الصفحة الرسمية لأوبر على فيسبوك
مواطنة تستخدم أوبر

يوميات صحفية برلمانية| تحرُّكاتك في جيب الأمن.. ومسلسلاتك على ذوق اللجنة

منشور الاثنين 7 مايو 2018

 

بعد يومين من المناقشات في الجلسة العامة، وافق مجلس النواب، اليوم الاثنين، نهائيًا على مشروع قانون تنظيم خدمات النقل البري من خلال التكنولوجيا، الذي يعد أول قانون ينظم إنشاء وعمل شركتي "أوبر وكريم" والشركات الشبيهة.

مشروع القانون المقدم من الحكومة عقب صدور حكم محكمة القضاء الإداري الذي يبطل عمل الشركتين الأشهر، يضع قواعد مالية وإجرائية لإنشاء الشركات وعملها. لكنه يضيف أيضًا قواعد تتيح للجهات الأمنية الاطلاع على بيانات ومعلومات مستخدمي الخدمة، بمجرد طلب تلك الأجهزة للبيانات.

الاطلاع على بياناتك الخاصة

انتهت اللجنة المشتركة من لجان "النقل والأمن القومي والشؤون الاقتصادية والاتصالات" إلى تعديل المادة التاسعة التي كانت محل اعتراض ممثلي الشركتين خلال جلسة الاستماع التي انعقدت نهاية مارس الماضي، إذ قالت رنا قرطام مدير السياسات بشركة أوبر وقتها؛ "إن هذه المادة تخل بخصوصية وسرية بيانات العملاء والمستخدمين". حيث كانت تجبر الشركات على ربط قواعد بياناتها بجهات الأمن القومي، بما يمكِّن الأخير من الإطلاع على كافة بيانات وتحركات مستخدمي التطبيق وخدماته.

 لكن التعديل الذي انتهت إليه اللجنة المشتركة بالتعاون مع الحكومة لم يذهب بعيدا عن هذه السياسة، وإنما أعاد صياغتها وألغى ربط قواعد البيانات، مع الاحتفاظ بحق جهات الأمن القومي بالاطلاع على البيانات والمعلومات حال طلبها دون وضع ضوابط للاطلاع.

 وأصبح النص النهائي الذي وافق عليه البرلمان اليوم "مع مراعاة حرمة الحياة الخاصة التي يكفلها الدستور، تلتزم الشركات المرخص لها بإتاحة أو بأداء الخدمة، والتابعون لها بأن توفر لجهات الأمن القومي وفقا لاحتياجاتها كافة البيانات والمعلومات والإمكانات الفنية من معدات ونظم وبرامج، تتيح لتلك الجهات ممارسة اختصاصاتها وفقا للقانون حال طلبها، وذلك على النحو الذي يحدده قرار رئيس مجلس الوزراء، بناء على عرض جهات الأمن القومي".

زي الأتوبيس

المادة التاسعة الخاصة بإتاحة بيانات العملاء بلا ضوابط أمام الأجهزة الأمنية شهدت جدلاً كبيرًا خلال مناقشات مشروع القانون أمس واليوم، وبدأ رئيس البرلمان علي عبد العال مناقشة المادة في جلسة اليوم بمقدمة قانونية من قانون الاتصالات ودستور 2014، الذي استقى مادة الحفاظ على الحياة الخاصة للمواطنين من دستور 1971 والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، وهي النصوص التي تكفل حرمة الحياة الخاصة ولا تجيز التغول عليها "إلا وفقًا للقانون لحماية الأمن القومي والنظام العام والصحة العامة".

النائب هيثم الحريري من كتلة 25/ 30، طالب بوضع ضوابط قانونية للاطلاع على البيانات والمعلومات، وربطها بالحصول على إذن النائب العام، وأكد اعتراضه على العبارة الأخيرة التي تتحدث عن قرار رئيس مجلس الوزراء، وقال إن هذه العبارة "نسفت كل ما سبقها".

لكن رئيس المجلس دافع عن النص واستبعاد وضع الضوابط التي يطالب بها نواب "المعارضة" وقال "كل وسيلة خصصت للركوب دون تمييز تحولت لوسيلة نقل عامة يجري عليها ما يجري على الوسائل العامة، ليس هناك ضرورة للحصول على إذن النيابة العامة لتفتيش الأتوبيس، أي وسيلة تخرج عن نطاق الخصوصية لركوب الناس دون تمييز لا تحتاج أي وسيلة لتفتيشها". وهو ما علق عليه هيثم الحريري بقوله "نحن لسنا بصدد تفتيش المركبة، ولكن الحصول على معلومات تخص الراكب".

