![](/sites/default/files/styles/lead_image_small/public/photobank/eee_0.jpg.webp?itok=8X37EtZf)
طروحات "الإسكان" في 2024.. "الفاخر" على حساب المتوسط والمحدود
حاول محمد الحصول على وحدة من بين وحدات محدودي الدخل التي طرحتها وزارة الإسكان في طرح سابق إلا أنه لم يوفق، مع ذلك لم ييأس وتقدم للطرح الجديد، وحين علم بوصول أعداد المتقدمين إلى 500 ألف، توقع ألا يحالفه الحظ مرة ثانية.
يتعجب الشاب الثلاثيني من التنافس الشديد على الوحدات رغم ارتفاع أسعارها، "حتى شقق الفقراء أصبحت تقترب من مليون جنيه في الطرح الأخير، والاستلام بعد عدة سنوات، مع ذلك تقدم مئات الآلاف للحصول على 66 ألف وحدة"، يقول لـ المنصة.
ففي سوقٍ يقدر الاحتياج السنوي فيها لما لا يقل عن نصف مليون وحدة سكنية، مع طلب أعلى على الوحدات منخفضة السعر، لم تطرح وزارة الإسكان خلال عام 2024 إلا طرحًا وحيدًا لمحدودي الدخل لم يتجاوز 66 ألف وحدة، إلى جانب 26 ألف وحدة سكنية لمتوسطي الدخل، حسب حصر أجرته المنصة.
هذه الطروحات الحكومية المحدودة للفئتين تأتي في ظل مزاحمة قوية من الدولة للقطاع الخاص في طرح الوحدات الفاخرة، ما يحد من قدرتها على بناء الوحدات الرخيصة، ويقدر مسؤول في وزارة الإسكان لـ المنصة أن الوزارة لديها مخزون من العقارات الفاخرة بقيمةٍ تتجاوز نصف تريليون جنيه.
طلب كبير وطرح محدود
اشتمل طرح وزارة الإسكان لمحدودي الدخل، العام الماضي، على وحدات سجل فيها سعر المتر نحو 2500، وهو سعر في متناول قطاعات واسعة من الأسر، لكن إجمالي وحدات الطرح لم يتجاوز 100 ألف، في الوقت الذي تقدم لطلبها أكثر من 500 ألف مواطن.
من لم يتمكن من التقدم بطلب للحصول على وحدات منخفضي الدخل وجد نفسه مضطرًا للتقديم على وحدات متوسطي الدخل المطروحة من جهات تابعة لوزارة الإسكان، التي يتراوح فيها سعر المتر بين 7 و15 ألف جنيه، ورغم ارتفاع سعرها فإن الإسكان اكتفت بطرح عدد محدود منها قياسًا بحجم الطلب عليها.
تاريخ الطرح | مكان الطرح وعدد الوحدات | سعر المتر |
---|---|---|
3 يناير | 1160 شقة إسكان ممتوسط بالعبور وأسيوط الجديدة | 7.7 ألف جنيه للمتر |
28 يناير | 768 وحدة طرح تكميلي لوحدات العبور | 7.7 ألف جنيه للمتر |
3 مارس | 480 وحدة طرح تكميلي في جنة بالقاهرة الجديدة وفي مدينة أكتوبر | 11.5 ألف سعر المتر في القاهرة الجديدة و11 ألفًا في أكتوبر |
4 أغسطس | طرح 2406 وحدات في فالي تاورز في أكتوبر | 15 ألف جنيه للمتر |
29 سبتمبر | 1645 وحدة في ثمانٍ من المدن الجديدة تم تنفيذها من خلال هيئة المجتماعات العمرانية الجديدة. |
السعر مختلف حسب كل مدينة تراوح بين 7 آلاف إلى 12600 جنيه للمتر |
15 يوليو | 80 وحدة بمشروع نزهة التجمع الثالث | 17.7 ألف جنيه للمتر |
25 فبراير | 288 وحدة في سكن مصر وجنة المنصورة الجديدة | سعر المتر يبدأ من 7800 جنيه |
26 أكتوبر | 6575 وحدة بمشروعات سكن مصر، دار مصر، جنة، روضة العبور والإسكان المتميز في مدينة 15 مايو |
أسعار تتراوح بين 8 و15 ألف جنيه للمتر |
18 | 12 ألف وحدة إسكان متوسط ضمن مشروع سكن لكل المصريين 5 | 6000 - 9000 جنيه |
"دائمًا ما نجد أعداد المتقدمين لحجز الوحدات الرخيصة أربعة أو خمسة أضعاف الوحدات المطروحة، هذا بسبب محدودية ما يطرح منها"، يقول عضو في غرفة التطوير العقاري لـ المنصة.
ويوضح أنه "على سبيل المثال بلغ عدد وحدات مشروع فالي تاورز لمتوسطي الدخل 2406 شقق، وتقدم لحجزها أكثر من 11 ألف شخص، رغم ارتفاع أسعارها بنحو 1.5 مليون جنيه فى المتوسط".
