يوميات صحفية برلمانية| قوانين الصحافة والإعلام.. حجب الصفحات الشخصية واستمرار الحبس الاحتياطي

منشور الأحد 15 يوليو 2018

 

تعديلات طفيفة أدخلها مجلس النواب اليوم على مشروعات قوانين الصحافة والإعلام، التي تتضمن مواد تُحكِم قبضة السُلطة على حرية الرأي والتعبير. التعديلات لم تمس بأي حال من الأحوال المواد المقيدة للحريات، حتى بعد إجراء تغيير في مادة الحبس الاحتياطي.

وما زالت مشروعات القوانين الثلاثة "تنظيم الصحافة والإعلام- والمجلس الأعلى للإعلام"، و"الهيئة الوطنية للصحافة"، و"الهيئة الوطنية للإعلام" في انتظار اكتمال النصاب القانوني للإقرار النهائي الذي يتطلب موافقة ثلثي الأعضاء.

اليوم جرت التعديلات والمناقشات النهائية بعد عرض رئيس لجنة الثقافة والإعلام، أسامة هيكل، التقرير النهائي للجنة بشأن القوانين. وذلك عقب ورود تقرير لجنة الفتوى والتشريع في مجلس الدولة، ولقاء الساعات الثلاث المغلق الذي جمع هيكل مع نقيب الصحفيين عبد المحسن سلامة ووفد من مجلس النقابة الخميس الماضي.

الحبس الاحتياطي

لم يتضمن النص بعد تعديله  إلغاءً واضحًا وصريحًا للحبس الاحتياطي في قضايا النشر، وتركت كلمات رئيس المجلس التي قالها على المنصة الباب مفتوحا لمزيد من التساؤلات، حتى بعد التعديل الذي جاء استجابة لطلب نقابة الصحفيين.

كانت المادة 29 تنص على أنه "لا يجوز الحبس الاحتياطي في الجرائم التي تُرتكب بطريق النشر أو العلانية، فيما عدا الجرائم المتعلقة بالتحريض على العنف، أو التمييز بين المواطنين، أو بالطعن في أعراض الأفراد".

ولم يعلق مجلس الدولة في تقريره على هذا النص. ورغم ذلك طرحها هيكل لإعادة المداولة في الجلسة العامة، استجابة لطلب وفد نقابة الصحفيين. وقال إن الوفد طلب حذف المادة واستبدالها بنص الفقرة الثانية من المادة 71 من الدستور.

وأصبح النص كالتالي "لا توقع عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التي ترتكب بطريق النشر أو العلانية، فيما عدا الجرائم المتعلقة بالتحريض على العنف أو التمييز بين المواطنين، أو الطعن في أعراض الأفراد".

هيكل نفسه قال في الجلسة العامة إنه يفضل النص الأول، وأكد أنها صياغة أفضل من الصيغة التي طلبتها النقابة التي تمسكت بالنص كما ورد في الدستور.

لكن التعديل لا يلغي الحبس الاحتياطي ولا ينص عليه أيضا، فالنص الدستوري الذي نقله البرلمان للقانون، يتحدث عن العقوبة في جرائم محددة، ولم يتطرق للحديث عن اللجوء للحبس الاحتياطي كإجراء احترازي.

وشهدت هذه المادة جدلاً أثناء النقاش، وقال رئيس المجلس " القاعدة أنه لا يجوز الحبس الاحتياطي إلا في جريمة عقوبتها الحبس".

وطالب النائب أحمد طنطاوى، وضع ضوابط للكفالات التي تصل إلى مبالغ تعجيزية، فرد عبدالعال "هذا الاقتراح يصطدم بسلطة النيابة العامة"، وأضاف "الدستور لا يحظر الحبس الاحتياطي، ولكن حظره كعقوبة. مقتنعين أن عدم الحبس الاحتياطى للصحفي يلقي ظلال الشك على دستوريته لأنه يخل بمبدأ المساواة، أحيانًا يكون فيها [الجريمة] شريك غير صحفي، يخرج الصحفى ويُحبس الأخر".

