الاتحاد الدولي لكرة القدم فيفا
مشجعي جمهور النادي الأهلي في إحدى مباريات كأس القارات للأندية 2024 في قطر

من يمثل ماذا في مونديال الأندية؟

منشور الجمعة 4 يوليو 2025

في كأس العالم للأندية، هل كان النادي الأهلي يمثل مصر؟

الإجابة المباشرة هي لا. لكن الأمر يحتاج إلى تفصيل.

بالنظر إلى كلمة "يمثل" فهناك خلط بين معنيين لها. الأول هو أن ذلك النادي يرفع راية دولته في تلك المنافسة الدولية، يكون صوتها، أو بالأحرى يحل محلها. انتصاراته هي انتصارات لدولته وهزائمه كذلك. الأمر هنا يشبه كثيرًا حال السفراء والمندوبين والمتحدثين الرسميين للدولة.

المعنى الثاني: أن هذا النادي حصل على حصة هذا البلد المحددة سلفًا في المنافسة القارية، ويكون ذلك عادة بعد منافسات مع نظرائه في بلده. قد يكون التنافس على المقعد الوحيد وهذا نادرًا ما يحدث حاليًا، وقد يكون مقعدًا من مقاعد، كما هو الحال في دوري أبطال إفريقيا مثلًا، ولمصر فيه مقعدان لناديين.

المعنى الأول متداول بكثافة في الفضاء الإعلامي المصري، كذلك في الخطاب الثقافي العام، وهذا الأمر له جذوره البعيدة، كما أن له أهدافه الحالية. فمن ناحية، كان حرص الدولة عبر العهود المختلفة هو الاستفادة القصوى من مشاركات وانتصارات الأندية الكروية، خاصة في بدايات عصر حسني مبارك، حيث حققت الأندية المصرية في العقد الأول لحكمه تسعة ألقاب قارية، وضعها الإعلام وقتها جميعًا في رصيد مصر.

حاليًا، الإعلام يحافظ على هذا الإرث كونه مطالبًا، على الأقل نظريًا، بالحياد بين الأندية المتنافسة محليًا. لكن هذا الحياد يتلاشى عندما تكون المواجهة دولية. ومن هنا دأبت وسائل الإعلام على تشجيع أي نادٍ مصري في أي منافسة دولية، مما يعزز تداول التمثيل بالمعنى الأول.

غير أن الأمر ليس كذلك، فإذا نظرنا إلى الأمر من خلال كرة القدم، فإن المعنى الثاني هو الحاصل قانونًا وواقعًا، ولنتأمل هنا بعض الأمور.

فوز الأهلي خصم من رصيد الزمالك، والعكس صحيح. لذلك لا يمكن القول إن أيًا منهما يمثل مصر

أولًا، هذه منافسة بين أندية لا منتخبات، وكل بطولة لها تاريخ وكل اتحاد له تصنيف، والتصنيف مؤثر على المشاركات، بمعنى أن التنافس أوسع من مباراة أو حتى بطولة، فعندما ننظر إلى ناديين مثل الأهلي والزمالك، رغم أنهما مصريان، لكنهما يبقيان متنافسين في المسابقات القارية، سواء عندما يتواجهان مباشرة، أو على التصنيف والتاريخ.

فوز الأهلي خصم من رصيد الزمالك، والعكس صحيح. لذلك؛ لا يمكن القول مطلقًا إن انتصار الأهلي انتصار لمصر، ولا الزمالك، لأن المنافس الذي خسر هو أيضًا مصري.

ثانيًا، تضم الأندية لاعبين من جنسيات مختلفة. في الأهلي مثلًا لاعبون من تونس ومالي وغيرهما، فماذا يحدث عندما يواجه الأهلي فريقًا ماليًا أو تونسيًا؟ لمن يكون ولاء أشرف بن شرقي وجهده وتنافسه من أجل الفوز؟ وهل ولاؤه للأهلي يخصم من ولائه لوطنه؟ هذا لا يمكن تصوره في منافسات المنتخبات، لأن بن شرقي لن يواجه منتخب بلاده على الإطلاق.

