تصميم: يوسف أيمن - المنصة

الخوف من التنوع: وقائع محاولة أكاديمية لتوثيق موسيقى المهرجانات

منشور الاثنين 2 مارس 2020

كلما قرأت عن المهرجانات أتذكر الثلاثة أشهر الأولى لي في كتابة رسالة الماجستير عام 2013 بعنوان "علاقة الأغاني الشائعة الشعبية بتبني الأطفال أنماطًا من اللغة الاجتماعية"، والتي انتهيت منها عام 2015 في معهد الدراسات العليا للطفولة بجامعة عين شمس.

بداية، صاحب عملي على الرسالة جدلًا أمضيته لكي أصل إلى تعريف واضح للمهرجانات بين كلية التربية الموسيقية التابعة لجامعة حلوان ومعهد الفنون الشعبية، وكان من المرفوض أكاديميًا كتابة كلمة "المهرجانات" بمُصطلحها المستخدم من قبل روادها.

رفَض الأساتذة أن تنال المهرجانات الشرف لأُطلق عليها في رسالتي "أغنية"، وكان السؤال "هي فين الأغنية؟ لا فيه جملة موسيقية واحدة، ولا الكلام مفهوم"، كما تبرأ منها أساتذة التراث والفلكلور وجردوها من كونها "شعبية" لأنها لا تنال شرف الهوية المصرية الشعبية، بحسب رأيهم، واشمأزوا من فكرة "وضع المهرجان بعد 100 عام جنبًا إلى جنب مع أغاني الفلاحين والسيرة الهلالية"، متوقعين أنها ظاهرة ستنتهي.

في الواقع لم يكن لديّ تصور واضح عما إذا كانت المهرجانات ستستمر أو أنها ستختفي، كنت أحمل السؤال البحثي لفن سطع بشكل مفاجئ، ويتصاعد طبقيًا بسهولة ويسر، محظوظًا بفراغ السوق الذي أصبح غناؤه راكدًا، أو كما رأى الزميل رمضان جاب الله في مقاله "من عدوية إلى شيبة: لف وارجع تاني"، ولكن لم أفهم لماذا توجهت لي الأسئلة باستعلاء طبقي وأخلاقي، حتى أني كنت أجيب على ردود أسئلة أصدقائي عن أحوالي بأنني "مقضيّة حياتي وسط الاشمئزاز الأكاديمي".

انتهت المعركة الطويلة لأول محاولة أكاديمية لتوثيق تجربة المهرجانات باختيار أحد المشرفات على الرسالة مصطلحًا وجدته مناسبًا لوجاهة الأكاديمية، وكانت لفظة شديدة الغرابة لكنها عبّرت عن الرحلة: "الأغنية الشائعة الشعبية".

العالم خارج الأكاديميا

وجدت ضالتي في كتابات المدونين والمدونات وبالتحديد في كتابات الصحفي والروائي أحمد ناجي صاحب مدونة "وسع خيالك"، والذي عرّف المهرجانات في مقاله "حراس البهجة. ملوك المهرجانات" بالراب الشعبي، واعتبرها خليطًا من الموسيقى الشعبية القاهرية والموسيقى الإلكترونية الغربية مع إيقاعات موسيقى "الراب" العربية.

كما أشار في مقاله "المهرجانات من حارات القاهرة إلى الأراضي الفرنسية"، إلى وصمها لمجرد أنها ليست أغاني الطبقة الوسطى وممنوعة من الظهور على التلفزيون الرسمي، ويحرص مذيعو الراديو على رفض إذاعتها ويصفونها بـ "الحاجات دي".

