شركات التسويق تلجأ للمصريين بالخارج للإفلات من حصار الدولار

منشور الخميس 10 مارس 2016

أصدر البنك المركزي المصري في فبراير/شباط الماضي قرارًا بحظر استخدام الأفراد للدولار في المعاملات التجارية الجارية عبر البطاقات البنكية داخل مصر  شراءً وبيعًا، على أن تقتصر المعاملات التجارية على استخدام الجنيه المصري فقط. جاء هذا في الكتاب الدوري الصادر بتاريخ 14 فبراير، الذي طالب فيه البنك المركزي البنوك التجارية المصرية بتعديل برمجة  أجهزة الدفع POS لتتلقى المدفوعات بالجنيه المصري. ممهلاً البنوك شهرين لتوفيق الأوضاع وتعديل التطبيقات المستخدمة حاليًا على تلك الأجهزة.

بعد مرور حوالي أسبوعين على صدور قرار البنك المركزي، ورغم أن نص القرار يحدد حظر الدفع بالدولار ويقصره على ماكينات الدفع العاملة داخل جمهورية مصر العربية فقط؛ إلا أن التنفيذ الفعلي؛ أظهر شكاوى العاملين في مجال الإعلانات عبر منصات التواصل الاجتماعي، بعد أن رفضت بعض البنوك تحويل الدفعات المطلوبة لصالح منصات الإعلان على شبكة الإنترنت وعلى رأسها خدمة إعلانات فيسبوك.

يقول محمد الجمال مدير إحدى شركات التسويق الإلكتروني لـلمنصة: "الشركات العاملة في مجال التجارة الإلكترونية في حالة ترقب بعد قرار البنك المركزي". مضيفًا أنه لم يشهد "شخصيًا" حتى الآن أية عوائق في إجراءات الدفع الإلكتروني.  وأوضح الجمال أن جميع الشكاوى تأتي من الشركات التي تدير حسابات خدماتها من خلال البنك التجاري الدولي CIB. مبينًا أن القيود المفروضة على تعاملات الشركات بالدولار؛ دفعتها إلى فتح حسابات في بنوك مختلفة على سبيل الاحتياط، خشية إيقاف تعاملاتها بقرارات جديدة من البنك المركزي أو من إدارات البنوك. خاصة بعدما حدد المركزي مبلغ 1250دولار كحد أقصى للمصروفات المسحوبة في الشهر.  وهو الأمر الذي سعى محمود الفقي للتحقق منه، بالتواصل مع البنوك عبر صفحاتها الرسمية على فيسبوك، وطرح سؤال حول وضع التعاملات التجارية بالدولار عبر الإنترنت وسبب توقفها. وجاء الرد من ممثلي خدمة العملاء مقتضبًا: "طبقًا لتعليمات البنك المركزي". 

بمراجعة دليل التعليمات الرقابية المنشور على الموقع الرسمي للبنك المركزي، تأكدت المنصة من عدم وجود تعليمات رسمية مسجلة من البنك المركزي حول وقف التعاملات التجارية عبر بطاقات الدفع. أي أنه لا توجد تعليمات "رسمية" تلزم البنوك بعدم تحويل العملة الأمريكية إلى الشركات خارج مصر، نظير خدمات أو سلع.

وأجرت المنصة اتصالاً هاتفيًا بخدمة العملاء لبنك CIB في الساعة الرابعة ظهر اليوم، للاستفسار عن الحد الأقصى لتحويل الدولار في التعاملات التجارية عبر بطاقات البنك المختلفة، وأفاد موظف خدمة العملاء أن جميع التعاملات التجارية على بطاقات الدفع الإلكتروني من خلال الإنترنت موقوفة الآن كليًا بالفعل، وهو ما تكرر عند التواصل مع البنك نفسه عبر خاصية الرسائل لصفحته الرسمية على فيس بوك. 

بدائل للالتفاف على الأزمة 

 وقال أحمد أبو بكر خبير في مجال الإعلانات الإلكترونية لـ "المنصة" إن الأزمة الحالية لسوق الإعلانات عبر الإنترنت، لا تقف عند القرارات غير المعلنة التي تم بموجبها تقييد تلقي تلك الشركات لمستحقاتها من العملاء وتسديد أثمان الإعلانات للشبكات المعلن عبرها بالدولار. إذ أضيفت لتلك المشكلة أزمة أخرى، تتصل بسعر الدولار لدى البنوك. فرغم أن السعر الرسمي للدولار ثابت عند 7.83؛ إلا أن البنوك تخصم من الأرصدة 8 جنيهات مقابل الدولار الواحد، وربما يعود ذلك لزيادة سعر الفائدة التي رفعتها البنوك من 1% لتصل إلى 3.5% بالمئة في بعض البنوك. مضيفًا أن الشركات حاليًا تلجأ إلى إضافة أكثر من حساب بنكي للدفع لموقع فيسبوك، وذلك لتفادي الحد الأقصى المسموح به الذي أقره البنك المركزي، والذي يختلف بدوره من بنك لآخر. وأوضح أبو بكر أن هناك وسائل أخرى صارت الشركات تلجأ إليها لتفادي أزمة الحد الأقصي مثل الدفع عن طريق  كروت "باي بال- Pay Pal"، وعملة الإنترنت "بت كوين - Bit coin"، أو حسابات "بايونيير -Payoneer" وهي جميعها وسائط لتسهيل الدفع الإلكتروني.  ويرى أبو بكر أن الطريقة المثلى لتجنب "أزمة الدولار" حتى الآن، هي التعامل مع دفع إعلانات فيسبوك هو "استخدام إحدى العملات الأخرى التي يعتمدها فيسبوك للدفع ومنها الدرهم الإماراتي والجنيه الإسترليني، وكلتاهما متوفرتان في البنوك ولا يصعب الحصول عليهما. يذكر أن العملة المصرية غير معتمدة في التعاملات الإلكترونية الدولية.

