تصوير أحمد نبيل، المنصة
جانب من حريق سنترال رمسيس، 7 يوليو 2025

توصية بمراجعة بنية الاتصالات بعد "حريق رمسيس".. ومحامٍ يحدد آليات التعويض

محمد نابليون
منشور الأربعاء 9 يوليو 2025

أوصى تقرير تقني أصدره مركز مسار، المعني بالعمل على تعزيز الحقوق الرقمية والحريات المرتبطة بها في مصر، أمس، بضرورة إجراء مراجعة شاملة لبنية الاتصالات الرقمية "الهشة" في أعقاب حادث حريق سنترال رمسيس، وذلك عبر تقليل الاعتماد على نقاط تمركز مفردة، وتعزيز مرونة الشبكات عبر توزيع البنية التحتية وتفعيل مسارات بديلة.

جاء ذلك في وقت عد فيه المحامي والباحث القانوني بمركز مسار حسن الأزهري انقطاع الإنترنت الناجم عن حريق السنترال يمثل خطأً بشريًا يوجب التعويض، معتبرًا أن الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات هو المسؤول بالتضامن عن تعويض المتضررين.

كما أوصى التقرير بضرورة وضع خطط استجابة عاجلة تكون مدعومة فنيًا ولوجستيًا، وذلك في ضوء ما أظهره الانقطاع المفاجئ للخدمات الرقمية، من هشاشة في نظام الاتصالات القائم، على النحو الذي جعل حادثًا واحدًا يتسبب في تعطيل خدمات أساسية تمسّ حياة الأفراد والمؤسسات.

ونوه التقرير بأن مخاطر الانقطاعات المستقبلية ستظل قائمة، ما لم يُستثمر بشكل جاد في تعزيز قدرة البنية التحتية على الصمود، مرجحًا تكرار الأمر سواء بفعل كوارث طبيعية أو أعطال فنية أو حتى هجمات رقمية.

وخلال جولة لـ المنصة بمنطقة المقطم أول أمس بدا واضحًا تأثر الكثير من الخدمات المتعلقة بالإنترنت أو الدفع الإلكتروني، كذلك تأثرت منظومة الخبز المدعم بسبب الحريق الذي أربك أيضًا رحلات الطيران، فضلًا عن أزمة واجهها المواطنون في السحب من ماكينات الـATM.

مركزية السنترال

واستند التقرير، الذي رصد انقطاع الإنترنت ومداه وأثره على البنية الشبكية، إلى البيانات المتاحة عبر منصتين عالميتين متخصصتين في مراقبة وتحليل انقطاعات الإنترنت، وهما منصة IODA التابعة لمعهد جورجيا للتكنولوجيا، ومنصة Cloudflare Radar المتخصصة في مراقبة حركة الإنترنت عالميًا.

واستنادًا لتلك البيانات خلُص التقرير إلى أن ما شهدته البلاد من انقطاع في الإنترنت مرتبط بانخفاض في حركة تداول البيانات يشير إلى أن العطل الناجم عن الحريق لم يكن عابرًا أو سطحيًا، بل ربما طال أجزاءً حساسة من البنية التحتية، ما جعل استعادة الخدمة مسألة معقدة. 

وأكد أن تزامن التراجع في البيانات عبر شركات المحمول المختلفة ومزودي الخدمة يدعم الفرضية التي تقول إن "سنترال رمسيس كان بمثابة نقطة مركزية تعتمد عليها الشبكات المختلفة يؤدي تعطلها إلى انقطاع واسع".

كما يدعم ذلك أيضًا، حسب التقرير، ما مرت به عمليه استعادة الخدمة من اضطرابات واهتزازات متكررة، وهو ما يعزز احتمال أن يكون الحريق ألحق أضرارًا بمكونات مادية أساسية داخل السنترال، أو أن هناك مشكلات في المسارات التي تربط بين مزوّدي الخدمة المختلفين.

ويتفق ذلك مع ما صرح به وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات عمرو طلعت، مساء أمس، بشأن أن سنترال رمسيس لم يعد صالحًا في الوقت الحالي.