أتصور أن انطلاق المهرجانات وتسيّدها المشهد الثقافي في مصر، كان من الأمور المهددة للطبقة الوسطى التي احتكرت الإنتاج الثقافي في مصر لأعوام. يلفت الكاتب محمد نعيم، في مقاله عن شاكوش ورفاقه إلى أن "الأمر لا علاقة له بالمحتوى على الإطلاق، بل بتعقيدات يطول شرحها تتعلق بشفرات طبقية واجتماعية مركبَّة، يختلط فيها السمت ودرجة نضارة البشرة بهوية اللهجة المحلية ونوع طبقة الصوت وطريقة الملبس"، وعليه فقد احتقرت كل ما لا يمثلها وحاكمته أخلاقيًا وفنيًا بمعاييرها، إلا من رحمه نقده الطبقي للبناء الاجتماعي في مصر فخرجت الأصوات مدركة لأهمية تعبير المهمشين بفنهم، ومن تصالحوا معها فنيًا".

كذلك، أصّل محمد جمال بشير، صاحب مدونة "جيمي هود" لعلاقة المهرجانات بالراب وتشابه نشأته في مصر وأمريكا، بل يرى أن المهرجان ابنًا شرعيًا للهيب هوب.

أزيد على ذلك استخدامهم الإيقاع المقسوم في اللوب الأساسي، ما سهّل على الكثير استساغة هذه الموسيقى، وزود من سرعة انتشارها مقارنة بمحاولات أحمد الفيشاوي وأحمد مكي وفريق MTM.

الريمكس ذاته وطبيعة المناطق التي نشأت فيها المهرجانات والمؤلفة من الهجرة الداخلية للوافدين من المحافظات إلى العواصم، ساهم في تطوير وخصوصية "رقص التشكيل" على المهرجانات، والذي جمع بين الهيب هوب والرقصات المحلية بالسكاكين، ذات الأصل الساحلي، والمبارزة والتثبيت من روح التحطيب الصعيدي.

إذًا هي العولمة والثورة التكنولوجية، التي رغم إطاحتها بالاقتصاديات الصغيرة، إلا أنها فتحت المجال للتعلم الذاتي، والتأثر والتأثير والتلاقي والتقاطع مع مجتمعات متعددة داخل الهويات الكبرى، مما جعل الراب موسيقى للمهمّشين والأقليات في دول مختلفة الثقافات من أمريكا إلى السعودية مرورًا بمصر والمغرب والسودان.

فلكلور المدينة

كان ولا يزال الخيار الأوحد في نشأة كل مغني للمهرجانات: التنازل عن حق الملكية الفكرية، فحالة التداعي الحر التي تنتج بها المهرجانات ونشرها للإذاعة المجانية على اليوتيوب، وحالة التداخل والمزج بين الموسيقات المختلفة، تجعل منها الحالة الأقرب لفلكلور المدينة الذي يستخدم وسائله شديدة المحلية للنشر.

صحيح ارتبط الفلكلور بهامش العواصم في المحافظات والمناطق النائية وأنتج وأذيع في أفراح الفلاحين والنوبيين وحفلات الطنبورة في القناة، واشترط في تعريفه، على الأقل أكاديميًا، بضياع هوية مؤلفه ومغنيه الأصلي، ولكن هذا المفهوم عليه أن يضع في اعتباره ثورة التوثيق الهائلة التي مكنت الكثيرين من توثيق الفعل اليومي العادي كما أن استفحال عاصمة بحجم القاهرة يمنعنا من التعامل معها كوحدة مترابطة بل هي أجزاء مفككة لها مركز متعدد الهوامش.

بالطريقة ذاتها يمكننا قراءة المهرجانات باعتبارها تجربة فنية فردية لا تعكس بالضرورة التعبير عن طبقة في مجملها، ولكنها تركيبة من موسيقى وكلمات وأداء ومشاعر مهداة من منتجيها لمساحات متنوعة في التعاطي معها من قبل مستهلكيها، بداية من تقبلها فنيًا إلى استبعادها والانزعاج من صخبها الدائم، لكن ما تستوقفني هي الأصوات التي تحاسب المهرجانات على مضامينها دون قراءة سياقها وطرح الأسئلة.