ثالثًا، الاتحادات المنظمة للبطولات القارية والدولية مثل كاف وفيفا لا تنظر إلى الأندية المشاركة في منافساتها باعتبار دولها، إنما باعتبار ذاتها كأندية. مثلًا عند توزيع المجموعات وإجراء القرعة تُقسَّم الأندية لمستويات، فهل يتحدد المستوى بناءً على موقع الدولة؟ بالطبع لأ، قد نجد ناديين من دولة واحدة أحدهما في التصنيف الأول والآخر في الرابع.

رابعًا، بعيدًا عن الانتصارات الرياضية، هناك جوائز مالية عائدة من الفوز بالبطولات أو تحقيق نتائج مميزة فيها، أو حتى مجرد المشاركة، كما حدث للأهلي بمشاركته في كأس العالم للأندية. هذه المكاسب لا تدخل خزينة الدولة، أو اتحاد الكرة المحلي، بل يجنيها النادي الفائز أو المشارك وحده.

هذه الجوائز المالية تعزز من قدرات النادي، وتمكنه من استقدام لاعبين وأجهزة فنية وأدوات تدريب، وهذا لا يفيد منظومة الكرة المصرية، بل إنه قد يكون ضارًا بالمنافسين، الذين يسعون للمشاركة أو الفوز.

يمكن القياس على ذلك في جوانب كثيرة، مفادها جميعًا أن التنافس بين أندية لا دولًا، وإذا كان كل مكسب لطرف يتسبب في خسارة طرف أو أطراف أخرى، فإن مكسب نادٍ مصري هو خسارة لكل منافسيه، وضمنهم الأندية المصرية أيضًا.

حسنًا! يمكن القول إذن إن الأهلي عندما ينافس في النسخة المقبلة من دوري الأبطال، فإنه يمثل مصر، بمعنى أنه هو الحائز على أحد مقعديها في البطولة، كذلك الأمر بالنسبة لبيراميدز، ومعهما الزمالك والمصري في الكونفيدرالية. لكنه لا يمثل مصر بمعنى أنه يحل محلها.

غير أن الأمر ليس كذلك في كأس العالم للأندية، لا بهذا المعنى ولا ذاك، لأن مصر، ببساطة، لا مقاعد مخصصة لها في البطولة الدولية التي ينظمها فيفا.

فالاتحاد الدولي لكرة القدم يوزع حصص المشاركة في البطولة على الاتحادات القارية لا المحلية. وبناء عليه لقارة إفريقيا أربعة مقاعد، كاف هو من يقرر نظام الحصول عليها، والاتحاد المصري لا علاقة له بالأمر من قريب أو من بعيد. كما أن أغلبية الدول الإفريقية ليس لها أندية تشارك في المسابقة، من هنا فإن النادي الأهلي يمثل إفريقيا بالمعنى الذي ذكرناه.

نحن لا نسوق هذا الحديث حاليًا لدعم جمهور الزمالك الذي يقف ضد الأهلي في المحافل الدولية، أو جماهير الأهلي التي تقف ضد الزمالك، أو لمنح مشاعرهم نوعًا من المشروعية أو المنطقية، فالتشجيع عمومًا، مع أو ضد، أمر عاطفي غير خاضع للمنطق أو العقل، إنما يتكون نتيجة أمور أعقد من هذا بكثير. فكرة تشجيع نادٍ معين بحد ذاتها تستحق تفكيرًا طويلًا وهو قرار ذاتي. ما يهمنا هو الخطاب الإعلامي السائد.

أظن أنَّ الأوان آنَ لمراجعة فلسفة التغطية القائمة على أن دعم نادٍ محلي في منافسة دولية نوع من "الوطنية"، الوطنية لا علاقة لها بكرة القدم عمومًا، وإن جاز أن نناقش الأمر على مستوى المنتخبات، فإنه غير جائز على مستوى الأندية، لأن كل نادٍ لا يمثل إلا نفسه.