صفحة منى سيف على فيسبوك
وقفة لأسرة وأصدقاء علاء عبد الفتاح أمام الخارجية البريطانية، 3 يوليو 2023

"القمع العابر للحدود".. تقرير يرصد وقائع استهداف الحقوقيين المصريين بالخارج

محمد نابليون
منشور الاثنين 30 سبتمبر 2024

أصدرتْ منظمتا المنبر المصري لحقوق الإنسان والجبهة المصرية لحقوق الإنسان، تقريرًا حقوقيًا، يرصد وقائع استهداف وترهيب المدافعين عن حقوق الإنسان خارج البلاد بـ"هدف إسكاتهم وإنهاء أنشطتهم المشروعة".

ويرصد التقرير، الصادر اليوم، واطلعت المنصة على نسخة منه، أنه قبل نحو 11 عامًا، بالتحديد في صيف 2013، "أجبرت انتهاكات حقوق الإنسان الواسعة في مصر، التي شملت الاعتقال التعسفي طويل المدة، والملاحقات القضائية في قضايا ذات دوافع سياسية، والتعذيب، والاختفاء القسري، العاملين في المجال العام والحقوقي على الفرار لوجهات مختلفة في العالم، بحثًا عن ملاذات آمنة".

وأضاف التقرير أن الخروج كان بهدف أن يتمكنوا "من الاستمرار في أداء مهمتهم، في سبيل محاولة إيقاف آلة القمع في مصر، بشكل أكثر حرية وأمانًا"، حسب التقرير.

ويلقى الملف الحقوقي في مصر انتقادات عدة، منذ سنوات. وانتقدت اللجنة الأممية المعنية بمراجعة حالة حقوق الإنسان العام الماضي حالته، حيث أشار التقرير إلى "قلق اللجنة العميق بشأن انتشار ممارسات الاعتقال التعسفي واستخدام الحبس الاحتياطي المطول كعقوبة، وخاصة بحق المعارضين والصحفيين والحقوقيين وغيرهم من منتقدي الحكومة".

الفرار من القمع لا يكفي

وموجة النزوح، التي يصفها التقرير بـ"غير المسبوقة"، أثبتت أن الخروج من مصر لا يحمي المدافعين ولا أسرهم، إذ "استمرت معاناتهم من ملاحقة، واستهداف وتعقب، ومحاولات رسمية لترحيلهم لمصر لاستكمال سياسات القمع والاضطهاد لهم وإخماد أصواتهم المعارضة للأوضاع الحقوقية بالداخل".

ويشير التقرير إلى أن مِن بين أبرز من عانوا من تلك "السياسات الانتقامية" مؤسسي وأعضاء المنبر المصري لحقوق الإنسان، إحدى جهتي إصدار التقرير، وأفراد من أسرهم المقيمين داخل البلاد.

وفي هذا السياق، قال المؤسس المشارك وعضو المنبر الدكتور معتز الفجيري لـ المنصة إن الأجهزة الأمنية واصلت خلال الخمس سنوات الأخيرة "الضغط وترهيب حركة حقوق الإنسان والنشطاء الحقوقيين في الخارج، عقابًا على دورهم في الكشف عن الانتهاكات والتنديد بها في مختلف المحافل الدولية، والعمل بشكل متحرر من القيود التي تحاصر بها المنظمات الحقوقية داخل البلاد". 

ويرى الفجيري أن الدولة "قررت الدخول في صراع ممتد مع المدافعين عن حقوق الإنسان ومنظماتهم على مدار أكثر من عشر سنوات، ولم ينتهِ هذا الصراع بالحوار الوطني، بل إن التضييق على أعضاء منظمات حقوق الإنسان مستمر عبر توظيف القانون والقضاء".

وانطلق الحوار الوطني في مايو/آيار العام الماضي، عقب عام من دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي له خلال إفطار الأسرة المصرية، في أبريل/نيسان 2022.

