استنكرت دار الخدمات النقابية والعمالية الحكم الصادر من المحكمة العمالية بطنطا بفصل القيادي العمالي هشام البنا من عمله بشركة وبريات سمنود، معتبرة الحكم مخالفًا لتوقعات كل الخبراء القانونيين الذين تسنى لهم الاطلاع على ملابسات القضية.
وقررت محكمة شرق طنطا الابتدائية في 30 يوليو/تموز الماضي فصل هشام البنا في الدعوى المقامة من إدارة شركة وبريات سمنود، على خلفية الإضراب عن العمل الذي شهدته الشركة في أغسطس/آب من العام الماضي، للمطالبة بتطبيق الحد الأدنى للأجور، حيث اتهمته الإدارة بـ"تحريض العمال على الإضراب والتسبب في تخسير الشركة جراء الإضراب".
وقالت الدار في بيان نشرته على فيسبوك، إنها ستباشر مع المحامين والقانونيين المتضامنين الاستئناف على هذا الحكم الذي "جانبه الصواب"، للعديد من الأسباب منها "أن نيابة سمنود حفظت البلاغ المقدم من الإدارة، ضد تسعة من عمال وعاملات الشركة بينهم هشام البنا، الذي اتهمتهم فيه بالإضراب عن العمل والإضرار بالشركة، مما يبرهن على افتقاد ادعاءات الشركة أدلتها وأسانيدها".
وتضيف الدار إلى ذلك أن الإدارة تراجعت عن طلبها بإيقاف العمال التسعة أثناء نظر الدعوى أمام المحكمة، عدا هشام البنا "وهو ما يدل على تهافت طلب الشركة وإطلاق اتهاماتها جزافًا، كما يؤكد ترصدها هشام وانصراف إرادتها إلى التنكيل به كونه يحظى بثقة العمال، وتفويضهم له ليمثلهم في التفاوض مع إدارة الشركة".
واعتبرت الدار أن إدارة شركة وبريات سمنود هي من يخالف القانون، ويمتنع عن الامتثال له، برفضها تطبيق الحد الأدنى للأجور المقرر قانونًا على عمال وعاملات الشركة "متعللة بحجج واهية متهافتة، وهي من دفعت العمال دفعًا إلى الاحتجاج السلمي عليها للمطالبة بحقوقهم المشروعة والثابتة".
وناشدت الدار كل المنظمات النقابية العمالية والقوى الديمقراطية الحية التضامن مع القيادي العمالي هشام البنا، مشددة على الحقوق الديمقراطية للعمال المصريين وعلى الأخص حقهم في الإضراب والاحتجاج السلمي، واختيار ممثليهم بحرية، وطالبت بكفالة الحماية القانونية لممثلي العمال تطبيقًا وامتثالًا لاتفاقيات العمل الدولية.
من جانبه قال القيادي العمالي هشام البنا لـ المنصة إن "الحكم لم يستند على أدلة حقيقية، فلم يتم التحقيق معي داخل الشركة بتهمة تحريض العمال على الإضراب، وكان التحقيق الوحيد الذي أجري معي أمام النيابة بناء على بلاغ مقدم من الشركة بتهمة إلحاق أضرار بالشركة أدت إلى خسائر جراء الإضراب، وهو البلاغ الذي حفظته النيابة مخلية سبيلي، إذًا فالاتهام الوحيد الذي اتهمت به برأت منه، بحفظ النيابة للبلاغ".
وأشار البنا إلى أن التسعة الذين اتهموا في البلاغ أخلي سبيلهم بكفالات مالية، إلا هو، فقد أخلي سبيله دون كفالات ومع ذلك فقد تراجعت الشركة عن قرارها بإيقافهم وعادوا إلى العمل، فيما أقامت دعوى قضائية مطالبة بفصله أمام المحكمة العمالية، وهو ما يعتبره البنا اضطهاد من قبل الإدارة، وتصفية حسابات لنضاله النقابي على مدى سنوات، داخل وبريات سمنود والوقوف ضد خطط تصفيتها منذ عام 2004 "أدفع ضريبة نضالي لـ35 عامًا".
وتأسف البنا لعدم مراعاة المحكمة للأحكام الصادرة لصالحه ضد الشركة، والتي ثبت من خلالها تعسف الشركة ضده، ومنها حكم ببطلان فصله تعسفيًا عام 2016، وحكم ببطلان النقل التعسفي العام الماضي، إضافة لحكم ببطلان سحب الإدارة للمؤهل من ملفه الوظيفي، وإلزام الشركة باحتساب أجره على المؤهل الأعلى بأثر رجعي 5 سنوات، مضيفًا "لم تنظر المحكمة لكل هذه الأحكام التي تثبت تعسف الشركة ضدي، وبنت حكمها فقط على تحريات المباحث".
وفجر الأحد 25 أغسطس/آب من العام الماضي، ألقي القبض على 10 عمال، بينهم البنا، واتهمتهم النيابة بـ"التحريض على الإضراب والتجمهر وقلب نظام الحكم"، وقررت في 28 من الشهر نفسه حبسهم 15 يومًا على ذمة القضية 7648 لسنة 2024 إداري سمنود.
ومطلع سبتمبر/أيلول 2024 قررت محكمة مستأنف المحلة إخلاء سبيل 7 منهم، واستمرار حبس البنا، الذي أخلت سبيله نيابة طنطا الكلية، في 9 سبتمبر من العام الماضي بشكل مفاجئ قبل موعد تجديد حبسه بيومين.
وكان عمال وبريات سمنود طالبوا الإدارة مرارًا بتطبيق الحد الأدنى للأجور الذي أقرته الدولة وقتها بـ6 آلاف جنيه، فلم تستجب لمطالبهم، ما اضطرهم للدخول في إضراب عن العمل في 18 أغسطس الماضي، استمر 35 يومًا، قبل أن يقرروا إنهاءه بعد ازدياد تهديدات الإدارة والأمن الوطني.
كما توصلوا لاتفاق مع الإدارة بإضافة 200 جنيه إلى الراتب وعودة الموقوفين عن العمل، لحين رد وزارة العمل على المجلس القومي للأجور بشأن طلب الإدارة استثناءها من تطبيق قرار الحد الأدنى للأجور، لكن قرار عودة العمال الموقفين عن العمل استثنى البنا.
وخلال الـ35 يومًا، مدة إضراب العمال، مارست الإدارة أشكالًا من الضغط على البنا لكي يقنع زملاءه بإنهاء إضرابهم، لكن رده كان ثابتًا كل مرة؛ أن العمال يطلبون تنفيذ قرارات رسمية صادرة عن الحكومة ووزاراتها والمجلس الأعلى للأجور، وأهمها تطبيق الحد الأدنى للأجور، وفق شهادات سابقة من زملائه لـ المنصة.