قُتل 14 فلسطينيًا فجر اليوم الأربعاء في سلسلة غارات شنتها طائرات تابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي على مناطق متفرقة في قطاع غزة، وفق مصادر لم تسمها الشرق الأوسط، في وقت حذَّر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من أن الضربات مجرد بداية، مشددًا على أن الضغط العسكري لا غنى عنه لضمان عودة المحتجزين لدى حماس، وذلك ردًا على عائلات المحتجزين الإسرائيليين طالبوا بإيقاف الحرب فورًا.
وكانت وزارة الصحة في غزة أعلنت مقتل أكثر من 420 شخصًا وأكثر من 562 مصابًا، أمس الثلاثاء، في غارات جوية إسرائيلية مباغتة، أنهت اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، بينما لا يزال آخرون تحت الركام الذي خلفه القصف تعمل فرق الإسعاف والدفاع المدني على انتشالهم.
وقال نتنياهو أمس إن حماس "شعرت بقوتنا في الساعات الـ24 الأخيرة. وأريد أن أؤكد لكم ولهم: إنها مجرد بداية".
وأكد نتنياهو أيضًا أن الضوء الأخضر للعملية لم يكن لاعتبارات سياسية. فمعارضوه يتهمونه بالسعي لمواصلة الحرب متجاهلًا سلامة المحتجزين لضمان استمراره السياسي.
وجاءت تصريحات نتنياهو ردًا على بيان لمنتدى عائلات المحتجزين الإسرائيليين اتهمه بالتضحية بالمحتجزين في غزة، بعد أن أمر بشن ضربات إسرائيلية عنيفة على القطاع الفلسطيني.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي إن المفاوضات حول الإفراج عن المحتجزين الذين لا يزالون في غزة "لن تجرى من الآن فصاعدًا إلا تحت النار"، معتبرًا أن الضغط العسكري لا غنى عنه لضمان عودتهم.
وقالت عائلات المحتجزين الإسرائيليين في بيان أمس إن العودة للحرب خطوة مروعة، متهمة نتنياهو بالتضحية بأبنائها لحسابات شخصية وسياسية. وطالبت بإيقاف الحرب فورًا والعودة إلى المفاوضات.
إدانات دولة لإسرائيل.. ودعم أمريكي
وتصاعدت المواقف المنددة بتجدد القصف، وأمام مجلس الأمن الدولي، الذي اجتمع أمس بطلب من الجزائر والصومال لبحث الوضع في الأرض الفلسطينية المحتلة، قال منسق الأمم المتحدة للإغاثة الطارئة توم فليتشر إن "أسوأ مخاوفنا تحققت" خلال ساعات الليل في غزة حيث استؤنفت الغارات الجوية في جميع أنحاء القطاع مع "ورود تقارير غير مؤكدة عن مقتل مئات الأشخاص وأوامر إخلاء جديدة أصدرتها القوات الإسرائيلية".
وفي إحاطته لمجلس الأمن عبر الفيديو كونفرانس، قال فليتشر إن المكاسب المتواضعة التي تحققت خلال وقف إطلاق النار تُدمر.
وأشار إلى أن السلطات الإسرائيلية قطعت دخول جميع الإمدادات المنقذة للحياة عن 2.1 مليون شخص منذ 2 مارس/آذار الجاري. وقال "رُفضت طلباتنا المتكررة لجمع المساعدات الراكدة عند معبر كرم أبو سالم رفضًا ممنهجًا. الطعام يفسد وصلاحية الأدوية على وشك الانتهاء".
ومطلع الشهر الحالي، أعلنت إسرائيل أنها أوقفت إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة "حتى إشعار آخر" بعد انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف النار، ما اعتبرته حماس "ابتزازًا رخيصًا، وجريمة حرب وانقلابًا سافرًا على الاتفاق".
وخلال الجلسة قال المندوب الدائم للجزائر لدى الأمم المتحدة السفير عمار بن جامع إن الدم الفلسطيني "يستخدم مرة أخرى كأداة للحسابات السياسية للساسة الإسرائيليين".
