةً أن مصر بدأت تسعى إلى الاعتماد على الموارد الغذائية المحلية، وتنفيذ برامج للحماية الاجتماعية من أجل تخفيف حدة الآثار.

700 ألف طالب بالمرحلة الابتدائية يعانون من السمنة عام 2022

في عام 2019 أطلقت الحكومة المصرية المبادرة القومية للكشف عن السمنة والأنيميا والتقزم، للكشف المبكر عن أمراض سوء التغذية لدى طلاب المدارس الابتدائية من سن 6 إلى 12 عامًا، وتهدف إلى فحص حوالي 14 مليون طالب سنويًا في حوالي 30 ألف مدرسة حكومية وخاصة، وخصصت 2400 فريق لمتابعة الكشف على الأطفال.

منسق المبادرة، الدكتور تامر سمير، أكد فحص حوالي 45 مليون طالب من الصف الأول وحتى السادس الابتدائي منذ إطلاق المبادرة، موضحًا أن الطالب يُفحص أكثر من مرة دوريًا.

وكشف مصدر داخل الإدارة العامة لبرامج أمراض الطفولة بوزارة الصحة إصابة مليون و927 ألفًا و108 طلاب بأمراض سوء التغذية، من بين 10 ملايين طالب فُحصوا ضمن المبادرة خلال العام الدراسي الماضي. 

وأظهرت النتائج إصابة 913 ألفًا و471 طالبًا بالأنيميا، و708 آلاف و913 طالبًا بالسمنة، و304 آلاف و724 طالبًا بالتقزم، وذلك خلال السنة الأخيرة فقط من الفحص في مراحل التعليم الابتدائية المختلفة، وهي الأرقام التي أكدها منسق المبادرة الدكتور تامر سمير.

تقول دعاء، وهي ربة منزل من القاهرة، إنها لم تكتشف إصابة طفلها البالغ من العمر 11 عامًا بالأنيميا وزيادة الوزن معًا إلا من خلال المبادرة، وبدأت رحلة علاجه، منوهة بأن السبب هو عدم الالتزام بالأكل الصحي، والاعتماد على الوجبات السريعة، وهو ما دعاها إلى تصحيح ذلك.

أستاذة التغذية بجامعة عين شمس، الدكتورة سارة علاء، قالت لـ المنصة إن الأسباب الصحية وراء سوء التغذية تتمثل في وجود خلل مثل مشكلات الأمعاء أو تنظيم الأنزيمات ومنع امتصاص أنواع معينة من الغذاء، بالإضافة إلى العادات التغذوية السيئة والوجبات السريعة التي تحتوي مواد حافظة.

خطر تزايد معدلات وفاة الأطفال دون الخامسة

مؤشر إصابة الأطفال دون الخامسة بأمراض سوء التغذية يمثل أحد المعوقات أمام تحقيق أهداف التنمية المستدامة بالدول، حيث ترتبط نسبة 45% تقريبًا من وفيات الأطفال دون سن الخامسة حول العالم بسوء التغذية، حسب منظمة الصحة العالمية.

وفي مصر تزايد معدل وفيات الأطفال طبقًا للمسح الصحي 2021 عن نتائج المسح الصحي 2014، بينما تناقص معدل الوفيات العام.

وارتفع معدل وفيات الأطفال الرضع إلى 17.8 لكل ألف مولود حي عام 2021، بزيادة قدرها 3.2 في الألف عن عام 2014 حيث كان المعدل 14.6، كما شهد معدل وفيات الأطفال ما دون الخامسة ارتفاعًا قدره 2.9 في الألف حيث كان المعدل في 2014 حوالي 18.9 لكل ألف مولود حي، ووصل عام 2021 إلى 21.8.

ورغم زيادة معدلات وفاة الأطفال الرضع ودون الخامسة بين عامي 2014 و2021، قابل ذلك انخفاض في عدد الوفيات الإجمالي، حيث سجل عام 2014 عدد وفيات 39679 و51367 للرضع ودون الخامسة على التوالي، في حين سجل عام 2021 عدد وفيات 38897 و47716 للرضع ودون الخامسة على التوالي.

