صفحة نادي بيراميدز- فيسبوك
من مباراة سابقة بين الأهلي وبيراميدز

كم نادٍ شارك في الدوري المصري منذ انطلاقه؟

سؤال سهل إجابته مستحيلة

منشور الجمعة 7 يوليو 2023 - آخر تحديث الأحد 9 يوليو 2023

صعد ناديا بلدية المحلة والجونة إلى الدوري الممتاز. مممم، مبروك! إنهما فريقان عائدان إلى المسابقة العريقة، وكل منهما له تاريخ فيها، ويمكنك أن تسرد أرقامهما وأرقام من مثلوهما من اللاعبين ومن قادوهما من المديرين الفنيين، وكذا منافسوهما، وإلخ إلخ إلخ.

صعد كذلك إلى الدوري الممتاز نادي "زد الرياضي". نفس المبروك!

لكن هناك سؤالًا: هل هو فريق حديث يضيف رقمًا جديدًا لعدد الأندية التي شاركت في المسابقة منذ انضمامها، أم عائد مثل زميليه السابقين؟

هذا السؤال لا أحد يمتلك له إجابة رسمية معتمدة، فكما تعلم وأعلم ونعلم جميعًا نحن لا نمتلك مرجعية لمثل تلك الأمور الرسمية، والمهتمون يجتهدون اجتهادات شخصية قد تنتشر وقد لا تفعل، لكنها في النهاية تظل خاصة بأصحابها.

نادي زد الرياضي له مالكون، مالكوه اشتروه من ملاك سابقين، وكان يعرف وقتها باسم مصر إف سي. مصر إف سي شارك في الدوري موسم 2019-2020، قبل بيعه، ومع البيع تغير الاسم والملاك والمقر والكل كليلة، فهل "زد الرياضي" هو "مصر إف سي"، وبالتالي يرث مشاركاته وأرقامه وتاريخه وأرشيفه، أم أن كل تلك التغيرات تؤدي إلى عدّه ناديًا جديدًا؟


كلا الإجابتين له وجاهته، والغريب أننا إذا بحثنا عن سوابق، ستجد الإجابتين موجودتان ربما عند الشخص نفسه.

مثلًا مثلًا.. نادي بيراميدز يصر الكثيرون على فصل نتائجه وتاريخه عن نادي الأسيوطي، الذي ورثه. ونجد من الإحصائيين من يعد بيراميدز ناديًا والأسيوطي ناديًا آخر، غير أنهم لا يسلكون المسلك نفسه مع الزمالك مثلًا، ويعدون تاريخ نادي قصر النيل ونادي المختلط ونادي فاروق ونادي الزمالك تاريخ واحد ممتد غير منفصل.

قد يقول قائل إن الزمالك يختلف عن بيراميدز، في أن تغير اسم فاروق إلى الزمالك لم ينتج عنه أي تغيير في ملكية النادي أو عضويته أو ثبوتيات تأسيسه وإشهاره.. أو أو أو. بينما تغير كل شيء بخصوص بيراميدز، وهو معيار وجيه، لكن، هل هو معيار رسمي؟

البعض الآخر، وأنا منهم، يقول إن بيراميدز والزمالك هما الحالة نفسها، ويضيف تاريخ الأسيوطي وأرقامه إلى تاريخ بيراميدز. من ثم، فإنهم يعتبرون تغيير اسم النادي يشبه مثلًا تغيير لون قميصه، أمر غير مؤثر في تحديد هوية النادي وفصله عن الأندية الأخرى، وهو أيضًا معيار وجيه، لكن، هل هو رسمي؟

لو اقتصر الأمر على تغيير الاسم والملكية لربما كانت الأمور أبسط كثيرًا، لكن الدوري العام شهد حالات متنوعة مؤثرة على تحديد هوية النادي. مثلًا، في موسم 1954-1955، صعد إلى الدوري الممتاز نادي اتحاد السويس، ثم بعد ثلاثة مواسم وفي 1957-1958، صعد نادٍ آخر هو السويس الرياضي.