وأضاف "مع ذلك تأكيدًا لحرية الصحافة حذفنا هذا النص، بالرغم من أن الدستور لم يحظر الحبس الاحتياطي، الحبس الاحتياطي إجراء احترازي، لا يوجد دولة خلت من تقييد حرية المتهم".

واستطرد "لغينا الحبس الاحتياطي. الدستور يُفسَّر كوحدة واحدة، توجد اختصاصات ممنوحة للنيابة العامة، وتقوم بإجراءات تحفظية لا أستطيع أن أقول لها ألا تفعلها" .

 الحجب

 

 

اجتماع لإحدى لجان الأعلى للإعلام

بقيت المادة 19 من قانون تنظيم الإعلام كما هي، بنصها الذي يسمح لأول مرة بحجب المدونات والصفحات الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي عبر قرارات يصدرها المجلس الأعلى للإعلام، مع إضافة حق ذوي الشأن في الطعن على القرار أمام محكمة القضاء الإداري.

التعديل الذي جاء استجابة لملاحظات مجلس الدولة، ضَمَن حق الطعن على القرار، لكنه أبقى على القيود الواردة والعبارات المطاطة التي تتضمنها هذه المادة.

وتنص المادة 19 على أنه "يحظر على الصحيفة أو الوسيلة الإعلامية أو الموقع الإلكتروني، نشر أو بث أخبار كاذبة، أو ما يدعو أو يحرض على مخالفة القانون أو إلى العنف أو الكراهية، أو ينطوي على تمييز بين المواطنين، أو يدعو إلى العنصرية أو التعصب، أو يتضمن طعنا في أعراض الأفراد أو سبا وقذفا لهم، أو إمتهانا للأديان السماوية أو العقائد الدينية. ويلتزم بأحكام هذه  المادة كل موقع إلكتروني شخصي أو مدونة إلكترونية شخصية أو حساب إلكتروني شخصي يبلغ عدد متابعيه خمسة آلاف أو أكثر.

ومع عدم الإخلال بالمسئولية القانونية المترتبة على مخالفة أحكام هذه المادة، يجب على المجلس الأعلى اتخاذ الإجراء المناسب حيال المخالفة، وله في سبيل ذلك وقف أو حجب الموقع أو المدونة أو الحساب المشار إليه بقرار منه. ولذوي الشأن الطعن على القرار الصادر بذلك أمام محكمة القضاء الإداري".

الحق في التصوير

كان مجلس الدولة سجل ملاحظة على نص المادة 12 التي تنظم حق الصحفيين والإعلاميين في التصوير أثناء تأدية عملهم. إذ كانت المادة تربط حق التصوير وإجراء اللقاءات بالحصول على تصاريح، وتضمن نصها حق التصوير في "الأماكن العامة غير المحظور تصويرها، وذلك بعد الحصول على التصاريح اللازمة".

 

وأوصى مجلس الدولة في تقريره بحذف اشتراط الحصول على التصاريح، ليكون حق التصوير مباحًا بشكل تلقائي في الأماكن غير المحظور تصويرها، لكن البرلمان لم يستجب لهذه التوصية.

وطرح رئيس لجنة الثقافة والإعلام المادة لإعادة المداولة في الجلسة، وذلك وسط اعتراض عدد من النواب الذي يمتهنون الصحافة، مثل النائب مصطفى بكري الذي أشار إلى حادث قطار البدرشين واستحالة انتظار الحصول على تصريح للتصوير.

لكن النائب أسامة هيكل قدم الاقتراح الذي حاز على الموافقة، ولم يغير في الأمر كثيرا، وبقيت المادة تسمح بالتعنت وربط التصوير بالحصول على التصاريح، إذ أصبح النص "للصحفي والإعلامي في سبيل تأدية عمله الحق في حضور المؤتمرات والجلسات والاجتماعات العامة، وإجراء اللقاءات مع المواطنين والتصوير في الأماكن العامة غير المحظور تصويرها، وذلك كله بعد الحصول على التصاريح اللازمة  في الأحوال التي تتطلب ذلك".

