مظاهرات 30 يونيو 2013. صورة من ويكيبيديا - برخصة المشاع الإبداعي

زهران ممداني يكتب عن تجربته: ملتحٍ في القاهرة

كيف رأى قاهرة ما قبل وبعد 30 يونيو 2013

منشور الأربعاء 2 يوليو 2025

بعد مرور اثني عشر عامًا من 30 يونيو 2013، وتزامنًا مع صعود نجم السياسي الأمريكي البارز ذو الأصول الهندية زُهران مَمداني، تقدم المنصة ترجمةً لمقال كتبه مباشرة عقب مغادرته القاهرة، بعدما عاصر أحداث الإطاحة بالرئيس محمد مرسي وجماعة الإخوان حين جاء إلى مصر ليدرس اللغة العربية في مقتبل حياته. المقال الذي نشره موقع bowdoinorient.com في أغسطس/آب من العام نفسه، لم يعد متاحًا بعد إغلاق الموقع، ولكن الباحثة سلمى شامل نقبت عنه في أرشيف الإنترنت.(*) إلى نص المقال:


وصلتُ القاهرة، الأربعاء، 19 يونيو/حزيران، قبل أحد عشر يومًا من اندلاع الاحتجاجات العارمة التي أطاحت بالرئيس محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين. استأجرتُ شقةً في 15 شارع البستان على بُعد دقائق معدودة سيرًا على الأقدام من ميدان التحرير. وبأسلوب الأجانب المعتاد، دفعتُ ضِعف الأجرة لسائق التاكسي، وجررتُ حقائبي إلى بهو العمارة.

في معظم عمارات القاهرة يوجد بوَّاب، أمضيت أول أحاديثنا معًا في محاولة لشرح معاناتي من رهاب الأماكن المغلقة، وأنني سأصعد الثمانية طوابق دائمًا على قدميّ. ابتسم وأخذ حقائبي ودخل المصعد، وبدأتُ أنا رحلتي مع السلم.

في الصيف السابق، كنتُ أدرسُ في برنامج اللغة العربية بكلية ميدلبيري مع صديقٍ أوصاني لاحقًا بالالتحاق بمعهدٍ لغويٍّ في القاهرة. أخذتُ بنصيحته، وسجلتُ هذا الصيف في دورة مكثفة لستة أسابيع، وتركتُ لنفسي أسبوعًا في النهاية للتجول في أنحاء البلاد.

مصر، مثلها مثل غيرها من الدول الناطقة بالعربية، يتحدث أبناؤها لهجةً تُعرف بـ"العامية". تختلف العامية عن الفصحى اختلافًا واضحًا، رغم الصلة بينهما. وكغيري من طلاب اللغة الأجانب، تعلمتُ الفصحى، فهي لغة المدارس والخطابات الرسمية والكتابة. لكنني سرعان ما اكتشفتُ أن لا أحد يتحدث بها بتاتًا في الحياة اليومية إلا في الخطابات الرئاسية. حين بدأتُ استكشاف شوارع الحي الذي أقطنه، كنت أحاول التحدث مع من ألتقي بهم. وفي واحدة من تلك المرات، توقف الرجل الذي كنت أحدثه وقال "مش مصدق إني بتكلم فصحى دلوقتي"؛ قالها كلها بالعامية. كنتُ أُشبِه شخصيةً شكسبيريةً تمشي في شوارع لندن بالقرن الحادي والعشرين؛ كل ما كان ينقصني هو الزيّ العتيق.

مع ذلك، حتى دون سترة وعباءة، تعلمتُ بسرعة أن عليَّ تغيير مظهري. القاهريون لا يرتدون الشورتات، ولا يحملون حقائب الظهر، ولا يجمعون بين الاثنين مطلقًا. في أيامي الأولى، لم أكن أرتدي أيًا منهما، فمشيتُ في الشارع دون أن يلاحظني أحد. لكن ما إن ارتديتُ شورتًا ووضعتُ كتابي في حقيبة ظهر بدلًا من حمله في يدي، حتى بادرني رجلٌ لم يلتفت إليّ في اليوم السابق قائلًا بإنجليزية بها لكنةً واضحةً "نعم يا سيدي، أيمكنني مساعدتك؟" فعُدتُ إلى البنطلون ومسك دفتر الملاحظات.