ناديا السويس شاركا كناديين منفصلين، وتواجها كمتنافسين في بعض المباريات تحديدًا موسم 1963-1964، تقابلا ذهابًا إيابًا وتبادلا الفوز، ثم اندمجا في نادٍ جديد حمل اسم "منتخب السويس"، الذي واجه الأهلي قبل أيام في كأس مصر، وكان الظهور الأول لمنتخب السويس في موسم 1973- 1974، فماذا عن تلك الحالة؟


هل نعتبر منتخب السويس امتدادًا لأحدهما دون الآخر، هل يكون هو اتحاد السويس، أم يكون السويس الرياضي؟ أم نعتبره ناديًا جديدًا؟ كل إجابة قد يكون لها وجاهتها، لكن ينتج عنها رقم مختلف، يؤدي إلى اختلاف العدد الكلي للأندية المشاركة في الدوري، ويؤدي إلى اختلاف كبير في التاريخ والأرقام، فضلًا عن هوية النادي.

ما يزيد الأمر ضبابية في حالة نادي منتخب السويس، هو أننا لا نمتلك سجلات واضحة محددة حتى لعمليات التأسيس والاندماج، بل إن أرشيف الصحف يطالعنا بما يخلق علامات استفهام، حينما نقرأ مثلًا عن محاولات إعادة تأسيس نادي اتحاد السويس بشكل منفصل عقب الاندماج الذي جرى أواخر الستينيات.

حالة اتحاد السويس ليست الوحيدة، لا نتحدث هنا عن الاندماج، إنما عن أشكال التغيير، فلدينا نادي حرس الحدود مثلًا، المشهور بأنه امتداد لنادي السواحل، الذي صعد للدوري الممتاز موسم 1963-1964، وهبط في الموسم التالي، مما يجعل الذهن ينصرف إلى أنه شبيه بحالة فاروق الذي أصبح الزمالك، غير أن تتبع الأمر قد يعطينا نتائج مختلفة.

توقف نادي السواحل عن النشاط، ثم إن هناك تأسيسًا جديدًا، وإشهارًا جديدًا، واسمًا جديدًا هو حرس الحدود بعد سنوات من توقف نشاط النادي. الأمر هنا مختلف، صحيح أن المسؤولين عن النادي حاليًا يصرون على ضم تاريخ نادي السواحل لنادي الحرس، لكن هل هذا يكفي.

عندما تواصلتُ مع مسؤولي نادي حرس الحدود بخصوص هذا الشأن، أرسلوا لي مشكورين كتابًا ضخمًا عن تاريخ النادي، غير أن محتوى الكتاب لم يزد الأمر إلا غموضًا، وفي النهاية تكونت لدي قناعة أنهما ناديان مختلفان، وفصلت تاريخهما وأرقامهما وتعاملت معهما كأنهما، مثلًا، ناديا "فاركو" و"سموحة".

بمناسبة الإسكندرية، ماذا عن استحواذ نادي الأوليمبي على نادي البحرية منتصف الستينيات؟ النادي الأوليمبي السكندري ضم أراضي جاره السكندري "البحرية"، وضم لاعبيه، فيما يشبه تجربة نادي الرجاء مع نادي جمعية الحليب في المغرب، وهي التجربة التي مازال الجدل يدور بشأنها في المغرب، ولا أحد يعطينا معيارًا واحدًا أو حتى معايير متنوعة لكنها محددة، نحكم بها على الأمور.

المتتبع لتاريخ مسابقة الدوري العام المصري منذ انطلاقه 1948 وحتى الآن، سيجد الكثير من تلك الحالات في كل حقبة: المعادن/جولدي، اتحاد عثمان/مزارع دينا، الشرطة نسخة السبعينيات، واتحاد الشرطة في الألفية الجديدة، كوكاكولا/فيوتشر، بل إن هناك حالات لا تستطيع الجزم إن كان هناك تغير قد حدث أم لا، مثل نادي مصر للمقاصة، الذي أعلن مسؤولوه رسميًا العودة إلى اسمه الأصلي هويدي، بينما لم نجد من اتحاد الكرة، على حسابه الرسمي، ما يدعم تلك العودة، فلا ندري تحديدًا هل خاض النادي موسمه الأخير تحت اسم "مصر للمقاصة" أم "المقاصة" أم "هويدي".

وبناءً عليه، إن سألتني: كم عدد الأندية التي شاركت في الدوري المصري لكرة القدم، فسأجيبك: الله أعلم.