من جانبها، أكدت السفيرة الأمريكية دوروثي شيا أن مسؤولية استئناف الأعمال العدائية "تقع على عاتق حماس وحدها"، مضيفةً أن هذه "المنظمة الإرهابية الوحشية رفضت رفضًا قاطعًا كل مقترح وموعد نهائي عُرض عليها خلال الأسابيع القليلة الماضية" لتمديد وقف إطلاق النار.
وأضافت "يجب أن نقر بوحشية حماس على حقيقتها. ارتكبت هذه المنظمة الإرهابية أسوأ مذبحة لليهود منذ المحرقة، واغتصبت وارتكبت عنفًا جنسيًا تجاه الرهائن الإسرائيليين وغيرهم من ضحايا الهجوم، وأطلقت سراح العديد من الرهائن في حالة تُذكرنا بحالات الناجين من المحرقة".
وأعرب الممثل الدائم لفرنسا لدى الأمم المتحدة جيروم بونافو عن إدانة بلاده للضربات الإسرائيلية التي وقعت أمس في قطاع غزة، وأضاف "ندعو السلطات الإسرائيلية إلى حماية جميع المدنيين بشكل دائم وإعادة الوصول إلى المياه والكهرباء، وإلى رفع العقبات التي تعترض دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة على الفور".
أما المراقب الدائم لفلسطين لدى الأمم المتحدة رياض منصور فقال "يُقتل الفلسطينيون بشكل عشوائي، ويُحرمون من المساعدات الإنسانية بشكل عشوائي، ويُشوهون ويُحتجزون بشكل عشوائي. إننا ندين ذلك بأشد العبارات. هذا لا يمكن تبريره أبدًا ويجب أن يتوقف فورًا".
وقال نائب الممثل الدائم لإسرائيل لدى الأمم المتحدة جوناثان ميلر "نشارك في المناقشة اليوم ليس لتخفيف المعاناة، وليس للبحث عن الحقيقة، بل لتلبية الأجندة السياسية لبعض أعضاء هذا المجلس، أولئك الذين يستخدمون الخطاب الإنساني والقلق المتظاهر كسلاح، ويتجاهلون السبب الرئيسي للمعاناة في غزة". ونبَّه إلى أن أي نقاش حول المعاناة الإنسانية لا يبدأ بالإفراج عن المحتجزين ليس نقاشًا صادقًا.
ولا تزال حماس تحتجز 59 شخصًا في قطاع غزة، أكد جيش الاحتلال مقتل 35 منهم. وتعتقد الاستخبارات الإسرائيلية أن 22 منهم على قيد الحياة، بينما لا يزال وضع اثنين آخرين غير معروف، ومن بين المحتجزين 5 أمريكيين.
وبدأ تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق في 19 يناير/كانون الثاني الماضي، بعد وساطة مصرية قطرية أمريكية، نتج عنها وقف مؤقت لإطلاق النار وانسحاب إسرائيلي تدريجي من مناطق وسط قطاع غزة إلى المناطق الحدودية الجنوبية والشرقية والشمالية، والسماح بعودة النازحين من جنوب القطاع إلى شماله بعد تفتيش مركباتهم من قبل مراقبين دوليين، إلى جانب عمليات تبادل المحتجزين بين الجانبين.
وكان من المفترض أن تبدأ إسرائيل الانسحاب من محور فيلادلفيا بنهاية المرحلة الأولى، بالتوازي مع المحادثات بشأن تنفيذ المرحلة الثانية.
لكن إسرائيل لم تنسحب من فيلادلفيا ولم تبدأ في محادثات المرحلة الثانية، وطالبت بتمديد المرحلة الأولى واعتمدت مقترح مبعوث الرئيس الأمريكي ستيف ويتكوف لوقف إطلاق النار في قطاع غزة خلال شهر رمضان وعيد الفصح، في وقت رفضت حركة حماس المقترح، مطالبة بتطبيق المرحلة الثانية من اتفاق وقف النار.