وطبقًا للمسح السكاني الصحي 2021، فإن النقص في عدد الوفيات رغم زيادة المعدلات يعود إلى تراجع معدلات الإنجاب من 3.5 مولود لكل سيدة في 2014 إلى 2.8 في عام 2021، وكان عدد المواليد في 2014 حوالي 2.7 مليون مولود، بينما وصل في 2021 إلى 2.2 مليون مولود.

وشهدت محافظة القاهرة أعلى المعدلات في إجمالي وفيات الأطفال أقل من 5 سنوات لعام 2021 حيث سجلت 11722 حالة، تلتها الجيزة 11613، ثم المنيا 9877، فيما سجلت محافظات جنوب سيناء والوادي الجديد والبحر الأحمر أقل عدد وفيات (192، 334، 486 على التوالي).

وفي السياق نفسه، شهدت إصابات الأطفال دون الخامسة بأمراض سوء التغذية بعض المتغيرات ما بين المسح الصحي 2014 والمسح الصحي 2021، حيث انخفضت نسبة الأطفال المصابين بالتقزم من 21.4 في 2014 إلى 12.8 عام 2021، وكذلك انخفضت نسبة زيادة الوزن ونقص الوزن والهزال (11.5، 4، 3.1 على التوالي) في عام 2021 عن نتائج عام 2014 حيث كانت النسب 14.9، و6، و8.4 على التوالي.

وحسب منسق مبادرة الكشف عن السمنة والتقزم والأنيميا، الدكتور تامر سمير، فنقص بعض معدلات الأمراض يعود إلى الجهود المبذولة من الدولة لتقليل سوء التغذية بين الأطفال، وهو ما يظهر في خفض معدلات التقزم وزيادة الوزن.

لكن إحصائيات السكان الصادرة في أول يناير/كانون الثاني 2015 تكشف أن عدد الأطفال دون الخامسة بنهاية عام 2014 وصل إلى 9.9 مليون طفل، بينما وصل عدد الأطفال في منتصف 2021 إلى 12 مليون طفل، وبحساب نسبة المصابين من عدد الأطفال فإن عدد من يعانون الأنيميا وصل إلى الضِعف تقريبًا منذ عام 2014، فيما انخفضت نسبة من يعانون التقزم إلى حوالي 600 ألف حالة، كما انخفض عدد من يعانون من زيادة ونقص الوزن وكذلك الهزال.

وتصدرت جنوب سيناء المحافظات في الإصابة بالتقزم والنحافة، بينما جاءت القليوبية أعلى محافظة في نسبة زيادة الوزن تليها سوهاج وأسيوط، وكذلك تصدرت القليوبية نسبة نقص الوزن تليها المنوفية وكفر الشيخ.

وتصدرت المحافظات الحدودية نسبة الإصابة بالأنيميا بين الأطفال ما دون الخامسة، تلتها محافظات الوجه القبلي ثم المحافظات الحضرية، وجاءت النسب الأقل في محافظات الوجه البحري.

الدكتور تامر سمير يوضح أن زيادة انتشار الأنيميا تعود إلى تغير النمط الغذائي للمصريين، واعتمادهم على الغذاء الخالي من المغذيات والفيتامينات التي يحتاجها الجسم والابتعاد عن الأكل الصحي.

فيما تؤكد أستاذة أمراض الدم بكلية طب قصر العيني، الدكتورة هند الليثي، لـ المنصة أن انتشار الأنيميا بشكل واسع يعود إلى قلة الاعتماد على اللحوم في الغذاء وبسبب نقص الحديد، مشيرةً إلى أن المحافظات الأكثر إصابة هي تلك التي تعاني معدلات فقر أكبر، وبسبب تغير الأنماط الغذائية لسكانها.

أما بالنسبة للوزن الزائد، فتزايدت نسبة الإصابة في محافظات الوجه البحري، بينما كانت أقل في محافظات الوجه القبلي.