لماذا تحمل المهرجانات كل هذا العنف؟

"تحض المهرجانات على عنف عبثي وعدمي، غايته وحسب أن يُبقى الغضب كامنًا في قلب المجتمعات الفقيرة والمهمَّشة" كان ذلك رأي الفنان التشكيلي عبده البرماوي في مقاله "عن شاكوش ورفاقه: هل نرى أنفسنا قبل أن يرانا إيلون ماسك؟"، والذي اختلف معه تمامًا مستندة لملاحظاتي الأولى على أجساد مغني المهرجانات والتي في أغلبها إما تميل للامتلاء أو النحافة الشديدة، متخلصة أو عاجزة عن الوصول للهيئة الذكورية المهيبة بالعضلات والفتونة (على الرغم أن الفورمة أصبحت سهلة ومتحققة في شهور ولها عقاقيرها المتداولة).

أثناء مقابلاتي الإثنوجرافية مع مغني المهرجانات؛ لاحظت علاقتهم المتناقضة مع العنف الذي هو انعكاس لحياة وسط علاقات قوى متعددة ومخيفة، بداية من "الحكومة" التي لا تظهر إلا في ممارسة سلطاتها، وبلطجية المنطقة واضعي العقد الاجتماعي ومنفذيه وفقًا للأهواء والمصالح، والصور الذهنية التي يروجها خطاب الدولة والإعلام.

لذا فإن العنف المحتفَى به في كلمات أغاني المهرجانات والذي لا يتعدى التهويش والتهديد والوعيد، ويعكس التنفيس عن الخوف والعجز ضروري لتوليد خطاب يسمح لهم بالحياة وسط هذه الشبكة من علاقات القوى، وفي الوقت ذاته فهو منبوذ، إذ أن خلق مساحة للفن وتفضيل أحدهم ليصبح مغني أو راقص المنطقة بالضرورة هو فعل معادل لـ (بلطجي – مرشد –ديلر ) المنطقة.

أضيف إلى ذلك أن عملي في دراسة اللغة الاجتماعية، علمني أن اللفظ ليس واحدًا جامدًا، وأن اللغة ديناميكية متغيرة بتغير مجتمع الناطقين بها، لذا فإن "صباح الخير" الذي ألقيها على زملاء العمل نفسها توازي "اصطبح يا  **أمك" أو "يا ابن **" أو كوباية الشاي بحليب، أو التحية بسيجارة الاصطباحة بين سائقي الميكروباص على خط المطرية ومدينة السلام.

ما أقوله هو أن كل التهديد بـ "الرزع والقتل والأسلحة والرشاشات والتفاخر بالعائلات والمناطق السكنية"، مفهوم تمامًا في سياقه الاجتماعي، ومستحضَر بقوة في مضمون المهرجانات المرتبطة بوحدة المنطقة السكنيّة والمهتمة بعلاقات التضامن والصداقة والدعم الاجتماعي والتي اختارت في معظمها شكلًا جماعيًا في أدائها يجمع صناع المهرجان جميعًا بالمسرح: موزع، كاتب كلمات، مغني، نبطشي، مهندس صوت.

هل المهرجانات رجعية وذكورية؟

على صفحة نسوية نشرت جولي بيطار مقالًا أو بيانًا تدين فيه ذكورية المهرجانات ووصفتها بأنها "ليست فن أصلًا وإنما هي عنف ممنهج وسموم للعقول المتلقية الضعيفة" مع الاستشهاد ببعض الكلمات من مهرجانات مختلفة تعبر عن أنماط مختلفة للعنف ضد المرأة.

