يوميات صحفية برلمانية| كواليس حلف اليمين.. المجلس كامل العدد والصحافة في غرفة مغلقة

منشور السبت 2 يونيو 2018

في صباح رمضاني هادئ يتزامن مع إجازة يوم السبت، قطع هدوء شوارع القاهرة وفراغها، انتشار أمني مكثف بدأ من السادسة صباحًا، بصحبة أصوات الطيران ومحركات الدراجات البخارية التي انتشرت لاستقبال الرئيس عبد الفتاح السيسي، لأداء اليمين الدستورية أمام البرلمان.

ظهر ميدان التحرير اليوم في شكل جديد بعد إضافة قطع دائرية مطلية باللون الأبيض حول النصب التذكاري الذي يتوسط الميدان، وانتشرت فيه العناصر الأمنية منذ الصباح الباكر، بعضهم بالزي رسمي وآخرون بثياب مدنية. وامتد هذا الانتشار للشوراع المجاورة للبرلمان وميدان التحرير وكوبري قصر النيل، كما تواجدت عناصر من القوات الخاصة ورجالها الملثمين على بُعد خطوات من ميدان التحرير.

ومنعت قوات الأمن الصحفيين والمصورين من التقاط صور للميدان والمناطق المجاورة له التي كانت محاطة بعناصر التأمين، وكذلك شارع قصر العيني الذي أزيلت حواجزه الخرسانية التي تحجب مبانيه الحكومية عن أعين المارة، والتي غالبًا ستعود من جديد -كالعادة- عقب انصراف الرئيس.

أما مجلس النواب الذي اكتست مبانيه بأعلام مصر، وعلقت على أسوراه من ناحية شارعي القصر العيني ومجلس الشعب، الأعلام الصغيرة؛ فاستقبل العاملين والصحفيين بدءًا من السادسة والنصف صباحًا، بعد نشر تعليمات عن إغلاق الأبواب في التاسعة.

ولأول مرة؛ تابع الصحفيون مراسم أداء اليمين وفعاليات الجلسة الخاصة من خارج القاعة. وكان من المعتاد أن يتابع الصحفيون كافة الجلسات بما فيها فعاليات أداء اليمين أو زيارات الرؤساء من داخل شرفة الصحافة المطلة على القاعة. وأصدرت الجهات الأمنية تعليمات ببقاء الصحفيين في قاعة "المركز الصحفي"، على أن يتابعوا فعاليات الجلسة الخاصة عبر الشاشات التي تبث من القاعة، والتي تولى الإشراف عليها اليوم "الشؤون المعنوية" بحسب مصادر في البرلمان.

حضور الصحفيين لهذا اليوم كان له استعدادات أمنية خاصة، إذ لم يحضر كل المحررين البرلمانيين، وشارك فقط محرر واحد عن كل إصدار، ولم يُسمح للمصورين بالحضور والمشاركة.

وأغلقت عناصر الأمن الأبواب التي تصل مباني المجلس بالمبنى الذي يتواجد به الرئيس، لضمان منع وصول أي من الصحفيين أو العاملين الذين لا تتعلق مهام عملهم في هذا اليوم بالتواجد بمحيط القاعة. وقبيل وصول الرئيس دخل أحد أفراد الأمن من القوات الخاصة وأبلغ الصحفيين بحظر الخروج من المركز الصحفي بعد وصول الرئيس.

 

صورتي الكتاتني وفتحي سرور داخل مجلس النواب

وبدأت  استعدادات تجميل المجلس قبل أكثر من أسبوعين، بطلاء المباني والقاعة الرئيسية وتجديد دهان الأبواب، وكذلك تجديد صور رؤساء البرلمان المتلاحقين على المجلس. إلا أن صورة سعد الكتاتني رئيس البرلمان المنحل في عهد الإخوان المسلمين ظهرت بألوان باهتة تكاد تكون ممحوَّة، بخلاف صور باقي رؤساء المجلس.

وصول الموكب

                                                                                       

مقدمة موكب الرئيس 

عقارب الساعة تخطت العاشرة، أصوات طيران، النواب يحتشدون في القاعة الرئيسية؛ ولأول مرة منذ أشهر طويلة يشهد البرلمان هذا الحضور الكثيف، فغالبًا لم يتغيب أحد، بما فيهم النائب علاء عبد المنعم الذي لا يزال يتلقي العلاج عقب إصابته بجلطة قبل عدة أشهر.