طبيب القلب المقيم بمستشفيات جامعة ييل الأمريكية، وأحد المشاركين في دراسة متعمقة خاصة بأمراض سوء التغذية في 105 دول من الدول منخفضة ومتوسطة الدخل، الدكتور عبد الرحمن أبو شوك، قال لـ المنصة إن هناك زيادة ملحوظة فى مستويات زيادة الوزن بين الأطفال، تصل في بعض محافظات مصر إلى ثلث عدد الأطفال، محذرًا من مخاطر السمنة بين الأطفال على المدى الطويل، حيث إنها قد تؤدي للإصابة بأمراض القلب والسكتات القلبية والدماغية وارتفاع ضغط الدم.

وأرجع أبو شوك السبب في اختلاف نسب زيادة الوزن والأنيميا ما بين الوجهين البحري والقبلي، إلى التباين في الحالة الاقتصادية ونسب عمالة الأطفال في هذه المحافظات، وهو ما يؤثر بالسلب في الحالة التغذوية، سواء بالزيادة أو النقص في الوزن.

وتوصل الدكتور أبو شوك في الدراسة التي شارك فيها والتي حملت عنوان "رسم خرائط للأنماط المحلية لفرط الوزن والهزال لدى الأطفال في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل بين عامي 2000 و2017"، أن دمياط تصدرت المحافظات التي ينتشر فيها الهزال بنسبة 13.1% من الأطفال دون سن الخامسة، وجاءت محافظة بني سويف في المرتبة الأخيرة بنسبة 3.4% من إجمالي عدد الأطفال دون سن الخامسة المصابين بالهزال.

فيما جاءت محافظة الشرقية في المرتبة الأولى في نسبة الأطفال المصابين بزيادة الوزن، وقدر الباحثون تلك النسبة بـ36.1% من إجمالي عدد الأطفال دون سن الخامسة في تلك المحافظة، في حين حلت الوادي الجديد في المرتبة الأخيرة بنسبة 15.1% للأطفال المصابين بزيادة الوزن دون سن الخامسة.

وبمقارنة نتائج الدراسة مع نتائج المسح الصحي 2021، فإن محافظات الوجه البحري لا تزال تتصدر النسبة الأعلى لزيادة الوزن مع تزايد النسب في بعض المحافظات، ونقصها في محافظات أخرى.

ارتفاع نسبة المصابات بفقر الدم أكثر من 15%

تعتبر صحة النساء خلال فترة الحمل وما قبلها من أهم العوامل التي تؤثر في صحة الأطفال، وكلما زادت نسبة فقر الدم بين النساء خلال فترة الحمل زادت احتمالية وفاة الطفل أو إصابته بأحد أمراض سوء التغذية.

وارتفعت نسبة السيدات المصابات بفقر الدم بين النساء الحوامل في عمر 19-45 من 20.6% عام 2014 إلى 36.2% عام 2021، وكذلك السيدات المرضعات غير الحوامل والسيدات غير المرضعات وغير الحوامل، وكانت النسب في عام 2014 (28.2 – 25) على التوالي، ووصلت إلى (30.9 – 39.2) على التوالي عام 2021.

أخصائية النساء والتوليد والتجميل النسائي، الدكتورة نوران فودة، قالت لـ المنصة، إن ارتفاع فقر الدم لدى النساء يعود للأساليب غير الصحية في التغذية، والدورة الشهرية، وعدم امتصاص الكمية الكافية من الحديد، وبالنسبة للحوامل بشكل خاص، فإن نمو الجنين يستهلك مخزون الحديد لدى الأم وحمض الفوليك، وهو ما يستلزم متابعة الأم للكشف الدوري ومتابعة معدل الهيموجلوبين بصفة مستمرة، من أجل تحسين صحة الأم والجنين وعدم تعرض الجنين لأي مشكلات صحية قد تؤدي إلى وفاته.

انخفاض قيمة الجنيه تضع مليون مواطن تحت خط الفقر

حسب بحث الدخل والإنفاق لعام 2020، فإن الشرائح الأقل فقرًا في مصر تنفق حوالي 44.6% من دخلها على الطعام والشراب، كما أشار البحث إلى أن نسبة الواقعين تحت خط الفقر وصلت إلى 29.7% وتمثل حوالي 31 مليون مواطن، يعيشون تحت خط الفقر الذي تم تحديده بـ857 جنيهًا في الشهر (10279 جنيهًا في العام).