كوني نسوية أثارت كلمات جولي عندي اندهاشًا أكثر منه رفضًا أو قبولًا. أنا لا أتخيل أن أركب الميكروباص وتذاع أغنية ذات قصة درامية عن حادثة تحرش أو اغتصاب فتكون النتيجة الحتمية هي تحرش الرجال بي أو اغتصابي، فهذا المنطق السطحي يفترض فقدان المستمع لأهليته، بل ويحمّل أغنية ما أو فيلم جوهرية السببية في أي ظاهرة مجتمعية، وبالتالي لا يصلح لقراءة صحيحة ومستوعِبة للفعل الإنسانى.

كان من المضحك استدعاء ثلاثة مهرجانات من كل هذا الإنتاج الضخم لمهاجمتها وإدانتها والمطالبة بمقاطعتها، وسألت نفسي هل ستجعلني أغنية تامر حسنى "سي سيد" أمتنع عن سماع كل الأغاني الشبابية، وإنتاج فيلم كـ "تيمور وشفيقة" لمقاطعة السينما للأبد.

بالطبع أشعر بالانزعاج من مضمون بعض المهرجانات، ولكن عليّ أن أعي موقعي كنسوية وباحثة من الطبقة الوسطى، لي انحيازاتي الثقافية والجمالية، هذه أنا وهذه محدداتي التي ليست بالضرورة صحيحة ويقينية وقابلة للتعميم.

بالعودة للنسوية كمنظور للعدالة من خلال تفكيك النظام الأبوي؛ فإن خروج المهرجانات للسطح مكسب أول في طريق التغيير الاجتماعي، بل حتى على مستوى تحليل المضمون الذي أعتبره أداة بحثيّة قاصرة لارتباطها بتحليل اللفظ الخام والصورة المنتجَة.

يمكننا القول بأن المهرجان المذكور في بيان جولي "انتحار على خط النار" لحمو بيكا، والذي تحدث عن واقعة زنا أب بابنته "البنت ليل نهار قاطعة.. وأبوها دوغري مشقلطها.. بتخش في الضلمة في متعة.. حيحانة مش عارفة غلطها" هو مهرجان تحدث عن المسكوت عنه في المجتمع، وفشلت الحركات النسوية في تتبعه بدقة نظرًا لما تقابله هذه الظاهرة من إنكار مجتمعي واسع رغم انتشارها.

أما مهرجان "هاتلي فوديكا وجيفاز" من غناء حمو بيكا وحسن شاكوش وعلي قدورة ونور التوت، فأنا أجد أن نقدها لوزير الشباب والإرشاد وخيانة الأصحاب بل وتحديدًا جملة "يلعن أبو الجواز ده الغرام هو المراد" سبّاقة في طرح مختلف عما يصاغ رومانتيكيا حول الزواج.

https://www.youtube.com/embed/9MDIf-96hOA

هذا لا يعني إنني أؤكد أن صانعي المهرجان ضد الزواج أو أن هذه الجملة تعكس سؤالًا وجوديًا لدى المهمشين حول الجنس والحب والزواج ولكنني أقدر الجسارة التي خرجت بها في ظل القيم المجتمعية والدينية المحافِظة.

نعم، إلى الآن المهرجانات خلاصة ثقافتها ذكورية، ومرتبطة بمحدداتها الجندرية، وبأدوار الرجال والنساء الاجتماعية النمطية، ولكن في النهاية لا تخرج أغنية تتغنى بعطب ما وتنتشر إلا إذا كان المجتمع مصاب أو مرحب بهذا العطب، وفي النهاية الفن ليس حالة عمدية للتغيير أو التثبيت، وإنما حالة شعورية تنقل ما يشعر به الفنان. نعم يمكننا دراسة الأغاني من منظور جندري، ولكن هذا لا يعني بيانًا لمصادرتها.