واستمرت جلسات الحوار الوطني، حتى تعليق جلساته في 21 سبتمبر/أيلول بسبب الانتخابات الرئاسية، ثم عاد الحوار لفتح عدة ملفات حيوية منها الحبس الاحتياطي وتحويل الدعم من عيني إلى نقدي.

واعتبر الفجيري أن الانتهاكات التي يعانيها الحقوقيون المصريون في الخارج وصلت إلى ما يشبه "إسقاط جنسيتهم المصرية"، وذلك عبر حرمان قطاع كبير منهم من الخدمات القنصلية الأساسية مثل إصدار أوراقهم الثبوتية وشهادات الميلاد ورفض تجديد جوازات سفرهم، واصفًا ذلك بـ"التعدي الصارخ والتعسفي على أبسط حقوق المواطنة".

تحديات وملاحقات أمنية

ويواجه الناشطون في المنفى، حسب التقرير، تحديات كبيرة إزاء ممارستهم لدورهم الحقوقي أو السياسي، تتمثل في الملاحقات الأمنية المستمرة من قبل السلطات المصرية، وبغض النظر عن بلد إقامتهم.

وعلى حد ذكر القرير، تتنوع أدوات الملاحقة ما بين أدوات قانونية تارة تستهدفهم بها السلطات قانونيًا وقضائيًا، من خلال اتهامهم في قضايا أو محاكمتهم أو وضعهم على قوائم الإرهاب، وتارة أخرى عبر تجميد الأوراق الرسمية لبعضهم وحرمانهم من الخدمات القنصلية أو حتى إسقاط الجنسية عنهم بهدف تعطيل حياتهم اليومية وجعل وضعهم القانوني أكثر هشاشة.

ولا تقف أنماط الاستهداف، وفقًا للتقرير عند هذا الحد فحسب، بل اتسعت لتشمل ترويع أفراد من أسرهم المقيمين داخل مصر، وتعقب ومراقبة أنشطة الحقوقيين في دول إقامتهم، عوضًا عن تعرض ناشطين ومنظماتهم للاستهداف الرقمي من خلال برامج المراقبة والتجسس. 

مطالب بمبادرة للتسوية

وفي الوقت الذي دعا فيه الفجيري السلطات المصرية والمشاركين في الحوار الوطني والمجلس القومي لحقوق الإنسان لضرورة الانتباه لتراكم الانتهاكات والممارسات غير القانونية ضد النشطاء بالخارج، أوصى التقرير السلطات بوقف الاستهداف والملاحقة ضد النشطاء والمدافعين في المنفى وأسرهم في الداخل، ومراجعة قوائم مكافحة الإرهاب، والتوقف عن سياسات المراقبة والتعنت في إصدار الوثائق الرسمية لهم.

واقترح الفجيري تشكيل مبادرة رسمية لتسوية وإنهاء هذه الانتهاكات، وتأمين حق عودة من يشاء من المصريين دون الخوف من المحاكمة أو الاعتقال أو المنع من السفر.

فيما أوصى التقرير الدول المستضيفة لهؤلاء النشطاء بعدم ترحيلهم إلى مصر وتوفير الحماية القانونية لهم، مناديًا بإطلاق مبادرة لإنهاء القضايا القانونية العالقة ضد المدافعين عن حقوق الإنسان في الخارج، والتأكيد على التزام الدولة المصرية بالأطر الدولية لحقوق الحركة والتنقل.

وشدد التقرير على ربط بيع برامج التجسس الإلكتروني بضمانات عدم استخدامها في انتهاك حقوق الإنسان، وتوفير الدعم النفسي للمدافعين في المنفى.

كانت شركة ساندفاين الكندية أعلنت فض شراكتها مع الحكومة المصرية وسحب تقنياتها من تحت يد السلطة في مصر بعد فضائح مدوية أعقبت ثبوت استخدام تقنياتها في تعقب المعارضين السياسيين، أبرزهم أحمد الطنطاوي، وحجب المواقع الصحفية المستقلة، منها موقع المنصة، وذلك في سبتمبر الحالي.