برخصة المشاع الإبداعي: ويكيبيديا
محتجون أمريكيون يرفعون لافتة تأييد لزهران ممداني في مدينة نيويورك، 14 يونيو 2025

لماذا تدعم امرأة مسلمة من نيويورك زُهران ممداني؟

منشور الأربعاء 16 يوليو 2025

منذ البداية، كنتُ على يقين بأنني أُفضّل زُهران ممداني على سائر المرشحين الآخرين. كامرأة مسلمة منتمية إلى أقلية عرقية، كنت أتوق إلى رؤية شخص يشبهني ويتقاطع معي في الهوية، يتولى عُمُديِّة مدينة نيويورك. وقد وجدت في سياساته تعبيرًا صادقًا عن تطلعاتي وقيمي الشخصية.

في المقابل، كان واضحًا أن أندرو كومو، منافسه على تمثيل الحزب الديمقراطي في انتخابات عُمُديِّة المدينة نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، لا يضع الناس في مقدّمة أولوياته، بل بدا مشغولًا بالمال والسلطة أكثر مما ظهر مهتمًا بالأقليات والطبقات العاملة، وهؤلاء يُشكّلون النسيج الحقيقي للمدينة. والأدهى أنه لم يعد يقيم في مدينة نيويورك منذ سنوات، فكيف له أن يقودنا أو يفهم همومنا؟

أعيش في حيٍّ Washington Heights/مرتفعات واشنطن الذي يغلب عليه الطابع اللاتيني، وأغلب سكّانه من أبناء الطبقة العاملة. ويُشار إليه أحيانًا باسم جمهورية الدومينيكان الصغيرة/Little Dominican Republic، بسبب كثرة السكان من أصول دومينيكية فيه.

لم يزُرنا أندرو كومو إلا مرة واحدة خلال الحملة الانتخابية الأخيرة. جاء يومها مستقلًا الجزء الخلفي من شاحنة، ولم يترجّل أو يتحدث إلى أحد بل مرَّ مرور الكرام. أما زهران ممداني فقد تجوّل في حدائق الحي وشوارعه، وتحدّث مع السكان، واستمع إلى مشاكلنا وآمالنا. بل إن فريقًا من حملته زارنا أربع مرات عند باب المنزل، وتبادل معنا الحديث باهتمام واحترام.

فكِّر في الأمر كما أفعل، من منهما أظهر اهتمامًا حقيقيًا بنا؟ من الذي احترمنا كأفراد ومجتمع؟ من الذي يستحق أصواتنا؟

إذا فاز إريك آدامز بولاية ثانية لا أعلم إن كان بإمكاني بضمير مرتاح دعوة عائلتي لزيارتي

جميع أصدقائي صوّتوا لزهران أيضًا، وهم من خلفيات متعددة؛ آسيويون ولاتينيون، سود وبيض، يهود ومسيحيون. لكن جمعتنا قناعة واحدة بأن هذه الانتخابات ليست عن الدين أو الأصل أو الصراعات الخارجية، بل عن مستقبل هذه المدينة التي نعيش فيها معًا.

يحاول البعض في وسائل الإعلام جرّنا إلى نقاشات طائفية أو عنصرية، بأن يجعلوا من قضية فلسطين أو جنسية زهران محورًا للنقاش. لكن الحقيقة أبسط وأعمق؛ الأمر يتعلق بحياتنا اليومية. عامًا بعد عام، شهرًا بعد شهر، ويومًا بعد يوم، ترتفع الأسعار بشكل لا يُحتمل، وأبناء المدينة ممن وُلدوا فيها لم يعودوا قادرين على شراء حاجاتهم الأساسية أو دفع إيجارات بيوتهم.

نعيش في مدينة 36% من سكَّانها مولودون في الخارج وفقًا لمكتب الإحصاء الأمريكي، ‏لكن الحكومة الفيدرالية تُرحِّل المهاجرين، بمن فيهم أولئك الذين دخلوا البلاد بشكل قانوني، وطالبو اللجوء، وحتى المواطنون الذين يعيشون هنا منذ سنوات. رغم حصولي على الجنسية الأمريكية، فأنا أخشى على نفسي وزملائي المقيمين هنا بتأشيرة.

هذه هي القضية الحقيقية، ليست أعمار المرشحين أو دياناتهم أو أي أمر آخر يُستخدم لتشتيت الانتباه. يبدو أن عمدة نيويورك الحالي، إريك آدامز، حريص على كسب ود ترامب. إذا فاز بولاية ثانية، لا أعلم إن كان بإمكاني، بضمير مرتاح، دعوة عائلتي لزيارتي.