النائب المخضرم وضابط الشرطة سابقًا عفيفي كامل، قال "نحن نضع قواعد قانونية عادية ليست في ظروف استثنائية، حالة الطوارئ تتيح الاطلاع على أي خصوصيات دون قيود، نريد الرجوع للدستور"، ووجه حديثه لعبد العال قائلا " قانون الاتصالات والمعاهدات التي أشرت إليها تقول في حدود القانون"، وتسائل مستنكرا "هل التاكسي الأسود أم الأبيض بيتراقب الراكب ويتشاف رايح فين"، فقاطعه عبد العال قائلا "التاكسي مكان خاص أم عام ؟" لكن كامل رد ساخرا "عام وأخده أروح فيه أي حتة"، مشيرا إلى عدم تتبع المواطنين أو معرفة خطوط سيرهم من خلال التاكسي التقليدي.

أما النائب ضياء الدين داوود - أيضًا من كتلة 25/ 30، فحاول إثناء عبد العال عن وجهة نظره، مشددًا على ما قاله زميله هيثم الحريري بقوله "نحن لسنا بصدد تفتيش، نحن بصدد الاطلاع على بيانات ومعلومات [للأفراد]"،  لكن رئيس المجلس ظل مصرًا على موقفه وقال "كل البيانات الخاصة بالأماكن العامة يجوز توفيرها لأي سلطة من السلطات وليس قصرًا على النيابة العامة".

فيما حاول ضياء تقديم مقترح يقيد حصول الجهات الأمنية على البيانات والمعلومات، بإضافة عبارة "أن الاطلاع على البيانات والمعلومات يكون وفقا  لقانون الإجراءات الجنائية"، وهو الاقتراح الذي رفضه وزير  الشؤون البرلمانية عمر مروان، الذي قال "بعض التحقيقات تستلزم نصوصًا أخرى غير الإجراءات الجنائية، نحن سنلتزم بقانون الإجراءات الجنائية أو غيره".

وفي محاولة أخرى لتخفيف وطأة الأمر حاول النائب جمال الشريف، من الكتلة البرلمانية المتحفظة على المادة، الوصول لحل توافقي وربط الحصول على البيانات بـ "حدود القانون" دون تسمية قانون معين، لكن نواب ائتلاف دعم مصر رفضوا وطالبوا بالعودة لنص المادة الأصلي.

وقال النائب صلاح حسب الله "هل عندنا خلاف على الحصول على بيانات مواطن يستخدم وسيلة نقل عام ونظم وبرامج تتيح لهذه الجهات ممارسة اختصاصاتها؟"

أما زعيم الأغلبية، النائب محمد السويدي، فتعامل بمنطق أن هذه شروط الاستخدام وأن المستهلك يلجأ لهذه الخدمة ويضغط على زر الموافقة على كل عملية يقوم بها، فإن لم يرغب في هذا الشرط فلا يستخدمها. وقال السويدي "إن هذا القانون ينظم العلاقة بين المستخدم والشركة وهذا ليس إجبار". وأكد حق أي جهة أمنية في متابعة السائق، "والمستخدم والمواطن موافق على استخدامها".

تخفيض قيمة الترخيص: 

خفض البرلمان قيمة الترخيص الذي تدفعه الشركة العاملة في مجال نقل الركاب باستخدام التكنولوجيا، بعد اقتراح زعيم الأغلبية بالنص على أن يكون الترخيص خمس سنوات، وتدفع الشركة 30 مليون جنيه، 25% منهم عند إجراء الترخيص في البداية، وسداد الباقي على مدار السنوات الخمس بالتقسيط.

اقتراح السويدي لاقى قبول الحكومة والنواب، إذ كان مشروع القانون ينص على أن الترخيص سنوي وقيمته 10 ملايين جنيه، وهو ما اعتبره السويدي يقيد الاستثمار، وقال إن هذا استثمار طويل المدة، وعلى الأقل تكون مدة الترخيص خمس سنوات، "عشر ملايين جنيه سنويا توقف عملية الاستثمار وإيجاد شركات صغيرة ومتوسطة. هدفنا تنشيط المجال وليس تحصيل رسوم رخصة".

 تحذف من المضبطة

خلال مناقشة الحساب الختامي للعام المالي 2017/2018 ، قال النائب ضياء داود، عضو اللجنة التشريعية بالبرلمان، إن الحكومة تخالف المادة 127 من الدستور، بطرح السندات الدولية في الخارج دون العودة إلى البرلمان.

