السيسي أثناء مشاركته في القمة بحضور وزير الخارجية ومستشار الرئيس للشؤون الصحية. الصورة: المتحدث باسم الرئاسة- فيسبوك

نص كلمة السيسي خلال قمة عدم الانحياز عن فيروس كورونا المستجد 4/5/2020

منشور الأربعاء 6 مايو 2020

 

أتوجه بالشكر لكم فخامة الرئيس على مبادرتكم الكريمة بالدعوة لعقد هذه القمة الافتراضية في توقيت بالغ الأهمية. نواجه فيه جميعا المخاطر والتهديدات المترتبة على جائحة فيروس كورونا المستجد كوفيد 19.

وأغتنم هذه المناسبة للإعراب عن خالص التعازي لأسر ضحايا الجائحة في جميع أنحاء العالم، وخالص الأمنيات بالتعافي والشفاء العاجل للمصابين، وعن بالغ تقدير بلادي للدور الذي يقوم به كل من يساهم من خلال عمله بالتصدي للجائحة وتخفيف آثارها التي تطال الكل، ومن ثم، يتعين أن يتعاون الجميع في التصدي لها، كما أود أن أتوجه بالتهنئة بحلول شهر رمضان المبارك، الذي يتعين أن نستلهم معانيه النبيلة في التضامن والاخاء الإنساني.

السيد الرئيس،

يشهد عالمنا اليوم أزمة صحية كارثية غير مسبوقة من حيث اتساع نطاق انتشارها، وجسامة تداعياتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فسياسيا طالت الجائحة دول العالم بأسره، ولم تفرق بين حدود سياسية أو قارات أو اتفاقات، وامتدت آثارها لتشمل إرغام الدول على الانعزال وإغلاق الحدود. واقتصاديا قوضت الأزمة مكتسبات اقتصادية وتنموية محققة عالميا. واجتماعيا أثارت الجائحة عدة مسائل كانت محلا لأنماط مختلفة من التطبيق من جانب الدول، وذلك على غرار الحظر الطوعي أو الإجباري للمواطنين.

فضلا عن تحقيق التوازن بين الحفاظ على الصحة العامة ومنع المواطنين من الاختلاط من جانب، وبين عدم التعرض لخسائر اقتصادية لا تحمد عقباها من جانب آخر. وخيارنا واضح، فلا بديل عن التضامن العالمي في التصدي لتلك الأزمة، إيمانا منا بوحدة الغاية والمصير، وهو ما تجسده قمتنا اليوم.

من هذا المنطلق، تؤكد مصر الحاجة الآن أكثر من أي وقت مضى إلى تفعيل آليات التضامن والعمل الدوليين، من أجل الاستجابة الفاعلة والعاجلة لهذه الأزمة، ويتعين أن تلعب حركة عدم الانحياز دورا جوهريا في هذا الخصوص، فحركتنا تتمتع بثقل دولي كبير، كونها تضم ما يقرب من ثلثي دول العالم الأعضاء بالأمم المتحدة، وتمثل إطارا مهما، وواسع النطاق لتنسيق مواقف الدول النامية إزاء مختلف القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية المطروحة على أجندة النظام الدولي، وهو الأمر الذي يعزز من قيمتها المضافة في مواجهة انتشار جائحة فيروس كورونا.

انطلاقا من ذلك، وبحكم كون مصر من الدول المؤسسة لحركة عدم الانحياز، تؤيد مصر أخذ الحركة زمام المبادرة في تنسيق دولها في التعامل مع جائحة كورونا في إطار العمل الجمعي متعدد الأطراف، وفي هذا السياق اسمحوا لي أن أشارككم النقاط التالية:

أولا: نؤكد أهمية تضامن توفير المستلزمات الطبية والوقائية اللازمة لتمكين دول الحركة من تعزيز قدراتها على مكافحة الفيروس، خاصة في الدول الأكثر احتياجا وعلى رأسها الدول التي تمر بنزاعات أو خارجة منها.

ثانيا: لابد من تكثيف التعاون الدولي، وتوفير التمويل اللازم والعمل على حشده، وذلك لأغراض البحث العلمي، للإسراع من جهود تطوير دواء ولقاح لفيروس كورونا المستجد، مع ضمان حصول كافة الدول عليه، دون شروط أو تمييز.

ثالثا: ضرورة تضافر الجهود الدولية لدعم الدول النامية، وتقديم حزم تحفيزية لاقتصادياتها، تشمل تخفيف أعباء الديون المتراكمة عليها من خلال إعفائها منها، أو إعادة جدولتها.

وأشير هنا إلى ما تواجهه القارة الإفريقية تحديدا من ضغوط وتحديات كبيرة في هذا الصدد، كما أشير إلى المبادرات التي طرحناها من خلال الاتحاد الإفريقي، لتخفيف وطأة الأزمة على الدول والشعوب الإفريقية.

رابعا: لا يمكن إغفال أهمية الاستفادة من الأدوات المتاحة لدى مؤسسة التمويل الدولية، وعلى رأسها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، لمساعدة الدول على الحد من الآثار الاقتصادية السلبية للجائحة، وإعادة تنشيط القطاعات الاقتصادية الحيوية في بلدان الحركة.

خامسا: الحد من تأثير الجائحة على الأمن الغذائي، ونفاذ المساعدات الإنسانية لشعوب العالم الأكثر احتياجا، من خلال استدامة سلاسل الإمداد العالمي للغذاء، وفتح ممرات إنسانية، والموازنة بين القيود المفروضة على الحدود، وبين نفاذ التجارة.

سادسا: تدعو مصر لإفساح المجال في مناطق الصراعات للجهود الصحية والإنسانية للقيم بدورها في القضاء على فيروس كورونا والعمل على الاستفادة من تهدئة المواجهات في تنشيط المسارات السياسية لإيجاد حلول مستدامة لتلك الصراعات مع ضرورة أن يتم ذلك تحت مظلة الاحترام الكامل للقانون الدولي.

السيد الرئيس،

تضع أزمة جائحة فيروس كورونا المستجد آليات النظام الدولي المعاصر أمام اختبار حقيقي، وهو وضع يتعين معه ضرورة ترسيخ مبدأ التعاون والتضامن، وأن تواكب حركتنا الظروف والتحديات التي يشهدها عالمنا اليوم، بما يتطلبه ذلك من ضرورة استمرار الحركة في تطوير آلياتها وجعلها أكثر كفاءة فيما يتعلق بالتعامل مع التغيرات الكبيرة التي تشهدها الساحة العالمية.

وفي الختام، أود أن أكرر الشكر لكم فخامة الرئيس على عقد هذه القمة المهمة، مؤكدا على تأييدنا للإعلان الختامي الذي سيصدر عنها، ومتمنيا أن تكلل رئاستكم لأعمالها بالنجاح والسداد، تحقيقا للمقاصد والمبادئ التي أسست عليها حركة عدم الانحياز، وشكرا.


ألقيت الكلمة عبر تقنية الفيديو كونفرانس، وذلك بمشاركة عدد من رؤساء الدول والحكومات الأعضاء في الحركة، وعلى رأسهم الرئيس إلهام علييف رئيس جمهورية أذربيجان والرئيس الحالي للحركة، إلى جانب السادة رئيس الدورة الرابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، وسكرتير عام الأمم المتحدة، ومدير عام منظمة الصحة العالمية، ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، ونائب رئيس المفوضية الأوروبية.


خدمة الخطابات الكاملة للسيسي تجدونها في هذا الرابط