الخبير الاقتصادي، محمد عبد الهادي، يقول لـ المنصة إن نسبة التضخم ارتفعت إلى مستويات قياسية، وبعد الحرب الروسية الأوكرانية انخفضت قيمة الجنيه أكثر من 5 مرات، موضحًا أنه طبقًا للإحصائيات العالمية فإن كل زيادة لسعر صرف الدولار أمام الجنيه بمقدار جنيه واحد تضع مليون مواطن جديد تحت خط الفقر، وهو ما يعني زيادة عدد الفقراء بنسب مرتفعة.

الفقراء عرضة أكثر للإصابة بأمراض سوء التغذية

في دراسة مشتركة بين الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة بعنوان "العوامل المحركة للتنوع الغذائي واتجاهات سوء التغذية لدى الأطفال المصريين"، نشرت في ديسمبر/كانون الأول 2021، من أجل تحليل الوضع التغذوي للأطفال، اعتمادًا على نفس عينة مسح الدخل والإنفاق لعام 2015، الذي وصلت فيه العينة إلى 25 ألف أسرة، كشفت أن الفقر يؤثر بشكل كبير في انتشار سوء التغذية بين الأطفال.

وأوضحت الدراسة أن الفقراء أكثر عرضةً للإصابة بالتقزم والهزال، وأقل عرضة للإصابة بزيادة الوزن، مرجعةً السبب بالإضافة لتأثير الفقر إلى العادات الغذائية غير السليمة، ونقص الوعي حول أهمية التنوع الغذائي.

تغير النمط الغذائي للمصريين

أجرى الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء دراسة بعنوان "أثر الأزمة الروسية الأوكرانية على الأسر المصرية 2022"، وتم مسح عينة عشوائية من الأسر بلغت أكثر من 17 ألف أسرة استجابت منها أكثر من 10 آلاف أسرة، وتمثلت ردود العينة التي جرى التحدث إليها تليفونيًا في أن 93.9% خفضوا استهلاكهم من اللحوم، و93.1% خفضوا الاستهلاك من الدواجن، و92.5% من الأسماك، وتمثلت أبرز الأسباب في غلاء الأسعار تلاه جشع التجار.

الدراسة كشفت أيضًا أن 1.3% من الأسر أكدت زيادة استهلاكها من الخبز، و1.1% زاد استهلاكها من البقوليات، وهو ما يوضح تغير النمط الغذائي ومدى تأثيره في الحالة التغذوية ونقص البروتين اللازم للجسم، لعدم الوقوع فريسةً لأمراض سوء التغذية.

زينهم محمد، عامل باليومية في أحد المحاجر بمحافظة المنيا، ولديه 6 أبناء، يقول لـ المنصة إنه لا يستطيع تلبية احتياجات أبنائه، وبسبب غلاء أسعار السلع اتجه إلى الاعتماد على الغذاء النباتي والجبن والألبان بديلًا عن اللحوم، مشيرًا إلى أنه أصبح غير قادر على تحمل تكاليف الغذاء مع بقية تكاليف الحياة من ملبس وتعليم وغيره.

ووفقًا لتصريحات وزيرة التضامن الاجتماعي الدكتورة نيفين القباج، في المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية الذي عقد مؤخرًا بالقاهرة، دُعمت الأسر الأكثر احتياجًا دعمًا نقديًا من أجل مواجهة التضخم، ووصل عدد المستفيدين حوالي 20 مليون مواطن، وهو ما أشار إليه تقرير معهد البحوث الدولي للسياسات الغذائية، حيث أوضح أن الدعم الحكومي قد يخفف لبعض الوقت من حدة زيادة أسعار السلع.