ما إن وصلتُ القاهرة حتى أدركت أن الخوف من اللحية لا يعرف حدودًا

هناك، عاصرت مجتمع يتميز فيه المرء بنموذج مختلف عما اعتدتُه، فبدلًا من أن يكون التمايز للرجل المسيحي الأبيض، ظهرت صورة جديدة تناسبني تمامًا؛ بشرة سمراء، شعر أسود، واسم مسلم. مع الملابس المناسبة، كان البعض يظن أنني مصري، وغالبًا ما يظنون أنني سوري، وكلتا الهويتين منحتني حرية التنقل في القاهرة دون قيود.

لكن خلال العام السابق على وصولي إلى مصر، كنت أضفتُ سمة أخرى لشكلي؛ لحية. في البداية كانت رمزية، نوعًا من التحدي لصورة نمطية منتشرة في أمريكا "أسمر بلحية؟ إرهابي!". لكن ما إن وصلتُ القاهرة، حتى أدركت أن الخوف من اللحية لا نهاية له. كثير من أصدقائي المصريين قالوا مازحين، ثم بجدية، إنني أبدو إخوانيًّا. على ما يبدو هناك أربع درجات للحية؛ حليق، لحية خفيفة أنيقة، إخواني، ثم ناشط. لا أعرف كيف يصل الناشطون للمرحلة الرابعة دون المرور بالثالثة.

"عالم من النشوة"

يوم الخميس، 27 يونيو، وبعد أربعة أيام من بدء دراستي، مررتُ بميدان التحرير في طريقي من المترو إلى البيت. كانت مظاهرات 30 يونيو الكبرى لا تزال على بُعد يومين، لكن الرئيس محمد مرسي كان سيلقي خطابًا تلك الليلة استباقًا للمظاهرات المقبلة، فاجتمع المتظاهرون لمتابعة بث الخطاب على شاشة عرض في الميدان.

جلستُ بجوار مجموعة من النساء المتقدمات في العمر، تركزتْ أنظارنا على المشهد أمامنا. كان عالمًا من النشوة والجاذبية الجماهيرية. حتى بأعدادٍ محدودة، كان الناس يتزاحمون، يهتفون ويصفقون، يقودهم رجل محمول على أكتاف رجل آخر. أنهى الهتاف، أشعل شُعلة وأخذ يلوّح بها، بينما كانت الشمس تغيب في الأفق. كان مشهدًا يمزج بين الثورة وملاعب كرة القدم وغلاف رديء لمجلة نيوزويك. شعرتُ وكأنني في بيتي.

بعد وقت قصير في ميدان التحرير، فهمتُ إدمان الثورة والاحتجاج. أولئك الذين لم يكن لهم صوت في رسم ملامح المجتمع مُنحوا فرصة الكلام، مع وعد بأن صوتهم سيسمعه الآلاف. انقلبت مفاهيم الطبقة والمكانة، صعد من لا يملكون شيئًا على أكتاف الآخرين، لتعلو أصواتهم. وتأسست هذه اللُحمة الاجتماعية الجديدة على معارضة واسعة لكل ما تمثله الحكومة من بيروقراطية وظلم وطائفية.

قلتُ للحلاق بلهجتي العامية الركيكة إنني أريد لحيةً كلحيته

لكن رغم انهيار كثير من الحواجز الاجتماعية التقليدية، بقي حاجز النوع الاجتماعي. رأيت كثيرًا من النساء في المظاهرات، لكنهنّ كنّ عرضةً لخطر حقيقي من التحرش والاعتداء، خصوصًا ليلًا. مجموعتا قوة ضد التحرش/الاعتداء وكرامة بلا حدود عملتا على التصدي لتلك الاعتداءات، وحضرتا معظم المظاهرات الكبرى، وقد أبلغت المجموعة الأولى عن عشرات الحوادث في نهاية كل ليلة احتجاج. استشطت غضبًا من القصص والإحصاءات، وفكرتُ في التطوع، ثم أدركتُ أن آخر ما يحتاجه المصريون هو أجنبي حسن النية يتدخل.

