Screenshot من يوتيوب
الرئيس خلال الكلمة

نص كلمة السيسي خلال افتتاح أسبوع القاهرة للمياه 16/10/2022

منشور الثلاثاء 18 أكتوبر 2022 - آخر تحديث الثلاثاء 14 فبراير 2023

 

بسم الله الرحمن الرحيم،

معالي السادة الوزراء،

السادة رؤساء الوفود،

السيدات والسادة الحضور والضيوف الكرام،

يسعدني أن أتحدث إليكم اليوم في افتتاح الدورة الخامسة من أسبوع القاهرة للمياه الذي تنظمه مصر، حتى أصبح منصة إقليمية ودولية فاعلة لدعم الحوار حول قضايا المياه، التي تزداد أهميتها بشكل خاص في إطار جهود تعزيز السلم الدولي والتنمية المستدامة، حيث يحمل أسبوع القاهرة الحالي للمياه عنوان المياه في قلب العمل المناخي، وذلك في خضم نقاشات دولية تستهدف تكثيف التحرك الدولي بشأن قضايا المياه والمناخ، وصولًا إلى القمة العالمية للمناخ بشرم الشيخ الشهر القادم.

السيدات والسادة الحضور،

لطالما كانت المياه منذ بدء الخليقة واهبة للحياة على كوكب الأرض، والركيزة الأساسية لتطور الحضارة. غير أن التطور المتسارع للحضارة الحديثة قد زاد من الضغوط على الموارد المائية المتاحة، حتى وصلت البشرية لمرحلة حرجة يواجه فيها العديد من البلدان تحديات متزايدة لتوفير الاحتياجات الأساسية من المياه.

وقد استمر الغذاء هو المحور الأكبر للاستخدامات المائية عالميًا، وعلى ضوء ما يتوقع من ازدياد احتياجات الغذاء بنسبة 60% بحلول عام 2050، فقد بات واضحًا أنه لا انفصام بين تحديات الماء والأمن الغذائي.

كما جاء تغير المناخ ليفاقم من هذا التحدي المزدوج، لا سيما في الدول التي تعاني من ندرة مائية، بما قد يؤدي لتبعات سلبية خطيرة على السلم والأمن إقليميا ودوليًا.

السيدات والسادة الحضور،

كان قدر مصر أن تقع في قلب تلك التحديات الثلاثة المتشابكة. تحديات الأمن المائي والغذائي وتغير المناخ. فمصر من أكثر الدول جفافا في العالم، وتعتمد على نهر النيل بشكل شبه حصري لمواردها المائية المتجددة، والتي يذهب حوالي 80% منها إلى قطاع الزراعة، مصدر الرزق لأكثر من 60 مليونًا من البشر، هم نصف سكان مصر.

وعلى ضوء هذه الندرة المائية الفريدة من نوعها، فإن موارد مصر المائية صارت تعجز عن تلبية احتياجات سكانها. بالرغم من اتباع سياسة لترشيد الاستهلاك من خلال إعادة الاستخدام المتكرر لمياه الري الزراعي على نحو جعل معدل الكفاءة الكلية لاستخدامها في مصر واحدًا من أعلى المعدلات في أفريقيا، وتؤدي تداعيات تغير المناخ لتفاقم آثار الندرة المائية على الرقعة الزراعي بمصر، والتي تتأثر بالتبعات السلبية لتغير المناخ التي تحدث داخل حدودها وكذا في سائر حوض النيل، لكون مصر دولة المصب الأدنى به.

 وبناء على تلك المعطيات، كان ضروريًا ان تتبنى مصر مقاربة شاملة بغرض التعامل الناجح مع تحديات الأمن المائي والغذائي، وما يرتبط بذلك من تحديات مناخية باعتبار ذلك مسألة أمن قومي لمصر.

 فعلى الصعيد الوطني انتهجت الدولة الاستراتيجية الوطنية لإدارة الموارد المائية، التي تهدف لتوفير مياه الشرب وتحسين نوعيتها، وترشيد الموارد المائية وتنميتها بكافة الوسائل الممكنة.

كما تبنت مصر سياسة للأمن الغذائي توازن بين الإنتاج المحلي والواردات الغذائية، وقد تمكنت مصر بفضل ذلك من الحفاظ على أمنها المائي والغذائي في ظل أزمات عالمية وإقليمية.