ماذا عن أطفالنا في زمن المهرجانات؟

طبقت دراستي على عينة قوامها 300 طفل وطفلة في مرحلة الطفولة المتأخرة من 6 إلى9 سنوات، ومن مستويات اجتماعية وطبقية مختلفة، كان سؤالها الأساسي حول علاقة الأغنية الشعبية المعاصرة بتبني الأطفال أنماطًا من اللغة الاجتماعية. وجّهت للأطفال استمارة سألتهم فيها عن مجموعة ألفاظ واردة في المهرجانات: ما معناها؟ تنتمي لأي مهرجان؟ إمكانية استخدامها في الكلام العادي؟

أظهرت النتائج أن إدراك الأطفال لذائقتهم الجمالية ووضعهم الطبقي يشكلان تفضيلاتهم الموسيقية وسلوكهم اللغوي. فالأطفال الذين تعرضوا لأشكال متنوعة من الموسيقى وتفضّل عائلاتهم الاستماع لأنماط متنوعة موسيقيًا وينتمون لطبقة مختلفة عن تلك التي أنتجت المهرجانات، معظمهم لم ينشغلوا بمعاني الألفاظ وحصروا استمتاعهم بالمهرجانات في كونها أغنية خفيفة راقصة، أما أبناء وبنات المطرية ومدينة السلام فأجابوا عن معاني الألفاظ لأنها مستخدمة بالفعل في قاموسهم اليومي.

أظهرت الدراسة أن 78%من العينة أن اللغة التي يستخدمها الأطفال مع أصدقائهم تحمل توريات مختلفة عن تلك المستخدمة مع الأباء والأمهات والمدرسين في المدرسة.

هذه النتائج وغيرها أكدت الأهلية الذكية والانتقائية للأطفال وأن تربية الأطفال على تنوع وثراء ذائقتهم الفنية تساعدهم على اختيار ما يتماشى مع ذواتهم وأن تربيتهم على النقد والمناقشة تساعدهم في بناء سياقهم القيمي والأخلاقي الخاص الذي بالضرورة يتأثر بظرفهم الزمني والسياسي والاجتماعي.

أيضًا يملك منتجو المهرجانات لغتهم وحسهم وإدراكهم لجمهورهم، إذ يعبر المغني عن أغنيته مستخدمًا لغة أصحابه وأقاربه ومنطقته، وخطابه المفهوم وليس بالضرورة المتسق مع مجتمعه المحلي، أما حين يحقق انتشارًا ويدخل في التيار السائد؛ فبكل آسف تدجن اللغة وتتغير الكلمات والمواضيع بما يناسب جمهوره الواسع ويتماشى مع سياقهم الأخلاقي، ويتماشى ذلك مع إدركهم لمسؤوليتهم الاجتماعية. ولنا في أوكا وأرتيجا مثالًا ، مهرجان "هاتى بوسة يابت" الذي حقق لهم أولى خطوات انتشارهم عام 2012 مختلف تمام الاختلاف في خطابه عن مهرجان "العب يالا" الذي بدأ بوعظة أخلاقية غير غنائية، تعكس تعاملهم مع جمهور يربط نجاحهم بامتثالهم لنظام أخلاقي محدد.

تقول مقدمة المهرجان "معاكم دلوقتي أوكا وأورتيجا من الـ 8%، أكيد في ناس كتيره بيجي وقت عليها وبتبقى عايزه ترجع لربنا، بس في حاجه بتبقى مانعاهم ويفضل يقولك أنا هبدأ من بكرة (...) وفي الآخر مش بيرجع ولا بيعمل أي حاجة، اللي مخليك كده هو الشيطان (...) وفي الأغنية دي بخلاف إنك هترقص عليها، حبينا نوضح فيها رسالتنا. يلا بينا"

هذه المقالة ليست مرافعة لتبرئة المهرجانات ولا تأكيدًا لملائكية منتجيها، حتى أنها لا تقدم إجابات يقينية لما طرحته من أسئلة، وإنما هي محاولة للكشف عن حقيقة الخوف من التنوع والذي نرتمي فيه بفعل تجاربنا وأمالنا في التغيير وإحباطنا منه.