جانب من حي مرتفعات واشنطن في مدينة نيويورك، الذي يُعرف أيضًا باسم جمهورية الدومينيكيان الصغيرة، 26 أغسطس 2015

نحن نعيش أوقات عصيبة، والحكومة تتحرك بسرعة مقلقة نحو اليمين. يوميًا، أرى على الإنترنت من يهاجم زهران بوصفه بـ"الإرهابي" فقط لأنه مسلم، أو "الشيوعي الخطير" بسبب سياساته الاقتصادية التي تنحاز للفقراء.

هذا، ببساطة، وجهٌ من وجوه العنصرية. أنا أيضًا مسلمة، لستُ بيضاء، ومهاجرة من بلد آخر، وأشعر بالقلق على نفسي وعلى مجتمعي. أعرف أن أغلب الناس من حولي، وفي المدينة عمومًا، يحبون زهران أو على الأقل لا يحملون له هذا الكم من الكراهية. لكن هناك مجموعة صغيرة، ذات صوت عالٍ، لا تزال تملك نفوذًا في الحكومة وفي مواقع القرار، وهي من تقود هذه الحملات.

منذ أيام، أطَّلت السيناتورة كيرستن جيليبراند التي تنتمي إلى الحزب الديمقراطي في أحد البرامج التليفزيونية، لتتهم زهران بالتحريض على العنف ضد اليهود، وبالدعوة إلى "جهاد عنيف". وهذا، ببساطة، افتراء وكذب. بل هو وجه آخر من وجوه العنصرية، لكنه هذه المرة صادر عن حزب يُفترض أنه تقدّمي ومنفتح، بل ويميل إلى اليسار نسبيًا. والسيناتورة، للمفارقة، من ولاية نيويورك نفسها، الولاية التي يُنظر إليها باعتبارها "منفتحة" و"متقدمة"! فكيف سيكون الحال مع الجمهوريين في المناطق المحافظة إذًا؟

هذا لا يعني بالطبع أن كل المخاوف حول زهران ناجمة عن العنصرية. في الواقع، بدا أن زهران نجح بشكل كبير في التعامل مع الناخبين البيض الليبراليين من الطبقة المتوسطة، لكنه واجه بعض الصعوبات مع بعض الأحياء ذات الدخل المنخفض، الذين قد تبدو سياسات زهران التقدمية بالنسبة لهم رهانًا غير آمن. على الجانب الآخر، يتمتع كومو بشهرة واسعة، وهو أمر بالغ الأهمية لدى الناخبين الأكبر سنًا. فالناس يعرفونه أكثر، وهذا بدوره سيزيد من ثقتهم به.

وعد زهران بجعل نيويورك أكثر قدرةً على تحمل التكاليف، إلا أن كثيرين يخشون من أن تُموَّل هذه البرامج بالمزيد من الضرائب. في الأوقات الصعبة، يتوق الناس إلى الأمان، وفي كثير من الأحيان يُقدَّم التقدميون باعتبارهم متطرفين أو حالمين. وحتى من يوافقون على سياسات ممداني، فإن الكثير منهم، خصوصًا المهاجرين من دول شيوعية سابقة، يعتبرون "الاشتراكية" كلمة قذرة ترتبط بالإلحاد والاستبداد والفقر.

اعتنق الكثير منا حول العالم فكرة أن أمريكا هي "أرض الحرية" التي نسعى جاهدين للاندماج فيها، آملين أن نحقق الثروة والرخاء يومًا ما. لكن ما يُقال غالبًا للمهاجرين عندما ينتقدون أمريكا، أن يكونوا شاكرين وراضين، وإلا فليعودوا من حيث أتوا. لذلك فإن ممداني بمحاولته جعل نيويورك مكانًا أفضل لنا يُظهر لنا عيوب هذا الحلم.

نعم، أنا فخورة بانتمائي إلى نيويورك، وفخورة بزهران ممداني. لكني لا أخفي قلقي العميق من المسار الذي تسلكه هذه البلاد. آمل من كل قلبي أن تُحسن نيويورك الاختيار في الانتخابات المقبلة، لكنني أعلم أيضًا أن الانتخابات ليست كل شيء. لقد أنجزنا أمرًا عظيمًا بدعمنا لزهران، هذا المرشح الاشتراكي الذي يُعبّر عنا، لكن ما دام البيت الأبيض يسكنه حزب جمهوري عنصري لا يُعير القانون أو الشعب أي اهتمام، فسأظل قلقة.

مقالات الرأي تعكس آراء وتوجهات كتابها، وليس بالضرورة رأي المنصة.