 وتسائل داوود: "أليس مخيفا للحكومة قبل البرلمان تراكم الدين العام؟.. نحن أمام خطر داهم، ويحتاج إلى تغيير السياسات، حتى لا نصل إلى نفس النتائج.. مصر في خطر، والبرلمان لابد أن يمارس دوره الحقيقي بوقف هذه المهازل".

كلمات داوود تلقفها عبد العال فورا وأمر بحذف عبارة "مصر في خطر" من المضبطة، وقال معقبًا "مصر ليست في خطر، ولا بد من حذف هذه الجملة من المضبطة. مصر تسير على الطريق الصحيح، وهناك إشادات دولية بالإصلاحات الاقتصادية للدولة، والتي لولاها لتعرض الاقتصاد لكثير من المشكلات".

وتابع رئيس البرلمان "الدين العام لا زال في الحدود الآمنة، وهناك دول تتجاوز نسبة الديون بها الديون المصرية، ونحن لا نريد التسبب في حالة من الارتباك لبرنامج الإصلاح الاقتصادي".

خنق الدراما

لم تعد المسلسلات والأعمال الدرامية بعيدة عن رغبات الهيمنة والتحكم من قبل من يديرون المشهد الإعلامي في مصر، إذ تمتد محاولات السيطرة للدراما التي تنتجها شركات ذات رؤوس أموال خاصة، لم تسيطر عليها الأجهزة الأمنية بالكامل بعد، وذلك عبر معايير وضعتها لجنة الدراما المنبثقة عن المجلس الأعلى للإعلام، الذي يرأسه مكرم محمد أحمد.

مكرم الذي حل ضيفًا-مع أعضاء لجنة الدراما ورئيس الرقابة على المصنفات الفنية- على لجنة الإعلام بمجلس النواب؛ عبر عن استيائه من حالة "الفوضى التي بدأت منذ 8 سنوات". يعتقد مكرم ورئيس لجنة الدراما المخرج محمد فاضل أن عام 2011 وثورة يناير لا زالا يؤثران "سلبًا" حتى الآن على مضمون الأعمال الدرامية، وأخرجا مسلسلات "خرجت عن القيم".

ورغم وضع لجنة الدراما 24 بندًا يجب مراعاتها من قِبَل صناع المسلسلات والقنوات التي تذيعها، إلا أنه يقول "لسنا فاشيين ولا نكبل الحريات، أصرينا على وضع معايير لأن في حاجات ماتنفعش؛ قلة أدب وشتيمة وضرب".

وقال إن المجلس فرض 250 ألف جنيه غرامة لكل لفظ فاحش (دون وضع قائمة بهذه الألفاظ)، واشترط انتهاء تصوير المسلسلات قبل 15 رمضان لتتمكن الرقابة من المراجعة". وأضاف "عشنا 8 سنوات من الفوضى لا حدود ولا قيم ولا التزام بأي شيء، وكل واحد حريته قد دراعه".

وفي الوقت الذي اشترطت فيه المعايير عبارات إنشائية مطاطية مثل "التزام الشاشات بالمعايير المهنية والأخلاقية وعدم اللجوء للألفاظ  البذيئة، والتوقف عن تمجيد الجريمة وصناعة أبطال وهميين يجسدون أسوأ ما في الظواهر الاجتماعية، وإفساح المجال لتمجيد الدور البطولي لرجال الجيش والشرطة"؛ إلا أن مكرم يصر على أن المجلس الأعلى للإعلام لم يتدخل في مضمون العمل الدرامي والأحداث، وهو الأمر الذي وافقه فيه رئيس لجنة الدراما، محمد فاضل الذي يتباهي بتاريخه الدرامي وفي الوقت نفسه يصر على ضرورة الالتزام بهذه المعايير.

وقال لم نتكلم عن المحتوى الدرامي ولا الأحداث ولا حرية المبدع. وأضاف "نحن لا نخاف ومستمرون إذا ممكن تساعدونا إن المجلس (البرلمان)، يقول إن القيم اللي يعمل عليها المجلس الأعلى قيم عامة ونحن نوافق عليها ومساندتها".

وبشأن الإعلانات قال مكرم "تكون فترة قبل وبعد المسلسل وللقناة حق القطع خلال المسلسل 3 مرات فقط، وخليك ذوق واعرف بتقطع إيه في الوقت المناسب". وقال "يجب أن تخضع المسلسلات للرقابة على المصنفات مثل أفلام السينما، مفروض يكون في تشريع إن الرقابة على المصنفات يدخل معها دراما التليفزيون مثل الأفلام"؛ فقاطعه النائب أسامة شرشر وقال "الرقابة تراقب المسلسلات"، وأكد أن الجمهور يدعم قرارات المجلس وقال "الرأي العام في صف الصحيح. الناس تواقة إلى التصحيح".