عدتُ إلى الشقة بعد ساعة. كان أستاذي طلب مني في وقت سابق من اليوم مشاهدة خطاب مرسي. وحين واجهتُ صعوبة في فهمه، التفتُّ إلى زميلي المصري في السكن لأطلب منه الترجمة. ضحك وقال إنه لا يفهمه هو الآخر، مع أننا نعلم أن مشكلته مع الخطاب كانت سياسية، أما أنا فمشكلتي كانت لغوية. وبينما كان يضحك، أشار إلى لحيتي مرة أخرى. وبعد أن شاهدتُ المظاهرة التي هُوجم فيها الإخوان، قررتُ أن الوقت قد حان لتهذيب اللحية.

تغيير مصر وتغيير اللحية

في تلك الليلة، ذهبتُ إلى صالون حلاقة في الشارع المجاور، وقلتُ للحلاق بلهجتي العامية الركيكة إنني أريد لحيةً كلحيته، وكذلك شعري. شعرتُ أنني واحد من آلاف المواطنين أو المقيمين ذوي البشرة السمراء في الولايات المتحدة، الذين حلقوا لحاهم بعد أحداث 11 سبتمبر، واستبدلوا بعمائمهم ضفائر. باستثناء أن المصريين في كل أطراف الصراع الحالي، حسب معايير "الحرب على الإرهاب"، كانوا سيُعدّون مشبوهين في أمريكا. بعد نصف ساعة، خرجتُ من الصالون بمظهر مصري عصري، بلحية خفيفة وتسريحة faux-hawk.

كنتُ تحملت تعليق عابر من زميل سكران في حفلة طلابية يقول لي "لحية إرهابي جميلة"، لكني لم أكن مستعدًا لمواجهة غضب عشرات الآلاف من المتظاهرين. أدركتُ أنني لم أعد متمسكًا بالنشاط السياسي، بل بعناد لا طائل منه. ومع ذلك، حتى بعد حلاقة اللحية، ظلت أسباب الاحتفاظ بها قائمة. كانت لحيتي احتجاجًا على دلالاتها الضيقة في أمريكا ومصر. إنَّ الأحادية وبساطة استنتاجاتها أمرٌ خطيرٌ دائمًا.

الصراع في مصر ليس ثنائيًّا، بل متعدد الأطراف؛ من تمرد (الحركة التي نظّمت المظاهرات وتمثل الكثير من قلق اليسار المصري) إلى الفلول (بقايا نظام مبارك)، والجيش، والإخوان، وغيرهم. وتكمن الحيرة في أن هذه الأطراف باستثناء الإخوان باتت تتحدث بصوتٍ واحد، مما يعطي انطباعًا بتحالف سياسي حقيقي. لكن جبهتهم الموحدة قائمة أساسًا على رفض الإخوان، مما يجعل وحدتهم مؤقتة وهشة.

لكن هذا الصراع ليس "صناعة مصرية" فقط. فالممولون الأمريكيون من دافعي الضرائب ما زالوا يقدمون 1.3 مليار دولار سنويًا للجيش المصري، وهو الجيش نفسه الذي أشاهده الآن يطيح برئيس منتخب ليتولى هو قيادة البلاد؛ عملية غير ديمقراطية من وجهة نظر معظم الأمريكيين.

بينما كانت المعارك حول تعريف وصياغة مستقبل مصر تتصاعد، كنا، أنا وزملائي في السكن، نعيش بين سيناريوهات نهاية العالم، وحياة يومية عادية. خزّنا المعلبات والنودلز، وبقينا في البيت في الأيام شديدة التوتر. لكنني واصلتُ الذهاب إلى المعهد، وزملائي إلى أعمالهم، بعد 30 يونيو. بينما كان أصدقائي الأمريكيون يستعدون للمغادرة تنفيذًا لنصيحة السفارة الأمريكية، لم أكن أرى تلك الأجواء المشحونة التي كانت تصفها الأخبار. بصفتي شخصًا يتمتع بامتياز اجتماعي في مصر، كانت الشوارع كما هي، والناس كما هم، والمترو مكتظًّا كعادته. لم ألحظ الفارق إلا عندما أقترب من التحرير، فأجد نقطة لتفتيش المتظاهرين، وفي الخلفية حشود من مئات الآلاف.

