من كلمة السيسي عبر الفيديو أمام الأمم المتحدة. الصورة: المتحدث باسم الرئاسة- فيسبوك

نص كلمة السيسي أمام أعمال قمة التنوع البيولوجي 30/9/2020

منشور الاثنين 5 أكتوبر 2020

بسم الله الرحمن الرحيم،

السيد أنطونيو جوتيرش، سكرتير عام الأمم المتحدة، السيد فولكان بوزكير رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، السيد منير أكرم رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي.

أصحاب الفخامة، السيدات والسادة..

يسعدني أن أشارككم اليوم في هذه القمة المتزامنة مع الاحتفال بالذكرى الـ75 لتأسيس الأمم المتحدة، في ظل ظرف استثنائي راهن، يتمثل في انتشار فيروس كورونا المستجد، وتبعاته الاقتصادية والاجتماعية مع تزايد الوعي بخطورة التحديات البازغة وتشابك آثارها، وعلى رأسها القضايا البيئية، وتداعياتها غير المسبوقة، وهو ما أثبت صواب رؤية المجتمع الدولي، حين وضع نصب عينيه مبدأ الحفاظ على الطبيعة والتنوع البيولوجي، كإحدى أولويات التعاون الدولي.

ومن هذا المنطلق، فإن التدهور المضطرد في التنوع البيولوجي، والوتيرة المتسارعة لفقدان الموارد الطبيعية على كوكب الأرض، نتيجة التدخل البشري في الحياة الطبيعية والنظم الحيوية، بات يحتم علينا التحرك بشكل أكثر تنسيقًا وفاعلية في مواجهة هذه التطورات التي تهدد دولنا كافة، وتعمق من الفوارق بين الدول النامية والدول المتقدمة وتحد من قدرتنا على تحقيق أهداف التنمية المستدامة لشعوبنا، لا سيما في الدول النامية والأقل نموًا. خاصة إذا أضفنا إلى ذلك ظاهرة تغير المناخ، وما تمثله من خطر وثيق الصلة بفقدان التنوع البيولوجي، ومن ثم فإننا أمام اختبار حقيقي في علاقتنا مع الطبيعة، يفرض علينا العيش في تناغم معها، وهو ما يمثل جوهر مقصدنا المشترك عبر الربط بين التنوع البيولوجي وتحقيق التنمية المستدامة.

وتنفيذا لهذه الرؤية، وحرصا علي تجاوز القصور في الجهد الدولي عن الوفاء بمقاصد اتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي، وما تبعها من أهداف توافقنا عليها على الصعيد الدولي لوقف التدهور الراهن في التنوع البيولوجي، شهد مؤتمر الأطراف الـ14 في شرم الشيخ عام 2018، إطلاق مسار للتفاوض حول الإطار العالمي للتنوع البيولوجي لما بعد 2020، يسعى إلى بلوغ أهداف طموحة، مدعومة بوسائل التنفيذ وآلياته، ولقد حرصت مصر خلال الفترة الماضية على العمل مع كافة أصحاب المصلحة، لضمان خروج إطار التنوع البيولوجي لما بعد 2020 على نحو عادل ومتوازن، ونتطلع إلى اعتماده خلال مؤتمر الأطراف المقبل في الصين. 

وإيمانا بوحدة منهج صون الطبيعة، وبالدور المهم لكافة الأطراف الفاعلة في هذا المجال، من دول وحكومات ومجتمع مدني وقطاع خاص، أطلقت مصر خلال هذا المؤتمر مبادرة شاملة تهدف إلي دمج التنوع البيولوجي في القطاعات النوعية المختلفة، وذلك من خلال تحقيق التكامل بين اتفاقيات ريو الثلاث، المعنية بتغير المناخ، والتنوع البيولوجي، ومكافحة التصحر.

 وعملنا بجهد خلال الفترة الماضية مع مختلف الشركاء لدفع هذه المبادرة إلى الأمام. كما تقوم مصر بتفعيل مبادئها من خلال دمج التنوع البيولوجي في قطاعات المحميات الطبيعية، والسياحة البيئية على سبيل المثال، وكذلك في خططها التنموية لحماية تلك الموارد وإيجاد المزيد من فرص العمل.

وفي مسار مكمل لهذا الجهد، حرصت مصر على دعم جهود القارة الإفريقية في الحفاظ على التنوع البيولوجي ووقف تدهور الطبيعة، حيث استضافت على هامش نفس المؤتمر بشرم الشيخ، اجتماعًا أفريقيًا رفيع المستوى تناول أولويات القارة للحفاظ على ثرواتها الطبيعية المتنوعة، وذلك انطلاقا من أن قدرة الدول النامية، لا سيما الأفريقية على المشاركة في هذا الجهد الدولي مرهونة بما تحصل عليه من دعم عبر توفير التمويل ونقل التكنولوجيا وبناء القدرات استنادًا إلى مبدأ المسؤولية المشتركة متباينة الأعباء، والتفاوت في القدرات بين الدول المتقدمة والدول النامية.

السيدات والسادة،

كما تعلمون، فإن ثراء التنوع البيولوجي وحمايته يؤثر بشكل مباشر على كافة مناحي الحياة وإدراكا منها لذلك وضعت مصر نظم فعالة لصون الطبيعة والبيئة المحيطة بها، لا سيما نهر النيل الذي يمثل شريان الحياة لحضارة تجسدت فيها الإدارة الرشيدة للموارد الطبيعية، حيث حرصت مصر دوما وما تزال، على استدامة النظم الإيكولوجية لحوض النهر، ولطالما دعت إلى ضرورة تعزيز التعاون العابر للحدود بين دوله بالنظر لكون المياه هي حجر الزاوية في جهودنا للحفاظ على التنوع البيولوجي وحماية الطبيعة.

ختاما، فلا شك أن جائحة كورونا قد فرضت قيودا وتحديات جديدة أمام نجاح العمل الدولي متعدد الأطراف من ناحية، إلا أنها عززت شعورنا بالمسؤولية المشتركة إزاء مستقبل هذا الكوكب، ومصير الأجيال القادمة عليه من ناحية أخرى، فنأمل أن تساهم قمتنا اليوم في تعزيز إدراكنا لحجم تلك المسؤولية، وأن تخرج بنتائج واضحة تعكس إرادتنا السياسية الجماعية، لتغيير الوضع الراهن إلى الأفضل... وشكرا.


ألقيت الكلمة عبر الفيديو كونفرانس في القاهرة.

خدمة الخطابات الكاملة للسيسي تجدونها في هذا الرابط