ونقل التقرير عن خريطة صادرة عن منصة IODA توضح مدى انتشار الأزمة على مستوى المحافظات، أن انقطاع خدمة الإنترنت كان أكثر حدة في المحافظات الكبرى مثل القاهرة والجيزة والإسكندرية، كما شمل مناطق واسعة في الدلتا والصعيد وسيناء.

وعزا التقرير البطء في استعادة الخدمة إلى وجود نقاط ضعف في الاستجابة الطارئة وفي توزيع البنية الرقمية، مما يستدعي مراجعة شاملة لطرق إدارة وتوزيع الشبكة لضمان استقرارها في حالات الطوارئ.

ووفقًا للتقرير، أظهرت البيانات التقنية المتاحة على المنصتين اعتماد شبكات المحمول الثلاثة فودافون واتصالات وأورانج على البنية التحتية المتضررة في سنترال رمسيس، وهو ما كان له الأثر الشديد في انقطاع وضعف خدماتها تأثرًا بالحريق.

وأكد التقرير أن خدمات الشبكات الثلاثة تعرضت لانهيار شامل وحاد في أعقاب الحريق، وهو ما عده دليلًا على "هشاشة بنية شبكات الإنترنت في مصر، خاصة حين تفتقر إلى حلول فنية تتجاوز الأعطال الجسيمة"، حيث يمكن لحريق في مكان واحد أن يُنتج شللًا في الاتصالات على مستوى الدولة بالكامل. 

أما شبكة وي، فأكد التقرير أنها لم تتعرض لانقطاع كلي، مثل شبكات فودافون واتصالات وأورانج التي تأثرت بشكل كبير من الحريق، لكنها شهدت اضطرابًا جزئيًا ملحوظًا، خاصة في النصف الثاني من يوم الاثنين.

وكان وزير الشؤون النيابية والقانونية المستشار محمود فوزي قال أمس إن قطع الخدمة "كان اختياريًا، بمعنى أن أجهزة الدولة قامت بقطع الاتصال حتى لا تتأثر باقي الأجهزة وباقي المحاور في السنترالات لعدم زيادة الخسائر".

التعويض عن الأضرار

على الصعيد القانوني، أكد المحامي حسن الأزهري أن انقطاع خدمات الإنترنت الأخير لا يمكن تصنيفه ظرفًا قاهرًا، بل هو خطأ بشري ومرفقي يفتح الباب أمام المتضررين للمطالبة بالتعويض وفقًا لأحكام القانون المدني.

وشدد الأزهري في تصريحات لـ المنصة على أن المسؤولية القانونية تقع على عاتق مقدمي الخدمة والجهاز القومي لتنظيم الاتصالات بشكل تضامني، مؤكدًا أن الضرر الناجم عن الانقطاع تجاوز مجرد توقف الخدمة، وامتد ليسبب "ضررًا ضخمًا" على نطاق واسع، إذ شملت تداعيات ذلك الانقطاع أبعادًا اقتصادية، وتعطيلًا لأرقام الطوارئ وتوقفًا للبورصة، ومشكلات في القطاع المصرفي، مما يؤثر على السلامة العامة والمصالح المالية للمواطنين والشركات.

وحول آلية المطالبة بالتعويض، أشار إلى أن قانون الاتصالات الحالي يفتقر إلى تنظيم واضح لتعويض الأفراد، مما يضطر المتضررين للجوء إلى القانون المدني، قائلًا "وفي هذه الحالة لا يكون المواطن بحاجة لإثبات واقعة الانقطاع، بل عليه إثبات حجم الضرر المادي أو المعنوي الذي لحق به شخصيًا، وبناءً عليه يطلب التعويض".

كان الحريق اندلع أول أمس في إحدى غرف الأجهزة بالطابق السابع من مبنى السنترال المكون من 10 طوابق، ما أدى إلى تلف بعض الكابلات الرئيسية والسيرفرات وامتداد دخان كثيف أعلى المبنى، وراح ضحيته 4 موظفين بالشركة المصرية للاتصالات.