ما بعد مرسي

في 3 يوليو، تحقق مطلب الجماهير حين أعلن الفريق عبد الفتاح السيسي، قائد الجيش، عزل مرسي، وتعليق العمل بالدستور، والدعوة لانتخابات جديدة.

وفي خضم نشوة المحتجين المعارضين لمرسي في الحي الذي أقطن به، كانت مخاوف والديّ تتزايد. غادرتُ القاهرة فجر الجمعة، 5 يوليو/تموز مستجيبًا لطلبهما بالعودة إلى كمبالا، أوغندا. بقيتُ أسبوعين مع عائلتي، قضيتها في إعادة التقديم على تأشيرة مصرية، ومحاولة إقناع والديّ السماح لي بالعودة. وفي الأحد 21 يوليو عدتُ. استقبلني زملائي في السكن بابتساماتٍ وأحضان، وتحدثتُ العامية بحماسة، وفتحتُ حقائبي استعدادًا لأسابيعي الثلاثة الأخيرة في القاهرة.

طوال وجودي في كمبالا، كنتُ متأكدًا أن والديّ تسرّعا في إجلائي. نعم، كانت هناك أحداث عنف في القاهرة، لكنها كانت محصورةً، ويمكنني تفاديها. لكنني فقدتُ يقيني هذا بمجرد دخولي المعهد يوم الاثنين، 22 يوليو. كان هناك أمران اعتدتُ عليهما في كل درس؛ أن أستاذي، وهو مِن مؤيدي الإخوان، يشاركنا وجهة نظره، وأنه ملتحي. استمرت نقاشاتنا، لكن لحيته اختفت، واستبدَل بها شاربًا، فقد شَعر وجهه دلالاته السياسية، وصار مجرد مظهر. وعندما سألته، قلل من أهمية التغيير. وانتقلنا إلى النحو، تاركين الواقع خلفنا.

نصحني بألا أتكلم العربية بل الإنجليزية وحدها حتى لا يظن أحد أنني سوري

كان أستاذي يطلب مني دائمًا مرافقته إلى المترو بعد الدراسة، وكنتُ أرفض، لرغبتي في الاتصال بحبيبتي أو التجوال منفردًا. لكن ذلك اليوم، كنتُ متحمسًا جدًّا لعودتي للقاهرة والدراسة والحديث بالعربية، فطلبتُ منه أن نمشي معًا. وحين غادرنا المعهد، تحدث عن لحيته. قال إن والدته طلبت منه حلقها بسبب تصاعد الخطاب المناهض للإخوان في الشارع، وأضاف وهو ينظر إليّ "أنا ابنها الوحيد، ولازم أسمع كلامها".

تابعنا المشي، ولاحظتُ أنه صار شحيح الكلام، على عكس ما كان. عندها تذكرتُ ما قاله لي سابقًا. حين تحدثتُ عن تصاعد الخطاب المعادي للفلسطينيين والسوريين كجزءٍ من محاولة الجيش ربط الإخوان بقوى خارجية، نصحني ألا أتكلم بالعربية، بل بالإنجليزية وحدها، حتى لا يظن أحد أنني سوري. صدمتني كلماته، لكني لم أفهم معناها الكامل إلا ونحن في طريقنا إلى المترو.

خارج الدرس، كانت أحاديثه قصيرة ومتحفظة وخافتة، كلها بسبب الخوف. وعندما ركبنا القطار، فقدتُ متعة التنقل والدردشة مع من أقابلهم؛ وصرتُ أطأطئ رأسي وأسير بسرعة، أتعامل مع كل رحلة على أنها وسيلة، لا غاية.