الدولة تنافس القطاع الخاص
مع ضعف طروحات الإسكان الرخيص والمتوسط، كثَّفت شركات تابعة لوزارة الإسكان طروحاتها من الإسكان الفاخر، مثل سيتي إيدج وفاوندرز والسعودية المصرية.
"في الوقت الذي نشهد فيه إقبالًا قويًا على طروحات الدخل المتوسط التي لا يتجاوز سعرها مليوني جنيه، لا تركز الدولة على التوسع في بناء هذه الوحدات، ولكن توجه جانبًا كبيرًا من تمويلها لوحدات فاخرة مثل جنة وأبراج ماسبيرو والعلمين الجديدة"، وهو ما يثير انتقاد عضو غرفة التطوير العقاري.
ويرى أن منافسة الدولة للقطاع الخاص في مجال الإسكان الفاخر غير عادلة، لأن الإسكان والهيئات التابعة "تحصل على الأراضي مجانًا، ولا يُطلب منها نفس الإجراءات والتراخيص أو تواجه التعقيدات التي يواجهها القطاع الخاص، وتنفذ المشروعات عبر شركات مقاولات حكومية تمنحها تيسيرات كبيرة في السداد".
من جانب آخر، فإن توسع الدولة في الإسكان الفاخر يضعها أمام عبء تسويقها، مع تراكم الوحدات المنشأة وضعف حركة البيع. وحسب عضو مجلس إدارة في هيئة المجتمعات العمرانية لـ المنصة، فإن قيمة مخزون الشقق الفاخرة وفوق المتوسطة التي أنشأتها جهات تابعة لوزارة الإسكان تتجاوز نصف تريليون جنيه، ما يعكس ضخامة الميزانية المستثمرة لهذا الغرض.
ويوضح المصدر، الذي طلب عدم نشر اسمه، أن هذه الوحدات تركزت في مدن القاهرة الجديدة والعاصمة الإدارية وأكتوبر والعلمين الجديدة والمنصورة الجديدة وبعض المدن الرئيسية بالصعيد.
وتسعي الوزارة لتسويق هذه الوحدات بشكل مكثف منذ منتصف عام 2024، مع تراكم الوحدات غير المباعة، إذ بلغ "عدد الوحدات المملوكة للوزارة في العاصمة الإدارية الجديدة فقط 50 ألف شقة، بِيعَ أقل من نصفها، ويصل سعر الوحدة لنحو 5 ملايين جنيه في المتوسط وذلك في آخر طرح من شركة سيتي إيدج المملوكة لهيئة المجتمعات العمرانية"، كما يفيد المصدر بالهيئة.
ويشير إلى أنه بخلاف وحدات العاصمة هناك كثافة في المعروض لمناطق أخرى مثل "العلمين الجديدة والمنصورة الجديدة، وأكثر من 15 ألف وحدة بالقاهرة الجديدة لم يتم طرحها رغم تجاوز نسب التنفيذ 90%".
فجوة بين العرض والطلب
يشدد خبراء على أن السوق العقارية المصرية في حاجة ماسة لتبديل الأولويات، بحيث يجري التركيز على الوحدات الرخيصة، خصوصًا من قبل الدولة باعتبارها المسؤول الأول عن توفير الدعم للخدمات العامة.
"نحو 70% من المواطنين يطلبون وحدات بسعر مخفض، وأقل من 10% من السوق من الشريحة المتوسطة العليا والشريحة التي تطلب إسكانًا فاخرًا، ولا يلبي المعروض هذا الاحتياج لذا يجب العمل على سد هذه الفجوة" كما يطرح علاء فكري، عضو شعبة الاستثمار العقاري باتحاد الغرف التجارية لـ المنصة.
وينوه لأن "هذه النسب العالية للطلب على الوحدات الرخيصة يضع ضغطًا كبيرًا على الدولة، ومع تأخرها في توفير احتياجتهم تزداد الفجوة بين العرض والطلب".
في المقابل، "خلال العقد الماضي توسعت الحكومة، خاصة من خلال أجهزة وزارة الإسكان، في مجال التطوير العقاري بشكل ملحوظ، وتنامت مشاريع الإسكان الهادفة للربح"، حسب يحيى شوكت، الباحث والشريك المؤسس لمرصد العمران "عشرة طوبة".
ويحذر شوكت لـ المنصة من تركيز الإسكان على المشاريع الفاخرة في الوقت الذي لا يجد فيه أصحاب الطلب على الإسكان الرخيص ملاذًا غير المشاريع الأهلية التي تسيطر على السوق وتبني وحدات أرخص نسبيًا من كبار المطورين، ومع ذلك تمثل أسعارها عبئًا على الكثير من الفئات "الدولة تبني نحو 12% فقط من حجم الوحدات السكنية المنتجة سنويًا، القطاع الخاص غير الرسمي/الأهلي هو صاحب نصيب الأسد في حجم الوحدات السكنية المنتجة سنويًا وفقًا لبيانات الإحصاء المنشورة لآخر فترة تم رصدها 2021- 2022 بنسبة 78% تقريبًا".
فهل يأتي عام 2025 بالبُشرى لمحمد ومئات الآلاف من المواطنين الذين يحلمون بالحصول على سكن ملائم ورخيص في الوقت نفسه؟