وعلى الصعيد الإقليمي، كانت مصر دومًا في تعاملها مع نهر النيل رائدة للدفع بقواعد ومبادئ القانون الدولي ذات الصلة بالأنهار المشتركة، وفي مقدمتها التعاون والتشاور، بغرض تجنب التسبب في ضرر في إطار إدارة الموارد المائية العابرة للحدود، وهي القواعد والمبادئ الحتمية لضمان الاستخدام المشترك المنصف لتلك الموارد.

وينطلق موقف مصر من اقتناعها بأن الالتزام بروح التعاون والتوافق على مساحات المصالح المشتركة، هو السبيل الوحيد لتجنب الآثار السلبية التي قد تنجم عن الإجراءات الأحادية في أحواض الأنهار. وهو ما أثبتته أفضل الممارسات الدولية، بما في ذلك في أفريقيا.

كما ينطلق موقف مصر أيضًا من كونها تتشارك ذات المسعى للتنمية، مع مختلف الدول النامية، وتؤمن بضرورة تجنب أي تداعيات سلبية قد تنجم عن مشروع تنموي في دول نامية تتأثر بها دولة نامية أخرى، وتؤذيها على نحو لا يمكن احتواؤه.

ونحن نحلم بالسعي المشترك لتعظيم ثروة حوض النيل، ولينعم بها جميع دول الحوض، وذلك بدل من التحرك فرادى متنافسين على نحو غير تعاوني، بما يسفر عن تنمية محدودة وقاصرة في حجمها ونطاقها، على نحو يزعزع استقرارهم.

إن رؤيتنا الراسخة هي العمل معا، بغرض تكريس وتقاسم الازدهار، بدلًا من التنافس والتناحر الذي يؤدي إلى تقاسم الفقر وعدم الاستقرار. وإدراكًا منا لخطورة هذه القضية، وانطلاقًا من أهميتها الوجودية لنا، فإن مصر تجدد التزامها ببذل أقصى جهودها لتسوية قضية سد النهضة على النحو الذي يحقق مصالح جميع الأطراف، وتدعو المجتمع الدولي لتعظيم وتضافر الجهود، من أجل تحقيق هذا الهدف العادل.

السيدات والسادة الحضور،

أما على الصعيد الدولي، فقد حرصت مصر على الانخراط النشط في كافة المحافل ذات الصلة، والدفع بضرورة تضافر الجهود لتنفيذ الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة على نحو متكامل.

واتصالًا بذلك، تتطلع مصر باهتمام كبير لمؤتمر الأمم المتحدة لمراجعة منتصف المدة للعقد الدولي للمياه، المقرر عقده في شهر مارس 2023. حيث تعد هذه الدورًة من أسبوع القاهرة للمياه إحدى الفعاليات الأساسية تحضيرًا له.

وأود أن أغتنم هذه المناسبة لأدعوكم للمشاركة في فعاليات القمة العالمية للمناخ COP 27 التي تستضيفها مصر بمدينة شرم الشيخ في شهر نوفمبر القادم، والتي ستطرح مصر خلالها مبادرة العمل على التكيف مع المياه والقدرة على الصمود، والتي يتم التنسيق بشأنها مع المنظمة الدولية للأرصاد الجوية، حيث من المقرر أن تستضيف مصر في هذا الإطار مركزا أفريقيا للمياه والتكيف مع المناخ، وذلك لدعم القدرات الأفريقية في هذا المجال المهم.

السيدات والسادة الحضور،

أود في الختام أن أجدد الشكر لكم وأن أرحب بكم في مصر. كما أعرب عن تطلعي لنجاح أسبوع القاهرة للمياه في الخروج بتوصيات ناجعة، قادرة على دفع أجندة المياه الدولية قدمًا، بما فيه تعزيز تطلعاتنا التنموية، ورخاء العالم واستقراره.وفقكم الله، وكلل جهودكم بالنجاح والتوفيق، وشكرًا على حسن الاستماع، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


ألقيت الكلمة المسجلة بالقاهرة، خلال أسبوع القاهرة للمياه في نسخته الخامسة.


خدمة الخطابات الكاملة للسيسي تجدونها في هذا الرابط