من القاهرة إلى برونزويك

في الأربعاء، 24 يوليو، دعا السيسي المصريين للخروج إلى الشوارع بعد يومين لمنحه تفويضًا شعبيًّا "لمواجهة الإرهاب". استبدل بكلمة "الإخوان" "الإرهابيين"، وكانت الرسالة واضحة. مشكلتي كانت أن الاستبدال امتد واتسع؛ بلحية أصبحت إخوان، سوري أصبح إخوان، أجنبي أصبح إخوان. مرة أخرى، تظهر خطورة التبسيط. وعلى الرغم من أنني كنتُ حلقت لحيتي الليلة السابقة، واخترتُ بدلًا منها سكسوكة، كنت مازلت مستوفيًا لاثنتين من سمات "الإخوان".

ليلة الأربعاء، طلب مني والداي الرحيل، ووافقت. صباح الخميس، كنتُ في طريقي إلى نيويورك، وليلة الجمعة، كنتُ على سريري في برونزويك.

أشكو لأصدقائي من دربكة خططي، لكن حياتي المريحة لا تُقارن بحال المصريين. مثلي، قضوا شهرين في قلب العاصفة، لكنني كنتُ مجرد مشاهد، أما هم فقد جرفتهم الأحداث. توقفت علاقتي بمستقبل مصر لحظة أن لمست قدماي أرض مطار كنيدي في نيويورك؛ أما هم، فمصيرهم متعلقٌ بها دومًا. ومن أجلهم، يجب أن نأمل في أن تجد هذه الأزمة مخرجًا.

في خضم هذا التعقيد، أين تكمن الإجابات؟ في المساحة المشتركة بين أركان السياسة التقليدية وبصيرة عالم تويتر، حيث يقدم شريف عبد القدوس وباتريك كنجسلي وسارة كار  و@Moftasa(*) من بين آخرين، أعمق الرؤى. أنصح كل مهتم بمتابعة هؤلاء، فهي المساحة الوحيدة المتاحة لي الآن، بينما تتلاشى شوارع القاهرة في الذاكرة.


(*)  من أبرز الوجوه السياسية الصاعدة في الولايات المتحدة، ويجسد صعوده تحوّلًا خاصة فيما يتعلق بقضايا العدالة الاجتماعية وحقوق الفلسطينيين. وُلد عام 1991 في كمبالا، أوغندا، لأسرة مهاجرة ذات جذور أكاديمية وفنية، فوالده هو المفكر الهندي المعروف محمود ممداني ووالدته المخرجة السينمائية ميرا ناير. انتقل مع عائلته إلى نيويورك وهو في السابعة، حيث نشأ وتلقى تعليمه، وتخرّج لاحقًا من كلية بودوين متخصصًا في الدراسات الإفريقية.

شكلت تجربته كابنَ مهاجريْن ومسلم أمريكي رؤيته السياسية، فعمل قبل دخوله السياسة مستشار إسكان، مدافعًا عن العائلات المهددة بالطرد في كوينز. ثم انتُخب في 2020 عضوًا في الجمعية التشريعية لولاية نيويورك عن منطقة استوريا، وأعيد انتخابه مرتين. يتخذ ممداني مواقف جريئة ومنحازة بوضوح لحقوق الفلسطينيين. لم يتردد في وصف ما يحدث في غزة بأنه "إبادة جماعية"، وعبّر عن استعداده حال أصبح عمدة نيويورك لتنفيذ أوامر المحكمة الجنائية الدولية بحق القادة الإسرائيليين، بما فيها اعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي أن زار المدينة. كما يدعم حركة المقاطعة/BDS ويؤكد أن انتقاداته موجهة لسياسات الحكومات وليس للمجتمعات الدينية اليهودية.

نجح ممداني في الانتخابات التمهيدية لرئاسة بلدية نيويورك، متقدمًا على شخصيات بارزة مثل أندرو كومو، ويُعد هذا "زلزالًا سياسيًا" في مدينة تعاني من غلاء المعيشة وتبحث عن حلول جذرية لأزماتها. حملته، التي جمعت بين مطالب العدالة الاجتماعية والدفاع عن حقوق الفلسطينيين، حشدت الشباب والمسلمين واليهود التقدميين وشرائح واسعة من الطبقة العاملة، لتؤكد أن الخطاب المؤيد لفلسطين أصبح اليوم جزءًا من التيار السياسي السائد في بعض دوائر الحزب الديمقراطي.

(**) الحساب لم يعد موجودًا على X