محاولات إنقاذ

حاول النائب أحمد الطنطاوي عضو تكتل 25/30 إنقاذ ما يمكن إنقاذه في مشروعات القوانين، وتقدم بطلب مستوف الشروط لإعادة المداولة على عدد من المواد.

واستجاب مجلس النواب لطلبه ووافق على تعديل المادة الثانية من مواد الإصدار في مشروع قانون تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، بما يكفل أخذ رأي نقابتي الصحفيين والإعلاميين بشأن اللائحة التنفيذية لمشروع القانون. وقال عبد العال إن أخذ رأي نقابتي الصحفيين والإعلاميين في اللائحة التنفيذية يتفق مع الدستور.

فيما رفض المجلس طلبه بتعديل المادة الرابعة، ونصها المتعلق بحظر نشر مواد تتعارض مع أحكام الدستور، أو تدعو لمخالفة القانون أو الالتزامات الواردة في ميثاق الشرف الصحفي، أو تخالف الأداب العامة والنظام العام أو الحض على التمييز أو العنف أو العنصرية أو الكراهية أو التعصب.

وتمنح المادة للمجلس الأعلى للإعلام، الحق في منع مطبوعات أو صحف أو مواد إعلامية أو إعلانية صدرت أو جرى بثها من الخارج، وحظر دخولها إلى مصر ومنعها من التداول أو العرض، "كما على المجلس أن يمنع تداول المطبوعات او المواد الإباحية أو التي تتعرض للأديان أو المذاهب الدينية تعرضا من شأنه تكدير السلم العام، أو التي تحض على التمييز أو التعصب أو الكراهية".

وفي الوقت الذي وافق البرلمان على حذف كلمة التعصب فقط؛ اعتبر الطنطاوي في دعوته لتعديل المادة أن المصطلحات الواردة فيها تنطوي على العديد من العبارات المطاطة، وقال "نحن نرى يوميا عشرات المتهمين بسبب العبارات المطاطة". ودعا للاكتفاء بحظر مخالفة الدستور أو القانون أو مواثيق الشرف.

وقال هيكل موجها حديثه لعبد العال "التزمنا بالألفاظ التي وردت في الدستور وإذا كان فيه تكرار ليس لدينا مشكلة ونرجع لك في أخذ القرار من الناحية الدستورية".

وقال عبد العال "بالرجوع للعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، ورد النص صراحة على النظام العام، وتكلم عنه الدستور. مورثات أي مجتمع من المجتمعات التي تحافظ على استقراره صياغته متفقة مع نصوص الدستور، وأيضا المواثيق الدولية وخاصة العهد الدولي الذي وقعت عليه مصر".

وأضاف "جريمة الكراهية منصوص عليها في كل الدول وتعتبر من أسوأ الجرائم، إن لم تجرم الكراهية فأنت تنسف المجتمع أحد مفردات التعصب الكراهية يوم أن يكره مواطن مواطنًا آخر، هذه جريمة بشعة ولهذا المجتمعات تتحدث عن قبول الآخر".

ترضيات للصحف القومية

 شملت التعديلات التي تضمنها مشروع قانون الهيئة الوطنية للصحافة ترضيات محدودة للمؤسسات القومية، التي شهدت خلال الأسابيع الماضية غليانًا بسبب نصوص القانون التي ستدفع نحو تغييرات واسعة في طرق تشكيل الجمعيات العمومية ومجالس الإدارة، وتحد من مزايا مد السن للصحفيين.

وعلى غرار التعديلات السابقة جاءت التغييرات في مشروع القانون غير جوهرية، لكنها عدلت المادة الخامسة بحيث يكون من اختصاص الهيئة اعتماد قرارات مجالس إدارات الصحف القومية بمد السن للعاملين؛ اذا اقتضت حاجة العمل ذلك.

كما وافق المجلس على اقتراح أسامة هيكل بتعديل محدود في تشكيل الجمعيات العمومية، عبر إضافة الخبرات الصحفية جنبًا الى جنب مع الخبرات القانونية والإدارية والاقتصادية إلى الأعضاء الستة الذين يختارهم مجلس الإدارة في تشكيل الجمعية العمومية للمؤسسة الصحفية.