صورة من فيسبوك | منع أو حجب إعلان عند استخدام بطاقة ائتمانية مدفوعة مسبقًا

وأكد أبو بكر أن فيسبوك يقوم مؤخرًا  بمنع "Block" البطاقات الإئتمانية من مصر. وهي الرسالة التي يتلقاها العديد من المعلنين عبر فيسبوك، خاصة عند حلول موعد سداد قيمة الإعلانات، والتي يقوم موقع فيسبوك بتحصيلها شهريًا. وأن هذا الحظر مطبق على من حاولوا إنشاء حسابات جديدة على خدمة إعلانات فيسبوك لمباشرة عمليات الدفع الإلكتروني للإعلانات، فتم رفض بطاقاتهم الائتمانية الصادرة من مصر. لكنه يتمنى أن يتدخل البنك المركزي لمراجعة القرارات التي تطبقها البنوك والقضاء على حالة الارتباك والتضارب في التعاملات التجارية عبر البطاقات التي تختلف حاليًا من بنك لآخر ومن فرع لآخر.   بينما يرى أحمد حسام مؤسس شركة أفكار ستوديو Afqar Studio أن القلق السائد على منصات التواصل الاجتماعي مبالغ فيه كعادة تناول الموضوعات عبر "السوشيال الميديا". موضحًا أن قرار البنك المركزي يتعلق بحظر اعتماد المحال التجارية الدولار الأمريكي كعملة رئيسة في خصم المدفوعات عبر بطاقات الدفع الإكتروني، على الرغم من كون الحسابات "موجودة في بنوك مصرية بالعملة المصرية". وهو الأمر الذي جعل البنك المركزي يطالب البنوك بتعديل برمجة أجهزة "POS" لتجنب استفادة تلك المحلات من فرق العملة.                             

ماكينة الدفع الإلكتروني "BOS"

 

وأضاف حسام أن تطبيق الحد الأقصى على المعاملات الدولارية البالغ 1250دولار شهريًا، لا يسبب مشكلة للشركات العاملة في التسويق الإلكتروني، باعتباره يغطي احتياجاتها. مضيفًا أن الشركات الأكبر التي تتعامل مع عدد كبير من العملاء بإمكانها إنشاء أكثر من حساب في البنوك لتفادي الأمر إذا تجاوزت مصاريفها هذا الرقم. مضيفًا: "إذا كانت الشركات تتجاوز الحدود القصوى لأكثر من بنك في تعاملاتها الدولارية، وبإمكانها فتح فرع في إحدى دول الخليج وعلى رأسها الإمارات، خاصة بعدما رفعت البنوك المصرية قيمة الفائدة على المعاملات الدولارية من 1% لتصل إلى 3%، أو 3.5% في بعض البنوك.   وقال إبراهيم البحراوي، مؤسس أكاديمية التسويق الإلكتروني، لـ "المنصة" بأن "الأزمة الحالية لا تضر قطاع التجارة الإلكترونية فحسب؛ بل يمتد لكل الشركات والأفراد التي تعتمد بشكل أو بآخر على المعاملات الدولارية شراءً أو بيعًا". مضيفًا أن أحد الحلول التي لجأ إليها العاملون في مجال التسويق الإلكتروني، بعد تفاقم الأزمة منذ منتصف فبراير/شباط، هو فتح حسابات في بنوك أجنبية، من خلال بعض المصريين المقيمين بالخارج. كما قام مصريون بالخارج باستغلال الأزمة من خلال اعتماد حسابات للشركات في مصر في الخارج مقابل عمولات، وآخرون بدأوا في توفير الدولار للشركات مقابل عشرة جنيهات للدولار الواحد". 

 

البحث عن حل "بالجنيه"

لجأ المسوقون والتجار المصريون المستخدمين لخدمات الإعلانات عبر فيسبوك إلى مناشدة الشركة الكبرى باعتماد الجنيه المصري كعملة لدفع مستحقات استخدام الخدمات الإعلانية*. يقول البحراوي: "لتفادي الأزمة الحالية، أطلقنا مبادرة لمناشدة موقع فيسبوك باعتماد الجنيه المصري ضمن قائمة العملات التي يمكن من خلالها الدفع". 

يذكر أن البنك المركزي لم يصدر تعليمات رسمية تقضي بإيقاف التعاملات التجارية للبطاقات الإلكترونية عبر الإنترنت. وأن البنك أقدم في اليومين الأخيرين على التراجع عن قرارات سابقة بتقييد الإيداع والسحب بالعملة الأمريكية للأفراد، ثم للشركات العاملة في مجال استيراد السلع الأساسية ومستلزمات الإنتاج. ويترقب العاملون في سوق الإعلانات الإلكترونية وتسهيل التسوق عبر الإنترنت أن يتدخل البنك المركزي لتوحيد سياسات التعاملات التجارية بالدولار عبر بطاقات الدفع الإلكترونية.


*تصويب: ورد خطئا في نسخة سابقة من هذه القصة أن "المسوقون لجأوا إلى شركتي فيسبوك، وجوجل لاعتماد الجنية المصري كعملة للدفع"، والصحيح أن المسوقين لجأوا إلى شركة فيسبوك لاعتماد الجنيه المصري كعملة للدفع، حيث أن خدمة جوجل آدوورد للإعلانات تعتمد الجنيه كعملة سداد بالفعل.