كشف مصدر بارز بوزارة المالية عن توجه حكومي لتسريع وتيرة برنامج الطروحات الحكومية خلال الفترة المقبلة، والتخارج من عدد من القطاعات الاقتصادية والتنموية في الدولة لصالح القطاع الخاص، بعد قرار صندوق النقد الدولي دمج المراجعتين الخامسة والسادسة من برنامج التمويل، وتأجيل صرف الشريحة الخامسة البالغة قيمتها 1.2 مليار دولار ستة أشهر، إلى نهاية العام الجاري.
والخميس الماضي، قالت المتحدثة باسم صندوق النقد الدولى جولى كوزاك، لاقتصاد الشرق مع بلومبرج، إن الصندوق سيدمج المراجعتين الخامسة والسادسة لبرنامج دعم مصر، على أن يتم إنجازهما معًا فى فصل الخريف من هذا العام.
وأضافت كوزاك، أن الصندوق لاحظ خلال زيارة بعثته إلى القاهرة من 8 إلى 16 يونيو/حزيران الماضي، تقدّمًا بناءً فى ضبط التضخم، وتحسنًا ملحوظًا فى الاحتياطيات الأجنبية، لكنها أشارت إلى ضرورة تعميق الإصلاحات من أجل تخفيض دور الحكومة فى الاقتصاد وتسريع برنامج خصخصة الشركات الحكومية.
وفي 26 مايو/أيار الماضي، ذكر المصدر نفسه لـ المنصة إن مفاوضات الحكومة مع بعثة الصندوق بشأن المراجعة الخامسة تشهد تعثرًا بسبب رفض الحكومة تقليص دورها في عدد من القطاعات الاستثمارية الحيوية، وقال أن وفد الصندوق أبدى تحفظه على تباطؤ الحكومة في تنفيذ برنامج الطروحات، وعدم التزامها بخطة تقليص الوجود الحكومي في السوق، ما اعتبره الصندوق خطوة عكسية تعرقل جهود خفض الإنفاق العام وتقليل الدين، وتضعف قدرة الدولة على جذب الاستثمارات.
واليوم، قال المصدر المطلع على مفاوضات الحكومة مع صندوق النقد، لـ المنصة، إن تأجيل صرف الشريحة الخامسة ستكون له تداعيات سلبية على التصنيف الائتماني للدولة، باعتبار أن اعتماد الصندوق للشريحة يمثل "شهادة ثقة" في مسار الاقتصاد المصري، وأن تأجيل الصرف يعكس استمرار التحديات وغياب الالتزام الكامل من قبل الحكومة، ما قد ينعكس سلبًا على ثقة المستثمرين، خاصة الأجانب.
وخلال أبريل/نيسان الماضي، ذَكر بيان لمجلس الوزراء أن صندوق النقد الدولي صرف 1.2 مليار دولار لصالح مصر من إجمالي القرض البالغ 8 مليارات دولار، وهي الشريحة المُستحقة للمراجعة الرابعة لبرنامج القرض الذي أبرمته الحكومة مع الصندوق عام 2022.
ولفت المصدر إلى أن الحكومة ستعلن رسميًا خلال الأيام المقبلة طرح 10 شركات أعلنت عنها بداية العام الجاري، من بينها 5 تابعة للقوات المسلحة، وستبدأ بالفعل في تنفيذ الطرح على أرض الواقع، حيث يعتبر التأخير في التنفيذ سببًا من أسباب تأجيل المراجعة الخامسة، بحسب المصدر.
وفي 11 ديسمبر/كانون الأول الماضي، قال رئيس الوزراء مصطفى مدبولي إن الحكومة ستطرح 10 شركات جديدة للاستثمار وفي البورصة خلال عام 2025، بجانب دخول استثمارات قطرية إلى السوق المصرية قريبًا.
وأطلقت الحكومة في الربع الأول من 2023، برنامجًا لطرح حصص فيما يصل إلى 40 شركة وبنكًا موزعة على 18 قطاعًا حتى مارس/آذار 2024، وجرى تمديده إلى ديسمبر 2024.
وأكد المصدر، أن الحكومة ستفتح المجال أمام القطاع الخاص خلال الفترة المقبلة في عدد من القطاعات التي تنوي التخارج منها، وستصل نسبة مشاركة القطاع الخاص في التنمية الاقتصادية نحو أكثر من 75% من إجمالي الاستثمارات بالدولة، وستعمل على سرعة تنفيذ برنامج التخارج من أصول الدولة، وفقا لما تم الاتفاق عليه مع صندوق النقد.
ونوه بأن الحكومة أرسلت خطابًا رسميًا لصندوق النقد للاستفسار عن الأسباب الرئيسية لعدم اعتماد الشريحة الخامسة، مؤكدًا أن القرار قد يؤثر بالسلب على تأخير جزء من مساعدات الاتحاد الأوروبى للموازنة للدولة المصرية.
وفي بداية تنفيذ الاتفاق، واجه برنامج صندوق النقد الدولي مصاعب في التطبيق أجلت المراجعتين الأولى والثانية، لكن وتيرة تنفيذ البرنامج سارت بشكل سلس منذ مارس/آذار 2024 بعد تصحيح السعر الرسمي للدولار وتلقي دفعة كبيرة من الاستثمارات الإماراتية، ورفع صندوق النقد الدولي قيمة القرض من ثلاثة إلى ثمانية مليارات دولار بعد تضرر إيرادات قناة السويس في مصر من الحرب على غزة.