بدأت 5  طائرات طراز "الجازيل" التحليق في سماء وسط القاهرة، حاملة أعلام مصر والقوات المسلحة والقوات البحرية والجوية والدفاع الجوي، تلتها طائرات حربية من طراز إف 16، ليظهر بعدها عبر الشاشات موكب الرئيس في الساعة العاشرة و22 دقيقة، مارًا بميدان التحرير، مستقلا سيارة "مرسيدس" يتقدمها ويحيط بها عشرات الدراجات البخارية، حتى  دخلت سيارته من البوابة رقم 1 المطلة على شارع مجلس الشعب، حيث كان في انتظاره رئيس مجلس النواب، علي عبد العال، ووكيلي المجلس، السيد الشريف، وسليمان وهدان، والأمين العام أحمد سعد الدين واصطحبه معهم مجدي عبد الغفار وزير الداخلية.

 

الطيران يغطي موكب الرئيس 

بعد وصوله مباشرة توجه السيسي وعبد العال، وخلفهما الوكيلين والأمين العام وكبير الياوران للبوابة التشريفية، حيث عزفت الموسيقى العسكرية السلام الجمهوري، اتجه بعدها إلى داخل المبنى الرئيسي للمجلس وكان في استقباله شيخ الأزهر، وبابا الأسكندرية، ووزير الدفاع، ووزير شؤون مجلس النواب.

تحت القبة

                   

                                   

عبد العال يلقي كلمته 

تعد هذه المرة الثانية للرئيس تحت قبة المجلس، إذ زار البرلمان من قبل في فبراير 2016 لافتتاح أعماله حسبما يقتضي الدستور.  لكن اليوم يعد الأمر مختلفًا، إذ يتحقق الشرط الدستوري لأداء اليمين أمام البرلمان بعد غياب لمدة 13 عام. فقد شهد عام 2005 المرة الأخيرة التي يقسم فيها رئيس الجمهورية المين الدستورية أمام مجلس الشعب، وذلك خلال الفترة الرئاسية الأخيرة للرئيس الأسبق حسني مبارك؛ بينما أقسم الرؤساء المتلاحقين بعد ثورة يناير، محمد مرسي، عدلي منصور، والسيسي في ولايته الأولى، أمام قضاة المحكمة الدستورية.

في البداية اعتلى رئيس البرلمان المنصة وحيدًا، معلنا قدوم رئيس الجمهورية وانتظاره لدخول القاعة. ودخل السيسي بعد مضي دقيقة ونصف تقريبًا، وسط ترحيب وتصفيق النواب ووقوفهم للرئيس، الذي أشار بالجلوس لعبد العال.

التزم السيسي في خطابه بالنص المكتوب المعد مسبقا، وحرص على القراءة منه ولم يرتجل على الإطلاق في كلمته. ولكن؛ عقب مقاطعته من النائب محمد عمارة، عضو المجلس عن البحيرة، قال السيسي "خلوا بالكم إن طول ما ربنا معانا هو حامي البلد دي، لا السيسي ولا غيره"، وررد مرتين "يارب يحفظ مصر ويحميها".

خطاب السيسي تضمن ملامح عامة دون تفاصيل، أوضح بها مسار فترة الولاية الثانية وأولوياته خلالها عبر رسائل محددة حرص على إبرازها في خطابه، مثل "بناء الإنسان المصري وإعادة تشكيل الهوية المصرية"، كما أكد وضع قضايا التعليم والصحة والثقافة على رأس اهتماماته في المرحلة المقبلة.

النواب صفقوا للسيسي مرتين خلال حديثه عن التنوع واستيعاب الاختلافات والقواسم المشتركة بين المصريين، واستثنائه لمن "اتخذوا العنف والإرهاب مسارا لتحقيق أهدافهم".

وبعد ترديد هتاف تحيا مصر 3 مرات خلف الرئيس غادر السيسي القاعة والبرلمان، بعد نحو ساعة كاملة قضاها في مجلس النواب، ليسارع النواب بعدها في الخروج لاستراداد الهواتف المحمولة بعد منع دخولهم بها.

والتقط بعض منهم الصور في أجواء احتفالية بجوار البوابة الشرفية، فيما سارع آخرون لإصدار التصريحات والبيانات الصحفية التي تشيد بكلمة الرئيس.