مصر تحتل المركز 101 في مؤشر جودة الغذاء

مؤشر الأمن الغذائي العالمي الذي يقيس مدى توافر الأمن الغذائي بـ 113 دولة من (0 – 100 الأفضل)، يتكون من 4 مؤشرات أساسية، وهي القدرة على تحمل التكاليف (لقياس التغير في تكاليف الغذاء ونسبة الفقر وحجم وحرية التجارة الزراعية)، ومؤشر التوفر (لقياس المدخلات الزراعية وسلاسل التوريد والعوائق الاجتماعية)، ومؤشر الجودة والأمان (لقياس التنوع الغذائي وسلامة الغذاء)، ومؤشر الاستدامة والتكيف (لقياس التأثيرات المناخية وتدهور الأراضي الزراعية)، وتضم هذه المؤشرات الأربعة العديد من المؤشرات الفرعية داخلها.

وحسب مؤشرات الأمن الغذائي، حققت مصر 56 نقطة قيمة إجمالية لمؤشر الأمن الغذائي، واحتلت المركز 77 عالميًا، وفي المؤشرات الأربع الأساسية، وصلت قيمة محور القدرة على تحمل التكاليف حوالي 65.2 نقطة واحتلت المرتبة 66 عالميًا، ومؤشر التوفر بلغت القيمة 54.2 نقطة لتحتل المرتبة 73، ومؤشر الجودة والأمان بلغت القيمة 45.9 نقطة لتحتل المرتبة 101 عالميًا، ومؤشر الاستدامة والتكيف بلغت قيمته 55.8 نقطة، لتحتل المركز 51 عالميًا.

ووفقًا لتقرير أوضاع الأمن العربي 2021، هناك العديد من المعوقات التي تواجه الأمن الغذائي في مصر والدول العربية، منها التغيرات المناخية والحرب الروسية الأوكرانية، وأن هشاشة النظم الغذائية نتجت بسبب النزاعات المحيطة وعدم الاستقرار إقليميًا ودوليًا.

برامج الحماية

طبقت مصر العديد من برامج الحماية الاجتماعية، من أجل تخفيف حدة آثار ارتفاع الأسعار، كما قامت بتنفيذ العديد من البرامج الصحية، منها إطلاق حملة 100 مليون صحة، تلتها العديد من المبادرات والبرامج الرئاسية مثل إطلاق الاستراتيجية الوطنية للغذاء، فضلًا عن عدد من المبادرات الخاصة بغير القادرين والفقراء مثل برنامج تكافل وكرامة.

 

600 مليون مهددون بنقص تغذوي مزمن في 2030

تقرير حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم 2023، الذي يرصد الوضع التغذوي في العالم، أشار إلى وجود حوالي 148 مليون طفل دون سن الخامسة في العالم يعانون التقزم، بنسبة 22.3 % من جملة الأطفال دون سن الخامسة، و45 مليونًا من الهزال بنسبة 6.8%، منهم حوالي 13 مليونًا يعانون الهزال الشديد، فيما يعاني 37 مليونًا آخرون زيادة الوزن بنسبة 5.6%.

 

التقرير الذي شاركت في إعداده 5 وكالات تابعة للأمم المتحدة وهي: منظمة الأغذية والزراعة والصندوق الدولي للتنمية الزراعية، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة، ومنظمة الصحة العالمية، وبرنامج الأغذية العالمي، أوضح أن أكثر من 3.1 مليار شخص على مستوى العالم بنسبة 42% لم يستطيعوا تحمل تكاليف نظام غذائي صحي في عام 2021، و2.4 مليار شخص بنسبة 29.6% من سكان العالم عانوا خلال عام 2022 من انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد، منهم حوالي 900 مليون يعانون من انعدام الأمن الغذائي الشديد، كما يوجد ما بين 690 و783 مليون شخص عانوا الجوع عام 2022.

وأشار التقرير إلى أن الزيادة في عدد من يعانون من نقص تغذوي حاد ستؤدي إلى أن العالم يمضي بعيدًا عن هدف التنمية المستدامة الثاني بالقضاء التام على الجوع بحلول عام 2030، متوقعًا أنه بحلول عام 2030 سيعاني حوالي 600 مليون شخص من نقص تغذوي مزمن.


هذا التحقيق تم إنجازه ضمن دورة "صحافة البيانات والمحتوى المبني على الدليل" بالتعاون بين نقابة الصحفيين المصرية ومؤسسة محمد حسنين هيكل.